« يا ذا الجلالِ والإكرامِ »
صحَّ عنه صلى الله عليه وسلم أنهُ قال : « ألظُّوا بيا ذا الجلالِ
والإكرامِ » . أي الزموها ، وأكثرُوا منها ، وداوموا عليها ، ومثلُها
وأعظمْ : يا حيُّ يا قيومْ . وقيل : إنه الاسمُ الأعظمُ لربِّ العالمين
الذين إذا دُعي به أجاب ، وإذا سئل به أعطى . فما للعبدِ إلا أنْ يهتف بها
وينادي ويستغيث ويدمن عليها ، ليرى الفرَجَ والظفرَ والفلاحَ : ﴿ إِذْ
تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ ﴾ .
في حياةِ المسلمِ ثلاثةُ أيامٍ كأنها أعيادٌ :
يومٌ يؤدّي فيه الفرائض جماعةً ، ويسْلمُ من المعاصي: ﴿ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم ﴾ .
ويومٌ يتوبُ فيه من ذنبِهِ ، وينخلعُ من معصيتِهِ ، ويعودُ إلى ربِهِ : ﴿ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ ﴾.
ويومٌ يلقى فيه ربِّه على خاتمةٍ حسنةٍ وعملٍ مبرورٍ : ((مَنْ أحبَّ لقاء الله أحبَّ اللهُ لقاءهُ )) .
وبشّرتُ آمالي بشخصٍ هو الورى
ودارٍ هي الدنيا ويومٍ هو الدهرُ
قرأتُ سِير الصحابة – رضوانُ اللهِ عليهم - ، فوجدتُ في حياتِهمْ خمس مسائل تميزُهم عنْ غيرِهمْ :
الأولى : اليُسْرُ في حياتِهِمْ ، والسهولةُ وعدم التكلُّف ، وأخذ الأمور
ببساطة ، وترك التنطع والتعمُّق والتشديد : ﴿ وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى ﴾ .
الثانيةَ : أن عِلْمهم غزيرٌ مباركٌ متصلٌ بالعملِ ، لا فضولَ فيه ولا
حواشي ، ولا كثرة كلامٍ ، ولا رغوة أو تعقيد : ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ
مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء ﴾ .
الثالثةَ : أنَّ أعمال القلوبِ لديهمْ أعظمُ من أعمالِ الأبدانِ ، فعندهُمُ
الإخلاصُ والإنابُةُ والتوكلُ والمحبةُ والرغبةُ والرهبةُ والخشْيةُ
ونحوُها ، بينما أمورُهم ميسَّرةٌ في نوافلِ الصلاةِ والصيامِ ، حتى إن بعض
التابعين أكثرُ اجتهاداً منهمْ في النوافلِ الظاهرةِ : ﴿ فَعَلِمَ مَا فِي
قُلُوبِهِمْ ﴾ .
الرابعة : تقلُّلهمْ من الدنيا ومتاعِها ، وتخفُّفُهم منها ، والإعراضُ عن
بهارجها وزخارفِها ، مما أكسبهم راحةً وسعادةً وطمأنينةً وسكينةً : ﴿
وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ ﴾ .
الخامسة : تغليبُ الجهادِ على غيرِه من الأعمالِ الصالحةِ ، حتى صار سِمةً
لهمْ ، ومعْلماً وشعاراً . وبالجهادِ قضوْا على همومِهم وغمومِهم
وأحزانِهمْ ، لأنَّ فيه ذكراً وعملاً وبذلاً وحركةً .
فالمجاهدُ في سبيل اللهِ منْ أسعدِ الناسِ حالاً ، وأشرحِهم صدْراً
وأطيبهِم نفساً : ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ
سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ .
في القرآن حقائقُ وسُننٌ لا تزولُ ولا تحولُ ، أذكرُ ما يتعلقُ منها بسعادةِ العبدِ وراحةِ بالِهِ ، منْ هذِهِ السُّننِ الثابتةِ :
أنَّ منِ استنصر باللهِ نَصَرَهُ : ﴿ إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ
وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ﴾ . ومنْ سألهُ أجابهُ : ﴿ ادْعُونِي
أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ . ومن استغفره غَفَرَ له : ﴿ فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ
لَهُ ﴾ . ومنْ تاب إليه قبل منه : ﴿ وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ
عَنْ عِبَادِهِ ﴾ . ومنْ توكَّل عليهِ كفاهُ : ﴿ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى
اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾ .
وأنَّ ثلاثةً يعجِّلُها اللهُ لأهلِها بنكالِها وجزائها : البغيُ : ﴿
إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنفُسِكُم ﴾ ، والنكثُ : ﴿ فَمَن نَّكَثَ
فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ ﴾ ، والمكرُ : ﴿ وَلَا يَحِيقُ
الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ ﴾ . وأنَّ الظالم لنْ يفلت من
قبضةِ اللهِ : ﴿ فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا ﴾ . وأنَّ
ثمرة العملِ الصالحِ عاجلةٌ وآجلةٌ ، لأنَّ الله غفورٌ شكورٌ : ﴿
فَآتَاهُمُ اللّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ ﴾ ، وأن
من أطاعه أحبَّه : ﴿ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ ﴾ . فإذا عَرَفَ
العبدُ ذلك سعد وسُرَّ ، لأنه يتعاملُ مع ربٍّ يرزقُ ويَنْصُرُ : ﴿ إِنَّ
اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ﴾ ، ﴿ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ ﴾
، ويغفرُ : ﴿ وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ ﴾ ، ويتوبُ : ﴿ إِنَّهُ
هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ ، وينتقمُ لأوليائه منْ أعدائِهِ : ﴿
إِنَّا مُنتَقِمُونَ ﴾ ، فسبحانه ما أكملهُ وأجلًّهُ : ﴿ هَلْ تَعْلَمُ
لَهُ سَمِيّاً ﴾ ؟! .
للشيخِ عبدِالرحمنِ بنِ سعديٍّ – رحمهُ اللهُ – رسالةٌ قيِّمةٌ اسمُها (
الوسائلُ المفيدةُ في الحياةِ السعيدةِ ) ، ذكر فيها : « إنَّ منْ أسبابِ
السعادةِ أنْ ينظر العبدُ إلى نعمِ اللهِ عليه ، فسوف يرى أنهُ يفوقُ بها
أمماً من الناسِ لا تُحْصى ، حينها يستشعرُ العبدُ فضل اللهِ عليه » .
أقولُ : حتى في الأمورِ الدينيَّةِ مع تقصيرٍ العبدِ ، يجُد انه أعلى منْ
فئامٍ من الناسِ في المحافظةِ على الصلاةِ جماعةً ، وقراءةِ القرآن والذكرِ
ونحْو ذلك ، وهذه نعمةٌ جليلةٌ لا تُقدَّرُ بثمنٍ : ﴿وَأَسْبَغَ
عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ﴾ .
وقدْ ذكر الذهبيُّ عن المحدِّثِ الكبيرِ ابنِ عبدِ الباقي انه : استعرض
الناس بعد خروجِهم من جامعِ ( دارِ السلامِ ) ببغداد ، فما وَجَدَ أحداً
منهمُ يتمنَّى أنه مكانه وفي مسلاخه .
ولهذِهِ الكلمةِ جانبٌ إيجابيٌّ وسلبيٌّ : ﴿ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً ﴾ .
كلُّ هذا الخلْقِ غِرٌّ وأنا
منهمُ فاتركْ تفاصيل الجُمَلْ
****************************************
وقفـــةٌ
عن أسماء بنتِ عُميْسٍ – رضي اللهُ عنها – قالتْ : قال لي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم
(( ألا أُعلِّمكِ كلماتٍ تقولِينهُن عند الكرْبِ . أو في الكرْبِ . ؟ : اللهُ اللهُ ربِّي لا أُشركُ به شيئاً )) .
وفي لفظٍ : (( منْ أصابهُ همٌّ أو غمٌّ أو سقمٌ أو شِدَّةٌ ، فقال : اللهُ ربي ، لا شريك له . كُشِف ذلك عنه )) .
« هناك أمورٌ مظلمةٌ تورِدُ على القلبِ سحائب متراكماتٍ مظلمةً ، فإذا فرَّ
إلى ربِّهِ ، وسلّم أمره إليهِ ، وألقى نفسهُ بين يديهِ مِنْ غيرِ شرِكةِ
أحدٍ من الخلقِ ، كشَفَ عنه ذلك ، فأمَّا منْ قال ذلك بقلبٍ غافلٍ لاهٍ ،
فهيهات » .
قال الشاعرُ :
وما نبالي إذا أرواحٌنا سلِمتْ
بما فقدناهُ مِنْ مالٍ ومِنْ نَشَبِ
فالمالُ مكتسبٌ والعِزُّ مُرْتجعٌ
إذا النفوسُ وقاها اللهُ مِنْ عَطَبِ
الشيخ الدكتور عائض بن عبدالله القرني
صحَّ عنه صلى الله عليه وسلم أنهُ قال : « ألظُّوا بيا ذا الجلالِ
والإكرامِ » . أي الزموها ، وأكثرُوا منها ، وداوموا عليها ، ومثلُها
وأعظمْ : يا حيُّ يا قيومْ . وقيل : إنه الاسمُ الأعظمُ لربِّ العالمين
الذين إذا دُعي به أجاب ، وإذا سئل به أعطى . فما للعبدِ إلا أنْ يهتف بها
وينادي ويستغيث ويدمن عليها ، ليرى الفرَجَ والظفرَ والفلاحَ : ﴿ إِذْ
تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ ﴾ .
في حياةِ المسلمِ ثلاثةُ أيامٍ كأنها أعيادٌ :
يومٌ يؤدّي فيه الفرائض جماعةً ، ويسْلمُ من المعاصي: ﴿ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم ﴾ .
ويومٌ يتوبُ فيه من ذنبِهِ ، وينخلعُ من معصيتِهِ ، ويعودُ إلى ربِهِ : ﴿ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ ﴾.
ويومٌ يلقى فيه ربِّه على خاتمةٍ حسنةٍ وعملٍ مبرورٍ : ((مَنْ أحبَّ لقاء الله أحبَّ اللهُ لقاءهُ )) .
وبشّرتُ آمالي بشخصٍ هو الورى
ودارٍ هي الدنيا ويومٍ هو الدهرُ
قرأتُ سِير الصحابة – رضوانُ اللهِ عليهم - ، فوجدتُ في حياتِهمْ خمس مسائل تميزُهم عنْ غيرِهمْ :
الأولى : اليُسْرُ في حياتِهِمْ ، والسهولةُ وعدم التكلُّف ، وأخذ الأمور
ببساطة ، وترك التنطع والتعمُّق والتشديد : ﴿ وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى ﴾ .
الثانيةَ : أن عِلْمهم غزيرٌ مباركٌ متصلٌ بالعملِ ، لا فضولَ فيه ولا
حواشي ، ولا كثرة كلامٍ ، ولا رغوة أو تعقيد : ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ
مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء ﴾ .
الثالثةَ : أنَّ أعمال القلوبِ لديهمْ أعظمُ من أعمالِ الأبدانِ ، فعندهُمُ
الإخلاصُ والإنابُةُ والتوكلُ والمحبةُ والرغبةُ والرهبةُ والخشْيةُ
ونحوُها ، بينما أمورُهم ميسَّرةٌ في نوافلِ الصلاةِ والصيامِ ، حتى إن بعض
التابعين أكثرُ اجتهاداً منهمْ في النوافلِ الظاهرةِ : ﴿ فَعَلِمَ مَا فِي
قُلُوبِهِمْ ﴾ .
الرابعة : تقلُّلهمْ من الدنيا ومتاعِها ، وتخفُّفُهم منها ، والإعراضُ عن
بهارجها وزخارفِها ، مما أكسبهم راحةً وسعادةً وطمأنينةً وسكينةً : ﴿
وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ ﴾ .
الخامسة : تغليبُ الجهادِ على غيرِه من الأعمالِ الصالحةِ ، حتى صار سِمةً
لهمْ ، ومعْلماً وشعاراً . وبالجهادِ قضوْا على همومِهم وغمومِهم
وأحزانِهمْ ، لأنَّ فيه ذكراً وعملاً وبذلاً وحركةً .
فالمجاهدُ في سبيل اللهِ منْ أسعدِ الناسِ حالاً ، وأشرحِهم صدْراً
وأطيبهِم نفساً : ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ
سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ .
في القرآن حقائقُ وسُننٌ لا تزولُ ولا تحولُ ، أذكرُ ما يتعلقُ منها بسعادةِ العبدِ وراحةِ بالِهِ ، منْ هذِهِ السُّننِ الثابتةِ :
أنَّ منِ استنصر باللهِ نَصَرَهُ : ﴿ إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ
وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ﴾ . ومنْ سألهُ أجابهُ : ﴿ ادْعُونِي
أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ . ومن استغفره غَفَرَ له : ﴿ فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ
لَهُ ﴾ . ومنْ تاب إليه قبل منه : ﴿ وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ
عَنْ عِبَادِهِ ﴾ . ومنْ توكَّل عليهِ كفاهُ : ﴿ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى
اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾ .
وأنَّ ثلاثةً يعجِّلُها اللهُ لأهلِها بنكالِها وجزائها : البغيُ : ﴿
إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنفُسِكُم ﴾ ، والنكثُ : ﴿ فَمَن نَّكَثَ
فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ ﴾ ، والمكرُ : ﴿ وَلَا يَحِيقُ
الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ ﴾ . وأنَّ الظالم لنْ يفلت من
قبضةِ اللهِ : ﴿ فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا ﴾ . وأنَّ
ثمرة العملِ الصالحِ عاجلةٌ وآجلةٌ ، لأنَّ الله غفورٌ شكورٌ : ﴿
فَآتَاهُمُ اللّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ ﴾ ، وأن
من أطاعه أحبَّه : ﴿ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ ﴾ . فإذا عَرَفَ
العبدُ ذلك سعد وسُرَّ ، لأنه يتعاملُ مع ربٍّ يرزقُ ويَنْصُرُ : ﴿ إِنَّ
اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ﴾ ، ﴿ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ ﴾
، ويغفرُ : ﴿ وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ ﴾ ، ويتوبُ : ﴿ إِنَّهُ
هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ ، وينتقمُ لأوليائه منْ أعدائِهِ : ﴿
إِنَّا مُنتَقِمُونَ ﴾ ، فسبحانه ما أكملهُ وأجلًّهُ : ﴿ هَلْ تَعْلَمُ
لَهُ سَمِيّاً ﴾ ؟! .
للشيخِ عبدِالرحمنِ بنِ سعديٍّ – رحمهُ اللهُ – رسالةٌ قيِّمةٌ اسمُها (
الوسائلُ المفيدةُ في الحياةِ السعيدةِ ) ، ذكر فيها : « إنَّ منْ أسبابِ
السعادةِ أنْ ينظر العبدُ إلى نعمِ اللهِ عليه ، فسوف يرى أنهُ يفوقُ بها
أمماً من الناسِ لا تُحْصى ، حينها يستشعرُ العبدُ فضل اللهِ عليه » .
أقولُ : حتى في الأمورِ الدينيَّةِ مع تقصيرٍ العبدِ ، يجُد انه أعلى منْ
فئامٍ من الناسِ في المحافظةِ على الصلاةِ جماعةً ، وقراءةِ القرآن والذكرِ
ونحْو ذلك ، وهذه نعمةٌ جليلةٌ لا تُقدَّرُ بثمنٍ : ﴿وَأَسْبَغَ
عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ﴾ .
وقدْ ذكر الذهبيُّ عن المحدِّثِ الكبيرِ ابنِ عبدِ الباقي انه : استعرض
الناس بعد خروجِهم من جامعِ ( دارِ السلامِ ) ببغداد ، فما وَجَدَ أحداً
منهمُ يتمنَّى أنه مكانه وفي مسلاخه .
ولهذِهِ الكلمةِ جانبٌ إيجابيٌّ وسلبيٌّ : ﴿ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً ﴾ .
كلُّ هذا الخلْقِ غِرٌّ وأنا
منهمُ فاتركْ تفاصيل الجُمَلْ
****************************************
وقفـــةٌ
عن أسماء بنتِ عُميْسٍ – رضي اللهُ عنها – قالتْ : قال لي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم
(( ألا أُعلِّمكِ كلماتٍ تقولِينهُن عند الكرْبِ . أو في الكرْبِ . ؟ : اللهُ اللهُ ربِّي لا أُشركُ به شيئاً )) .
وفي لفظٍ : (( منْ أصابهُ همٌّ أو غمٌّ أو سقمٌ أو شِدَّةٌ ، فقال : اللهُ ربي ، لا شريك له . كُشِف ذلك عنه )) .
« هناك أمورٌ مظلمةٌ تورِدُ على القلبِ سحائب متراكماتٍ مظلمةً ، فإذا فرَّ
إلى ربِّهِ ، وسلّم أمره إليهِ ، وألقى نفسهُ بين يديهِ مِنْ غيرِ شرِكةِ
أحدٍ من الخلقِ ، كشَفَ عنه ذلك ، فأمَّا منْ قال ذلك بقلبٍ غافلٍ لاهٍ ،
فهيهات » .
قال الشاعرُ :
وما نبالي إذا أرواحٌنا سلِمتْ
بما فقدناهُ مِنْ مالٍ ومِنْ نَشَبِ
فالمالُ مكتسبٌ والعِزُّ مُرْتجعٌ
إذا النفوسُ وقاها اللهُ مِنْ عَطَبِ
الشيخ الدكتور عائض بن عبدالله القرني