منتديات فرسان المعرفة

أهلا وسهلا زائرنا الكريم ومرحبا بك في منتديات فرسان المعرفة منتديات التميز والابداع ونتمنى أن تكون زيارتك الأولى مفتاحا للعودة إليه مرة أخرى والانضمام إلى أسرة المنتدى وأن تستفيد إن كنت باحثا وتفيد غيرك إن كنت محترفا

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات فرسان المعرفة

أهلا وسهلا زائرنا الكريم ومرحبا بك في منتديات فرسان المعرفة منتديات التميز والابداع ونتمنى أن تكون زيارتك الأولى مفتاحا للعودة إليه مرة أخرى والانضمام إلى أسرة المنتدى وأن تستفيد إن كنت باحثا وتفيد غيرك إن كنت محترفا

منتديات فرسان المعرفة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات الشمول والتنوع والتميز والإبداع

قال تعالى ( يا أيها الذين أمنوا اذكروا الله كثيراً وسبحوه بكرة وأصيلا)أ
عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال(من قال صبيحة يوم الجمعة قبل صلاة الغداة , أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه ثلاث مرات غفرالله ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر)
عن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه كان يدعو بهذا الدعاء "اللهم! اغفر لي خطيئتي وجهلي. وإسرافي في أمري. وما أنت أعلم به مني. اللهم! اغفر لي جدي وهزلي. وخطئي وعمدي. وكل ذلك عندي. اللهم! اغفر لي ما قدمت وما أخرت. وما أسررت وما أعلنت. وما أنت أعلم به مني. أنت المقدم وأنت المؤخر. وأنت على كل شيء قدير". رواه مسلم في صحيحه برقم (2719)
عن عقبة بن عامر رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما أحد يتوضأ فيحسن الوضوء ويصلي ركعتين يقبل بقلبه ووجهه عليهما إلا وجبت له الجنة)رواه مسلم وأبو داود وابن ماجة وابن خزيمة في صحيحة
عن أبي هريرة رضى الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "اللهم! أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري. وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي. وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي. واجعل الحياة زيادة لي في كل خير. واجعل الموت راحة لي من كل شر". رواه مسلم في صحيحه برقم (2720)
عن أبي الأحوص، عن عبدالله رضى الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه كان يقول "اللهم! إني أسألك الهدى والتقى، والعفاف والغنى". رواه مسلم في صحيحه برقم(2721)
عن زيد بن أرقم رضى الله عنه. قال: لا أقول لكم إلا كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كان يقول "اللهم! إني أعوذ بك من العجز والكسل، والجبن والبخل، والهرم وعذاب القبر. اللهم! آت نفسي تقواها. وزكها أنت خير من زكاها. أنت وليها ومولاها. اللهم! إني أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعوة لا يستجاب لها". رواه مسلم في صحيحه برقم(2722)
عن عبدالله رضى الله عنه قال: كان نبي الله صلى الله عليه وسلم إذا أمسى قال "أمسينا وأمسى الملك لله. والحمد لله. لا إله إلا الله وحده لا شريك له". قال: أراه قال فيهن "له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. رب! أسألك خير ما في هذه الليلة وخير ما بعدها. وأعوذ بك من شر ما في هذه الليلة وشر ما بعدها. رب! أعوذ بك من الكسل وسوء الكبر. رب! أعوذ بك من عذاب في النار وعذاب في القبر". وإذا أصبح قال ذلك أيضا "أصبحنا وأصبح الملك لله". رواه مسلم في صحيحه برقم(2723)
عن عبدالرحمن بن يزيد، عن عبدالله رضى الله عنه . قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمسى قال "أمسينا وأمسى الملك لله. والحمد لله. لا إله إلا الله وحده. لا شريك له. اللهم! إني أسألك من خير هذه الليلة وخير ما فيها. وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها. اللهم! إني أعوذ بك من الكسل والهرم وسوء الكبر. وفتنة الدنيا وعذاب القبر". رواه مسلم في صحيحه برقم(2723)
عن أبي موسى رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكره مثل الحي والميت) رواه البخاري.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل وشاب نشأ في عبادة الله, ورجل قلبه معلق بالمساجد إذا خرج منه حتى يعود إليه, ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه, ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه, ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله , ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه) متفق عليه
عن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم ) روه الشيخان والترمذي.
عن أبي مالك الحارث بن عاصم الأشعري رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(الطهور شطر الإيمان والحمدلله تملأ الميزان وسبحان الله والحمدلله تملأ أو تملآن ما بين السماء والأرض والصلاة نور والصدقة برهان والصبر ضياء والقرآن حجة لك أو عليك كل الناس يغدو فبائع نفسه أو موبقها) رواه مسلم. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم(من قال سبحان الله وبحمده في يومه مائة مرة حُطت خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر)رواه البخاري ومسلم.
عن أبي سعيد رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( استكثروا من الباقيات الصالحات ) قيل وما هن يارسول الله؟ قال ( التكبير والتهليل والتسبيح والحمدلله ولا حول ولاقوة إلابالله ) رواه النسائي والحاكم وقال صحيح الاسناد.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أحب الكلام إلى الله أربع- لا يضرك بأيهن بدأت: سبحان الله والحمدلله ولا إله إلا الله والله أكبر ). رواه مسلم

3 مشترك

    تفسير سورة نوح

    avatar
    د.سامي الشريف
    المشرف العام
    المشرف العام


    الجنس : ذكر
    الابراج : الجدي
    عدد المساهمات : 469
    نقاط : 15124
    السٌّمعَة : 1214
    تاريخ التسجيل : 24/07/2011
    العمر : 58
    أوسمه : تفسير سورة نوح Ououo_26

    تفسير سورة نوح Empty تفسير سورة نوح

    مُساهمة من طرف د.سامي الشريف السبت 16 مارس 2013 - 12:54

    تفسير سورة نوح



    ابن كثير

    بسم الله الرحمن الرحيم
    إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ
    مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (1) قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي
    لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (2) أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ (3)
    يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ
    أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (4) قَالَ
    رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا (5) فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي
    إِلَّا فِرَارًا (6) وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا
    أَصَابِعَهُمْ فِي آَذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا
    اسْتِكْبَارًا (7) ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا (8) ثُمَّ إِنِّي
    أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا (9) فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا
    رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10)




    تفسير
    سورة نوح
    وهي مكية.
    بسم الله الرحمن الرحيم
    { إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ
    أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (1) قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ
    مُبِينٌ (2) أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ (3) يَغْفِرْ لَكُمْ
    مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ
    إِذَا جَاءَ لا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (4) }
    يقول تعالى مخبرا عن نوح ، عليه السلام ، أنه أرسله إلى قومه آمرا له أن ينذرهم
    بأس الله قبل حلوله بهم ، فإن تابوا وأنابوا رفع عنهم ؛ ولهذا قال : { أَنْ أَنْذِرْ
    قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي
    لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ } أي : بين النذارة ، ظاهر الأمر واضحه.
    { أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ } أي : اتركوا محارمه واجتنبوا مآثمه {
    وَأَطِيعُونِ } فيما آمركم به وأنهاكم عنه.
    { يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ } أي : إذا فعلتم ما آمرتكم به وصدقتم ما
    أرسلت به إليكم ، غفر الله لكم ذنوبكم.
    و " من " هاهنا قيل : إنها زائدة. ولكن القول بزيادتها في الإثبات قليل.
    ومنه قول بعض العرب : "قد كان من مطر". وقيل : إنها بمعنى
    "عن" تقديره : يصفح لكم عن ذنوبكم واختاره ابن جرير (1) وقيل : إنها
    للتبعيض ، أي يغفر لكم الذنوب العظام التي وعدكم على ارتكابكم إياها الانتقام.
    { وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى } أي : يمد في أعماركم ويدرأ عنكم العذاب
    الذي إن لم تنزجروا عما نهاكم عنه ، أوقعه بكم. (2)
    وقد يستدل بهذه الآية من يقول : إن الطاعة والبر وصلة الرحم ، يزاد بها في العمر
    حقيقة ؛ كما ورد به الحديث : "صلة الرحم تزيد في العمر".
    وقوله : { إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ
    تَعْلَمُونَ } أي : بادروا بالطاعة قبل حلول النقمة ، فإنه إذا أمر [الله] (3)
    تعالى بكون ذلك لا يرد ولا يمانع ، فإنه العظيم الذي قهر كل شيء ، العزيز الذي
    دانت لعزته جميع المخلوقات.
    { قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلا وَنَهَارًا (5) فَلَمْ يَزِدْهُمْ
    دُعَائِي إِلا فِرَارًا (6) وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ
    جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا
    وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا (7) ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا (8) ثُمَّ
    إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا (9) فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا
    رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) }
    __________
    (1) تفسير الطبري (29/57).
    (2) في أ : "أو يعذبكم".
    (3) زيادة من أ.

    (8/231)
    يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ
    بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا
    (12) مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا (13) وَقَدْ خَلَقَكُمْ
    أَطْوَارًا (14) أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا
    (15) وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا (16)
    وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا (17) ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا
    وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا (18) وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا (19)
    لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلًا فِجَاجًا (20)

    {
    يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ
    وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا (12) مَا
    لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا (13) وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا (14)
    أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا (15) وَجَعَلَ
    الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا (16) وَاللَّهُ
    أَنْبَتَكُمْ مِنَ الأرْضِ نَبَاتًا (17) ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ
    إِخْرَاجًا (18) وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الأرْضَ بِسَاطًا (19) لِتَسْلُكُوا
    مِنْهَا سُبُلا فِجَاجًا (20) }




    (8/231)
    يخبر
    تعالى عن عبده ورسوله نوح ، عليه السلام ، أنه اشتكى إلى ربه ، عز وجل ، ما لقي من
    قومه ، وما صبر عليهم في تلك المدة الطويلة التي هي ألف سنة إلا خمسين عاما ، وما
    بين لقومه ووضح لهم ودعاهم إلى الرشد والسبيل الأقوم ، فقال : { رَبِّ إِنِّي
    دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلا وَنَهَارًا } أي : لم أترك دعاءهم في ليل ولا نهار ،
    امتثالا لأمرك وابتغاء لطاعتك ، { فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلا فِرَارًا } أي
    : كلما دعوتهم ليقتربوا من الحق فَروا منه وحَادُوا عنه ، . { وَإِنِّي كُلَّمَا
    دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ
    وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ } أي : سدوا آذانهم لئلا يسمعوا ما أدعوهم إليه. كما
    أخبر تعالى عن كفار قريش : { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَذَا
    الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ } [فصلت : 26].
    { وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ } قال ابن جريح ، عن ابن عباس : تنكروا له لئلا
    يعرفهم. وقال سعيد بن جبير ، والسدي : غطوا رءوسهم لئلا يسمعوا ما يقول.
    { وَأَصَرُّوا } أي : استمروا على ما هم فيه (1) من الشرك والكفر العظيم الفظيع ،
    { وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا } أي : واستنكفوا عن اتباع الحق والانقياد له.
    { ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا } أي : جهرة بين الناس.
    { ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ } أي : كلاما ظاهرا بصوت عال ، { وَأَسْرَرْتُ
    لَهُمْ إِسْرَارًا } أي : فيما بيني وبينهم ، عليهم الدعوة لتكون أنجع فيهم.
    { فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا } أي : ارجعوا إليه
    وارجعوا عما أنتم فيه وتوبوا إليه من قريب ، فإنه من تاب إليه تاب عليه ، ولو كانت
    ذنوبه (2) مهما كانت في الكفر والشرك. ولهذا قال : { فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا
    رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا }
    أي : متواصلة الأمطار. ولهذا تستحب قراءة هذه السورة في صلاة الاستسقاء لأجل هذه
    الآية. وهكذا روي عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب : أنه صعد المنبر ليستسقي ، فلم
    يزد على الاستغفار ، وقرأ الآيات في الاستغفار. ومنها
    __________
    (1) في م : "ما هم عليه".
    (2) في أ : "ولو كان ذنبه".




    (8/232)
    هذه
    الآية { فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ
    السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا } ثم قال : لقد طلبت الغيث بمجاديح السماء (1)
    التي ستنزل بها المطر.
    وقال ابن عباس وغيره : يتبع بعضه بعضا.
    وقوله : { وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ
    وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا } أي : إذا تبتم إلى الله واستغفرتموه وأطعتموه ،
    كثر الرزق عليكم ، وأسقاكم من بركات السماء ، وأنبت لكم من بركات الأرض ، وأنبت لكم
    الزرع ، وَأَدَرَّ لكم الضرع ، وأمدكم بأموال وبنين ، أي : أعطاكم الأموال
    والأولاد ، وجعل لكم جنات فيها أنواع الثمار ، وخللها بالأنهار الجارية بينها.
    هذا مقام الدعوة بالترغيب. ثم عدل بهم إلى دعوتهم بالترهيب فقال : { مَا لَكُمْ لا
    تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا } أي : عظمة قال ابن عباس ، ومجاهد ، والضحاك ، وقال
    ابن عباس : لا تعظمون الله حق عظمته ، أي : لا تخافون من بأسه ونقمته.
    { وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا } قيل : معناه من نطفة ، ثم من علقة ، ثم من مضغة.
    قاله ابن عباس ، وعكرمة ، وقتادة ، ويحيى بن رافع ، والسدي ، وابن زيد.
    وقوله : { أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا } ؟
    أي : واحدة فوق واحدة ، وهل هذا يتلقى من جهة السمع فقط ؟ أو هي من الأمور المدركة
    بالحس ، مما علم من التسيير والكسوفات ، فإن الكواكب السبعة السيارة يكسف بعضها
    بعضا ، فأدناها القمر في السماء الدنيا وهو يكسف ما فوقه ، وعطارد في الثانية ،
    والزهرة في الثالثة ، والشمس في الرابعة ، والمريخ في الخامسة ، والمشترى في
    السادسة ، وزحل في السابعة. وأما بقية الكواكب - وهي الثوابت - ففي فَلَك ثامن
    يسمونه فَلَكَ الثوابت. والمتشرعون منهم يقولون : هو الكرسي ، والفلك التاسع ، وهو
    الأطلس. والأثير عندهم الذي حركته على خلاف حركة سائر الأفلاك ، وذلك أن حركته
    مبدأ الحركات ، وهي من المغرب إلى المشرق ؛ وسائر الأفلاك عكسه من المشرق إلى
    المغرب ، ومعها يدور سائر الكواكب تبعا ، ولكن للسيارة حركة معاكسة لحركة أفلاكها
    ، فإنها تسير من المغرب إلى المشرق. وكل يقطع فلكه بحسبه ، فالقمر يقطع فلكه في كل
    شهر مرة ، والشمس في كل سنة مرة ، وزحل في كل ثلاثين سنة مرة ، وذلك بحسب اتساع
    أفلاكها وإن كانت حركة الجمع في السرعة متناسبة. هذا ملخص ما يقولونه في هذا
    المقام ، على اختلاف بينهم في مواضع كثيرة ، لسنا بصدد بيانها ، وإنما المقصود أن
    الله سبحانه : { خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا وَجَعَلَ الْقَمَرَ
    فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا } أي : فاوت بينهما في الاستنارة
    فجعل كلا منهما أنموذجا على حدة ، ليعرف الليل والنهار بمطلع الشمس ومغيبها ، وقدر
    القمر منازل وبروجا ، وفاوت نوره ، فتارة يزداد حتى يتناهى ثم يشرع في النقص حتى
    يستسر ، ليدل على مضي الشهور والأعوام ، كما قال : { هُوَ الَّذِي جَعَلَ
    الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ
    السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ
    الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } [يونس : 5].
    __________
    (1) في م : "بمجادح" ، وفي أ : "بمخارج".




    (8/233)
    قَالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ
    يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا (21) وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا
    (22) وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آَلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا
    وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا (23) وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا وَلَا تَزِدِ
    الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا (24)




    وقوله
    : { وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الأرْضِ نَبَاتًا } هذا اسم مصدر ، والإتيان به
    هاهنا أحسن ، { ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا } أي : إذا متم { وَيُخْرِجُكُمْ
    إِخْرَاجًا } أي : يوم القيامة يعيدكم كما بدأكم أول مرة.
    { وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الأرْضَ بِسَاطًا } أي : بسطها ومهدها وقررها وثَبتها
    بالجبال الراسيات الشم الشامخات.
    { لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلا فِجَاجًا } أي : خلقها لكم لتستقروا عليها وتسلكوا
    فيها (1) أين شئتم ، من نواحيها وأرجائها وأقطارها ، وكل هذا مما ينبههم به نوح ،
    عليه السلام على قدرة الله وعظمته في خلق السموات والأرض ، ونعمه عليهم فيما جعل
    لهم من المنافع السماوية والأرضية ، فهو الخالق الرزاق ، جعل السماء بناء ، والأرض
    مهادا ، وأوسع (2) على خلقه من رزقه ، فهو الذي يجب أن يعبد ويوحد ولا يشرك به أحد
    ؛ لأنه لا نظير له ولا عَديل (3) له ، ولا ند ولا كفء ، ولا صاحبة ولا ولد ، ولا
    وزير ولا مشير ، بل هو العلي الكبير.
    { قَالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ
    وَوَلَدُهُ إِلا خَسَارًا (21) وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا (22) وَقَالُوا لا
    تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ
    وَيَعُوقَ وَنَسْرًا (23) وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ
    إِلا ضَلالا (24) }
    يقول تعالى مخبرا عن نوح ، عليه السلام ، أنه أنهى إليه ، وهو العليم الذي لا يعزب
    عنه شيء ، أنه مع البيان المتقدم ذكره ، والدعوة المتنوعة المتشملة على الترغيب
    تارة والترهيب أخرى : أنهم عصوه وكذبوه وخالفوه ، واتبعوا أبناء الدنيا ممن غفل عن
    أمر الله ، ومتع بمال وأولاد ، وهي في نفس الأمر استدراج وإنظار لا إكرام ؛ ولهذا
    قال : { وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلا خَسَارًا } قُرئ
    { وَوُلْدُهُ } بالضم وبالفتح ، وكلاهما متقارب.
    وقوله : { وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا } قال مجاهد : { كُبَّارًا } أي عظيمًا.
    وقال ابن زيد : { كُبَّارًا } أي : كبيرا. والعرب تقول : أمر عجيب وعُجَاب
    وعُجَّاب. ورجل حُسَان. وحُسَّان : وجُمَال وجُمَّال ، بالتخفيف والتشديد ، بمعنى
    واحد.
    والمعنى في قوله : { وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا } أي : باتباعهم في تسويلهم لهم
    بأنهم على الحق والهدى ، كما يقولون لهم يوم القيامة : { بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ
    وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ
    أَنْدَادًا } [سبأ : 33] ولهذا قال هاهنا : { وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا
    وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا
    يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا } وهذه أسماء أصنامهم التي كانوا يعبدونها من دون
    الله.
    قال البخاري : حدثنا إبراهيم ، حدثنا هشام ، عن ابن جريج ، وقال عطاء ، عن ابن
    عباس : صارت الأوثان التي كانت في قوم نوح في العرب بعد : أما وَد : فكانت لكلب
    بدومة الجندل ؛ وأما
    __________
    (1) في م : "منها".
    (2) في م : "ووسع".
    (3) في م ، أ : "ولا عدل".




    (8/234)


    سواع
    : فكانت لهذيل ، وأما يغوث فكانت لمراد ، ثم لبني غُطَيف بالجُرُف عند سبأ ، أما
    يُعوقُ : فكانت لهَمْدان ، وأما نسر : فكانت لحمير لآل ذي كَلاع ، وهي (1) أسماء
    رجال صالحين من قوم نوح ، عليه السلام ، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن
    انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصابا وسموها بأسمائهم. ففعلوا ، فلم
    تعبد حتى إذا هلك أولئك وتَنَسَّخَ (2) العلم عُبِدت (3)
    وكذا رُوي عن عكرمة ، والضحاك ، وقتادة ، وابن إسحاق ، نحو هذا.
    وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : هذه أصنام كانت (4) تعبد في زمن نوح.
    وقال ابن جرير : حدثنا ابن حميد ، حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن موسى ، عن محمد بن
    قيس { [يَغُوثَ] وَيَعُوقَ وَنَسْرًا } (5) قال : كانوا قوما صالحين بين آدم ونوح
    ، وكان لهم أتباع يقتدون بهم ، فلما ماتوا قال أصحابهم الذين كانوا يقتدون بهم :
    لو صَوَرناهم كان أشوق لنا إلى العبادة إذا ذكرناهم. فصوروهم ، فلما ماتوا وجاء
    آخرون دب إليهم إبليس فقال : إنما كانوا يعبدونهم وبهم يسقون المطر ، فعبدوهم. (6)
    وروى الحافظ ابن عساكر في ترجمة شيث ، عليه السلام ، من طريق إسحاق بن بشر قال :
    وأخبرني جُويبر ومقاتل ، عن الضحاك ، عن ابن عباس أنه قال : ولد لآدم عليه السلام
    ، أربعون ولدا ، عشرون غلاما وعشرون جارية ، فكان ممن عاش منهم : هابيل ، وقابيل ،
    وصالح ، وعبد الرحمن - والذي كان سماه عبد الحارث - ووَدّ ، وكان وَدّ يقال له
    "شيث" ويقال له : "هبة الله" وكان إخوته قد سَوّدوه ، وولد له
    سَوَاع ويغوث ويعوق ونسر. (7)
    وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا أبو عُمَر الدّوريُّ ، حدثني أبو إسماعيل
    المؤدّب ، عن عبد الله بن مسلم بن هُرمز عن أبي حزْرَة ، عن عروة بن الزبير قال :
    اشتكى آدم ، عليه السلام ، وعنده بنوه : ود ، ويغوث ، [ويعوق] (8) وسواع ، ونسر -
    قال وكان وَدّ أكبَرهم وأبرّهم به.
    وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن منصور ، حدثنا الحسن بن موسى ، حدثنا يعقوب ،
    عن أبي المطهر قال : ذكروا عند أبي جعفر - وهو قائم يصلي - يزيد بن المهلب ، قال :
    فلما انفتل من صلاته قال : ذكرتم يزيدَ بن المهلب ، أما إنه قتل في أول أرض عُبد
    فيها غيرُ الله. قال : ثم ذكر ودًا - قال : وكان وَدٌّ رجلا مسلما وكان محببا في
    قومه ، فلما مات عسكروا حول قبره في أرض بابل وجزعوا عليه ، فلما رأى إبليس
    جَزَعهم عليه ، تشبه في صورة إنسان ، ثم قال : إني أرى جزعكم على هذا الرجل ، فهل
    لكم أن أصور لكم مثله ، فيكونَ في ناديكم فتذكرونه ؟ قالوا :
    __________
    (1) في أ : "ونسرا وهي".
    (2) في م : "ونسخ".
    (3) صحيح البخاري برقم (4920).
    (4) في م : "كانت هذه أصنام".
    (5) زيادة من م.
    (6) تفسير الطبري (29/62).
    (7) تاريخ دمشق (8/165) "المخطوط" ).
    (8) زيادة من م ، أ.




    (8/235)

    مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا فَلَمْ
    يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصَارًا (25) وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا
    تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (26) إِنَّكَ إِنْ
    تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا (27)
    رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا
    وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا
    (28)




    نعم.
    فصُوِّر لهم مثله ، قال : ووضعوه في ناديهم وجعلوا يذكرونه. فلما رأى ما بهم من
    ذكره قال : هل لكم أن أجعل في منزل كل واحد منكم تمثالا مثله ، فيكون (1) له في
    بيته فتذكرونه ؟ قالوا : نعم. قال : فمثل لكل أهل بيت تمثالا مثله ، فأقبلوا
    فجعلوا يذكرونه به ، قال : وأدرك أبناؤهم فجعلوا يرون ما يصنعون به ، قال وتناسلوا
    ودَرَس أمر ذكرهم إياه ، حتى اتخذوه إلها يعبدونه من دون الله أولاد أولادهم ،
    فكان أول ما عبد من غير الله : الصنم الذي سموه وَدّا.
    وقوله : { وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا } يعني : الأصنام التي اتخذوها أضلوا بها
    خلقا كثيرًا ، فإنه استمرت عبادتها في القرون إلى زماننا هذا في العرب والعجم
    وسائر صنوف بني آدم. وقد قال الخليل ، عليه السلام ، في دعائه : { وَاجْنُبْنِي
    وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأصْنَامَ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ
    النَّاسِ } [إبراهيم : 35 ، 36].
    وقوله : { وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلا ضَلالا } دعاء منه على قومه لتمردهم
    وكفرهم وعنادهم ، كما دعا موسى على فرعون ومثله في قوله : { رَبَّنَا اطْمِسْ
    عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا
    الْعَذَابَ الألِيمَ } [يونس : 88] وقد استجاب الله لكل من النبيين في قومه ،
    وأغرق أمته بتكذيبهم لما جاءهم به.
    { مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ
    مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصَارًا (25) وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأرْضِ
    مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (26) إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ
    وَلا يَلِدُوا إِلا فَاجِرًا كَفَّارًا (27) رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ
    وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلا
    تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلا تَبَارًا (28) }
    يقول تعالى : { مِمَّا خَطايَاهُمْ } وقرئ : { خَطِيئَاتِهِمْ } { أُغْرِقُوا } أي
    : من كثرة ذنوبهم وعتوهم وإصرارهم على كفرهم ومخالفتهم رسولهم { أُغْرِقُوا
    فَأُدْخِلُوا نَارًا } أي : نقلوا من تيار البحار (2) إلى حرارة النار ، { فَلَمْ
    يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصَارًا } أي : لم يكن لهم معين ولا مُغيث
    ولا مُجير ينقذهم من عذاب الله كقوله : { قَالَ لا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ
    اللَّهِ إِلا مَنْ رَحِمَ } [هود : 43].
    { وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا } أي
    : لا تترك على [وجه] (3) الأرض منهم أحدًا ولا تُومُريَّا (4) وهذه من صيغ تأكيد
    النفي.
    قال الضحاك : { دَيَّارًا } واحدا. وقال السُّدِّي : الديار : الذي يسكن الدار.
    فاستجاب الله له ، فأهلك جميع من على وجه الأرض من الكافرين حتى ولد نوح لصلبه
    الذي اعتزل عن أبيه ، وقال : { سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ
    قَالَ لا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ
    بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ } [هود : 43].
    __________
    (1) في م : "ليكون".
    (2) في م : "البحر".
    (3) زيادة من م ، أ.
    (4) في م : "ولادومريا".





    (8/236)
    وقال
    ابن أبي حاتم : قرئ (1) على يونس بن عبد الأعلى ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرني شَبيب
    بن سعد ، عن أبي الجوزاء ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
    "لو رحم الله من قوم نوح أحدا ، لرحم امرأة ، لما رأت الماء حملت ولدها ثم
    صعدت الجبل ، فلما بلغها الماء صعدت (2) به منكبها ، فلما بلغ الماء منكبها وضعت
    ولدها على رأسها ، فلما بلغ الماء رأسها رفعت ولدها بيدها. فلو رحم الله منهم أحدا
    لرحم هذه المرأة". (3)
    هذا حديث غريب ، ورجاله ثقات. ونجى الله أصحاب السفينة الذين آمنوا مع نوح ، عليه
    السلام ، وهم الذين أمره الله بحملهم معه.
    وقوله : { إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ } أي : إنك إن أبقيت منهم
    أحدًا أضلوا عبادك ، أي : الذين تخلقهم بعدهم { وَلا يَلِدُوا إِلا فَاجِرًا
    كَفَّارًا } أي : فاجرًا في الأعمال كافر القلب ، وذلك لخبرته بهم ومكثه بين
    أظهرهم ألف سنة إلا خمسين عاما.
    ثم قال : { رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا
    } قال الضحاك : يعني : مسجدي ، ولا مانع من حمل الآية على ظاهرها ، وهو أنه دعا
    لكل من دخل منزله وهو مؤمن ، وقد قال الإمام أحمد :
    حدثنا أبو عبد الرحمن ، حدثنا حَيْوَة ، أنبأنا سالم بن غيلان : أن الوليد بن قيس
    التُّجِيبِيّ أخبره : أنه سمع أبا سعيد الخدري - أو : عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد
    : - أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "لا تصحب إلا مؤمنا ، ولا
    يأكل طعامك إلا تقي".
    ورواه أبو داود والترمذي ، من حديث عبد الله بن المبارك ، عن حيوة بن شريح ، به
    (4) ثم قال الترمذي : إنما نعرفه من هذا الوجه.
    وقوله : { وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ } دعاء لجميع المؤمنين والمؤمنات ،
    وذلك يَعُم الأحياءَ منهم والأموات ؛ ولهذا يستحب مثل هذا الدعاء ، اقتداء بنوح ،
    عليه السلام ، وبما جاء في الآثار ، والأدعية [المشهورة] (5) المشروعة.
    وقوله : { وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلا تَبَارًا } قال السدي : إلا هلاكا. وقال
    مجاهد : إلا خسارا ، أي : في الدنيا والآخرة.
    آخر تفسير سورة "نوح" [عليه السلام ولله الحمد والمنة] (6).
    __________
    (1) في هـ : "لما قرئ" والمثبت من م ، أ.
    (2) في م : "فلما بلغ الماء رأسها صعدت".
    (3) وله شاهد من حديث عائشة رواه الطبراني في المعجم الأوسط برقم (3591) والحاكم
    في المستدرك (2/342) من طريق سعيد بن أبي مريم ، عن موسى بن يعقوب ، عن فائد مولى
    عبيد الله بن علي بن أبي رافع : أن إبراهيم بن عبد الرحمن بن أبي ربيعة أخبره أن
    عائشة أخبريه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "لو رحم الله من قوم نوح
    أحدًا لرحم أم الصبي" وذكره نحوه ، وقال الحاكم : "صحيح الإسناد ولم
    يخرجاه" وتعقبه الذهبي بقوله : "إسناد مظلم ، وموسى بن يعقوب المذكور في
    إسناده ليس بذاك".
    (4) المسند (3/38) وسنن أبي داود برقم (4832) وسنن الترمذي برقم (2395).
    (5) زيادة من م.
    (6) زيادة من أ.


    _________________

    *******************************************
    تفسير سورة نوح 476007128551819654
    أ. إيمان الطيب
    أ. إيمان الطيب
    إداري
    إداري


    الجنس : انثى
    الابراج : السمك
    عدد المساهمات : 1256
    نقاط : 27197
    السٌّمعَة : 215
    تاريخ التسجيل : 17/04/2010
    العمر : 44
    الموقع : اليمن السعيده
    أوسمه : تفسير سورة نوح Ououo_12

    تفسير سورة نوح Empty رد: تفسير سورة نوح

    مُساهمة من طرف أ. إيمان الطيب الخميس 21 مارس 2013 - 11:04

    تفسير سورة نوح 242222_1346524255


    _________________

    *******************************************
    تفسير سورة نوح 10-f10
    أبو العلا الصامت
    أبو العلا الصامت
    فارس جديد
    فارس جديد


    الجنس : ذكر
    عدد المساهمات : 44
    نقاط : 4518
    السٌّمعَة : 20
    تاريخ التسجيل : 16/03/2013
    الموقع : yemen

    تفسير سورة نوح Empty رد: تفسير سورة نوح

    مُساهمة من طرف أبو العلا الصامت الأحد 24 مارس 2013 - 13:39

    تفسير سورة نوح 94srmht8pqni

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس 21 نوفمبر 2024 - 3:41