بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد،،،
إن دين الإسلام دينُ كمال وشمول ، ودين شرف وعزة ، كفل جميع الحقوق ، واهتم
بقضايا المكلفين ، واعتنى بكل شاردةٍ وواردة للفرد المسلم ، وسعى إلى أن
يكون من ضمن مبادئه حفظ الأعراض ، وسلامة النسل ، واستقرار الأسرة المسلمة ،
وحذر من التخبط والتجاوز بين الناس فيما يتعلق بالفروج ، وشدّد على من
اعتدى على عرض مسلم أو مسلمة بقول أو فعل ، وكان منه ذلك كله لعظم التبعات
حينما يتعدى على الأعراض ، ولجسامة الآثار المترتبة على ذلك الاعتداء ،
ولأن الفرد المسلم وهو يحمي نفسه وغيره من الاعتداء على الأعراض يصنع بذلك
مؤمناً صالحاً في نفسه مصلحاً لغيره ، أسوق هذه المقدمة وأنا وإياكم نعجب
من أولئك الذين يدعون إلى اختلاط الرجال بالنساء، غير آبهين بمصادر التشريع
، ولا ناظرين إلى الأوامر التي أمر بها ولاة الأمر فيما يتعلق بالاختلاط ،
وهم بدعوتهم تلك ينفذون مخططات أعداء هذه البلاد والذين لا هم لهم سوى
تفريق الكلمة ، وإشاعة الفوضى ، وتذويب المعتقد الصافي في قلوب الناس وإليك
فيما يتعلق بالاختلاط هذه الوقفات :-
أولاً : أن يعلم الجميع بأن اختلاط الرجال بالنساء أمرٌ لا يجوز شرعاً
بدلالة الكتاب والسنة فمن الكتاب يقول الله تعالى :" وَقَرْنَ فِي
بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى"
فقد أمر الله جل وعلا المؤمنات بالقرار في البيوت لئلا يختلطن بالرجال ،
قال الجصاص في أحكام القرآن : قوله تعالى :"ولا تبرجن تبرج الجاهلية
الأولى" قال مجاهد كانت المرأة تتمشى بين أيدي القوم فذلك التبرج " فهذه
الأمور كلها مما أدب الله تعالى به نساء النبي صلى الله عليه وسلم صيانة
لهن وسائر نساء المؤمنين مُرادات بذلك .
وقال ابن كثير في تفسيره :" وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ" أي الزمن بيوتكن فلا تخرجن لغير حاجة..."
وقال الشيخ : عبد العزيز بن باز رحمه الله في كتابه التبرج وخطره "أمر الله
سبحانه المرأة بقرارها في بيتها" ، ونهيُها عن التبرج معناه : النهي عن
الاختلاط ، وهو اجتماع الرجال بالنساء الأجنبيات في مكان واحد بحكم العمل
أو البيع أو الشراء أو النزهة أو نحو ذلك .
ودل على عدم جواز الاختلاط من كتاب الله تعالى أيضاً قول الله عز وجل :"
وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ
ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ..." قال أهل العلم
والمقصود بالحجاب هنا حجب شخصها فلا يكون هناك اختلاط ، بل يكون من وراء
حاجزٍ أو مانع ، فإن احتاجت لبروز حجبت بدنها كله باللباس ، وعلل سبحانه
هذا الأمر بأنه أطهر لقلوبكم وقلوبهن , وقال ابن العربي والقرطبي وغيرهم
رحم الله الجميع في قوله تعالى :" وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا
فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ " أنها قد تضمنت خطر رؤية أزواج
النبي صلى الله عليه وسلم وبيّن أن ذلك أطهر لقلوبهم وقلوبهن لأن نظر بعضهم
إلى بعض ربما حدث عنه الميل والشهوة فقطع الله ذلك بالحجاب الذي أوجبه هذا
السبب ، وهذا الحكم وإن نزل خاصاً في النبي صلى الله عليه وسلم وأزواجه
فالمعنى عام فيه وفي غيره إذ كنا مأمورين بإتباعه والاقتداء به إلا ما خصه
الله به دون أمته".
أما ما جاء في هذا الشأن من السنة فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم في
الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن أسامة بن زيد ((ما تركت فتنة أضر على
الرجال من النساء)) فالاختلاط فتنة وإذا حصلْ وُلد من رحم تلك الفتنة فتناً
أعظم وأنكى ،
وقال عليه الصلاة والسلام :"إن المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان
وأقرب ما تكون من وجه ربها وهي في عقر بيتها" أخرجه الترمذي وابن خزيمة
وابن حبان وغيرهم , وقال عليه الصلاة والسلام ((اتقوا الدنيا واتقوا النساء
فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء)) أخرجه مسلم من حديث أبي سعيد
رضي الله عنه.
هذا حكم الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم في الاختلاط وعلى من عرف أن يلزم، وليحذر من الزيغ والضلال وإتباع الفتن ودواعيها.
ثانياً :
أن يعلم الجميع أيضاً بأن الاختلاط من الممارسات الممنوعة في هذا البلد
المبارك ، فمنذ تأسيس كيان هذه المملكة حفظها الله بطاعته ، وولاة أمرها
يولون أمر العناية بالناس أشد الاهتمام ، ويدركون خطر تلك الفتن التي تغشى
الناس بين الفينة والأخرى ومن تلك الفتن فتنة الاختلاط واسمع للملك الراحل
عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود مؤسس الدولة السعودية الثالثة وهو يقول
في شأن الاختلاط :[أقبح ما هنالك في الأخلاق ما حصل من الفساد في أمر
اختلاط النساء بدعوى تهذيبهن وفتح المجال لهن في أعمال لم يخلقن لها ، حتى
نبذن وظائفهن الأساسية من تدبير المنزل ، وتربية الأطفال ن وتوجيه الناشئة
الذين هم فلذات أكبادهن وأمل المستقبل ... وادعاء أن ذلك من عمل التقدم
والتمدن فلا والله ليس هذا التمدن في شرعنا وعرفنا وعاداتنا ، ولا يرضى
أحدٌ في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان وإسلام ومروءة أن يرى زوجته أو
أحداً من عائلته أو من المنتسبين إليه في هذا الموقف المخزي ، هذه طريقة
شائكة تدفع بالأمة إلى هوّة الدمار ولا يقبل السير عليها إلا رجل خارج من
دينه ، خارج من عقله ، خارج من تربيته ... انتهى كلام الملك عبد العزيز
رحمه الله ، وإليك أيضاً هذا الأمر الملكي الذي صدر من خادم الحرمين
الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود لجميع مؤسسات الدولة والذي جاء
فيه " إن السماح للمرأة للعمل الذي يؤدي إلى اختلاطها بالرجال سواء في
الإدارة الحكومية أو غيرها من المؤسسات العامة أو الخاصة أو الشركات أو
المهن ونحوها ، أمر غير ممكن سواء كانت سعودية أو غير سعودية ، لأن ذلك
محرم شرعاً ويتنافى مع عادات وتقاليد هذه البلاد ، وإذا كان يوجد دائرة
تقوم بتشغيل المرأة في غير الأعمال التي تتناسب مع طبيعتها أو في أعمال
تؤدي إلى اختلاطها بالرجال فهذا خطأ يجب تلافيه ، وعلى الجهات الرقابية
ملاحظة ذلك والرفع عنه " أ.هـ نص التعميم
ثالثاً : العلم من الجميع أيضاً بأن من يدعو إلى الاختلاط بين الجنسين لا
يريد بالأمة خيراً ، بل هو يسعى إلى أن تنزلق إلى مهاوي الرذيلة والفساد ،
وتعجب من جَلد أولئك وصبرهم على دعوتهم الفاسدة تلك ، وتجد ذلك حينما تقرأ
في منتدياتهم وما سطرته أيديهم في مقالاتهم وما قالت أفواههم في حواراتهم ،
وهؤلاء لابد أن تدفع شبههم ، وأن تحارب دعاويهم ، وأن يرد على فسادهم
وباطلهم ، وأكبر رد عليهم ، وأعظم طرد لدعواتهم هو حينما يبدأ كل مسلم
بنفسه في التحصين والعفاف ، فينزه نفسه عن كل لحاق بدعوى اختلاط أو غيرها ،
ويقوم على العناية بأهل بيته من ناحية التنبيه عليهم بخطر التبرج والسفور
وتعليمهم فضل الستر والعفاف، "فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته..." كما قال
الحبيب عليه الصلاة والسلام ، احذر يا عبد الله .. أن تكون معول هدمٍ
لأسرتك ولمجتمعك ، واعمل على أن تكون البيئة التي تعيش فيها بيئة طاهرة
نقية خالية من الأنجاس .
رابعاً : إن من أبناء أمة الإسلام من يدعو إلى الاختلاط للأسف الشديد ويسعى
إلى نشره وقيامه في دولة التوحيد في الوقت الذي يصرح فيه عقلاء الغرب
ومفكريه وأهل الاهتمام الاجتماعي فيه بخطره وأثره في الجسيم على الفرد
والمجتمع وعلى المبادئ والقيم والأخلاق ، ومن ذلك ما قامت به مؤسسة (سينجال
سكس ديوكشن) التي سعت مع غيرها من مؤسسات المجتمع المدني في الولايات
المتحدة الأمريكية إلى توعية المجتمع الأمريكي بخطر الاختلاط حتى نجحت ،
وبعد سجال دام عشر سنوات في إقناع الحكومة بذلك ، فكان أن صدر قانون في عام
2006م يسمح بفتح مدارس حكومية غير مختلطة ، وتقول الكاتبة الشهيرة (اللادي
كوك) بجريدة (الايكون)
"إن الاختلاط يألفه الرجال ، وقد طمعت فيه المرأة بما يخالف فطرتها ، وعلى
قدر كثرة الاختلاط يكون كثرة أولاد الزنا .. ثم تقول .."علموهن الابتعاد عن
الرجال ، أخبروهن بالكيد الكامن لهن بالمرصاد " فيا عجباً يدعون إلى نبذ
الاختلاط ، ومن أبناء الإسلام من يدعو إلى تفعيله وإقامته.
خامساً : هناك من يلبس على الناس في دعوى الاختلاط ويقول:أنتم تقولون بمنع
الاختلاط وهو موجود أصلاً وانظروا إلى ما يحصل في الحرم المكي عند الطواف
والسعي ونقول لهم إن الله قد اختص بيته العتيق بطواف الرجال والنساء في زمن
واحد ، وجعله خصيصة له كما سماه (بكة) يبك بها الرجال النساء والنساء
الرجال بلا قصد ، كما فسره مفسروا السلف كعطاء وقتاده وسعيد بن جبير ،
وقالوا : ليس هذا إلا لمكة : "ومع هذا قال عليه الصلاة والسلام لأم سلمه
رضي الله عنها " طوفي من وراء الناس وأنتي راكبة " رواه البخاري ، فمع
كونها راكبه والناس يمشون أمرها أن تكون بعيدة عنهم ، وكان عمر ينهى الرجال
أيضاً من الاختلاط بالنساء أثناء الطواف.
سادساً : إذا أردت أن تعرف لماذا حرّم الإسلام الاختلاط فانظر بعين العقل
وتدرك أن نتائج الاختلاط الوخيمة ، وتبعاته الأليمه تعد سبباً مهماً في
تحريم الاختلاط ومن نتائج الاختلاط ما قاله ابن القيم رحمه الله في هذا
الشأن قال :"ولا ريب أن تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال أصل كل بليه وشر،
وهو من أعظم أسباب نزول العقوبات العامة، كما أنه من أسباب فساد أمور
العامة والخاصة ، واختلاط الرجال بالنساء سَبب لكثرة الفواحش والزنا بسبب
تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال والمشي بينهم متبرجات متجملات ، ولو علم
أولياء الأمر ما في ذلك من فساد الدنيا والرعية ، قبل الدين لكانوا أشد
شيءٍ منعاً من ذلك "أ.هـ كلام ابن القيم رحمه الله .
ومن الآثار الناتجة من اختلاط الرجال بالنساء غير ما تقدم ، دمار البيوت ،
وتفكك المجتمعات ، وكثرة أولاد الزنا، وشيوع العقوق ، وازدياد نسبة الجريمة
، وضعف قوامة الرجال على زوجاتهم إلى آخر تلك النتائج المؤلمة من فتنة
الاختلاط.
سابعاً : أن المتأمل في ما قاله وفعله الرسول
صلى الله عليه وسلم في مواضع عده وهو يتحدث عن علاقة الرجل بالمرأة في دين
الإسلام تبين له أن أحد مقاصد تلك الأقوال والأفعال الشريفة نبذ الاختلاط ،
ودحر مسبباته ودواعيه ومن تلك النصوص قوله صلى الله عليه وسلم : " إياكم
والدخول على النساء ، فقالوا : يا رسول الله :أرأيت الحمو قال : الحمو
الموت " متفق عليه , وقوله عليه الصلاة والسلام : خير صفوف الرجال أولها
وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها ". وفي تعليم العبادة
التي لأجلها خلق البشر قالت النساء للنبي صلى الله عليه وسلم كما في
"البخاري" غلبنا عليك الرجال فاجعل لنا يوماً من نفسك ، فوعدهن يوماً لقيهن
فيه فوعظهن وأمرهن "، وما قاله صلى الله عليه وسلم في مسجده " لو جعلنا
هذا الباب للنساء " ، كل تلك الأقوال والأفعال تبين حرصه عليه الصلاة
والسلام على عدم مخالطة الرجال والنساء وهكذا يجب أن تكون تبعاً للقدوة
الشريفة محمد صلى الله عليه وسلم .
ثامناً : حينما ينبذ الشرع الاختلاط ويحرم دواعيه فلا يعني ها إقصاءٌ
للمرأة ، أو تهميش لدورهن في الأمة كما يقول أنصار الباطل بل هو يسعى إلى
أن تكون جوهرة مصونة ، محتشمة عفيفة ، متزنة طاهرة ، عالمة عاملة ، تؤدي
دورها المناط بها على أكمل وجه وأجمل صوره وأروع بيان ، وهي تستطيع أن تسطر
من المجد أكمله، وأن تبلغ من العز ذروته ، بدون أن تختلط بالرجال ، ومن
يقرأ في أسفار التاريخ ، وكتب السير يرى مثل تلك الأمثلة اليانعة الناصعة
المشرقة.
تاسعاً : هي دعوة لك – أخي المؤمن – بالبدء من الآن في أن تكون من مناهضي
الاختلاط ، ومحاربي الرذيلة والفساد ، وأن تجعل من نفسك داعية لله تعالى في
كل مجمع ومنتدى ومكان وتقول للعالم –لا- للاختلاط والإفساد ، و- نعم -
للطهارة والعفاف، إصدح بعز الكرامة ، ونادي بكرامة الأعزاء ، وقم فأنذر
فالفتنة قادمة ، والناس مشغولون بأمور دنياهم ، وأنت خليفة الله في أرضه ،
وداعياً إلى سبيل ربك ، واعلموا جميعاً "أن لا فرق بين أن نسير عمياناً في
ضوء النهار ، ولا مبصرين في ظلام الليل" ومن لم يجعل الله له نوراً فما له
من نور.
عاشراً :
الله يدعو إلى نور العفاف فما --- بالُ المنادي ينادينا : ألا اختلطوا
والله يدعو إلى دار السلام وفي --- نحر الطريق دعاةٌ قولهم شطط
شذوا عن الحق أخلاقاً وتنشئةً --- كأنهم من سما/تكساس/قد هبطوا
حجاب أختي لهم سم وعفتها --- مرارةٌ ، وتُقَاها الموت والشخطُ
ماذا تقول إذا ضل الشباب فهم --- في لجة الإثم والتأنيب قد قنطوا
ماذا تقول إذا شبَّ اللقيط على --- جمر السؤال وأذكى صدره السخط
حتى متى تتصابى والمُنى هرمت --- في حاجبيك..وأبلى رأسك الشمطُ
للبرِّ لمز ..وتهريج ..وسخرية --- ومصطفاك الخنا والفحش والغلط
زبالة الفكر ..مسخ الغرب ويحهم --- أكلما سقطوا في فتنة سقطوا
لا يظهر الحق إلا أخنسوا فرقاً --- وإن بدا الشرَّ زقوا الافك والتغطوا
فقل لهم إن دين الله منتصر --- وإن تداعى العدا أو أحكمت خططُ
في شرع ربك أسرار الحياة فما --- معنى الحياة وعقد الأمن منفرط
نرجو الثبات على نهج النبي إذا --- نادى إلى حوضه ..إني لكم فرط
دار الهدى دارنا .. فالحق بمن سلبوا --- لُبَّ الفؤاد ..فنحن الأمة الوسط
حمى الله أعراضنا من أدعياء السؤ ، وعملاء الباطل ، ودعاة الرذيلة ووقانا
شر الأشرار وكيد الفجار وشر طوارق الليل والنهار وعصمنا من شياطين الإنس
والجن
إنه ولي ذلك والقادر عليه
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد،،،
إن دين الإسلام دينُ كمال وشمول ، ودين شرف وعزة ، كفل جميع الحقوق ، واهتم
بقضايا المكلفين ، واعتنى بكل شاردةٍ وواردة للفرد المسلم ، وسعى إلى أن
يكون من ضمن مبادئه حفظ الأعراض ، وسلامة النسل ، واستقرار الأسرة المسلمة ،
وحذر من التخبط والتجاوز بين الناس فيما يتعلق بالفروج ، وشدّد على من
اعتدى على عرض مسلم أو مسلمة بقول أو فعل ، وكان منه ذلك كله لعظم التبعات
حينما يتعدى على الأعراض ، ولجسامة الآثار المترتبة على ذلك الاعتداء ،
ولأن الفرد المسلم وهو يحمي نفسه وغيره من الاعتداء على الأعراض يصنع بذلك
مؤمناً صالحاً في نفسه مصلحاً لغيره ، أسوق هذه المقدمة وأنا وإياكم نعجب
من أولئك الذين يدعون إلى اختلاط الرجال بالنساء، غير آبهين بمصادر التشريع
، ولا ناظرين إلى الأوامر التي أمر بها ولاة الأمر فيما يتعلق بالاختلاط ،
وهم بدعوتهم تلك ينفذون مخططات أعداء هذه البلاد والذين لا هم لهم سوى
تفريق الكلمة ، وإشاعة الفوضى ، وتذويب المعتقد الصافي في قلوب الناس وإليك
فيما يتعلق بالاختلاط هذه الوقفات :-
أولاً : أن يعلم الجميع بأن اختلاط الرجال بالنساء أمرٌ لا يجوز شرعاً
بدلالة الكتاب والسنة فمن الكتاب يقول الله تعالى :" وَقَرْنَ فِي
بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى"
فقد أمر الله جل وعلا المؤمنات بالقرار في البيوت لئلا يختلطن بالرجال ،
قال الجصاص في أحكام القرآن : قوله تعالى :"ولا تبرجن تبرج الجاهلية
الأولى" قال مجاهد كانت المرأة تتمشى بين أيدي القوم فذلك التبرج " فهذه
الأمور كلها مما أدب الله تعالى به نساء النبي صلى الله عليه وسلم صيانة
لهن وسائر نساء المؤمنين مُرادات بذلك .
وقال ابن كثير في تفسيره :" وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ" أي الزمن بيوتكن فلا تخرجن لغير حاجة..."
وقال الشيخ : عبد العزيز بن باز رحمه الله في كتابه التبرج وخطره "أمر الله
سبحانه المرأة بقرارها في بيتها" ، ونهيُها عن التبرج معناه : النهي عن
الاختلاط ، وهو اجتماع الرجال بالنساء الأجنبيات في مكان واحد بحكم العمل
أو البيع أو الشراء أو النزهة أو نحو ذلك .
ودل على عدم جواز الاختلاط من كتاب الله تعالى أيضاً قول الله عز وجل :"
وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ
ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ..." قال أهل العلم
والمقصود بالحجاب هنا حجب شخصها فلا يكون هناك اختلاط ، بل يكون من وراء
حاجزٍ أو مانع ، فإن احتاجت لبروز حجبت بدنها كله باللباس ، وعلل سبحانه
هذا الأمر بأنه أطهر لقلوبكم وقلوبهن , وقال ابن العربي والقرطبي وغيرهم
رحم الله الجميع في قوله تعالى :" وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا
فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ " أنها قد تضمنت خطر رؤية أزواج
النبي صلى الله عليه وسلم وبيّن أن ذلك أطهر لقلوبهم وقلوبهن لأن نظر بعضهم
إلى بعض ربما حدث عنه الميل والشهوة فقطع الله ذلك بالحجاب الذي أوجبه هذا
السبب ، وهذا الحكم وإن نزل خاصاً في النبي صلى الله عليه وسلم وأزواجه
فالمعنى عام فيه وفي غيره إذ كنا مأمورين بإتباعه والاقتداء به إلا ما خصه
الله به دون أمته".
أما ما جاء في هذا الشأن من السنة فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم في
الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن أسامة بن زيد ((ما تركت فتنة أضر على
الرجال من النساء)) فالاختلاط فتنة وإذا حصلْ وُلد من رحم تلك الفتنة فتناً
أعظم وأنكى ،
وقال عليه الصلاة والسلام :"إن المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان
وأقرب ما تكون من وجه ربها وهي في عقر بيتها" أخرجه الترمذي وابن خزيمة
وابن حبان وغيرهم , وقال عليه الصلاة والسلام ((اتقوا الدنيا واتقوا النساء
فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء)) أخرجه مسلم من حديث أبي سعيد
رضي الله عنه.
هذا حكم الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم في الاختلاط وعلى من عرف أن يلزم، وليحذر من الزيغ والضلال وإتباع الفتن ودواعيها.
ثانياً :
أن يعلم الجميع أيضاً بأن الاختلاط من الممارسات الممنوعة في هذا البلد
المبارك ، فمنذ تأسيس كيان هذه المملكة حفظها الله بطاعته ، وولاة أمرها
يولون أمر العناية بالناس أشد الاهتمام ، ويدركون خطر تلك الفتن التي تغشى
الناس بين الفينة والأخرى ومن تلك الفتن فتنة الاختلاط واسمع للملك الراحل
عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود مؤسس الدولة السعودية الثالثة وهو يقول
في شأن الاختلاط :[أقبح ما هنالك في الأخلاق ما حصل من الفساد في أمر
اختلاط النساء بدعوى تهذيبهن وفتح المجال لهن في أعمال لم يخلقن لها ، حتى
نبذن وظائفهن الأساسية من تدبير المنزل ، وتربية الأطفال ن وتوجيه الناشئة
الذين هم فلذات أكبادهن وأمل المستقبل ... وادعاء أن ذلك من عمل التقدم
والتمدن فلا والله ليس هذا التمدن في شرعنا وعرفنا وعاداتنا ، ولا يرضى
أحدٌ في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان وإسلام ومروءة أن يرى زوجته أو
أحداً من عائلته أو من المنتسبين إليه في هذا الموقف المخزي ، هذه طريقة
شائكة تدفع بالأمة إلى هوّة الدمار ولا يقبل السير عليها إلا رجل خارج من
دينه ، خارج من عقله ، خارج من تربيته ... انتهى كلام الملك عبد العزيز
رحمه الله ، وإليك أيضاً هذا الأمر الملكي الذي صدر من خادم الحرمين
الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود لجميع مؤسسات الدولة والذي جاء
فيه " إن السماح للمرأة للعمل الذي يؤدي إلى اختلاطها بالرجال سواء في
الإدارة الحكومية أو غيرها من المؤسسات العامة أو الخاصة أو الشركات أو
المهن ونحوها ، أمر غير ممكن سواء كانت سعودية أو غير سعودية ، لأن ذلك
محرم شرعاً ويتنافى مع عادات وتقاليد هذه البلاد ، وإذا كان يوجد دائرة
تقوم بتشغيل المرأة في غير الأعمال التي تتناسب مع طبيعتها أو في أعمال
تؤدي إلى اختلاطها بالرجال فهذا خطأ يجب تلافيه ، وعلى الجهات الرقابية
ملاحظة ذلك والرفع عنه " أ.هـ نص التعميم
ثالثاً : العلم من الجميع أيضاً بأن من يدعو إلى الاختلاط بين الجنسين لا
يريد بالأمة خيراً ، بل هو يسعى إلى أن تنزلق إلى مهاوي الرذيلة والفساد ،
وتعجب من جَلد أولئك وصبرهم على دعوتهم الفاسدة تلك ، وتجد ذلك حينما تقرأ
في منتدياتهم وما سطرته أيديهم في مقالاتهم وما قالت أفواههم في حواراتهم ،
وهؤلاء لابد أن تدفع شبههم ، وأن تحارب دعاويهم ، وأن يرد على فسادهم
وباطلهم ، وأكبر رد عليهم ، وأعظم طرد لدعواتهم هو حينما يبدأ كل مسلم
بنفسه في التحصين والعفاف ، فينزه نفسه عن كل لحاق بدعوى اختلاط أو غيرها ،
ويقوم على العناية بأهل بيته من ناحية التنبيه عليهم بخطر التبرج والسفور
وتعليمهم فضل الستر والعفاف، "فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته..." كما قال
الحبيب عليه الصلاة والسلام ، احذر يا عبد الله .. أن تكون معول هدمٍ
لأسرتك ولمجتمعك ، واعمل على أن تكون البيئة التي تعيش فيها بيئة طاهرة
نقية خالية من الأنجاس .
رابعاً : إن من أبناء أمة الإسلام من يدعو إلى الاختلاط للأسف الشديد ويسعى
إلى نشره وقيامه في دولة التوحيد في الوقت الذي يصرح فيه عقلاء الغرب
ومفكريه وأهل الاهتمام الاجتماعي فيه بخطره وأثره في الجسيم على الفرد
والمجتمع وعلى المبادئ والقيم والأخلاق ، ومن ذلك ما قامت به مؤسسة (سينجال
سكس ديوكشن) التي سعت مع غيرها من مؤسسات المجتمع المدني في الولايات
المتحدة الأمريكية إلى توعية المجتمع الأمريكي بخطر الاختلاط حتى نجحت ،
وبعد سجال دام عشر سنوات في إقناع الحكومة بذلك ، فكان أن صدر قانون في عام
2006م يسمح بفتح مدارس حكومية غير مختلطة ، وتقول الكاتبة الشهيرة (اللادي
كوك) بجريدة (الايكون)
"إن الاختلاط يألفه الرجال ، وقد طمعت فيه المرأة بما يخالف فطرتها ، وعلى
قدر كثرة الاختلاط يكون كثرة أولاد الزنا .. ثم تقول .."علموهن الابتعاد عن
الرجال ، أخبروهن بالكيد الكامن لهن بالمرصاد " فيا عجباً يدعون إلى نبذ
الاختلاط ، ومن أبناء الإسلام من يدعو إلى تفعيله وإقامته.
خامساً : هناك من يلبس على الناس في دعوى الاختلاط ويقول:أنتم تقولون بمنع
الاختلاط وهو موجود أصلاً وانظروا إلى ما يحصل في الحرم المكي عند الطواف
والسعي ونقول لهم إن الله قد اختص بيته العتيق بطواف الرجال والنساء في زمن
واحد ، وجعله خصيصة له كما سماه (بكة) يبك بها الرجال النساء والنساء
الرجال بلا قصد ، كما فسره مفسروا السلف كعطاء وقتاده وسعيد بن جبير ،
وقالوا : ليس هذا إلا لمكة : "ومع هذا قال عليه الصلاة والسلام لأم سلمه
رضي الله عنها " طوفي من وراء الناس وأنتي راكبة " رواه البخاري ، فمع
كونها راكبه والناس يمشون أمرها أن تكون بعيدة عنهم ، وكان عمر ينهى الرجال
أيضاً من الاختلاط بالنساء أثناء الطواف.
سادساً : إذا أردت أن تعرف لماذا حرّم الإسلام الاختلاط فانظر بعين العقل
وتدرك أن نتائج الاختلاط الوخيمة ، وتبعاته الأليمه تعد سبباً مهماً في
تحريم الاختلاط ومن نتائج الاختلاط ما قاله ابن القيم رحمه الله في هذا
الشأن قال :"ولا ريب أن تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال أصل كل بليه وشر،
وهو من أعظم أسباب نزول العقوبات العامة، كما أنه من أسباب فساد أمور
العامة والخاصة ، واختلاط الرجال بالنساء سَبب لكثرة الفواحش والزنا بسبب
تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال والمشي بينهم متبرجات متجملات ، ولو علم
أولياء الأمر ما في ذلك من فساد الدنيا والرعية ، قبل الدين لكانوا أشد
شيءٍ منعاً من ذلك "أ.هـ كلام ابن القيم رحمه الله .
ومن الآثار الناتجة من اختلاط الرجال بالنساء غير ما تقدم ، دمار البيوت ،
وتفكك المجتمعات ، وكثرة أولاد الزنا، وشيوع العقوق ، وازدياد نسبة الجريمة
، وضعف قوامة الرجال على زوجاتهم إلى آخر تلك النتائج المؤلمة من فتنة
الاختلاط.
سابعاً : أن المتأمل في ما قاله وفعله الرسول
صلى الله عليه وسلم في مواضع عده وهو يتحدث عن علاقة الرجل بالمرأة في دين
الإسلام تبين له أن أحد مقاصد تلك الأقوال والأفعال الشريفة نبذ الاختلاط ،
ودحر مسبباته ودواعيه ومن تلك النصوص قوله صلى الله عليه وسلم : " إياكم
والدخول على النساء ، فقالوا : يا رسول الله :أرأيت الحمو قال : الحمو
الموت " متفق عليه , وقوله عليه الصلاة والسلام : خير صفوف الرجال أولها
وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها ". وفي تعليم العبادة
التي لأجلها خلق البشر قالت النساء للنبي صلى الله عليه وسلم كما في
"البخاري" غلبنا عليك الرجال فاجعل لنا يوماً من نفسك ، فوعدهن يوماً لقيهن
فيه فوعظهن وأمرهن "، وما قاله صلى الله عليه وسلم في مسجده " لو جعلنا
هذا الباب للنساء " ، كل تلك الأقوال والأفعال تبين حرصه عليه الصلاة
والسلام على عدم مخالطة الرجال والنساء وهكذا يجب أن تكون تبعاً للقدوة
الشريفة محمد صلى الله عليه وسلم .
ثامناً : حينما ينبذ الشرع الاختلاط ويحرم دواعيه فلا يعني ها إقصاءٌ
للمرأة ، أو تهميش لدورهن في الأمة كما يقول أنصار الباطل بل هو يسعى إلى
أن تكون جوهرة مصونة ، محتشمة عفيفة ، متزنة طاهرة ، عالمة عاملة ، تؤدي
دورها المناط بها على أكمل وجه وأجمل صوره وأروع بيان ، وهي تستطيع أن تسطر
من المجد أكمله، وأن تبلغ من العز ذروته ، بدون أن تختلط بالرجال ، ومن
يقرأ في أسفار التاريخ ، وكتب السير يرى مثل تلك الأمثلة اليانعة الناصعة
المشرقة.
تاسعاً : هي دعوة لك – أخي المؤمن – بالبدء من الآن في أن تكون من مناهضي
الاختلاط ، ومحاربي الرذيلة والفساد ، وأن تجعل من نفسك داعية لله تعالى في
كل مجمع ومنتدى ومكان وتقول للعالم –لا- للاختلاط والإفساد ، و- نعم -
للطهارة والعفاف، إصدح بعز الكرامة ، ونادي بكرامة الأعزاء ، وقم فأنذر
فالفتنة قادمة ، والناس مشغولون بأمور دنياهم ، وأنت خليفة الله في أرضه ،
وداعياً إلى سبيل ربك ، واعلموا جميعاً "أن لا فرق بين أن نسير عمياناً في
ضوء النهار ، ولا مبصرين في ظلام الليل" ومن لم يجعل الله له نوراً فما له
من نور.
عاشراً :
الله يدعو إلى نور العفاف فما --- بالُ المنادي ينادينا : ألا اختلطوا
والله يدعو إلى دار السلام وفي --- نحر الطريق دعاةٌ قولهم شطط
شذوا عن الحق أخلاقاً وتنشئةً --- كأنهم من سما/تكساس/قد هبطوا
حجاب أختي لهم سم وعفتها --- مرارةٌ ، وتُقَاها الموت والشخطُ
ماذا تقول إذا ضل الشباب فهم --- في لجة الإثم والتأنيب قد قنطوا
ماذا تقول إذا شبَّ اللقيط على --- جمر السؤال وأذكى صدره السخط
حتى متى تتصابى والمُنى هرمت --- في حاجبيك..وأبلى رأسك الشمطُ
للبرِّ لمز ..وتهريج ..وسخرية --- ومصطفاك الخنا والفحش والغلط
زبالة الفكر ..مسخ الغرب ويحهم --- أكلما سقطوا في فتنة سقطوا
لا يظهر الحق إلا أخنسوا فرقاً --- وإن بدا الشرَّ زقوا الافك والتغطوا
فقل لهم إن دين الله منتصر --- وإن تداعى العدا أو أحكمت خططُ
في شرع ربك أسرار الحياة فما --- معنى الحياة وعقد الأمن منفرط
نرجو الثبات على نهج النبي إذا --- نادى إلى حوضه ..إني لكم فرط
دار الهدى دارنا .. فالحق بمن سلبوا --- لُبَّ الفؤاد ..فنحن الأمة الوسط
حمى الله أعراضنا من أدعياء السؤ ، وعملاء الباطل ، ودعاة الرذيلة ووقانا
شر الأشرار وكيد الفجار وشر طوارق الليل والنهار وعصمنا من شياطين الإنس
والجن
إنه ولي ذلك والقادر عليه