مسلمون خلف الأسوار ... بريطانيا
في
معرض حديثنا عن الجاليات والأقليات الإسلامية التي نحاول اقتفاء أثرها
أينما وجدت, نعيد اليوم فتح ملف كنا قد تحدثنا فيه منذ عدة سنوات,وهو ملف
إحدى الأقليات الإسلامية ولكنها أقلية من نوع جديد وغريب, ألا وهي الأقلية
الإسلامية القابعة خلف الأسوار في أحد البلدان الأجنبية,وقد يستغرب البعض
هذا الأمر ولكنها حقيقة أردنا من خلال موضوعنا اليوم أن نميط اللثام عنها,
ونتفقد ما استجد فيها ونتقصى جوانبها وخفاياها,محاولين بذلك إكمال وإيضاح
صورة للأقليات ربما لم تتضح بعد.
إخوتي
أخواتي لقد أصبح الإسلام في أوروبا،دين المضطهدين,كما كانت الماركسية في
أوربا في وقت من الأوقات,فبالأمس كانت قضية الحجاب,والمآذن,واليوم نتحدث عن
المسلمين خلف القضبان,ونحن اليوم سنتحرى أخبار إخواننا المأسورين خلف
قضبان السجون البريطانية فهيا بنا.
فقد
كشفت صحيفة ذي إندبندنت البريطانية عن وجود سجون سرية للمسلمين في
بريطانيا،وقالت: إن أجهزة المخابرات في المملكة المتحدة متورطة في
الاعتقالات والنقل غير الشرعي للسجناء والمتهمين دون إرادتهم ضمن ما يسمى
"الحرب على الإرهاب".وقالت ذي إندبندنت: إنّ جهاز المخابرات الداخلية
البريطاني "إم آي"متورّط بشكل مباشر في نقل مواطن مغربي دون إرادته وبشكل
غير قانوني من سجن بلجيكي إلى سجن سري آخر في المملكة المتحدة.
هذا
و قد سجل عام 2011 - 2012 ارتفاعًا حادًا في عدد شباب المسلمين من نزلاء
السجون البريطانية.وهذه أنباء سيئة بالنسبة إلى الجالية الإسلامية،لأن
هؤلاء ليسوا معتقلين سياسيين،إذ لا اعتقال بسبب الرأي في بريطانيا- بحسب
زعمهم-، وإنما هم مدانون بجرائم جنائية.
ووفقا
لإحصاءات مكتب كبير مفتشي السجون البريطانية، فقد شهد عدد الشباب المسلمين
في سجون البلاد ارتفاعًا حادًا خلال السنة الحالية. ذلك أنهم صاروا يشكلون
أكثر من خمس عدد النزلاء،أو نسبة 22% عام 2011 - 2012.وارتفعت هذه النسبة
تسع نقاط مئوية دفعة واحدة مقارنة بعام 2009 - 2010 عندما كانت 13%.
ونقلت
صحف بريطانية عن كبير المفتشين نفسه، نِك هاردويك، قوله الأرجح هو أن
هؤلاء النزلاء المسلمين «قد يدّعون أنهم يشعرون بالأمان داخل السجون،وأنهم
يُعاملون بالاحترام الواجب. لكن شبه المؤكد هو أنهم عرضة لسوء المعاملة
بشكل يفوق كثيرا ذلك الذي يتعرّض له غير المسلمين.
ربما
كان كبير المفتشين يرد بهذا على من يقولون إن النزلاء المسلمين أنفسهم
أفضل حالًا من أقليات عرقية أخرى،مثل السود.وتبعًا لأبناء هذه
الأقليات،فإنهم لا يشعرون بأنهم يتلقون نوع المعاملة الإنسانية التي يجب أن
تسود في السجون بغضّ النظر عن سبب الوجود فيها.
وقال
هاردويك في تقرير مشترك مع مجلس عدالة الشباب:" إنه يستند في حديثه هذا
الى شكاوى من النزلاء المسلمين،تفيد أنهم يتعرّضون أكثر من غيرهم لمختلف
أشكال القيود وتضييق مجال الحريات على أيدي الحراس والضباط، وأنهم يجدون
الاتصال بذويهم وأصدقائهم من العسر بمكان.
في
الوقت نفسه فإن عدد النزلاء اليافعين من كل الأديان بين 15 -18عام ظل يشهد
انخفاضًا شبه منتظم في السنوات الأربع الأخيرة،من ألفين و 2365-543 1. لكن
التقرير يسارع الى القول إن هذا الانخفاض لا يعني بالضرورة انخفاضا
تلقائيا في عدد الجرائم الخطرة التي يرتكبها اولئك اليافعون.
كما
كشفت إحصائية أجرتها مؤسسة العدل للشباب البريطانية تزايد أعداد المسلمين
في السجون في بريطانيا بشكل كبير لتصل إلى واحد من كل خمسة أفراد.وأوضحت
المؤسسة أن المساجين في السجون البريطانية الذين يعرفون أنفسم كمسلمين في
المرحلة السنية من 15-18 عاما ارتفعت نسبتهم من 13% في 2009-2010،إلى 16%
في 2010-2011، لتصل إلى 21% في 2011-2012.
وقال
رئيس رابطة المحامين المسلمين في بريطانيا:" إن الاستطلاع مبني على من
يصفون أنفسهم بأنهم مسلمين وهو ما يتضمن بعض من اعتنقوا الإسلام داخل السجن
ولا يشير إلى أن هؤلاء من ممارسي العبادات في الدين الإسلامي بشكل منتظم".
وأضاف في تصريحات لهيئة الإذاعة البريطانية- "لا تستطيع أن ترتكب جرائم ثم تصف نفسك بأنك مسلم ملتزم بممارسات الدين".
و
جدير بالذكر أن الإسلام قد احتل المرتبة الثانية في سرعة انتشاره داخل
السجون، خاصة خلال العقد الماضي, وكرد فعل للتزايد الإسلامي المستمر،شددت
السلطات البريطانية في تعاملاتها مع السجناء المسلمين، خاصة المعتنقين
الجدد للإسلام،بزعم مكافحة الأفكار المتطرفة والأصولية في أوساط السجون.
البروفيسير
"ديفيد ويلسون" وهو مأمور سابق لأحد السجون،أكد في دراسته حول أوضاع
السجناء المسلمين على أن الدعاة المعينين من قبل الداخلية البريطانية
يواجهون بانتظام معاملة مسيئة وعنصرية؛وأضاف أنهم يواجهون ظروفًا لا تطاق
في السجون،وأنهم يؤدون دورًا عظيمًا،ولا علاقة لهم بالدعوة إلى التشدد.
ً
ولفت
ويلسون في دراسته التي أثارت جدلاً واسعًا في الأوساط البريطانية إلى أن
هناك روحًا من التضامن الملحوظ بين النزلاء المسلمين فيما يواجهونه من
مصاعب في ممارسة شعائرهم، ومن المبالغة وصف هذا التضامن بالتشدد، كما أن
وجهات نظر أئمة السجون لا تزال تخضع للمراقبة والتمحيص خاصة بعد هجمات 11
سبتمبر 2001. وبطبيعة الحال لا يقبل فكرة التحول إلى الإسلام داخل السجون
البريطانية خلال فترة قضاء العقوبة.
وبصفة
عامة يمكن القول إن التعصب والتمييز هو عنوان أوضاع السجناء المسلمين في
السجون الأوروبية؛ فمثلاً ترفض العديد من إدارات السجون توفير اللحم الحلال
للمسلمين، وتمنعهم من إقامة شعائرهم الدينية أو التجمع لأداء صلاة الجمعة
في الوقت الذي تسمح فيه بتوفير اللحوم المذبوحة على الطريقة اليهودية،
والسماح للمسيحيين حضور قداس مرة كل أسبوع، وإقامة شعائرهم في مناسباتهم
الدينية مثل الاحتفال برأس السنة الميلادية وغيرها.
هذاوقد
توالت الاتهامات العديدة بوصف الدعاة في السجون البريطانية بالتشدد وزرع
الأفكار الأصولية في أوساط المسلمين داخل السجون إلاّ أن مأمور سجن سابق قد
قام بدراسة حياة 4.200 سجين مسلم في بريطانيا، وتوصل إلى أنه ليس هناك أي
دليل يشهد على توظيف دعاة متشددين في السجون البريطانية.
وجاء
في تقرير حديث أعده هذا المأمور أن 130 إماماً عينتهم وزارة الداخلية
البريطانية يواجهون بانتظام معاملة مسيئة وعنصرية؛إذ ذكر التقرير أن الأئمة
يواجهون ظروفاً لا تُطاق في السجون،وأنهم يؤدون دوراً عظيماً،ولا علاقة
لهم بالدعوة إلى التشدد.
ويقول
التقرير إن هناك روحاً من التضامن الملحوظ بين النزلاء المسلمين فيما
يواجهونه من مصاعب في ممارسة شعائرهم، ومن المبالغة وصف هذا التضامن
بالتشدد، كما أن وجهات نظر أئمة السجون لا تزال تخضع للمراقبة والتمحيص
خاصة بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر.
وفي
داخل السجون البريطانية كان هناك العديد من المسجونين الذين اعتنقوا
الإسلام، ولكن هناك اتهمات عديدة من جانب السلطات البريطانية لمعتنقي الدين
الإسلامي داخل السجون، فقد ذكر أحد التقارير أن بعض النزلاء الذين أعلنوا
إسلامهم في السجن مؤخراً- وهو محكوم عليه بتهمة الاغتصاب – كان دافعة – كما
يقول التقرير – إلى إعتناق الإسلام هو رغبته في الحصول على وجبات تتضمن
لحماً مذبوحاً بالطريقة الإسلامية، ولا يزال غير المسلمين لا يقبلون فكرة
تحوّل بعض النزلاء إلى الإسلام خلال قضاء فترة العقوبة في السجن.
و
قد حذر تقرير صادر مؤخراً أن السجناء المسلمين في بريطانيا ربما يندفعون
نحو التطرف جراء تطبيق استراتيجية ذات نهج أمني تعاملهم على أنهم "متطرفون
محتملون". وقالت كبيرة مفتشي السجون في تقرير لها أن هناك خطراً بتحقق هذه
"النبوءة" من خلال التشجيع على عزل المسلمين عن المجتمع البريطاني.
وأضافت
ان السجون يجب أن تتعامل مع المسلمين بشكل فردي وليس "في اطار مجموعة
منفصلة ومثيرة للقلق" الا أن سلطات السجون شددت على أن جميع السجناء
يعاملون باحترام ولياقة.وكانت ادارة السجون بدأت قبل ثلاث سنوات تدريب
موظفيها على كيفية تحديد علامات التطرف والتعامل معها.
وقال:"
التقرير أن هذا شجع على التركيز على المسلمين باعتبارهم "متطرفين محتملين"
على الرغم من أقل من 1% من المعتقلين المسلمين البالغ عددهم 10300 سجين في
انجلترا وويلز أدينوا بالارهاب.
كما
قالت: "سيكون من السذاجة انكار أيضا أن هناك مسلمين ضمن نزلاء السجون
يعتنقون وجهات نظر راديكالية متطرفة أو ينجذبون لها لأسباب مختلفة".ودعت
الادارة الوطنية لاصلاح السجناء الى وضع استراتيجية بهدف "تعامل الموظفين
بشكل فعال مع المسلمين كسجناء بشكل فردي يشكلون مخاطر معينة ولهم احتياجات
خاصة وليس كجزء من مجموعة منفصلة ومثيرة للقلق".
وأضافت
"بدون ذلك فان هناك خطرا حقيقيا بحدوث هذه النبوءة" موضحة أن "تجربة السجن
ستخلق أو ترسخ الاحساس بالعزلة والسخط وبالتالي فان السجون تطلق الى
المجتمع سراح شبان أكثر عرضة للاساءة أو تبنيا للتطرف".
وأشارت
إلى أن استطلاعات الرأي تظهر أن السجناء المسلمين لديهم تجارب ومشاعر
سلبية تجاه السجون بسبب مخاوف تتعلق بسلامتهم في كثير من الأحيان.
وقالت:"
أيضا أن الاسلام لعب دوراً إيجابيا وتأهيلياً في حياة الكثير من السجناء
على الرغم من أن الموظفين يتشككون في أداء الشعائر الدينية.
من
جانبها قالت جولييت ليون المسؤولة بصندوق إصلاح السجون ان السجناء
المسلمين ينظر اليهم "في كثير من الأحيان"على انهم "متطرفون محتملون".
وحذرت أنه "بدون الدعم المناسب فان جميع السجناء بغض النظر عن العرق أو الخلفية الدينية يرجح أن يصبحوا غاضبين من المجتمع".
الا أن مدير عام الادارة الوطنية لاصلاح السجناء فيل ويتلي نفى تطبيق استراتيجية ذات نهج أمني ضد السجناء المسلمين.
وقد
أعربت أيضاً مفتشة السجون العامة في بريطانيا ، عن قلقها إزاء معاملة
السجناء المسلمين في سجن "بيلمارش "الشديد التحصين في لندن. وقالت آن
أويرز.. إن ثمة أدلة علي أن السجناء يتعرضون للتعذيب وأن السجن يجد صعوبة
في إحتواء العدد الكبير للسجناء المسلمين المحتجزين بسبب تهم متعلقة
بالإرهاب. وإعتبرت أن المسؤولين في السجن لا يفهمون السلوك الإجتماعي
والديني للسجناء المسلمين. كما أشارت في تقريرها إلى أن أربعة من السجناء
المحتجزين بسبب تهم متعلقة بالإرهاب لا يسمح لهم بالإختلاط مع الآخرين في
أكثر من مجموعات من إثنين، وأنهم ممنوعون من حضور صلاة الجمعة مع السجناء
الآخرين. كما كشفت أويرز عن أحد السجناء المعتقلين ، الذي يحتجز في وحدة
منفصلة مع "مجموعة موظفين ملتزمين. واعتبرت في تقريرها أنه من "المحوري" أن
تفهم إدارة السجن السجناء والعلاقات المختلفة بينهم لتتمكن من إدارة السجن
بأمان، معتبرة أن ذلك ليس حاصلا في سجن بيلمارش مع السجناء المسلمين
"بالرغم من جهود إمام ذي كفاءة." ورأت أن السجن ينقصه فهم من جانب الموظفين
لحاجات السجناء المسلمين ، وقدمت المفتشة 127 توصية للسجن للتحسين. ورأى
أحد المسؤولين في السجن مارك ليتش أن هناك حاجة لتوخي الحذر كي "نتجنب أن
نخلق خليج جوانتانامو خاص بنا داخل سجن بيلمارش."
وأخيراً
فإنه في الوقت الذي تتزايد فيه الحملات الأوروبية للحد من ظاهرة
الأسلمة،وتزايد أعداد المسلمين والتي تشكل هاجسًا أمنيًا واجتماعيًا لهذه
الدول،والتي دفعتها إلى تشديد الخناق على أتباع الدين الحنيف من خلال
انتهاك حرياتهم الدينية، والتصدي لأنشطتهم وطقوسهم وشعائرهم وملبسهم
ومأكلهم،أصبح الإسلام أكثر انتشارًا والديانة المهيمنة خلف القضبان،وهو ما
حذرت منه العديد من التقارير الغربية.
إن
سماحة السجناء المسلمين،وأخلاقهم الرفيعة،وتعاملاتهم الحسنة مع
غيرهم،والأساليب القذرة التي تنتهجها إدارات السجون معهم،كل هذه المعطيات
أدت إلى تعاطف السجناء معهم؛مما دفع الكثير من أصحاب الديانات الأخرى
لاعتناق الإسلام،ومن ثم تزايد أعداد المسلمين بنسبة تصل إلى أكثر من
مثيلاتها خارج السجون.
إلى هنا نتوقف مع وعد بلقاء آخر في نفس الملف في حلقة قادمة إن شاء الله فإلى الملتقى.
في
معرض حديثنا عن الجاليات والأقليات الإسلامية التي نحاول اقتفاء أثرها
أينما وجدت, نعيد اليوم فتح ملف كنا قد تحدثنا فيه منذ عدة سنوات,وهو ملف
إحدى الأقليات الإسلامية ولكنها أقلية من نوع جديد وغريب, ألا وهي الأقلية
الإسلامية القابعة خلف الأسوار في أحد البلدان الأجنبية,وقد يستغرب البعض
هذا الأمر ولكنها حقيقة أردنا من خلال موضوعنا اليوم أن نميط اللثام عنها,
ونتفقد ما استجد فيها ونتقصى جوانبها وخفاياها,محاولين بذلك إكمال وإيضاح
صورة للأقليات ربما لم تتضح بعد.
إخوتي
أخواتي لقد أصبح الإسلام في أوروبا،دين المضطهدين,كما كانت الماركسية في
أوربا في وقت من الأوقات,فبالأمس كانت قضية الحجاب,والمآذن,واليوم نتحدث عن
المسلمين خلف القضبان,ونحن اليوم سنتحرى أخبار إخواننا المأسورين خلف
قضبان السجون البريطانية فهيا بنا.
فقد
كشفت صحيفة ذي إندبندنت البريطانية عن وجود سجون سرية للمسلمين في
بريطانيا،وقالت: إن أجهزة المخابرات في المملكة المتحدة متورطة في
الاعتقالات والنقل غير الشرعي للسجناء والمتهمين دون إرادتهم ضمن ما يسمى
"الحرب على الإرهاب".وقالت ذي إندبندنت: إنّ جهاز المخابرات الداخلية
البريطاني "إم آي"متورّط بشكل مباشر في نقل مواطن مغربي دون إرادته وبشكل
غير قانوني من سجن بلجيكي إلى سجن سري آخر في المملكة المتحدة.
هذا
و قد سجل عام 2011 - 2012 ارتفاعًا حادًا في عدد شباب المسلمين من نزلاء
السجون البريطانية.وهذه أنباء سيئة بالنسبة إلى الجالية الإسلامية،لأن
هؤلاء ليسوا معتقلين سياسيين،إذ لا اعتقال بسبب الرأي في بريطانيا- بحسب
زعمهم-، وإنما هم مدانون بجرائم جنائية.
ووفقا
لإحصاءات مكتب كبير مفتشي السجون البريطانية، فقد شهد عدد الشباب المسلمين
في سجون البلاد ارتفاعًا حادًا خلال السنة الحالية. ذلك أنهم صاروا يشكلون
أكثر من خمس عدد النزلاء،أو نسبة 22% عام 2011 - 2012.وارتفعت هذه النسبة
تسع نقاط مئوية دفعة واحدة مقارنة بعام 2009 - 2010 عندما كانت 13%.
ونقلت
صحف بريطانية عن كبير المفتشين نفسه، نِك هاردويك، قوله الأرجح هو أن
هؤلاء النزلاء المسلمين «قد يدّعون أنهم يشعرون بالأمان داخل السجون،وأنهم
يُعاملون بالاحترام الواجب. لكن شبه المؤكد هو أنهم عرضة لسوء المعاملة
بشكل يفوق كثيرا ذلك الذي يتعرّض له غير المسلمين.
ربما
كان كبير المفتشين يرد بهذا على من يقولون إن النزلاء المسلمين أنفسهم
أفضل حالًا من أقليات عرقية أخرى،مثل السود.وتبعًا لأبناء هذه
الأقليات،فإنهم لا يشعرون بأنهم يتلقون نوع المعاملة الإنسانية التي يجب أن
تسود في السجون بغضّ النظر عن سبب الوجود فيها.
وقال
هاردويك في تقرير مشترك مع مجلس عدالة الشباب:" إنه يستند في حديثه هذا
الى شكاوى من النزلاء المسلمين،تفيد أنهم يتعرّضون أكثر من غيرهم لمختلف
أشكال القيود وتضييق مجال الحريات على أيدي الحراس والضباط، وأنهم يجدون
الاتصال بذويهم وأصدقائهم من العسر بمكان.
في
الوقت نفسه فإن عدد النزلاء اليافعين من كل الأديان بين 15 -18عام ظل يشهد
انخفاضًا شبه منتظم في السنوات الأربع الأخيرة،من ألفين و 2365-543 1. لكن
التقرير يسارع الى القول إن هذا الانخفاض لا يعني بالضرورة انخفاضا
تلقائيا في عدد الجرائم الخطرة التي يرتكبها اولئك اليافعون.
كما
كشفت إحصائية أجرتها مؤسسة العدل للشباب البريطانية تزايد أعداد المسلمين
في السجون في بريطانيا بشكل كبير لتصل إلى واحد من كل خمسة أفراد.وأوضحت
المؤسسة أن المساجين في السجون البريطانية الذين يعرفون أنفسم كمسلمين في
المرحلة السنية من 15-18 عاما ارتفعت نسبتهم من 13% في 2009-2010،إلى 16%
في 2010-2011، لتصل إلى 21% في 2011-2012.
وقال
رئيس رابطة المحامين المسلمين في بريطانيا:" إن الاستطلاع مبني على من
يصفون أنفسهم بأنهم مسلمين وهو ما يتضمن بعض من اعتنقوا الإسلام داخل السجن
ولا يشير إلى أن هؤلاء من ممارسي العبادات في الدين الإسلامي بشكل منتظم".
وأضاف في تصريحات لهيئة الإذاعة البريطانية- "لا تستطيع أن ترتكب جرائم ثم تصف نفسك بأنك مسلم ملتزم بممارسات الدين".
و
جدير بالذكر أن الإسلام قد احتل المرتبة الثانية في سرعة انتشاره داخل
السجون، خاصة خلال العقد الماضي, وكرد فعل للتزايد الإسلامي المستمر،شددت
السلطات البريطانية في تعاملاتها مع السجناء المسلمين، خاصة المعتنقين
الجدد للإسلام،بزعم مكافحة الأفكار المتطرفة والأصولية في أوساط السجون.
البروفيسير
"ديفيد ويلسون" وهو مأمور سابق لأحد السجون،أكد في دراسته حول أوضاع
السجناء المسلمين على أن الدعاة المعينين من قبل الداخلية البريطانية
يواجهون بانتظام معاملة مسيئة وعنصرية؛وأضاف أنهم يواجهون ظروفًا لا تطاق
في السجون،وأنهم يؤدون دورًا عظيمًا،ولا علاقة لهم بالدعوة إلى التشدد.
ً
ولفت
ويلسون في دراسته التي أثارت جدلاً واسعًا في الأوساط البريطانية إلى أن
هناك روحًا من التضامن الملحوظ بين النزلاء المسلمين فيما يواجهونه من
مصاعب في ممارسة شعائرهم، ومن المبالغة وصف هذا التضامن بالتشدد، كما أن
وجهات نظر أئمة السجون لا تزال تخضع للمراقبة والتمحيص خاصة بعد هجمات 11
سبتمبر 2001. وبطبيعة الحال لا يقبل فكرة التحول إلى الإسلام داخل السجون
البريطانية خلال فترة قضاء العقوبة.
وبصفة
عامة يمكن القول إن التعصب والتمييز هو عنوان أوضاع السجناء المسلمين في
السجون الأوروبية؛ فمثلاً ترفض العديد من إدارات السجون توفير اللحم الحلال
للمسلمين، وتمنعهم من إقامة شعائرهم الدينية أو التجمع لأداء صلاة الجمعة
في الوقت الذي تسمح فيه بتوفير اللحوم المذبوحة على الطريقة اليهودية،
والسماح للمسيحيين حضور قداس مرة كل أسبوع، وإقامة شعائرهم في مناسباتهم
الدينية مثل الاحتفال برأس السنة الميلادية وغيرها.
هذاوقد
توالت الاتهامات العديدة بوصف الدعاة في السجون البريطانية بالتشدد وزرع
الأفكار الأصولية في أوساط المسلمين داخل السجون إلاّ أن مأمور سجن سابق قد
قام بدراسة حياة 4.200 سجين مسلم في بريطانيا، وتوصل إلى أنه ليس هناك أي
دليل يشهد على توظيف دعاة متشددين في السجون البريطانية.
وجاء
في تقرير حديث أعده هذا المأمور أن 130 إماماً عينتهم وزارة الداخلية
البريطانية يواجهون بانتظام معاملة مسيئة وعنصرية؛إذ ذكر التقرير أن الأئمة
يواجهون ظروفاً لا تُطاق في السجون،وأنهم يؤدون دوراً عظيماً،ولا علاقة
لهم بالدعوة إلى التشدد.
ويقول
التقرير إن هناك روحاً من التضامن الملحوظ بين النزلاء المسلمين فيما
يواجهونه من مصاعب في ممارسة شعائرهم، ومن المبالغة وصف هذا التضامن
بالتشدد، كما أن وجهات نظر أئمة السجون لا تزال تخضع للمراقبة والتمحيص
خاصة بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر.
وفي
داخل السجون البريطانية كان هناك العديد من المسجونين الذين اعتنقوا
الإسلام، ولكن هناك اتهمات عديدة من جانب السلطات البريطانية لمعتنقي الدين
الإسلامي داخل السجون، فقد ذكر أحد التقارير أن بعض النزلاء الذين أعلنوا
إسلامهم في السجن مؤخراً- وهو محكوم عليه بتهمة الاغتصاب – كان دافعة – كما
يقول التقرير – إلى إعتناق الإسلام هو رغبته في الحصول على وجبات تتضمن
لحماً مذبوحاً بالطريقة الإسلامية، ولا يزال غير المسلمين لا يقبلون فكرة
تحوّل بعض النزلاء إلى الإسلام خلال قضاء فترة العقوبة في السجن.
و
قد حذر تقرير صادر مؤخراً أن السجناء المسلمين في بريطانيا ربما يندفعون
نحو التطرف جراء تطبيق استراتيجية ذات نهج أمني تعاملهم على أنهم "متطرفون
محتملون". وقالت كبيرة مفتشي السجون في تقرير لها أن هناك خطراً بتحقق هذه
"النبوءة" من خلال التشجيع على عزل المسلمين عن المجتمع البريطاني.
وأضافت
ان السجون يجب أن تتعامل مع المسلمين بشكل فردي وليس "في اطار مجموعة
منفصلة ومثيرة للقلق" الا أن سلطات السجون شددت على أن جميع السجناء
يعاملون باحترام ولياقة.وكانت ادارة السجون بدأت قبل ثلاث سنوات تدريب
موظفيها على كيفية تحديد علامات التطرف والتعامل معها.
وقال:"
التقرير أن هذا شجع على التركيز على المسلمين باعتبارهم "متطرفين محتملين"
على الرغم من أقل من 1% من المعتقلين المسلمين البالغ عددهم 10300 سجين في
انجلترا وويلز أدينوا بالارهاب.
كما
قالت: "سيكون من السذاجة انكار أيضا أن هناك مسلمين ضمن نزلاء السجون
يعتنقون وجهات نظر راديكالية متطرفة أو ينجذبون لها لأسباب مختلفة".ودعت
الادارة الوطنية لاصلاح السجناء الى وضع استراتيجية بهدف "تعامل الموظفين
بشكل فعال مع المسلمين كسجناء بشكل فردي يشكلون مخاطر معينة ولهم احتياجات
خاصة وليس كجزء من مجموعة منفصلة ومثيرة للقلق".
وأضافت
"بدون ذلك فان هناك خطرا حقيقيا بحدوث هذه النبوءة" موضحة أن "تجربة السجن
ستخلق أو ترسخ الاحساس بالعزلة والسخط وبالتالي فان السجون تطلق الى
المجتمع سراح شبان أكثر عرضة للاساءة أو تبنيا للتطرف".
وأشارت
إلى أن استطلاعات الرأي تظهر أن السجناء المسلمين لديهم تجارب ومشاعر
سلبية تجاه السجون بسبب مخاوف تتعلق بسلامتهم في كثير من الأحيان.
وقالت:"
أيضا أن الاسلام لعب دوراً إيجابيا وتأهيلياً في حياة الكثير من السجناء
على الرغم من أن الموظفين يتشككون في أداء الشعائر الدينية.
من
جانبها قالت جولييت ليون المسؤولة بصندوق إصلاح السجون ان السجناء
المسلمين ينظر اليهم "في كثير من الأحيان"على انهم "متطرفون محتملون".
وحذرت أنه "بدون الدعم المناسب فان جميع السجناء بغض النظر عن العرق أو الخلفية الدينية يرجح أن يصبحوا غاضبين من المجتمع".
الا أن مدير عام الادارة الوطنية لاصلاح السجناء فيل ويتلي نفى تطبيق استراتيجية ذات نهج أمني ضد السجناء المسلمين.
وقد
أعربت أيضاً مفتشة السجون العامة في بريطانيا ، عن قلقها إزاء معاملة
السجناء المسلمين في سجن "بيلمارش "الشديد التحصين في لندن. وقالت آن
أويرز.. إن ثمة أدلة علي أن السجناء يتعرضون للتعذيب وأن السجن يجد صعوبة
في إحتواء العدد الكبير للسجناء المسلمين المحتجزين بسبب تهم متعلقة
بالإرهاب. وإعتبرت أن المسؤولين في السجن لا يفهمون السلوك الإجتماعي
والديني للسجناء المسلمين. كما أشارت في تقريرها إلى أن أربعة من السجناء
المحتجزين بسبب تهم متعلقة بالإرهاب لا يسمح لهم بالإختلاط مع الآخرين في
أكثر من مجموعات من إثنين، وأنهم ممنوعون من حضور صلاة الجمعة مع السجناء
الآخرين. كما كشفت أويرز عن أحد السجناء المعتقلين ، الذي يحتجز في وحدة
منفصلة مع "مجموعة موظفين ملتزمين. واعتبرت في تقريرها أنه من "المحوري" أن
تفهم إدارة السجن السجناء والعلاقات المختلفة بينهم لتتمكن من إدارة السجن
بأمان، معتبرة أن ذلك ليس حاصلا في سجن بيلمارش مع السجناء المسلمين
"بالرغم من جهود إمام ذي كفاءة." ورأت أن السجن ينقصه فهم من جانب الموظفين
لحاجات السجناء المسلمين ، وقدمت المفتشة 127 توصية للسجن للتحسين. ورأى
أحد المسؤولين في السجن مارك ليتش أن هناك حاجة لتوخي الحذر كي "نتجنب أن
نخلق خليج جوانتانامو خاص بنا داخل سجن بيلمارش."
وأخيراً
فإنه في الوقت الذي تتزايد فيه الحملات الأوروبية للحد من ظاهرة
الأسلمة،وتزايد أعداد المسلمين والتي تشكل هاجسًا أمنيًا واجتماعيًا لهذه
الدول،والتي دفعتها إلى تشديد الخناق على أتباع الدين الحنيف من خلال
انتهاك حرياتهم الدينية، والتصدي لأنشطتهم وطقوسهم وشعائرهم وملبسهم
ومأكلهم،أصبح الإسلام أكثر انتشارًا والديانة المهيمنة خلف القضبان،وهو ما
حذرت منه العديد من التقارير الغربية.
إن
سماحة السجناء المسلمين،وأخلاقهم الرفيعة،وتعاملاتهم الحسنة مع
غيرهم،والأساليب القذرة التي تنتهجها إدارات السجون معهم،كل هذه المعطيات
أدت إلى تعاطف السجناء معهم؛مما دفع الكثير من أصحاب الديانات الأخرى
لاعتناق الإسلام،ومن ثم تزايد أعداد المسلمين بنسبة تصل إلى أكثر من
مثيلاتها خارج السجون.
إلى هنا نتوقف مع وعد بلقاء آخر في نفس الملف في حلقة قادمة إن شاء الله فإلى الملتقى.