تعـريف
العـقــيدة وموضـوعـها
العـقيدة لغـة :
من ( العَـقـْـدِ ) وهو الربط والشدّ بقوة ، ومنه الإحكام والإبرام،
والتماسُـك والمراصَّة ، والإثبات والتوثـق .
ويطلق على العهد وتأكيد اليمين ( عَـقـْـدٌ ) .
وما عقد الإنسان عليه قلبه جازماً به فهو ( عـقـيدة ) .
العـقـيدة في الاصـطلاح العـام :
الإيمان الجازم بالله ، وما يجب له في ألوهيته وربوبيته وأسمائه وصفاته ،
والإيمان بملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ، والقدر خيره وشره ، وبكل ما جاءت به
النصوص الصحيحة من أصول الدين وأمور الغيب وأخباره ، وما أجمع عليه السلف الصالح .
والتسليم لله تعالى في الحكم والأمر والقدر والشرع ، ولرسوله - صلى الله عليه وسلم
- بالطاعة والتحكيم والاتباع .
موضوع عـلم العـقيـدة :
العقيدة من حيث كونها علماً -
بمفهوم أهل السنة والجماعة - تشمل : موضوعات :
التوحيد ، والإيمان ، والإسلام ،
والغيبيات ، والنبوات ، والقدر ، والأخبار ، وأصول الأحكام القطعية ، وسائر أصول
الدين والاعتقاد ، ويتبعه الرد على أهل الأهواء والبدع وسائر الملل والنحل الضالة
، والموقف منهم .
وعلم العقيدة له أسماء أخرى ترادفه ، وتختلف هذه الأسماء يين أهل السنة
وغيرهم ،
فمن مسميات هذا العلم عند أهل السنة :
1- العـقـيدة : ( والاعتـقاد والعـقائد)، فيقال : عقيدة السلف وعقيدة أهل الأثر
ونحوه .
2- التوحيـد : لأنه يدور على توحيد الله بالألوهية والربوبية والأسماء
والصفات ، فالتوحيد هو أشرف مباحث علم العقيدة وهو غايتها ، فسمي به هذا العلم عند
السلف تغليباً .
3- السـنـة : والسنة الطريقة ، فأطلق على عقيدة السلف
السُّنة لاتباعهم طريقة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه في ذلك .
وهذا الإطلاق هو السائد في القرون الثلاثة الفاضلة .
4 - أصول الدين : وأصول الديانة ، والأصول هي أركان الإيمان
وأركان الإسلام ، والمسائل القطعية وما أجمع عليه الأئمة .
5 - الفقه الأكـبر : وهو يرادف أصول الدين ، مقابل الفقه الأصغر وهو
الأحكام الاجتهادية .
6 - الشريعـة : أي ما شرعه الله
ورسوله من سنن الهدي وأعظمها أصول الدين .
7 - الإيمان : ويشمل سائر الأمور
الاعتقادية .
هذه هي أشهر إطلاقات أهل السنة على علم العقيدة ، وقد يشركهم غيرهم في
إطلاقها بالتبع ، كبعض الأشاعرة وأهل
الحديث منهم بخاصة .
وهناك اصطلاحات أخرى تطلقها الفرق - غير أهل السنة - على هذا العلم ، من
أشهر ذلك :
1 - علم الكلام : وهذا الإطلاق يعرف عند سائر الفرق المتكلمة ، كالمعتزلة
والأشاعرة ، ومن يسلك سبيلهم ، وهو لايجوز
لأن علم الكلام حادث مبتدع ، ويقوم على التقوّل على الله بغير علم ، ويخالف منهج
السلف في تقرير العقائد .
2 - الفلسفة : عند الفلاسفة ومن سلك سبيلهم ، وهو إطلاق لا يجوز في العقيدة
لأن الفلسفة مبناها على الأوهام والعقليات الخيالية ، والتصورات الخرافية عن أمور
الغيب المحجوبة .
3 - التصوف : عند بعض المتصوفة والفلاسفة ، والمستشرقين ومن نحا نحوهم ،
وهو إطلاق مبتدع لأنه ينبني على اعتبار شطحات المتصوفة ومزاعمهم وخرافاتهم في
العقيدة .
4 - الألهيات : عند أهل الكلام والفلاسفة والمستشرقين وأتباعهم وغيرهم ،
وهو خطأ ، لأن المقصود بها عندهم فلسفات الفلاسفة ، وكلام المتكلمين والملاحدة
فيما يتعلق بالله - تعالى - .
5 - ما وراء الطبيعة : أو " الميتافيزيقيا " كما يسميها الفلاسفة
والكتاب الغربيون ومن نحا نحوهم ، وهي
قريبة من معنى الإلهيات .
ويطلق الناس على ما يؤمنون به ويعتنقونه من مبادئ وأفكار ( عقائد ) وإن
كانت باطلة أو لا تستند إلى دليل عقلي ولا نقلي ، فإن للعقيدة مفهوماً صحيحاً هو
الحق ، وهو عقيدة أهل السنة والجماعة المستمدة من الكتاب والسنة الثابتة ، وإجماع
السلف الصالح .
وللعقيدة - أيضاً - مفاهيم باطلة ، وهي كل المعتقدات التي تعارض أو تخالف
ما جاء عن الله - تعالى - وعن رسوله صلى الله عليه وسلم ، فإطلاق مفهوم العقيدة
كمفهوم الدين ، فالدين الحق ( دين الله) يسمى ديناً، وكذلك تدين المشركين لغير
الله يسمى ديناً ، قال تعالى :
{ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ } [ الآية 5 / سورة الكافرون ]
فالشيوعي : يعتنق آراءً وأهواءً باطلة ، ويسميها عقيدة وديناً .
والبـوذي : يعتنق آراءً وأهواءً باطلة ، ويسميها عقيدة وديناً .
واليهودي : يعتنق آراءً وأهواءً باطلة ، ويسميها عقيدة وديناً .
والنصراني : يعتنق آراءً وأهواءً باطلة ، ويسميها عقيدة وديناً .
أما العـقيدة الإسلامية إذا أطلقت فهي :
عقيدة أهل السنة والجماعة ، لأنها
هي الإسلام الذي ارتضاه الله ديناً لعباده .
ونسبة أقوال الناس والفرق ومعتقداتها المخالفة للسلف إلى الإسلام لا تجعلها
من العقيدة الإسلامية الحقة ، بل هي معتقدات ُتنسب إلى أصحابها ، والحق منها براء
، وقد يسميها بعض الباحثين ( إسلامية ) ، من باب النسبة الجغرافية والتاريخية ، أو
لمجرد دعوة الانتماء ، أي : أن أصحابها ومعتقديها يدعوّن الإسلام ويسمونها إسلامية
، لكن الأمر عند التحقيق يحتاج إلى العرض على الكتاب والسنة في أمر الاعتقاد ، فما
وافق الكتاب والسنة واستمد منهما فهو الحق ، وهو من العقيدة الإسلامية ، وما لم
يكن كذلك فيرد إلى صاحبه وُينسب إليه .
المصدر:
مباحث في
عقيدة أهل السنة والجماعة
وموقف الحركات الإسلامية المعاصرة منها
الشيخ د. ناصر بن عبدالكريم العقل
الأستاذ المشارك بقسم العـقيدة والمذاهب المعاصرة
في كلية أصول الدين بالرياض
الطبعة الأولى 12 / 9 / 1412 هـ
دار الوطن للنشر
عقيدة أهل السنة والجماعة
وموقف الحركات الإسلامية المعاصرة منها
الشيخ د. ناصر بن عبدالكريم العقل
الأستاذ المشارك بقسم العـقيدة والمذاهب المعاصرة
في كلية أصول الدين بالرياض
الطبعة الأولى 12 / 9 / 1412 هـ
دار الوطن للنشر