تتبلور مهمة القانون في تنظيمه للمجتمع تنظيماً من شأنه التوفيق بين مصالح الأفراد، وحرياتهم من جهة، وبين الصالح العام للجماعة من جهة أخرى. فقد أصبح القانون أداة هامة من الأدوات الاقتصادية، فأي تغير اقتصادي يصدر عنه تغير قانوني مصاحب، فهناك ارتباط وثيق بين علم الاقتصاد الحديث ومضمون القواعد القانونية. لذلك يقع على عاتق رجال القانون والاقتصاد موائمة التطورات الاقتصادية التي يشهدها العصر الحالي مع القواعد القانونية الصادرة.
ويعتبر قانون السجل العقاري من أهم القوانين المتعلقة بتنظيم التصرفات القانونية التي من شأنها إنشاء أو نقل أو زوال حقوق عينية على العقار لإجراءات تسجيله وشهره، لما له من أهمية اقتصادية وائتمانية. وهكذا لأهمية العقار الاقتصادية نظراً لقيمته، وأهم ما يملك الإنسان ويتوارثه عن الأجداد، والعقارات هي الأشياء ذات الأصل الثابت، والممتنع نقله دون تلف ومنها الأراضي سواء كانت معدة للزراعة، أو البناء، وما يكون في جوفها من مناجم ومحاجر، وما ينبت على سطحها من نباتات، وما يقوم فيها من الأبنية الثابتة المستقرة، كالعمارات، والمصانع وغيرها.
وقد نظم القانون رقم (39) لسنة 1991م الخاص بالسجل العقاري ذلك، ونصت المادة (8) منه على عدم نفاذ أي تصرف بالعقار بالبيع، أو المبادلة، أو القسمة، أو الانتفاع أو الرهن وغيرها إلا بعد قيدها بالسجل العقاري، وقد أخذ هذا القانون بوسيلتين للتسجيل الوسيلة الأولى: عن طريق السجل الشخصي بموجبه يكون فيه الشهر طبقاً لأسماء الأشخاص الصادرة منهم التصرفات بواسطة سجلات تنشأ في مراكز الوحدات الإدارية في عموم الجمهورية يدون فيها التصرف الذي يرد على عقار باسم المتصرف، الوسيلة الثانية: عن طريق السجل العيني الذي يتم التسجيل بموجبه على أساس العقار، أو الوحدة العقارية محل الحق، بحيث تخصص صفحة في دفتر الشهر (السجل العيني) لكل عقار يوصف فيها هذا العقار وصفاً دقيقاً من حيث موقعه ومساحته وطبيعته، وتبين الحقوق الواردة عليه سواء في ذلك حق الملكية، أو الحقوق الأخرى الواردة عليه، وأصحاب هذه الحقوق.
وترجع أهمية تسجيل التصرف العقاري، ليعلم بها من يتعامل مع مالك العقار، وذلك لاستقرار الملكية العقارية وجميع الحقوق العقارية الواردة عليه، لحماية المصلحة الخاصة، المتمثلة بأطراف العلاقة، المصلحة العامة، المتمثلة بتشجيع التعامل بالعقار بطرق سليمة، ولما له من مردود على الاقتصاد الوطني. كما أن الأفضلية بين أصحاب الحقوق العينية على العقار تكون على أساس أسبقية التسجيل.
وأي شخص يتعامل بعقار معين يلزمه الاستفسار عنه في السجل العقاري، وبالتالي يتضح له وضع العقار كما هو بطريقة سليمة.
والواقع رغم صدور التشريعات لهذا الغرض، إلا أن قانون السجل العقاري في اليمن لم يحقق الغرض المرجو منه، يرجع ذلك إلى عدم توافر الكوادر المتفهمة والقادرة على تطبيقه وعدم وعي المواطنين بأهمية هذا النظام في تحقيق واستقرار الملكية العقارية. ناهيك أن الأمناء المنوط بهم إبرام التصرفات العقارية غير مؤهلين تأهيلاً يتلاءم مع طبيعة العقار الاقتصادية، فقد أجاز قانون التوثيق أن يكتب هذا التصرف لمن يقرأ ويكتب مادة (6) من قانون التوثيق رقم (29) لسنة 1992م المعدل بالقانون رقم (34) لسنة 1997م.
وبالتالي لم يضع قانون التوثيق شروطاً وضمانات بالأمين، من شأنها أن تحقق الثقة في أمانته وصدقه، ويدل على ذلك المخالفات التي يقوم بها بعض الأمناء عند تحرير التصرفات العقارية، على عكس الحال عندما يتولى ذلك موظف مختص بالسجل العقاري، الذي تتوافر فيه شروط وضمانات تحقق الثقة في عمله، من خلال تعرضه للجزاءات الجنائية والتأديبية إذا أخل بتلك الثقة.
ومما يزيد الأمر تعقيداً عدم تفهم بعض القضاة لهذا النظام، مما يؤدي إلى البطء في التقاضي وإصدار أحكام غير عادلة تتعلق بالعقارات، وعلى ذلك ينبغي تفعيل دور السجل العقاري بتطبيقه، وتدريب كوادره، وإيجاد مكاتب بجميع الوحدات على مستوى الجمهورية، على أن يتولى تحرير التصرفات العقارية بواسطة موظف مختص عُين لهذا الغرض، بعد الرجوع إلى سجلات العقار المراد التصرف فيه، أو ترتيب أي حق عليه، ومعرفة جميع عناصره، كما يجب توعية المواطنين بأهمية السجل لعقاري، وتسجيل جميع التصرفات الواردة على العقار، وسيؤدي ذلك إلى استقرار المعاملات العقارية، وإلى تنشيط الائتمان، ودعم الاقتصاد الوطني.
الكاتب : د. نجيب أحمد عبدالله الجبلي
المصدر : القضائية نت
ويعتبر قانون السجل العقاري من أهم القوانين المتعلقة بتنظيم التصرفات القانونية التي من شأنها إنشاء أو نقل أو زوال حقوق عينية على العقار لإجراءات تسجيله وشهره، لما له من أهمية اقتصادية وائتمانية. وهكذا لأهمية العقار الاقتصادية نظراً لقيمته، وأهم ما يملك الإنسان ويتوارثه عن الأجداد، والعقارات هي الأشياء ذات الأصل الثابت، والممتنع نقله دون تلف ومنها الأراضي سواء كانت معدة للزراعة، أو البناء، وما يكون في جوفها من مناجم ومحاجر، وما ينبت على سطحها من نباتات، وما يقوم فيها من الأبنية الثابتة المستقرة، كالعمارات، والمصانع وغيرها.
وقد نظم القانون رقم (39) لسنة 1991م الخاص بالسجل العقاري ذلك، ونصت المادة (8) منه على عدم نفاذ أي تصرف بالعقار بالبيع، أو المبادلة، أو القسمة، أو الانتفاع أو الرهن وغيرها إلا بعد قيدها بالسجل العقاري، وقد أخذ هذا القانون بوسيلتين للتسجيل الوسيلة الأولى: عن طريق السجل الشخصي بموجبه يكون فيه الشهر طبقاً لأسماء الأشخاص الصادرة منهم التصرفات بواسطة سجلات تنشأ في مراكز الوحدات الإدارية في عموم الجمهورية يدون فيها التصرف الذي يرد على عقار باسم المتصرف، الوسيلة الثانية: عن طريق السجل العيني الذي يتم التسجيل بموجبه على أساس العقار، أو الوحدة العقارية محل الحق، بحيث تخصص صفحة في دفتر الشهر (السجل العيني) لكل عقار يوصف فيها هذا العقار وصفاً دقيقاً من حيث موقعه ومساحته وطبيعته، وتبين الحقوق الواردة عليه سواء في ذلك حق الملكية، أو الحقوق الأخرى الواردة عليه، وأصحاب هذه الحقوق.
وترجع أهمية تسجيل التصرف العقاري، ليعلم بها من يتعامل مع مالك العقار، وذلك لاستقرار الملكية العقارية وجميع الحقوق العقارية الواردة عليه، لحماية المصلحة الخاصة، المتمثلة بأطراف العلاقة، المصلحة العامة، المتمثلة بتشجيع التعامل بالعقار بطرق سليمة، ولما له من مردود على الاقتصاد الوطني. كما أن الأفضلية بين أصحاب الحقوق العينية على العقار تكون على أساس أسبقية التسجيل.
وأي شخص يتعامل بعقار معين يلزمه الاستفسار عنه في السجل العقاري، وبالتالي يتضح له وضع العقار كما هو بطريقة سليمة.
والواقع رغم صدور التشريعات لهذا الغرض، إلا أن قانون السجل العقاري في اليمن لم يحقق الغرض المرجو منه، يرجع ذلك إلى عدم توافر الكوادر المتفهمة والقادرة على تطبيقه وعدم وعي المواطنين بأهمية هذا النظام في تحقيق واستقرار الملكية العقارية. ناهيك أن الأمناء المنوط بهم إبرام التصرفات العقارية غير مؤهلين تأهيلاً يتلاءم مع طبيعة العقار الاقتصادية، فقد أجاز قانون التوثيق أن يكتب هذا التصرف لمن يقرأ ويكتب مادة (6) من قانون التوثيق رقم (29) لسنة 1992م المعدل بالقانون رقم (34) لسنة 1997م.
وبالتالي لم يضع قانون التوثيق شروطاً وضمانات بالأمين، من شأنها أن تحقق الثقة في أمانته وصدقه، ويدل على ذلك المخالفات التي يقوم بها بعض الأمناء عند تحرير التصرفات العقارية، على عكس الحال عندما يتولى ذلك موظف مختص بالسجل العقاري، الذي تتوافر فيه شروط وضمانات تحقق الثقة في عمله، من خلال تعرضه للجزاءات الجنائية والتأديبية إذا أخل بتلك الثقة.
ومما يزيد الأمر تعقيداً عدم تفهم بعض القضاة لهذا النظام، مما يؤدي إلى البطء في التقاضي وإصدار أحكام غير عادلة تتعلق بالعقارات، وعلى ذلك ينبغي تفعيل دور السجل العقاري بتطبيقه، وتدريب كوادره، وإيجاد مكاتب بجميع الوحدات على مستوى الجمهورية، على أن يتولى تحرير التصرفات العقارية بواسطة موظف مختص عُين لهذا الغرض، بعد الرجوع إلى سجلات العقار المراد التصرف فيه، أو ترتيب أي حق عليه، ومعرفة جميع عناصره، كما يجب توعية المواطنين بأهمية السجل لعقاري، وتسجيل جميع التصرفات الواردة على العقار، وسيؤدي ذلك إلى استقرار المعاملات العقارية، وإلى تنشيط الائتمان، ودعم الاقتصاد الوطني.
الكاتب : د. نجيب أحمد عبدالله الجبلي
المصدر : القضائية نت