لم أتزوج بفتاة أحلامي ...ولكن !!
حينما بلغت سن المراهقة بدأت مثل غيري من الشباب قبل الزواج أفكر بفتاة
أحلامي, وأحلم بزوجة المستقبل , أتخيلها كلما أويت إلى الفراش وأرسم صورتها في
مخيلتي كأنها حورية انزلت من الجنة , اتخيل كل عضو في جسمها ولون بشرتها وطولها
ووزنها وأوصاف وجهها, ولو بحثت العالم كله ما وجدت فتاة بتلك الأوصاف التي كنت
أرسمها لفتاة أحلامي, فكنت أحلم بحورية وليست بامرأة من البشر من أبناء أدم وحواء..
فكنت أحلم بفتاة شديدة بياض البشرة, يظهر الدم في اوردتها من شدة بياضها,
متناسقة القوام ممتلئة الجسم ليست بالسمينة ولا الرشيقة, معنقة كانها وشعر طويل
حتى ساقيها, وخدود ممتلئة محمرة كالورد, تزين خدها الأيسر شامة, وعينان زرقاواتان
مفتوحتان ومكحلتان كانهما عيون المها تحوطهما رموش متناسقة في طولها وانحناها
وتراصصها شديدة السواد وحواجب مدورة كانها الهلال في بداية ظهوره أول الشهر, وأنف
قائم كانه حد سيف وفم صغير تحوطه شفايف وردية من خالقها وليست محمرة بشفاه الورد
المصنوع في زمننا هذا, واسنان بيضاء تلمع كأنها الماس كلما تبسمت
وكلما رأيت صورة فتاة جميلة في مجلة أو تلفزيون أو رأيت فتاة في الشارع في
المدرسة, لم أجد فيهن رغم ما يتمتعن من جمال تلك الفتاة التي كنت أحلم فيها, فكل واحدة
منهن أجد فيها بعض المواصفات التي رسمتها لفتاة أحلامي ولا أجد فيها البعض الأخر
ظلت صورة زوجة المستقبل مرسومة في ذهني طيلة سنوات المراهقة كأنها منحوة
على حجر, ولما وصلت سن الزواج وكان دور الزواج عندي فأخي الاكبر مني قد تزوج بمجرد
بلوغه سن السادسة عشر, وأما أنا فقد بقيت حتى وصلت سن العشرين رغم أن حالتنا
المالية متيسرة ولا يوجد ما يمنع من زواجي حتى وأنا بسن اخي عند زواجه عند بلوغ
رشدي..
وحقيقة بدأت أفكر بالزواج منذ سنوات ولكني لم افاتح والدي ووالدتي بذلك ليس
لاني كنت اخجل ولكن لأني لم أجد تلك الفتاة التي أحلم بها...
وهذا ما جعلني اعزف عن الزواج حتى بدأ والدي ووالدتي بفتح الموضوع عليّ,
بأنه قد حان وقت زواجي, وسألوني هل هناك فتاة أعرفها أرغب أن يخطبوها لي وهما
يعلمان أنه ليس في عقلي فتاة تحمل تلك المواصفات التي احلم بها والتي هم أيضاَ
يعلمون بها , ليذهبوا بخطبتها, فاخبرتني امي بأن عليها أن تبحث لي على فتاة ,
فأخبرتها بمواصفات فتاة أحلامي, بدأت أمي بالبحث والبحث وكلما وجدت فتاة سألتني عن
رأيى فيها , فأسألها عن مواصفاتها جزء جزء فتخبرني بذلك فأرفضها دون تردد لأنني لم
أجد فيها ما أحلم به من مواصفات..
بقيت أمي تبحث لي عن فتاة أحلامي وهي تعلم أنها لن تجدها مهما ظلت تبحث
وتبحث, فلم يكن من والدتي إلا أن بحثت عن فتاة تحمل مواصفات تريدها هي وليست تلك
المواصفات التي كنت احلم بها, فلم تهتم والدتي بالمظهر الخارجي لتلك الفتاة ولم
تنظر في المظاهر الخارجية والمواصفات السطحية وأنما نظرت إلى الصفات والمميزات
التي قد لا تتوافر في ذات الجمال العالي التي ابحث عنها , بحثت والدتي عن الجوهر
دون أن تبالي أو تفكر بشئ مما كنت أحلم به, كأن همها وغايتها أن تكون فتاة مؤدبة ومحترمة
ذات دين ونسب رفيع وأدب عالي وعقل راجح, بحثت والدتي عن فتاة تحمل تلك المواصفات
التي تحلم بها كل أم لزوجة أبنها إن لم يحلم بها إبنها..
رأت أمي تلك الفتاة في إحدى حفلات الزفاف في القبيلة رغم أنها من قرية وأنا
من قرية إلا أننا من قبيلة واحدة وبيننا روابط اسرية تجمعنا, فأعجبت بتلك الفتاة
من عدة نواحي..
فأخبرتني والدتي عن تلك الفتاة وأنها قد أعجبتها وتريد أن تكون
زوجتي, فسألتها عن مواصفاتها فأخبرتني أنها جميلة جداً وذكرت لي العديد من
المواصفات التي ابحث عنها, فقلت لها هل أنت متأكدة من ذلك؟ فقالت نعم..
قالت لي والدتي ذلك لأنها تعلم أنها لو لم تخبرني بذلك واعطتني المواصفات
الحقيقيه لتلك الفتاة لما وافقت على الزواج بها..
وافقت على خطبة تلك الفتاة دون أن أراها وأنما حسب ما ذكرت لي والدتي, فذهب
والدي لخطبة تلك الفتاة واتفق مع والدها على تحديد موعد العرس..
ولكوننا نعيش في منطقة ريفيه محافظة, فأن العادات والتقاليد في المنطقة لا
تسمح للخاطب من رؤية خطيبته قبل الزواج إلى أن تزف إليه ويرفع لها والدها الطرحة
عند وصولها منزل الزوجية, فبقيت طيلة الفترة ما بين الخطبة والزواج أفكر واحلم في
يوم العرس وزفاف خطيبتي وفتاة أحلامي إليّ, وأقول في نفسي أخيراً حصلت على الفتاة
التي احلم بها طيلة حياتي, فكنت أتخيل خطيبتي بفتاة أحلامي التي رسمت صورتها في
مخيلتي منذ مراهقتي , فاشتقت كثيراً ليوم العرس وطالت الفترة ما بين العرس حتى كان
اليوم يمر عليَّ ببطئ كانه اسبوع..
ولما تم الزواج وزفت إليَّ العروس قام والدها برفع الطرحة عن وجه العروس,
فكانت الصدمة والخيبة كأنها الاعصار تفتك بي حينما شاهدت العروس, فذهبت عني الفرحة
والسرور واستبدلت بالكآبة والحزن والأسى...
نظرت إليَّ العروس ورأت ملامح الحزن على وجهي فعلمت أنها لم تعجبني, فتقلب
ملامح وجهها واسود من شدة الحزن والخجل وشاهدت أمي ذلك أيضاً وعرفت أن العروس لم
تعجبني ولكنها كانت متوقعة حدوث ذلك...
بقيت جوارها بضع دقائق ثم ذهبت إلى المجلس الذي استقبل فيه الضيوف الذين
حضروا مع العروس من الأهل والأقارب أسلم عليهم , ثم غادروا مجلس الضيوف ورجعت إلى
غرفتي أشعر بالحزن والضيق, بينما بقيت العروس عند النساء يستكملن الرقص والغناء
والفرحة ..
جاءت والدتي إلى غرفتي تراجعني وتقول لي أن الجمال ليس جمال الوجه وأنما
جمال المعدن والطباع, ولكوني كنت شديد الغضب والذهول والصدمة فاني لم اتقبل من
والدتي أي كلام , بل أني قد حملتها مسئولية ذلك الزواج وكنت أقول لها أنتِ السبب
في زواجي بهذه الفتاة, ولولاك ما تزوجت بها, فأين المواصفات التي قلت لي بها, ليس
فيها أي صفة مما قلت, أنتِ خدعتيني بها, وبقيت ابكي كالفتاة, وخرجت أمي من الغرفة
حزينة, فأقفلت غرفتي واويت إلى فراشي أبكي على حالي وعلى زواجي...
وكان إبن خالتي أحد الضيوف الحاضرين في حفلة الزواج, وهو إنسان متعلم وعاقل
وذكي ويفهم بأمور الدنيا رغم أنه لا يكبرني سوى ببعض السنوات ..
وكانت تربطني به علاقة صداقة
وقرابة واخوة وطيدة حتى أنني استشيره في الكثير من الأمور وأفضح له الكثير من
اسراري وكنت دائما اسمع منه أي كلام وأصدقه, وكان يتميز عن غيره بالقدرة على
الإقناع بما يريد..
كانت أمي تعلم أنه الوحيد الذي يستطيع أن يؤثر عليَّ ويغير نظرتي إلى
عروسي.. فذهبت والدتي إلى والدته واخبرتها بالأمر وطلبت منها أن تخبر إبنها
بالموضوع ليتحدث معي ويحاول أقناعي بأن ارضى بالنصيب...
وفعلا قمت في صباح اليوم الثاني وانا شديد الحزن والغضب والسهر والأرق,
وكان إبن خالتي بانتظاري بسيارته ليتم استكمال الزفة لكون العرس في عاداتنا يكون
يومان, فركبت معه بالسيارة لوحدنا , وأثناء الزفة نظر إليَّ وقال ماذا فيك؟ ولماذا
انت حزين وكئيب؟ هل العروس لم تعجبك؟
ولكوننا كنا أصدقاء مقربون وتجمعنا إلى جانب ذلك رابطة القرابة الاسرية
وكنت احترمه واحبه كثيراً فقد وجدت أنه الملجأ الوحيد الذي أشكو إليه حالي وحزني..
فقد قلت له دون تردد نعم لم تعجبني العروس, بل أني شعرت بأنني لا احبها
وأنني أكرهها ولا اريد أن أراها أو النظر إليها..
فقال لي لماذا؟
فقلت له أنها ليست جميلة؟
فقال لي يا إبن خالتي أنا أعلم أنك كنت تحلم قبل الزواج بحورية وليست بفتاة
من البشر, وأعلم أنك قد اصطدمت بعروسك لأنها ليست تلك الفتاة التي كنت تحلم بها,
ولكنها الزوجة التي اختارها الله لك وكتبها لك, وليس الجمال جمال الوجه وأنما
الجمال هو جمال الجوهر والطبائع والاخلاق, وبإمكانك أن تجعل هذه الفتاة خادمة لك
بما تحمله من جمال عادي خير لك من أن تتزوج بفتاة جميلة تنكد لك حياتك وتتكبر عليك
وترغب في جعلك خادماً لها, وما ادراك أن هذه الفتاة التي اختارها الله لك أن تكون
افضل امرأة تسعدك في حياتك, وخير لك من أجمل فتيات المنطقة, فيجب عليك أن لا تنظر
إليها بالمنظار الخارجي وأنما أنظر إليها بمنظارها الداخلي, عقلها حكمتها جمال
اخلاقها أدبها...
وعليك أن تتقبل بالامر الواقع وأن ترضى بما كتبه الله لك, وأجلس مع زوجتك وتحدث
معها وأعرف طباعها وتمتع بجمالها الداخلي قبل جمالها الخارجي , ولا تتعقد من الزاج
في أوله ولا تحكم على زواجك بالفشل قبل اتمامه , فقد قال تعالى (فعسى ان تحبوا
شيئا وهو شراً لكم وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خيراً لكم)
فأنا يا إبن خالتي كنت مثلك أحلم بزوجة ذات جمال كبير, بل كنت أحب فتاة كنت
أرى فيها أغلب المواصفات التي كنت أحلم بها, ولكني لم أتزوجها وأنما تزوجت بفتاة
أخرى عادية لم أحبها قبل الزواج , فكانت لي نعم الزوجة الصالحة وأصبحت من أسعد
الأزواج على الإطلاق..
فكانت هذه الكلمات التي كلمني بها إبن خالتي كالدواء الذي شفاني مما كنت
أعاني منه وأعاد لي الأمل والسعادة وأزال عني الحزن والأسى, وجعل زوجتي في نظري
أجمل فتاة على الإطلاق, فعادت إليَّ السعادة والفرحة من جديد وظهر ذلك على ملامح
وجهي..
ولما عدت إلى المنزل دخلت غرفتي وطلبت من والدتي ان تحضر لي طعام الغداء وتخبر
العروس بأن تأتي إلى غرفتي لنتناول الغداء .
ففرحت والدتي بذلك كثيراً واتت إليَّ العروس وهي خجلت حزينه فجلسنا نتحدث
مع بعض وتناولنا طعام الغداء وضحكنا واخبرتها ببعض الأمور التي أريد منها أن تقوم
بها ومنها الادب والاحترام والطاعة لامي وأبي واحترام اسرتي والطاعة الكاملة لي
وغيرها من الأمور الزوجية التي يريدها كل زوج من زوجتها وهي ترد عليَّ بكلمة واحدة
حاضر..
وعادت السعادة إلى العروسين من جديد وبدأنا حياتنا الزوجية بسعادة وحب
ومودة واحترام فكانت لي الزوجة المطيعة التي جعلتني أنسى فتاة احلامي التي كنت
أفكر فيها قبل الزواج..
حينما بلغت سن المراهقة بدأت مثل غيري من الشباب قبل الزواج أفكر بفتاة
أحلامي, وأحلم بزوجة المستقبل , أتخيلها كلما أويت إلى الفراش وأرسم صورتها في
مخيلتي كأنها حورية انزلت من الجنة , اتخيل كل عضو في جسمها ولون بشرتها وطولها
ووزنها وأوصاف وجهها, ولو بحثت العالم كله ما وجدت فتاة بتلك الأوصاف التي كنت
أرسمها لفتاة أحلامي, فكنت أحلم بحورية وليست بامرأة من البشر من أبناء أدم وحواء..
فكنت أحلم بفتاة شديدة بياض البشرة, يظهر الدم في اوردتها من شدة بياضها,
متناسقة القوام ممتلئة الجسم ليست بالسمينة ولا الرشيقة, معنقة كانها وشعر طويل
حتى ساقيها, وخدود ممتلئة محمرة كالورد, تزين خدها الأيسر شامة, وعينان زرقاواتان
مفتوحتان ومكحلتان كانهما عيون المها تحوطهما رموش متناسقة في طولها وانحناها
وتراصصها شديدة السواد وحواجب مدورة كانها الهلال في بداية ظهوره أول الشهر, وأنف
قائم كانه حد سيف وفم صغير تحوطه شفايف وردية من خالقها وليست محمرة بشفاه الورد
المصنوع في زمننا هذا, واسنان بيضاء تلمع كأنها الماس كلما تبسمت
وكلما رأيت صورة فتاة جميلة في مجلة أو تلفزيون أو رأيت فتاة في الشارع في
المدرسة, لم أجد فيهن رغم ما يتمتعن من جمال تلك الفتاة التي كنت أحلم فيها, فكل واحدة
منهن أجد فيها بعض المواصفات التي رسمتها لفتاة أحلامي ولا أجد فيها البعض الأخر
ظلت صورة زوجة المستقبل مرسومة في ذهني طيلة سنوات المراهقة كأنها منحوة
على حجر, ولما وصلت سن الزواج وكان دور الزواج عندي فأخي الاكبر مني قد تزوج بمجرد
بلوغه سن السادسة عشر, وأما أنا فقد بقيت حتى وصلت سن العشرين رغم أن حالتنا
المالية متيسرة ولا يوجد ما يمنع من زواجي حتى وأنا بسن اخي عند زواجه عند بلوغ
رشدي..
وحقيقة بدأت أفكر بالزواج منذ سنوات ولكني لم افاتح والدي ووالدتي بذلك ليس
لاني كنت اخجل ولكن لأني لم أجد تلك الفتاة التي أحلم بها...
وهذا ما جعلني اعزف عن الزواج حتى بدأ والدي ووالدتي بفتح الموضوع عليّ,
بأنه قد حان وقت زواجي, وسألوني هل هناك فتاة أعرفها أرغب أن يخطبوها لي وهما
يعلمان أنه ليس في عقلي فتاة تحمل تلك المواصفات التي احلم بها والتي هم أيضاَ
يعلمون بها , ليذهبوا بخطبتها, فاخبرتني امي بأن عليها أن تبحث لي على فتاة ,
فأخبرتها بمواصفات فتاة أحلامي, بدأت أمي بالبحث والبحث وكلما وجدت فتاة سألتني عن
رأيى فيها , فأسألها عن مواصفاتها جزء جزء فتخبرني بذلك فأرفضها دون تردد لأنني لم
أجد فيها ما أحلم به من مواصفات..
بقيت أمي تبحث لي عن فتاة أحلامي وهي تعلم أنها لن تجدها مهما ظلت تبحث
وتبحث, فلم يكن من والدتي إلا أن بحثت عن فتاة تحمل مواصفات تريدها هي وليست تلك
المواصفات التي كنت احلم بها, فلم تهتم والدتي بالمظهر الخارجي لتلك الفتاة ولم
تنظر في المظاهر الخارجية والمواصفات السطحية وأنما نظرت إلى الصفات والمميزات
التي قد لا تتوافر في ذات الجمال العالي التي ابحث عنها , بحثت والدتي عن الجوهر
دون أن تبالي أو تفكر بشئ مما كنت أحلم به, كأن همها وغايتها أن تكون فتاة مؤدبة ومحترمة
ذات دين ونسب رفيع وأدب عالي وعقل راجح, بحثت والدتي عن فتاة تحمل تلك المواصفات
التي تحلم بها كل أم لزوجة أبنها إن لم يحلم بها إبنها..
رأت أمي تلك الفتاة في إحدى حفلات الزفاف في القبيلة رغم أنها من قرية وأنا
من قرية إلا أننا من قبيلة واحدة وبيننا روابط اسرية تجمعنا, فأعجبت بتلك الفتاة
من عدة نواحي..
فأخبرتني والدتي عن تلك الفتاة وأنها قد أعجبتها وتريد أن تكون
زوجتي, فسألتها عن مواصفاتها فأخبرتني أنها جميلة جداً وذكرت لي العديد من
المواصفات التي ابحث عنها, فقلت لها هل أنت متأكدة من ذلك؟ فقالت نعم..
قالت لي والدتي ذلك لأنها تعلم أنها لو لم تخبرني بذلك واعطتني المواصفات
الحقيقيه لتلك الفتاة لما وافقت على الزواج بها..
وافقت على خطبة تلك الفتاة دون أن أراها وأنما حسب ما ذكرت لي والدتي, فذهب
والدي لخطبة تلك الفتاة واتفق مع والدها على تحديد موعد العرس..
ولكوننا نعيش في منطقة ريفيه محافظة, فأن العادات والتقاليد في المنطقة لا
تسمح للخاطب من رؤية خطيبته قبل الزواج إلى أن تزف إليه ويرفع لها والدها الطرحة
عند وصولها منزل الزوجية, فبقيت طيلة الفترة ما بين الخطبة والزواج أفكر واحلم في
يوم العرس وزفاف خطيبتي وفتاة أحلامي إليّ, وأقول في نفسي أخيراً حصلت على الفتاة
التي احلم بها طيلة حياتي, فكنت أتخيل خطيبتي بفتاة أحلامي التي رسمت صورتها في
مخيلتي منذ مراهقتي , فاشتقت كثيراً ليوم العرس وطالت الفترة ما بين العرس حتى كان
اليوم يمر عليَّ ببطئ كانه اسبوع..
ولما تم الزواج وزفت إليَّ العروس قام والدها برفع الطرحة عن وجه العروس,
فكانت الصدمة والخيبة كأنها الاعصار تفتك بي حينما شاهدت العروس, فذهبت عني الفرحة
والسرور واستبدلت بالكآبة والحزن والأسى...
نظرت إليَّ العروس ورأت ملامح الحزن على وجهي فعلمت أنها لم تعجبني, فتقلب
ملامح وجهها واسود من شدة الحزن والخجل وشاهدت أمي ذلك أيضاً وعرفت أن العروس لم
تعجبني ولكنها كانت متوقعة حدوث ذلك...
بقيت جوارها بضع دقائق ثم ذهبت إلى المجلس الذي استقبل فيه الضيوف الذين
حضروا مع العروس من الأهل والأقارب أسلم عليهم , ثم غادروا مجلس الضيوف ورجعت إلى
غرفتي أشعر بالحزن والضيق, بينما بقيت العروس عند النساء يستكملن الرقص والغناء
والفرحة ..
جاءت والدتي إلى غرفتي تراجعني وتقول لي أن الجمال ليس جمال الوجه وأنما
جمال المعدن والطباع, ولكوني كنت شديد الغضب والذهول والصدمة فاني لم اتقبل من
والدتي أي كلام , بل أني قد حملتها مسئولية ذلك الزواج وكنت أقول لها أنتِ السبب
في زواجي بهذه الفتاة, ولولاك ما تزوجت بها, فأين المواصفات التي قلت لي بها, ليس
فيها أي صفة مما قلت, أنتِ خدعتيني بها, وبقيت ابكي كالفتاة, وخرجت أمي من الغرفة
حزينة, فأقفلت غرفتي واويت إلى فراشي أبكي على حالي وعلى زواجي...
وكان إبن خالتي أحد الضيوف الحاضرين في حفلة الزواج, وهو إنسان متعلم وعاقل
وذكي ويفهم بأمور الدنيا رغم أنه لا يكبرني سوى ببعض السنوات ..
وكانت تربطني به علاقة صداقة
وقرابة واخوة وطيدة حتى أنني استشيره في الكثير من الأمور وأفضح له الكثير من
اسراري وكنت دائما اسمع منه أي كلام وأصدقه, وكان يتميز عن غيره بالقدرة على
الإقناع بما يريد..
كانت أمي تعلم أنه الوحيد الذي يستطيع أن يؤثر عليَّ ويغير نظرتي إلى
عروسي.. فذهبت والدتي إلى والدته واخبرتها بالأمر وطلبت منها أن تخبر إبنها
بالموضوع ليتحدث معي ويحاول أقناعي بأن ارضى بالنصيب...
وفعلا قمت في صباح اليوم الثاني وانا شديد الحزن والغضب والسهر والأرق,
وكان إبن خالتي بانتظاري بسيارته ليتم استكمال الزفة لكون العرس في عاداتنا يكون
يومان, فركبت معه بالسيارة لوحدنا , وأثناء الزفة نظر إليَّ وقال ماذا فيك؟ ولماذا
انت حزين وكئيب؟ هل العروس لم تعجبك؟
ولكوننا كنا أصدقاء مقربون وتجمعنا إلى جانب ذلك رابطة القرابة الاسرية
وكنت احترمه واحبه كثيراً فقد وجدت أنه الملجأ الوحيد الذي أشكو إليه حالي وحزني..
فقد قلت له دون تردد نعم لم تعجبني العروس, بل أني شعرت بأنني لا احبها
وأنني أكرهها ولا اريد أن أراها أو النظر إليها..
فقال لي لماذا؟
فقلت له أنها ليست جميلة؟
فقال لي يا إبن خالتي أنا أعلم أنك كنت تحلم قبل الزواج بحورية وليست بفتاة
من البشر, وأعلم أنك قد اصطدمت بعروسك لأنها ليست تلك الفتاة التي كنت تحلم بها,
ولكنها الزوجة التي اختارها الله لك وكتبها لك, وليس الجمال جمال الوجه وأنما
الجمال هو جمال الجوهر والطبائع والاخلاق, وبإمكانك أن تجعل هذه الفتاة خادمة لك
بما تحمله من جمال عادي خير لك من أن تتزوج بفتاة جميلة تنكد لك حياتك وتتكبر عليك
وترغب في جعلك خادماً لها, وما ادراك أن هذه الفتاة التي اختارها الله لك أن تكون
افضل امرأة تسعدك في حياتك, وخير لك من أجمل فتيات المنطقة, فيجب عليك أن لا تنظر
إليها بالمنظار الخارجي وأنما أنظر إليها بمنظارها الداخلي, عقلها حكمتها جمال
اخلاقها أدبها...
وعليك أن تتقبل بالامر الواقع وأن ترضى بما كتبه الله لك, وأجلس مع زوجتك وتحدث
معها وأعرف طباعها وتمتع بجمالها الداخلي قبل جمالها الخارجي , ولا تتعقد من الزاج
في أوله ولا تحكم على زواجك بالفشل قبل اتمامه , فقد قال تعالى (فعسى ان تحبوا
شيئا وهو شراً لكم وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خيراً لكم)
فأنا يا إبن خالتي كنت مثلك أحلم بزوجة ذات جمال كبير, بل كنت أحب فتاة كنت
أرى فيها أغلب المواصفات التي كنت أحلم بها, ولكني لم أتزوجها وأنما تزوجت بفتاة
أخرى عادية لم أحبها قبل الزواج , فكانت لي نعم الزوجة الصالحة وأصبحت من أسعد
الأزواج على الإطلاق..
فكانت هذه الكلمات التي كلمني بها إبن خالتي كالدواء الذي شفاني مما كنت
أعاني منه وأعاد لي الأمل والسعادة وأزال عني الحزن والأسى, وجعل زوجتي في نظري
أجمل فتاة على الإطلاق, فعادت إليَّ السعادة والفرحة من جديد وظهر ذلك على ملامح
وجهي..
ولما عدت إلى المنزل دخلت غرفتي وطلبت من والدتي ان تحضر لي طعام الغداء وتخبر
العروس بأن تأتي إلى غرفتي لنتناول الغداء .
ففرحت والدتي بذلك كثيراً واتت إليَّ العروس وهي خجلت حزينه فجلسنا نتحدث
مع بعض وتناولنا طعام الغداء وضحكنا واخبرتها ببعض الأمور التي أريد منها أن تقوم
بها ومنها الادب والاحترام والطاعة لامي وأبي واحترام اسرتي والطاعة الكاملة لي
وغيرها من الأمور الزوجية التي يريدها كل زوج من زوجتها وهي ترد عليَّ بكلمة واحدة
حاضر..
وعادت السعادة إلى العروسين من جديد وبدأنا حياتنا الزوجية بسعادة وحب
ومودة واحترام فكانت لي الزوجة المطيعة التي جعلتني أنسى فتاة احلامي التي كنت
أفكر فيها قبل الزواج..