نزلات البرد والمضادات الحيوية
بقلم : رويدة أدريس
اختصاصية تغذية - جدة
بحكم
تعرض الأطفال المستمر لنزلات البرد والتهاب الحلق يدعى بعض الآباء
والأمهات بأنه باتت لديهم من الخبرة والمعرفة بأعراض هذه النزلات وعلاجها
ما يغنيهم عن الذهاب إلى الطبيب، ويذهبون من تلقاء أنفسهم إلى أقرب صيدلية
لشراء الأدوية وعلى رأسها المضاد الحيوى. وعلى الرغم من فاعلية المضادات فى
علاج كثير من أمراضهم فإنها سلاح ذو حدين، فاستخدامها بهذه الطريقة
العشوائية يمثل خطرا بالغا على صحتهم وينعكس سلبا على المدى البعيد، لأن
لكل فصل ومرض فيروساته المسببة له، ولابد أن نعرف أن الإصابة بالتهاب الحلق
إما أن يكون سببها فيروسا أو بكتيريا، ومعرفة الفرق بينهما مهم حتى لا
نخطئ فنعطى الطفل عند الإصابة بالفيروس مضادا حيويا لا يستجيب له، بينما
البكتيريا تستجيب له. وأكثر ما يصيب الأطفال من أمراض يكون فيروسيا،
والسبب أن المناعة لديهم لم تتكون بعد، وكلما كبر الطفل قلت فرص إصابته
بالفيروسات باكتساب المناعة ضدها، كما أن اعراض الفيروس تظهر تدريجيا بينما
تظهر أعراض البكتريا بصورة مفاجئة، وفى جميع الأحوال فالطبيب وحده الذى
يستطيع التفريق بين احتقان الحلق البكتيرى من الفيروسى، ووحده أيضا الذى
يستطيع التفريق بينهما لأن أعراضهما متشابهة، ووحده أيضا الذى يستطيع تحديد
العلاج الدقيق. فعلى سبيل المثال تستغرق الإصابة بالفيروس من ثلاثة إلى
خمسة أيام، ولكن إذا بقيت حرارة الطفل مرتفعة أو زادت على معدلها بعد ذلك
أو زادت سرعة التنفس، فاحتمالات إصابة الطفل ببكتيريا تكون عندئذ عالية،
ومن ثم تحتاج إلى مضاد حيوى يعتمد على مكان العدوى وهذا ما يقرره الطبيب
وحده، ومن الخطورة إعطاء الطفل مضادا حيويا دون الرجوع للطبيب لأن ذلك يعرض
المريض لأعراض جانبية خطيرة، وربما يغطى فى نفس الوقت على مرض أخطر لدى
الطفل كالحمى الشوكية إذ إن المضاد الحيوى يغير من صورة هذا المرض، والجدير
بالذكر أن كثرة استخدام المضادات الحيوية للطفل عشوائيا تعود جسمه عليها
ومع مرور الوقت تصبح غير فعالة، إذ تزداد قدرة البكتيريا على مقاومتها.
تاريخ المضادات الحيوية
حين
بدأ البحث العلمي عن دواء فعال ضد الزهري (السفلس) تم منذ ذلك التاريخ
اكتشاف العديد من الأدويه الفعالة ضد معظم الامراض الناجمه عن البكتيريا
والطفيليات وحيدة الخليه وكان اهم هذه الأدويه السلفونامايدات ثم المضادات
الحيويه وهي مواد عضويه تنتجها الكائنات الدقيقه كالبكتيريا والفطريات
اثناء نموها وهي قادره بتركيز منخفض ان تبيد او تهبط نمو الكائنات الدقيقه
غير الكائنات التي انتجتها وكان البنسلين هو اول اكتشاف في عالم المضادات
الحيويه وكان عام 1929 م وقد توسع التعبير ليشمل المواد المشتقه التي تنتج
بالتخليق جزئيا اوكليا وهناك بعض المضادات الحيويه الفعاله ضد انواع
الاورام الخبيثه كا لبكتريا والفيروسات والحيونات الاوليه.
وتعددت
الآراء حول استخدامات المضادات الحيوية هناك من يؤكد عدم تناولها إلا عند
الضرورة وآخرون يتناولونها بشكل عشوائي. ومع هذا وذاك يجب استشارة الطبيب
قبل تناولها لأن الاستخدام الأمثل باتباع الإرشادات الطبية السليمة يؤدي
إلى نتائج إيجابية وفعالة. أما إذا أسيء استعمالها فإنها تؤدي إلى أضرار بالغة لا يحمد عقباها.
عن
هذا الموضوع أجاب الصيدلاني مساعد العطية أمين الجمعية الصيدلية الكويتية
للوقوف على خلفية هذه الأمور التي تهم الإنسان شكلا وموضوعا.
- هل تلعب المضادات الحيوية دورا مهما في علاج العديد من الأمراض؟
نعم
تلعب المضادات الحيوية دورا مهما في علاج العديد من الأمراض، وهي سلاح ذو
حدين، فإن استخدمت الاستخدام الأمثل باتباع إرشادات الطبيب وتوجيهات
الصيدلي كان لها أثر إيجابي وفعال، وإن استخدمت بطريقة عشوائية وأسيء
استعمالها فإنها تؤدي إلى أضرار بالغة قد تودي بحياة المريض. وهناك اعتقاد
شائع بأن المضادات الحيوية يمكنها شفاء أي التهاب، لذا تجد كثيرا من
المرضى يلحون على الطبيب أو الصيدلي في صرف مضاد حيوي لعلاج علتهم ومن ثم
يوصف المضاد الحيوي إرضاء لهم بدلا من نصحهم وتوعيتهم بالأخطار التي قد
تنجم عن تعاطيه، أو عدم جدواه كأن تكون معاناتهم من التهاب فيروسي، لا تؤثر
فيه المضادات كالرشح والأنفلونزا.
- كيف يمكن معرفة نوع البكتيريا المسببة للمرض؟
الطبيب
المختص هو الذي يملك القدرة على معرفة نوع البكتيريا المسببة للمرض وذلك
عن طريق أعراض المرض الظاهرة على المريض (الطريق السريرية) أو من خلال أخذ
عينة من الجزء المصاب من الدم أو من البول وزراعتها لمعرفة نوع البكتيريا
المسببة لهذا المرض (الطرق المخبرية) وبناء على تشخيص المرض يتم صرف الدواء
المناسب. وفي بعض أنواع البكتيريا التي اكتسبت مناعة ضد مضاد حيوي معين
لكثرة استعماله يجري فحص المناعة ومدى فعالية المضاد الحيوي ضد هذه
البكتيريا، ولهذا الغرض تزرع البكتيريا المأخوذة من المريض في مزرعة خاصة
بها أقراص مختلفة الألوان وكل منها مشرب بنوع معين من المضادات وبعد ترك
المزرعة لمدة معينة نلاحظ وجود هالة شفافة خالية من البكتيريا حول كل قرص،
والمضاد الحيوي الأكثر تأثيرا على البكتيريا هو الذي تتكون حوله الهالة
الشفافة الأكثر اتساعا.
- ماذا عن أنواع المضادات الحيوية؟
يوجد
في العصر الحالي أكثر من مائتي نوع من المضادات الحيوية، ولكل نوع منها
أسماء متعددة تختلف باختلاف الشركة المصنعة للدواء ويتم تصنيعها على شكل
أقراص أو كبسولات أو حقن وبعضها على هيئة مساحيق أو مراهم جلدية أو كريمات
أو نقط للعين أو للأذن إلى غير ذلك من الأشكال. وتختلف أنواع المضادات
الحيوية باختلاف مدى تأثيرها على البكتيريا، فمن الأدوية ما يكون فعالا
بشكل رئيسي على البكتيريا إيجابية الجرام، ومنها ما يكون فعلا ضد البكتيريا
السالبة الجرام، والبعض الآخر فعال ضد النوعين، ومنها ما يقتل البكتيريا
ومنها ما يمنع نموها.
- كيف يختار الطبيب المضاد الحيوي المناسب للمريض؟
يختار
الطبيب المضاد الحيوي المناسب للمريض والجرعة الدوائية اللازمة والشكل
الدوائي الملائم بناء على عدة عوامل، منها: التشخيص السريري والمخبري, وذلك
لمعرفة نوع البكتيريا الغازية ومعرفة المضاد الحيوي المناسب.
صفات المضاد الحيوي، يجب معرفة صفات المضاد المختار من حيث:
*
تركيزه في الجسم لأن المضاد قد يكون فعالا ضد بكتيريا معينة ولكن تركيزه
في الجسم لا يصل إلى الحد المطلوب، وبالتالي لا نحصل على النتيجة المرجوة.
* طريقة طرحه من الجسم: فمثلا إذا كان الجسم يتخلص من الدواء سريعا فهذا يستدعي إعطاءه على فترات متقاربة.
*
سمية الدواء وآثاره الجانبية: فينبغي الموازنة بين أضرار الدواء ومنفعته
للمريض، فإذا ترجحت المنفعة على الضرر فلا بأس من صرفه للمريض.
* كلفة الدواء: بعض المضادات الحيوية ذات تكلفة عالية ولها بدائل أرخص ومساوية لها في التأثير وأحيانا قد تفوقها علاجيا.
عوامل تتعلق بالمريض ومنها:
1- العمر والجنس والوزن: حالة أعضاء الجسم خاصة الكلية والكبد، وحالة الجهاز المناعي للمريض وخطر تفاعلات الحساسية الناجمة عن استعمال بعض المضادات الحيوية.
2- شدة العدوى: إذا
كانت المريضة حاملا أو مرضعا. إذا كان المريض يعاني من أمراض أخرى أو
يتناول أدوية أخرى. عادة ما يفضل صرف مضاد حيوي واحد للقضاء على
البكتيريا، وذلك لعدة أسباب منها:
- منع مقاومة البكتيريا لأنواع كثيرة من المضادات.
- تقليل الآثار الجانبية التي قد تنجم عن استخدام أكثر من نوع من المضادات
3- تقليل التكلفة: وفي حالات معينة يستلزم إعطاء المريض أكثر من مضاد وذلك لأسباب منها:
- زيادة فعالية الدواء في القضاء على البكتيريا.
- تقليل الآثار الجانبية لبعض أنواع المضادات.
- تقليل جرعة الدواء.
- حالات الالتهابات الشديدة التي تهدد حياة المريض.
هل معظم الأدوية لها آثار جانبية؟
نعم
معظم الأدوية التي يتعاطاها المريض تسبب آثارا جانبية غير مرغوبة، بعضها
يكون أعراضا خفيفة لا تشكل خطرا على المريض وبعضها قد يهدد حياته.
والمضادات الحيوية شأنها شأن باقي الأدوية قد ينجم عن استعمالها آثار
جانبية قد تكون خفيفة وقد تكون شديدة وذلك لأسباب متعددة، منها ما يحدث
بسبب طبيعة جسم الإنسان، أو بسبب خصائص الدواء، أو بسبب زيادة الجرعة
الدوائية الموصوفة، أو أحيانا عند استخدام دواء آخر أو مع تناول أغذية
معينة أو بسبب عدم التشخيص السليم أو غيرها من الأسباب.
- من أكثر الآثار الجانبية للمضادات الحيوية شيوعا:
ظهور
حساسية لأجسام بعض المرضى عند تناول نوعية من المضادات وخصوصا مجموعة
البنسلين، وتختلف درجة الخطورة من شخص إلى آخر، فمنها ما هو قليل الخطورة
مثل الإسهال الخفيف والقيء والحرقان الخفيف في المعدة أو طفح جلدي وهرش،
ومنها ما هو أخطر من ذلك مثل الإسهال الشديد أو صعوبة التنفس، وفي هذه
الحالة يجب على المريض التوقف فورا عن أخذ الدواء والاتصال بالطبيب
المعالج. قد تتسبب بعض أنواع المضادات الحيوية خصوصا واسعة المدى في قتل
البكتيريا النافعة الموجودة في الأمعاء بسبب عدم اتباع الإرشادات الطبية
واستخدام الدواء لفترة طويلة مما يسهل إصابة الأمعاء بهجمات بكتيرية ضارة
تؤدي إلى عدوى جديدة يصعب علاجها. بعض المضادات الحيوية تستطيع عبور الحاجز
المشيمي وتصل إلى الجنين محدثة آثارا جانبية بالغة على الجنين، وخصوصا في
الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل، وكذلك بعض المضادات قد تؤثر على الرضيع من
خلال لبن الأم.
- هل هناك أدوية معينة تؤثر على المضادات الحيوية وتتأثر بها؟
نعم هناك بعض الأدوية التي تؤثر على المضادات الحيوية وتتأثر بها إذا أخذت
معها في الوقت نفسه، ومن الأمثلة على ذلك ما يلي: معظم المضادات الحيوية
تؤثر على فعالية حبوب منع الحمل إذا أخذت في الوقت نفسه مما يؤدي إلى
احتمالية الحمل، لذا على المرأة استخدام وسيلة أخرى لمنع الحمل بعد استشارة
الطبيب. تتعارض أغلب المضادات الحيوية بعضها مع بعض في الوقت نفسه. لذلك
عند تناول المريض المضاد الحيوي مع أدوية أخرى يجب إخبار الطبيب أو الصيدلي
بذلك، لأن تناول المريض أكثر من دواء في الوقت نفسه قد يزيد فعالية أو
تأثير أحد الأدوية على دواء آخر مؤديا إلى آثار جانبية خطيرة، كما قد يتسبب
في إبطال أو تقليل فعالية الدواء الآخر وقد يؤدي استعمال أكثر من دواء إلى
إنتاج مركب آخر له تأثيرات عكسية للدواء الأصلي.
- هل سوء استعمال المضادات الحيوية يؤدي إلى أن تكتسب البكتيريا مناعة ضدها؟
قد
تكتسب البكتيريا مناعة ضد المضادات الحيوية نتيجة لسوء الاستعمال، وذلك
عند الاستهلاك المفرط للمضادات الحيوية أو حينما تعطي بجرعات غير مناسبة،
أو تعطى بالقدر المطلوب على فترات غير منتظمة بين الجرعات، أو تعطى لمدة
قصيرة غير كافية للعلاج. ومن الأسباب كذلك الاستعمال غير الملائم للمضادات
في حالات لا تحتاج إلى معالجة بل تشفى ذاتيا، ومناعة البكتيريا ضد
المضادات الحيوية قد تكون طبيعية، حيث تخلق البكتيريا ولديها القدرة على
مقاومة بعض أنواع المضادات الحيوية أو كلها، وقد تكتسب البكتيريا هذه
المناعة بطرق مختلفة.
- ألا يوجد أدوية تستطيع أن تتخطى كل هذه المشاكل؟
بسبب مقاومة البكتيريا لمفعول المضادات الحيوية يعكف العلماء على تطوير
أدوية جديدة قادرة على تخطي تلك المشاكل، ومن تلك البحوث ما توصل إليه
مجموعة من العلماء من نوع جديد من الأدوية الذكية التي يمكن أن تكون بديلا
للمضادات الحيوية وتساعد على حل مقاومة البكتيريا للأدوية. قام هؤلاء
العلماء بتصميم مادة بيبتيد وهي جزء تفرزه النباتات والحيوانات لمقاومة
العدوى، له خصائص مشابهة للمضادات الحيوية، يقوم البيبتيد بعمل ثقوب في
غشاء خلية البكتيريا مما يؤدي إلى قتلها. ومن خصائص هذا الأسلوب الجديد في
العلاج أن البكتيريا لم تتعرف على ذلك التركيب من قبل مما يصعب عليه مقاومة
المضاد الحيوي.
- ماذا يفعل المريض إذا أحس بآثار جانبية غير طبيعية؟
عند
إحساس المريض بآثار جانبية غير معتادة بعد أخذ المضاد يجب إخبار الطبيب أو
الصيدلي فورا، وعدم إهمالها لأن بعض الآثار قد تكون خطيرة على صحة المريض،
على المريض التأكد من تاريخ الصلاحية للمضاد الحيوي فتناول المضاد بعد
انتهاء تاريخ الصلاحية له خطورة بالغة على صحة المريض، على سبيل المثال
أدوية التتراسيكلين تتحول بعد انتهاء مدة الصلاحية إلى مادة سامة تسبب
إصابات خطيرة في الكلية، من الضروري للحامل أو المرضع عند صرف المضاد
الحيوي إخبار الطبيب أو الصيدلاني عن ذلك حتى لا تعرض جنينها أو طفلها إلى
الأذى، عند صرف المضاد على شكل كبسولات فيجب بلعها كاملة وعدم فتح
محتوياتها أو مضغها لأن هذا يؤثر على امتصاص الدواء وعلى فعاليته. أغلب
المضادات الحيوية الموصوفة للأطفال تكون على هيئة شراب أو مسحوق يضاف إليه
الماء ليصبح جاهزا للشرب، مثل هذه الأدوية يجب حفظها في الثلاجة مع ملاحظة
أن مدة صلاحيتها لا تتعدى الأسبوعين.
تنبيهات مهمة
على
المريض ألا يصر على الطبيب المعالج أو الصيدلي لصرف المضاد الحيوي لأن
المضادات لا تستخدم إلا في حالة الالتهابات البكتيرية فقط، وكثرة استخدامها
لها أضرار بالغة على صحة المريض. على المريض أن يصغي جيدا للتوجيهات أو
التنبيهات التي يقدمها الطبيب أو الصيدلي عند صرف المضاد الحيوي، ويتأكد من
كيفية أخذ الدواء وعدد المرات والمدة وهل يؤخذ قبل الأكل أو بعده . وغيرها
من التعليمات. لابد للمريض من إكمال المدة المحددة للعلاج، ولا ينبغي
إيقاف تناول العلاج عند تحسن الحالة الصحية، لأن ذلك يؤدي إلى ظهور
البكتيريا مرة أخرى وقد تكتسب مناعة من المضاد بحيث لا تتأثر به مستقبلا
مما يؤدي إلى صعوبة العلاج. من الأفضل للمريض الذي يعالج المضاد الحيوي ألا
يعرض جلده لأشعة الشمس. عند وجود حساسية سابقة من أحد المضادات الحيوية
يجب على المريض إخبار الطبيب أو الصيدلي بذلك، ويجب عمل فحص للحساسية
للمضاد قبل تعاطيه، يجب عدم إعطاء المضاد الحيوي لأي شخص آخر غير المريض،
وذلك لأن هذا الدواء فعال ضد بكتيريا معينة وفي حالة خاصة، وقد لا يكون
مناسبا لحالة مريض آخر.
المصدر
موقع الطبي
بقلم : رويدة أدريس
اختصاصية تغذية - جدة
بحكم
تعرض الأطفال المستمر لنزلات البرد والتهاب الحلق يدعى بعض الآباء
والأمهات بأنه باتت لديهم من الخبرة والمعرفة بأعراض هذه النزلات وعلاجها
ما يغنيهم عن الذهاب إلى الطبيب، ويذهبون من تلقاء أنفسهم إلى أقرب صيدلية
لشراء الأدوية وعلى رأسها المضاد الحيوى. وعلى الرغم من فاعلية المضادات فى
علاج كثير من أمراضهم فإنها سلاح ذو حدين، فاستخدامها بهذه الطريقة
العشوائية يمثل خطرا بالغا على صحتهم وينعكس سلبا على المدى البعيد، لأن
لكل فصل ومرض فيروساته المسببة له، ولابد أن نعرف أن الإصابة بالتهاب الحلق
إما أن يكون سببها فيروسا أو بكتيريا، ومعرفة الفرق بينهما مهم حتى لا
نخطئ فنعطى الطفل عند الإصابة بالفيروس مضادا حيويا لا يستجيب له، بينما
البكتيريا تستجيب له. وأكثر ما يصيب الأطفال من أمراض يكون فيروسيا،
والسبب أن المناعة لديهم لم تتكون بعد، وكلما كبر الطفل قلت فرص إصابته
بالفيروسات باكتساب المناعة ضدها، كما أن اعراض الفيروس تظهر تدريجيا بينما
تظهر أعراض البكتريا بصورة مفاجئة، وفى جميع الأحوال فالطبيب وحده الذى
يستطيع التفريق بين احتقان الحلق البكتيرى من الفيروسى، ووحده أيضا الذى
يستطيع التفريق بينهما لأن أعراضهما متشابهة، ووحده أيضا الذى يستطيع تحديد
العلاج الدقيق. فعلى سبيل المثال تستغرق الإصابة بالفيروس من ثلاثة إلى
خمسة أيام، ولكن إذا بقيت حرارة الطفل مرتفعة أو زادت على معدلها بعد ذلك
أو زادت سرعة التنفس، فاحتمالات إصابة الطفل ببكتيريا تكون عندئذ عالية،
ومن ثم تحتاج إلى مضاد حيوى يعتمد على مكان العدوى وهذا ما يقرره الطبيب
وحده، ومن الخطورة إعطاء الطفل مضادا حيويا دون الرجوع للطبيب لأن ذلك يعرض
المريض لأعراض جانبية خطيرة، وربما يغطى فى نفس الوقت على مرض أخطر لدى
الطفل كالحمى الشوكية إذ إن المضاد الحيوى يغير من صورة هذا المرض، والجدير
بالذكر أن كثرة استخدام المضادات الحيوية للطفل عشوائيا تعود جسمه عليها
ومع مرور الوقت تصبح غير فعالة، إذ تزداد قدرة البكتيريا على مقاومتها.
تاريخ المضادات الحيوية
حين
بدأ البحث العلمي عن دواء فعال ضد الزهري (السفلس) تم منذ ذلك التاريخ
اكتشاف العديد من الأدويه الفعالة ضد معظم الامراض الناجمه عن البكتيريا
والطفيليات وحيدة الخليه وكان اهم هذه الأدويه السلفونامايدات ثم المضادات
الحيويه وهي مواد عضويه تنتجها الكائنات الدقيقه كالبكتيريا والفطريات
اثناء نموها وهي قادره بتركيز منخفض ان تبيد او تهبط نمو الكائنات الدقيقه
غير الكائنات التي انتجتها وكان البنسلين هو اول اكتشاف في عالم المضادات
الحيويه وكان عام 1929 م وقد توسع التعبير ليشمل المواد المشتقه التي تنتج
بالتخليق جزئيا اوكليا وهناك بعض المضادات الحيويه الفعاله ضد انواع
الاورام الخبيثه كا لبكتريا والفيروسات والحيونات الاوليه.
وتعددت
الآراء حول استخدامات المضادات الحيوية هناك من يؤكد عدم تناولها إلا عند
الضرورة وآخرون يتناولونها بشكل عشوائي. ومع هذا وذاك يجب استشارة الطبيب
قبل تناولها لأن الاستخدام الأمثل باتباع الإرشادات الطبية السليمة يؤدي
إلى نتائج إيجابية وفعالة. أما إذا أسيء استعمالها فإنها تؤدي إلى أضرار بالغة لا يحمد عقباها.
عن
هذا الموضوع أجاب الصيدلاني مساعد العطية أمين الجمعية الصيدلية الكويتية
للوقوف على خلفية هذه الأمور التي تهم الإنسان شكلا وموضوعا.
- هل تلعب المضادات الحيوية دورا مهما في علاج العديد من الأمراض؟
نعم
تلعب المضادات الحيوية دورا مهما في علاج العديد من الأمراض، وهي سلاح ذو
حدين، فإن استخدمت الاستخدام الأمثل باتباع إرشادات الطبيب وتوجيهات
الصيدلي كان لها أثر إيجابي وفعال، وإن استخدمت بطريقة عشوائية وأسيء
استعمالها فإنها تؤدي إلى أضرار بالغة قد تودي بحياة المريض. وهناك اعتقاد
شائع بأن المضادات الحيوية يمكنها شفاء أي التهاب، لذا تجد كثيرا من
المرضى يلحون على الطبيب أو الصيدلي في صرف مضاد حيوي لعلاج علتهم ومن ثم
يوصف المضاد الحيوي إرضاء لهم بدلا من نصحهم وتوعيتهم بالأخطار التي قد
تنجم عن تعاطيه، أو عدم جدواه كأن تكون معاناتهم من التهاب فيروسي، لا تؤثر
فيه المضادات كالرشح والأنفلونزا.
- كيف يمكن معرفة نوع البكتيريا المسببة للمرض؟
الطبيب
المختص هو الذي يملك القدرة على معرفة نوع البكتيريا المسببة للمرض وذلك
عن طريق أعراض المرض الظاهرة على المريض (الطريق السريرية) أو من خلال أخذ
عينة من الجزء المصاب من الدم أو من البول وزراعتها لمعرفة نوع البكتيريا
المسببة لهذا المرض (الطرق المخبرية) وبناء على تشخيص المرض يتم صرف الدواء
المناسب. وفي بعض أنواع البكتيريا التي اكتسبت مناعة ضد مضاد حيوي معين
لكثرة استعماله يجري فحص المناعة ومدى فعالية المضاد الحيوي ضد هذه
البكتيريا، ولهذا الغرض تزرع البكتيريا المأخوذة من المريض في مزرعة خاصة
بها أقراص مختلفة الألوان وكل منها مشرب بنوع معين من المضادات وبعد ترك
المزرعة لمدة معينة نلاحظ وجود هالة شفافة خالية من البكتيريا حول كل قرص،
والمضاد الحيوي الأكثر تأثيرا على البكتيريا هو الذي تتكون حوله الهالة
الشفافة الأكثر اتساعا.
- ماذا عن أنواع المضادات الحيوية؟
يوجد
في العصر الحالي أكثر من مائتي نوع من المضادات الحيوية، ولكل نوع منها
أسماء متعددة تختلف باختلاف الشركة المصنعة للدواء ويتم تصنيعها على شكل
أقراص أو كبسولات أو حقن وبعضها على هيئة مساحيق أو مراهم جلدية أو كريمات
أو نقط للعين أو للأذن إلى غير ذلك من الأشكال. وتختلف أنواع المضادات
الحيوية باختلاف مدى تأثيرها على البكتيريا، فمن الأدوية ما يكون فعالا
بشكل رئيسي على البكتيريا إيجابية الجرام، ومنها ما يكون فعلا ضد البكتيريا
السالبة الجرام، والبعض الآخر فعال ضد النوعين، ومنها ما يقتل البكتيريا
ومنها ما يمنع نموها.
- كيف يختار الطبيب المضاد الحيوي المناسب للمريض؟
يختار
الطبيب المضاد الحيوي المناسب للمريض والجرعة الدوائية اللازمة والشكل
الدوائي الملائم بناء على عدة عوامل، منها: التشخيص السريري والمخبري, وذلك
لمعرفة نوع البكتيريا الغازية ومعرفة المضاد الحيوي المناسب.
صفات المضاد الحيوي، يجب معرفة صفات المضاد المختار من حيث:
*
تركيزه في الجسم لأن المضاد قد يكون فعالا ضد بكتيريا معينة ولكن تركيزه
في الجسم لا يصل إلى الحد المطلوب، وبالتالي لا نحصل على النتيجة المرجوة.
* طريقة طرحه من الجسم: فمثلا إذا كان الجسم يتخلص من الدواء سريعا فهذا يستدعي إعطاءه على فترات متقاربة.
*
سمية الدواء وآثاره الجانبية: فينبغي الموازنة بين أضرار الدواء ومنفعته
للمريض، فإذا ترجحت المنفعة على الضرر فلا بأس من صرفه للمريض.
* كلفة الدواء: بعض المضادات الحيوية ذات تكلفة عالية ولها بدائل أرخص ومساوية لها في التأثير وأحيانا قد تفوقها علاجيا.
عوامل تتعلق بالمريض ومنها:
1- العمر والجنس والوزن: حالة أعضاء الجسم خاصة الكلية والكبد، وحالة الجهاز المناعي للمريض وخطر تفاعلات الحساسية الناجمة عن استعمال بعض المضادات الحيوية.
2- شدة العدوى: إذا
كانت المريضة حاملا أو مرضعا. إذا كان المريض يعاني من أمراض أخرى أو
يتناول أدوية أخرى. عادة ما يفضل صرف مضاد حيوي واحد للقضاء على
البكتيريا، وذلك لعدة أسباب منها:
- منع مقاومة البكتيريا لأنواع كثيرة من المضادات.
- تقليل الآثار الجانبية التي قد تنجم عن استخدام أكثر من نوع من المضادات
3- تقليل التكلفة: وفي حالات معينة يستلزم إعطاء المريض أكثر من مضاد وذلك لأسباب منها:
- زيادة فعالية الدواء في القضاء على البكتيريا.
- تقليل الآثار الجانبية لبعض أنواع المضادات.
- تقليل جرعة الدواء.
- حالات الالتهابات الشديدة التي تهدد حياة المريض.
هل معظم الأدوية لها آثار جانبية؟
نعم
معظم الأدوية التي يتعاطاها المريض تسبب آثارا جانبية غير مرغوبة، بعضها
يكون أعراضا خفيفة لا تشكل خطرا على المريض وبعضها قد يهدد حياته.
والمضادات الحيوية شأنها شأن باقي الأدوية قد ينجم عن استعمالها آثار
جانبية قد تكون خفيفة وقد تكون شديدة وذلك لأسباب متعددة، منها ما يحدث
بسبب طبيعة جسم الإنسان، أو بسبب خصائص الدواء، أو بسبب زيادة الجرعة
الدوائية الموصوفة، أو أحيانا عند استخدام دواء آخر أو مع تناول أغذية
معينة أو بسبب عدم التشخيص السليم أو غيرها من الأسباب.
- من أكثر الآثار الجانبية للمضادات الحيوية شيوعا:
ظهور
حساسية لأجسام بعض المرضى عند تناول نوعية من المضادات وخصوصا مجموعة
البنسلين، وتختلف درجة الخطورة من شخص إلى آخر، فمنها ما هو قليل الخطورة
مثل الإسهال الخفيف والقيء والحرقان الخفيف في المعدة أو طفح جلدي وهرش،
ومنها ما هو أخطر من ذلك مثل الإسهال الشديد أو صعوبة التنفس، وفي هذه
الحالة يجب على المريض التوقف فورا عن أخذ الدواء والاتصال بالطبيب
المعالج. قد تتسبب بعض أنواع المضادات الحيوية خصوصا واسعة المدى في قتل
البكتيريا النافعة الموجودة في الأمعاء بسبب عدم اتباع الإرشادات الطبية
واستخدام الدواء لفترة طويلة مما يسهل إصابة الأمعاء بهجمات بكتيرية ضارة
تؤدي إلى عدوى جديدة يصعب علاجها. بعض المضادات الحيوية تستطيع عبور الحاجز
المشيمي وتصل إلى الجنين محدثة آثارا جانبية بالغة على الجنين، وخصوصا في
الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل، وكذلك بعض المضادات قد تؤثر على الرضيع من
خلال لبن الأم.
- هل هناك أدوية معينة تؤثر على المضادات الحيوية وتتأثر بها؟
نعم هناك بعض الأدوية التي تؤثر على المضادات الحيوية وتتأثر بها إذا أخذت
معها في الوقت نفسه، ومن الأمثلة على ذلك ما يلي: معظم المضادات الحيوية
تؤثر على فعالية حبوب منع الحمل إذا أخذت في الوقت نفسه مما يؤدي إلى
احتمالية الحمل، لذا على المرأة استخدام وسيلة أخرى لمنع الحمل بعد استشارة
الطبيب. تتعارض أغلب المضادات الحيوية بعضها مع بعض في الوقت نفسه. لذلك
عند تناول المريض المضاد الحيوي مع أدوية أخرى يجب إخبار الطبيب أو الصيدلي
بذلك، لأن تناول المريض أكثر من دواء في الوقت نفسه قد يزيد فعالية أو
تأثير أحد الأدوية على دواء آخر مؤديا إلى آثار جانبية خطيرة، كما قد يتسبب
في إبطال أو تقليل فعالية الدواء الآخر وقد يؤدي استعمال أكثر من دواء إلى
إنتاج مركب آخر له تأثيرات عكسية للدواء الأصلي.
- هل سوء استعمال المضادات الحيوية يؤدي إلى أن تكتسب البكتيريا مناعة ضدها؟
قد
تكتسب البكتيريا مناعة ضد المضادات الحيوية نتيجة لسوء الاستعمال، وذلك
عند الاستهلاك المفرط للمضادات الحيوية أو حينما تعطي بجرعات غير مناسبة،
أو تعطى بالقدر المطلوب على فترات غير منتظمة بين الجرعات، أو تعطى لمدة
قصيرة غير كافية للعلاج. ومن الأسباب كذلك الاستعمال غير الملائم للمضادات
في حالات لا تحتاج إلى معالجة بل تشفى ذاتيا، ومناعة البكتيريا ضد
المضادات الحيوية قد تكون طبيعية، حيث تخلق البكتيريا ولديها القدرة على
مقاومة بعض أنواع المضادات الحيوية أو كلها، وقد تكتسب البكتيريا هذه
المناعة بطرق مختلفة.
- ألا يوجد أدوية تستطيع أن تتخطى كل هذه المشاكل؟
بسبب مقاومة البكتيريا لمفعول المضادات الحيوية يعكف العلماء على تطوير
أدوية جديدة قادرة على تخطي تلك المشاكل، ومن تلك البحوث ما توصل إليه
مجموعة من العلماء من نوع جديد من الأدوية الذكية التي يمكن أن تكون بديلا
للمضادات الحيوية وتساعد على حل مقاومة البكتيريا للأدوية. قام هؤلاء
العلماء بتصميم مادة بيبتيد وهي جزء تفرزه النباتات والحيوانات لمقاومة
العدوى، له خصائص مشابهة للمضادات الحيوية، يقوم البيبتيد بعمل ثقوب في
غشاء خلية البكتيريا مما يؤدي إلى قتلها. ومن خصائص هذا الأسلوب الجديد في
العلاج أن البكتيريا لم تتعرف على ذلك التركيب من قبل مما يصعب عليه مقاومة
المضاد الحيوي.
- ماذا يفعل المريض إذا أحس بآثار جانبية غير طبيعية؟
عند
إحساس المريض بآثار جانبية غير معتادة بعد أخذ المضاد يجب إخبار الطبيب أو
الصيدلي فورا، وعدم إهمالها لأن بعض الآثار قد تكون خطيرة على صحة المريض،
على المريض التأكد من تاريخ الصلاحية للمضاد الحيوي فتناول المضاد بعد
انتهاء تاريخ الصلاحية له خطورة بالغة على صحة المريض، على سبيل المثال
أدوية التتراسيكلين تتحول بعد انتهاء مدة الصلاحية إلى مادة سامة تسبب
إصابات خطيرة في الكلية، من الضروري للحامل أو المرضع عند صرف المضاد
الحيوي إخبار الطبيب أو الصيدلاني عن ذلك حتى لا تعرض جنينها أو طفلها إلى
الأذى، عند صرف المضاد على شكل كبسولات فيجب بلعها كاملة وعدم فتح
محتوياتها أو مضغها لأن هذا يؤثر على امتصاص الدواء وعلى فعاليته. أغلب
المضادات الحيوية الموصوفة للأطفال تكون على هيئة شراب أو مسحوق يضاف إليه
الماء ليصبح جاهزا للشرب، مثل هذه الأدوية يجب حفظها في الثلاجة مع ملاحظة
أن مدة صلاحيتها لا تتعدى الأسبوعين.
تنبيهات مهمة
على
المريض ألا يصر على الطبيب المعالج أو الصيدلي لصرف المضاد الحيوي لأن
المضادات لا تستخدم إلا في حالة الالتهابات البكتيرية فقط، وكثرة استخدامها
لها أضرار بالغة على صحة المريض. على المريض أن يصغي جيدا للتوجيهات أو
التنبيهات التي يقدمها الطبيب أو الصيدلي عند صرف المضاد الحيوي، ويتأكد من
كيفية أخذ الدواء وعدد المرات والمدة وهل يؤخذ قبل الأكل أو بعده . وغيرها
من التعليمات. لابد للمريض من إكمال المدة المحددة للعلاج، ولا ينبغي
إيقاف تناول العلاج عند تحسن الحالة الصحية، لأن ذلك يؤدي إلى ظهور
البكتيريا مرة أخرى وقد تكتسب مناعة من المضاد بحيث لا تتأثر به مستقبلا
مما يؤدي إلى صعوبة العلاج. من الأفضل للمريض الذي يعالج المضاد الحيوي ألا
يعرض جلده لأشعة الشمس. عند وجود حساسية سابقة من أحد المضادات الحيوية
يجب على المريض إخبار الطبيب أو الصيدلي بذلك، ويجب عمل فحص للحساسية
للمضاد قبل تعاطيه، يجب عدم إعطاء المضاد الحيوي لأي شخص آخر غير المريض،
وذلك لأن هذا الدواء فعال ضد بكتيريا معينة وفي حالة خاصة، وقد لا يكون
مناسبا لحالة مريض آخر.
المصدر
موقع الطبي