سيرة إبن إسحاق
المجلد الثاني
محتويات
2 الجزء الرابع 2.1 من عذب في الله بمكة من المؤمنين 2.2 حديث النبي حيث خاصمه المشركون 2.3 باب أحاديث الأحباروأهل الكتاب بصفة النبي 2.4 حديث الهجرة الاولى إلى الحبشة 2.5 تسمية من هاجر إلى أرض الحبشة 2.6 حديث ما لقي رسول الله من أذى قومه 2.7 قصة النبي لما عرض نفسه على العرب 2.8 وفاة أبي طالب وما جاء فيه </LI> |
أخبرنا الشيخ أبو الحسين أحمد بن محمد النقور البزاز- قراءة عليه وأنا أسمع - قال: اخبرنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن المخلص قال: قرئ على أبي الحسن رضوان بن أحمد وأنا أسمع قال: حدثنا أبو عمر أحمد بن عبد الجبار العطاردي قال قال: نا يونس بن بكير عن محمد بن إسحق قال: ثم بعث الله عز وجل محمداً رحمة للعالمين، وكافة للناس، وكان الله قد أخذله ميثاقاً على كل نبي بعثه قبله، وبالإيمان به، والتصديق له، والنصر له على من خالفه، وأخذ عليهم أن يؤدوا ذلك إلى من آمن بهم وصدقهم، فأوا من ذلك ما كان عليهم من الحق فيه، يقول الله تبارك وتعالى لمحمد : "وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أقررتم وأخذتم على ذلكم" إى آخر الآية، فأخذ الله ميثاق النبيين جميعاً بالتصديق له والنصر له على من خالفه، فأدوا ذلك إلى من آمن بهم وصدقهم من أهل هذين الكتابين، فبعثه الله بعد بنيان الكعبة بخمس سنين، ورسول الله يومئذ ابن أربعين سنة.
أخبرنا أحمد: أخبرنا يونس عن ابن اسحق قال: فابتدئ رسول الله بالتنزيل في شهر رمضان. بقول الله تبارك وتعالى: "شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن" إلى آخر الآية، وقال الله تعالى: "إنا أنزلناه في ليلة القدر" إلى آخر السورة، وقال: "حم. والكتاب المبين. إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين"، وقال: "إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان" وذلك التقى رسول الله والمشركين ببدر.
أخبرنا أحمد: أخبرنا يونس عن ابن اسحق قال: حدثني أبو جعفر محمد بن علي الحسن أن رسول الله التقى هو والمشركون يوم بدر صبيحة الجمعة لسبع عشرة من شهر رمضان.
أخبرنا أحمد: أخبرنا يونس عن أسباط بن إسماعيل بن عبد الرحمن قال: كان يوم بدر يوم الجمعة لسبع عشرة من شهر رمضان.
حدثنا أحمد: حدثنا يونس عن قرة بن خالد قال: سألت عبد الرحمن بن قاسم عن ليلة القدر، فقال: كان زيد بن ثابت يعظم سابعة عشر ويقول: هي وقعة بدر.
حدثنا أحمد: حدثنا يونس عن بسر بن أبي حفص الكندي الدمشقي قال: نا مكحول أن رسول الله قال لبلال: ألا لا يغادرك صيام الإثنين، وأوحى إلى يوم الإثنين، وهاجرت يوم الإثنين ، وأموت يوم الإثنين.
حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال: حدثنا محمد بن فضيل عن عاصم بن كليب عن أبيه عن عبد الله بن عباس قال: كنت عند عمر بن الخطاب رحمه الله وعنده أصحابه، فسألهم فقال: أرأيتم قول رسول الله في ليلة القدر: التمسوها في العشر الأواخر وتراً، أي ليلة ترونها؟ فقال بعضهم: ليلة إحدى، وقال بعضهم: ليلة ثلاث، وقال بعضهم: ليلة خمس، وقال بعضهم: ليلة سبع، وأما ساكت، فقالك مالك لا تتكلم؟ فقلت: إنك أمرتني ألا أتكلم حتى يتكلموا، فقال: ما أرسلت إليك إلا لتكلم، فقالك إني سمعت الله يذكر السبع فذكر "سبع سموات ومن الأرض مثلهن"، وخلق الإنسان من سبع، ونبات الأرض من سبع، فقال عمر: هذا، أخبرتني ما أعلم، أرأيت ما لا أعلم قولك نبات الأرض سبع؟ قال: قلت: قال الله: "شققنا الأرض شقاً. فأنبتنا فيها حباً. وعنباً وقضباً. وزيتوناً ونخلاً. وحدائق غلباً" فالحدائق غلباً الحيطان من النخل والشجر، وفاكهة وأبا، قال: الأب ما أنبتت الأرض مما تأكل الدواب والأنعام ولا يأكله الناس، فقال عمر لأصحابه: أعجزتم أن تقولوا كما قال هذا الإلام الذي لم تجتمع له شؤون رأسه، والله إني لأرى القول كما قال.
حدثنا أحمد: حدثنا يونس عن ابن اسحق قال: تتام الوحي إلى رسول الله وهو مؤمن بالله مصدق لما جاءه، قد تقبله بقول وتحمل منه ما حمله الله على رضا العباد وسخطهم، وللنبوة أثقالاً ومؤونة لا يحملها ولا يستطيعها إلا أهل القوة والعزم من الرسل بعون الله وتوفيقه لما يلقون من الناس، وما يرد عليهم مما جاء به من عند الله تعالى.
حدثنا أحمد: نا يوسن عن ابن اسحق قال: حدثني ربيعة بن أبي عبد الرحمن قال: سمعت ابن منبه وهو في مسجد منى، وذكر له يونس النبي عليه السلام فقال: كان عبداً صالحاً وكان في خلقه ضيق، فلما حملت عليه أثقال النبوة- ولها أثقال، فلما حملت عليه تفسح الربع تحت الحمل الثقيل، فألقاها عنه وخرج هارباً.
حدثنا أحمد: حدثنا يونس عن ابن اسحق قال: كانت خديجة أول من آمن بالله ورسوله وصدق ما جاء به، فخفف الله بذلك عن رسول الله ، لا يسمع شيئاً يكرهه من رد عليه وتكذيب له فيحزنه ذلك إلا فرج الله عنه بها، إذا رجع إليها تثبيته وتخفف عنه، وتصدقه وتهون عليه أمر الناس، رحمها الله.
حدثنا أحمد: حدثنا يونس عن ابن إسحق قال: حدثني الزهري عن عروة عن عائشة قالت: أول ما ابتدئ به رسول الله من النبوة حين أراد الله كرامته ورحمة العباد به لا يرى شيئاً إلا جاءت كفلق الصبح، يمكث على ذلك ما شاء الله أن يمكث، وحبب إليه الخلوة، فلم يكن شيء أحب إليه من أن يخلو وحده.
حدثنا أحمد: حدثنا يونس عن يونس بن عمرو عن أبي ميسرة عم ر بن شرحبيل أن رسول الله قال لخديجة: إني إذا خلوت وحدي أسمع نداء، وقد والله حشيت أن يكون هذا الأمر، فقالت: معاذ الله ما كان الله ليفعل بك ذلك فوالله إنك لتؤدي الأمانة، وتنصل الرحم وتصدق الحديث، فلما دخل أبو بكر رحمه الله. وليس رسول الله ، ثم ذكرت خديجة حديثه له، فقالت: يا عتيق إذهب مع محمد إلى ورقة، فلما دخل رسول الله أخذ أبو بكر بيده: فقال: انطق بنا إلى ورقة، فقال: ومن أخبرك؟ قال: خديجة، فانطلقا إليه فقصا عليه، فقال: إذا خلوت وحدي سمعت نداء خلفي: يا محمد، يا محمد، فانطلق هارباً في الأرض، فقال له: لا تفعل إذا أتاك فاثنت حتى تسمع ما يقول، ثم ائتني فأخبرني فلما خلا ناداه يا محمد قل: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين حتى بلغ "ولا الضالين" قل: لا إله إلا الله، فأتى ورقة فذكر ذلك له، فقال له ورقة: أبشر ثم أبشر، فأنا أشهد أنك الذي بشر بك ابن مريم، وأنك على مثل نا موسى موسى، وأنك نبي مرسل، وأنك ستؤمر بالجهاد بعد يومك هذا، ولئن أدركني ذلك لأجاهدن معك؛ فلما توفي ورقة قال رسول الله : لقد رأيت القس في الجنة عليه ثياب الحرير لأنه آمن بي وصدقني- يعني ورقة.
حدثنا يونس عن هشام بن عروة عن أبيه قال: ساب أخ لورقة، فتناول الرجل ورقة فسبه، فبلغ ذلك رسول الله ، فقال لأخيه: ل علمت أني رأيت لورقة جنة أو جنتين، فنهى رسول الله عن سبه.
حدثنا أحمد: حدثنا يونس عن ابن اسحق قال: حدثني إسماعيل بن أبي حكيم، مولى الزبير، انه حدث عن خديجة بنت خويلد أنها قالت لرسول الله ، فيما تثبتته به، فيما أكرمه الله به من نبوته: يا ابن عم هل تستطيع أن تخبرني بصاحبك هذا الذي يأتيك إذا جاءك؟ قال: نعم، فقالت: إذا جاءك فأخبرني، فبينا رسول الله عندها يوماً، إذ حاء جبريل، فرآه رسول الله ، فقال: ي خديجة هذا جبريل قد جاءني، فقالت أتراه الآن؟ قال: نعم، قالت: فاجلس إلى شقي الأيسر فجلس، فقالت هل تراه الآن؟ قال: نعم، قالت: فاجلس إلى شقي الأيمن، فتحول فجلس، فقالت: هل تراه الآن؟ قال: نعم، قالت: فتحول فاجلس في حجري، فتحول رسول الله فجلس، فقالت: هل تراه الآن؟ قال: نعم، فتحسرت فألقت خمارها ورسول الله جالس في حجرها، فقالت: هل تراه الآن؟ قال: لا، قالت: ما هذا الشيطان، إن هذا لملك يا بن عم فاثبت، وأبشر، ثم آمنت به، وشهدت أن الذي جاء به الحق.
حدثنا أحمد: حدثنا يونس عن ابن اسحق قال: فحدثت عبد الله بن الحسن هذا الحديث، فقال: قد سمعت فاطمة بنت الحسين تحدث بهذا الحديث عن خديجة، إلا أني سمعتها تقول: أدخلت رسول الله بينها وبين درعها، فذهب عند ذلك جبريل عليه السلام.
حدثنا يونس عن زكريا بن أبي زائدة عن عامر الشعبي قال: سئل رسول الله متى استنبئت؟ فقال: بين خلق آدم ونفخ الروح فيه.
حدثنا يونس عن إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع الأنصاري عن رجل عن سعيد ابن المسيب قال: نزل الوحي على رسول الله وهو ابن ثلاث وأربعين، فأقام بمكة عشراً، وبالمدينة عشراً.
حدثنا أحمد حدثنا يونس عن ابن اسحق قال: ونزل الوحي على رسول الله وهو ابن أربعين سنة، فأقام بمكة ثلاث عشرة سنة، وبالمدينة عشراً.
حدثنا أحمد: حدثنا يونس عن ابن اسحق قال: وأمر رسول الله بالصبر لله على رسالته وتبليغ ما أمر به.
حدثنا يونس عن عيسى بن عبد الله التيمي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية: "فاصبر كما صبر أولي العزم من الرسل": نوح، وهود، وإبراهيم، فأمر رسول الله أن يصبر كما صبر هؤلاء، وكانوا ثلاثة ورسول الله رابعهم، عليهم السلام ورحمة الله، قال نوح: "يا قوم أن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله" إلى آخرها، فأظهر لهم المفارقة، وقال هود حين قالوا: "إن نقول ألا اعتراك بعض آلهتنا بسوء قال إني أشهد الله واشهدوا أني برئ مما تشركون فأظهر لهم المفارقة، وقال إبراهيم: "قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم" إلى آخر الآية، فاظهر لهم المفارقة، وقال محمد: "إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله" فقام رسول الله عند الكعبة، فقرأها على المشركين فأظهر لهم المفارقة.
حدثنا أحمد حدثنا يونس عن ابن اسحق قال: ثم فتر الوحي عن النبي فترة مل ذلك حتى شق عليه وأحزانه، ثم قال في نفسه مما أبلغ ذلك منه: لقد خشيت أن يكون صاحبي قد قلاني وودعني، فجاء جبريل بسورة والضحى، يقسم له به، وهو الذي أكرمه "ما ودعك ربك وما قلى" فقال: "والضحى والليل إذا سجى" يقول: "ما ودعك ربك وما قلى" ما صرمك وتركك، وما قلى: ما أبغضك منذ أحبك، وللآخرة خير لك من الأولى أي ما عندي من مرجعك إلي خير لك مما عجلت لك من الكرامة في الدنيا، "ولسوف يعطيك ربك فترضى" من الفتح في الدنيا والثواب في الآخرة، "ألم يجدك يتيماً فآزى ووجدك ضالاً فهدى ووجدك عائلاً فأغنى" يعرفه ما ابتدأه به من كرامته في عاجل أمره ومنه عليه في يتمه وعيلته وضلالته، وستنقاذه من ذلك كله برحمته "فأما اليتيم فلا تقهر وأما السائل فلا تنهر" لا تكون جباراً ولا متكبراً ولا فاحشاً فظاً على الضعفاء من عباد الله "واما بنعمة ربك فحدث اذكرها وادع إليها، يذكره ما أنعم الله به عليه وعلى العباد ممن النبوة.
حدثنا أحمد: حدثنا يونس عن هشام بن عروة عن أبيه عن خديجة أنها قالت: لما أبطأ على رسول الله حروف الوحي جزع من ذلك جزعاً شديداً، فقلت له مما رأيت من جزعه: لقد قلاك ربك مما يرى من جزعك، فأنزل الله "ما ودعك ربك وما قلى".
حدثنا يونس عن عمر بن ذر عن أبيه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ان رسول الله قال لجبريل ما يمنعك أن تزورنا أكثر مما تزورنا؟ فأنزل الله تعالى: "وما نتنزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا" إلى قوله: "ما كان ربك نسيا".
حدثنا أحمد حدثنا يونس عن ابن اسحق قال: ثم إن جبريل أتى رسول الله حين افترضت عليه الصلاة، فهمز له بعقبة في ناحية الوادي فانفجرت منه عين ماء مزن، فوضأ وجهه ومضمض واستنشق ومسح برأسه وأذنيه ورجليه إلى الكعبين، ونضج فرجه، ثم قام فصلى ركعتين، وسجد أربع سجدات على وجهه، ثم رجع النبي قد أقر الله عينه وطابت نفسه، وجاءه ما يحب من الله، فأخذ بيد خديجة حتى أتى بها العين، فتوضأ كما توضأ جبريل، ثم ركع ركعتين وأربع سجدات هو وخديجة يصليان سراً.
حدثنا أحمد: حدثنا يونس عن ابن اسحق قال: حدثني صالح بن كيسان عن عروة بن الزبير عن عائشة أن الصلاة أول ما افترضت ركعتين، ثم أكملت أربعاً، وأثبتت للمسافر. قال: فحدثت ذلك عمر بن عبد العزيز، فقال لروة: حدثتني أن عائشة كانت تصلي في السفر أربعاً، فجاء عروة فقلت في نفسي لا يكون هذا بي، فسألته عن الحديث، فحدثه فقال عمر: ما أدري ما أحاديثكم هذه! ثم حول وركه ونزل عن سريره ودخل.
حدثنا يونس عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنها قالت: أول ما افترضت الصلاة ركعتين فأثبت للمسافر وأكملت للمقيم أربعاً.
حدثنا يونس عن سالم مولى أبي المهاجر قال: سمعت ميمون بن مهران يقول: كان أول الصلاة مثنى مثنى مثنى، ثم صلى رسول الله أربعاً فصارت سنة، وأقرت الركعتين للمسافر وهي تمام.