حكاية أحمد بن أبي الحواري والشاب الناسك الحكيم
حكي عن أحمد بن أبي الحواري رحمه الله أنه قال خرجت يوما للقبور فذكرت الموت في نفسي والبلاء فرأيت شابا بين القبور قد استفرغه الخوف والبكاء وهو بين القبور منصرف فقلت له من أين أقبلت أيها الفتى؟
فقال: من هذا المبرز.
قلت: وأي شيء قلت لهم؟
قال: قلت لهم متى ترحلون؟ فقالوا حين تقدمون
ثم ولى عني وهو يبكي فتبعته فقلت له أين تريد؟
فقال: ألتمس العيش.
فقلت: له كيف تلتمس العيش بين القبور؟
فقال وأي شيء هو العيش عندكم ؟
قلت المال والبنون وأشباه ذلك من اللذات بالنساء والصبيان .
فولى عني وهو يقول أف لعيش يعقب أحزانا وندامة وأشجانا
فقلت: وأي شيء هو العيش عندكم ؟
قال: إنما العيش عندنا هو الإقرار بتوحيد الله والوقوف بفناء الله والخضوع بين يدي الله والتلذذ بحلاوة مناجاة الله فهناك تزدحم عليك أعلام الفوائد من الله تعالى وجميل العوائد:
قلت: له أخبرني عن الصادق لله في حبه متى يشتاق إلى لقائه؟
قال: إذا نزع الله حب الدنيا من قلبه وتبرم ببقائه بين خلقه
فحينئذ يشتاق إلى لقائه.
قال الحواري قلت: له أخبرني عن غاية الزهد في الدنيا؟
قال: ترك الحلال حتى لا يقع في الحرام؟
قال الحواري قلت: أخبرني عن غاية الرضا بالله تعالى؟
قال :إذا كنت راضيا بكل ما قدر الله تعالى وقضاه وأحكمه وأمضاه وأنه هو المتفضل على المتقين بفضله والخاذل لمن شاء بعدله.
قلت له أخبرني عن غاية العبادة.
قال: تجمع الهموم فتجعلها هما واحدا حتى يستوي عندك العمران والخراب وتكون خائفا من الله تعالى كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك
قلت له كيف النجاة من مخالفة الناس.
قال: إنما الناس رجلان عاقل وجاهل فالعاقل اشتغل بعيوب نفسه عن عيوب غيره وقام مجتهدا بطاعة ربه فهو لا يلتفت إليك ولا إلى غيرك وأما الجاهل فلا يبالي كيف ما كان عليه, فعليك بالبراري والقفار والاستئناس بالواحد القهار.
قلت فمن أين القوت.
قال: تهرب إلى الله تعالى وقد فتح لك باب التوكل عليه ويضيعك حتى تتهمه في رزقك إنه رؤوف رحيم لا يسلمك.
ثم تصافحنا وتفرقنا ودعا لي فما رأيت أنور قلبا منه.
المصدر : كتاب بستان الواعظين- الإمام أبي زكريا يحيى بن شرف النووي
حكي عن أحمد بن أبي الحواري رحمه الله أنه قال خرجت يوما للقبور فذكرت الموت في نفسي والبلاء فرأيت شابا بين القبور قد استفرغه الخوف والبكاء وهو بين القبور منصرف فقلت له من أين أقبلت أيها الفتى؟
فقال: من هذا المبرز.
قلت: وأي شيء قلت لهم؟
قال: قلت لهم متى ترحلون؟ فقالوا حين تقدمون
ثم ولى عني وهو يبكي فتبعته فقلت له أين تريد؟
فقال: ألتمس العيش.
فقلت: له كيف تلتمس العيش بين القبور؟
فقال وأي شيء هو العيش عندكم ؟
قلت المال والبنون وأشباه ذلك من اللذات بالنساء والصبيان .
فولى عني وهو يقول أف لعيش يعقب أحزانا وندامة وأشجانا
فقلت: وأي شيء هو العيش عندكم ؟
قال: إنما العيش عندنا هو الإقرار بتوحيد الله والوقوف بفناء الله والخضوع بين يدي الله والتلذذ بحلاوة مناجاة الله فهناك تزدحم عليك أعلام الفوائد من الله تعالى وجميل العوائد:
قلت: له أخبرني عن الصادق لله في حبه متى يشتاق إلى لقائه؟
قال: إذا نزع الله حب الدنيا من قلبه وتبرم ببقائه بين خلقه
فحينئذ يشتاق إلى لقائه.
قال الحواري قلت: له أخبرني عن غاية الزهد في الدنيا؟
قال: ترك الحلال حتى لا يقع في الحرام؟
قال الحواري قلت: أخبرني عن غاية الرضا بالله تعالى؟
قال :إذا كنت راضيا بكل ما قدر الله تعالى وقضاه وأحكمه وأمضاه وأنه هو المتفضل على المتقين بفضله والخاذل لمن شاء بعدله.
قلت له أخبرني عن غاية العبادة.
قال: تجمع الهموم فتجعلها هما واحدا حتى يستوي عندك العمران والخراب وتكون خائفا من الله تعالى كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك
قلت له كيف النجاة من مخالفة الناس.
قال: إنما الناس رجلان عاقل وجاهل فالعاقل اشتغل بعيوب نفسه عن عيوب غيره وقام مجتهدا بطاعة ربه فهو لا يلتفت إليك ولا إلى غيرك وأما الجاهل فلا يبالي كيف ما كان عليه, فعليك بالبراري والقفار والاستئناس بالواحد القهار.
قلت فمن أين القوت.
قال: تهرب إلى الله تعالى وقد فتح لك باب التوكل عليه ويضيعك حتى تتهمه في رزقك إنه رؤوف رحيم لا يسلمك.
ثم تصافحنا وتفرقنا ودعا لي فما رأيت أنور قلبا منه.
المصدر : كتاب بستان الواعظين- الإمام أبي زكريا يحيى بن شرف النووي