النوع العاشر : معرفة المنقطع
وفيه وفي الفرق بينه وبين المرسل مذاهب لأهل الحديث وغيرهم :
فمنها : ما سبق في نوع المرسل عن الحاكم ، صاحب كتاب ( معرفة [ ص: 57 ] أنواع علوم الحديث ) من أن المرسل مخصوص بالتابعي ، وأن المنقطع منه الإسناد فيه قبل الوصول إلى التابعي راو لم يسمع من الذي فوقه ، والساقط بينهما غير مذكور ، لا معينا ولا مبهما ، ومنه : الإسناد الذي ذكر فيه بعض رواته بلفظ مبهم نحو رجل ، أو شيخ ، أو غيرهما .
مثال الأول : ما رويناه عن عبد الرزاق ، عن سفيان الثوري ، عن أبي إسحاق ، عن زيد بن يثيع عن حذيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن وليتموها أبا بكر فقوي أمين . . " الحديث . فهذا إسناد إذا تأمله الحديثي وجد صورته صورة المتصل ، وهو منقطع في موضعين ، لأن عبد الرزاق لم يسمعه من الثوري ، وإنما سمعه من النعمان بن أبي شيبة الجندي عن الثوري ، ولم يسمعه الثوري أيضا [ ص: 58 ] من أبي إسحاق ، إنما سمعه من شريك عن أبي إسحاق .
ومثال الثاني : الحديث الذي رويناه عن أبي العلاء بن عبد الله بن الشخير ، عن رجلين ، عن شداد بن أوس ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدعاء في الصلاة : " اللهم إني أسألك الثبات في الأمر . . . " الحديث ، والله أعلم .
ومنها : ما ذكره ابن عبد البر رحمه الله ، وهو أن المرسل مخصوص بالتابعين ، والمنقطع شامل له ولغيره ، وهو عنده كل ما لا يتصل إسناده سواء كان يعزى إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو إلى غيره .
ومنها : أن المنقطع مثل المرسل ، وكلاهما شاملان لكل ما لا يتصل إسناده ، وهذا المذهب أقرب . صار إليه طوائف من الفقهاء وغيرهم ، وهو الذي ذكره الحافظ أبو بكر الخطيب في كفايته . إلا أن أكثر ما يوصف بالإرسال من حيث الاستعمال ما رواه التابعي عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وأكثر ما يوصف بالانقطاع ما رواه من دون التابعين عن الصحابة مثل مالك عن ابن عمر ، ونحو ذلك . والله أعلم .
[ ص: 59 ] ومنها : ما حكاه الخطيب أبو بكر عن بعض أهل العلم بالحديث أن " المنقطع ما روي عن التابعي أو من دونه موقوفا عليه ، من قوله أو فعله " . وهذا غريب بعيد ، والله أعلم .
-----------------------------------
من كتاب علوم الحديث لابن الصلاح
أبو عمرو عثمان بن عبد الرحمن الشهرزوري
دار الفكر- دار الفكر المعاصر
سنة النشر: 1425هـ / 2004م