منتديات فرسان المعرفة

أهلا وسهلا زائرنا الكريم ومرحبا بك في منتديات فرسان المعرفة منتديات التميز والابداع ونتمنى أن تكون زيارتك الأولى مفتاحا للعودة إليه مرة أخرى والانضمام إلى أسرة المنتدى وأن تستفيد إن كنت باحثا وتفيد غيرك إن كنت محترفا

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات فرسان المعرفة

أهلا وسهلا زائرنا الكريم ومرحبا بك في منتديات فرسان المعرفة منتديات التميز والابداع ونتمنى أن تكون زيارتك الأولى مفتاحا للعودة إليه مرة أخرى والانضمام إلى أسرة المنتدى وأن تستفيد إن كنت باحثا وتفيد غيرك إن كنت محترفا

منتديات فرسان المعرفة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات الشمول والتنوع والتميز والإبداع

قال تعالى ( يا أيها الذين أمنوا اذكروا الله كثيراً وسبحوه بكرة وأصيلا)أ
عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال(من قال صبيحة يوم الجمعة قبل صلاة الغداة , أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه ثلاث مرات غفرالله ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر)
عن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه كان يدعو بهذا الدعاء "اللهم! اغفر لي خطيئتي وجهلي. وإسرافي في أمري. وما أنت أعلم به مني. اللهم! اغفر لي جدي وهزلي. وخطئي وعمدي. وكل ذلك عندي. اللهم! اغفر لي ما قدمت وما أخرت. وما أسررت وما أعلنت. وما أنت أعلم به مني. أنت المقدم وأنت المؤخر. وأنت على كل شيء قدير". رواه مسلم في صحيحه برقم (2719)
عن عقبة بن عامر رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما أحد يتوضأ فيحسن الوضوء ويصلي ركعتين يقبل بقلبه ووجهه عليهما إلا وجبت له الجنة)رواه مسلم وأبو داود وابن ماجة وابن خزيمة في صحيحة
عن أبي هريرة رضى الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "اللهم! أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري. وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي. وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي. واجعل الحياة زيادة لي في كل خير. واجعل الموت راحة لي من كل شر". رواه مسلم في صحيحه برقم (2720)
عن أبي الأحوص، عن عبدالله رضى الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه كان يقول "اللهم! إني أسألك الهدى والتقى، والعفاف والغنى". رواه مسلم في صحيحه برقم(2721)
عن زيد بن أرقم رضى الله عنه. قال: لا أقول لكم إلا كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كان يقول "اللهم! إني أعوذ بك من العجز والكسل، والجبن والبخل، والهرم وعذاب القبر. اللهم! آت نفسي تقواها. وزكها أنت خير من زكاها. أنت وليها ومولاها. اللهم! إني أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعوة لا يستجاب لها". رواه مسلم في صحيحه برقم(2722)
عن عبدالله رضى الله عنه قال: كان نبي الله صلى الله عليه وسلم إذا أمسى قال "أمسينا وأمسى الملك لله. والحمد لله. لا إله إلا الله وحده لا شريك له". قال: أراه قال فيهن "له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. رب! أسألك خير ما في هذه الليلة وخير ما بعدها. وأعوذ بك من شر ما في هذه الليلة وشر ما بعدها. رب! أعوذ بك من الكسل وسوء الكبر. رب! أعوذ بك من عذاب في النار وعذاب في القبر". وإذا أصبح قال ذلك أيضا "أصبحنا وأصبح الملك لله". رواه مسلم في صحيحه برقم(2723)
عن عبدالرحمن بن يزيد، عن عبدالله رضى الله عنه . قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمسى قال "أمسينا وأمسى الملك لله. والحمد لله. لا إله إلا الله وحده. لا شريك له. اللهم! إني أسألك من خير هذه الليلة وخير ما فيها. وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها. اللهم! إني أعوذ بك من الكسل والهرم وسوء الكبر. وفتنة الدنيا وعذاب القبر". رواه مسلم في صحيحه برقم(2723)
عن أبي موسى رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكره مثل الحي والميت) رواه البخاري.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل وشاب نشأ في عبادة الله, ورجل قلبه معلق بالمساجد إذا خرج منه حتى يعود إليه, ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه, ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه, ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله , ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه) متفق عليه
عن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم ) روه الشيخان والترمذي.
عن أبي مالك الحارث بن عاصم الأشعري رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(الطهور شطر الإيمان والحمدلله تملأ الميزان وسبحان الله والحمدلله تملأ أو تملآن ما بين السماء والأرض والصلاة نور والصدقة برهان والصبر ضياء والقرآن حجة لك أو عليك كل الناس يغدو فبائع نفسه أو موبقها) رواه مسلم. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم(من قال سبحان الله وبحمده في يومه مائة مرة حُطت خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر)رواه البخاري ومسلم.
عن أبي سعيد رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( استكثروا من الباقيات الصالحات ) قيل وما هن يارسول الله؟ قال ( التكبير والتهليل والتسبيح والحمدلله ولا حول ولاقوة إلابالله ) رواه النسائي والحاكم وقال صحيح الاسناد.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أحب الكلام إلى الله أربع- لا يضرك بأيهن بدأت: سبحان الله والحمدلله ولا إله إلا الله والله أكبر ). رواه مسلم

2 مشترك

    كيفيَّة وجُود صنَاعَة الطِّب وَأول حدوثها

    د. محمد الهاشم
    د. محمد الهاشم
    إداري
    إداري


    الجنس : ذكر
    الابراج : القوس
    عدد المساهمات : 106
    نقاط : 6491
    السٌّمعَة : 70
    تاريخ التسجيل : 24/02/2012
    العمر : 56

    كيفيَّة وجُود صنَاعَة الطِّب وَأول حدوثها Empty كيفيَّة وجُود صنَاعَة الطِّب وَأول حدوثها

    مُساهمة من طرف د. محمد الهاشم الخميس 12 أبريل 2012 - 9:02

    كيفيَّة وجُود صنَاعَة الطِّب وَأول حدوثها
    أقول إن الكلام في تحقيق هذا المعنى يعسر لوجوه أحدها بُعد العهد به فإن كل ما بعد عهده وخصوصاً ما كان من هذا القبيل فإن النظر فيه عسر جداً الثاني إننا لم نجد للقدماء والمتميزين وذوي الآراء الصادقة قولاً واحداً ساداً في هذا متفقاً عليه فنتبعه الثالث إن المتكلمين في هذا لما كانوا فرقاً وكانوا كثيري الاختلاف جداً بحسب ما وقع إلى كل واحد منهم أشكل التوجيه في أي أقوالهم هو الحق وقد ذكر جالينوس في تفسيره لكتاب الإيمان لأبقراط إن البحث فيما بين القدماء عن أول من وجد صناعة الطب لم يكن بحثاً يسيراً ولنبدأ أولاً بإثبات ما ذكره مع ما ألحقناه به في جهة الحصر لهذه الآراء المختلفة وذلك أن القول في وجود صناعة الطب ينقسم إلى قسمين أولين فقوم يقولون بقدمه وقوم يقولون فالذين يعتقدون حدوث الأجسام يقولون إن صناعة الطب مُحْدثة لأن الأجسام التي يستعمل فيها الطب محدثة والذين يعتقدون القِدَم يعتقدون في الطب قِدَمه ويقولون إن صناعة الطب قديمة لم تزل مذ كانت كأحد الأشياء القديمة لم تزل مثل خلق الأنسان وأما أصحاب الحدوث فينقسم قولهم إلى قسمين فبعضهم يقول إن الطب خُلق مع خَلق الإنسان إذ كان من أحد الأشياء التي بها صلاح الإنسان وبعضهم يقول وهم الجمهور أن الطب استخرج بعد وهؤلاء أيضاً ينقسمون قسمين فمنهم من يقول إن اللَّه تعالى ألهمها الناس وأصحاب هذا الرأي على ما يقوله جالينوس وأبقراط وجميع أصحاب القياس وشعراء اليونانيين ومنهم من يقول أن الناس استخرجوها وهؤلاء قوم من أصحاب التجربة وأصحاب الحيل وثاسلس المغالط وفيلن وهم أيضاً مختلفون في الوضع الذي به استخرجت وبماذا استخرجت فبعضهم يقول أن أهل مصر استخرجوها ويصححون ذلك من الدواء المسمى باليونانية الأنى وهو الراسن وبعضهم يقول أن هرمس استخرج سائر الصنائع والفلسفة والطب وبعضهم يقول أن أهل فولوس استخرجوها من الأدوية التي ألفتها القابلة لامرأة الملك فكان بها برؤها وبعضهم يقول أن أهل موسيا وأفروجيا استخرجوها وذلك أن هؤلاء أول من استخرج الزّمر فكانوا يشفون بتلك الألحان والإيقاعات آلام النفس ويشفي آلام النفس ما يشفى به البدن وبعضهم يقول أن المستخرج لها الحكماء من أهل قو وهي الجزيرة التي كان بها أبقراط وآباؤه وأعني آل اسقليبيوس وقد ذكر كثير من القدماء أن الطب ظهر في ثلاث جزائر في وسط الإقليم الرابع أحداها تسمى رودس والثانية تسمى قنيدس والثالثة تسمى قو ومن هذه كان أبقراط وبعضهم يرى أن المستخرج لها الكلدانيون وبعضهم يقول أن المستخرج لها السحرة من أهل اليمن وبعضهم يقول بل السحرة من بابل أو السحرة من فارس وبعضهم يقول أن المستخرج لها الهند وبعضهم يقول أن المستخرج لها أهل أقريطش الذين ينسب لافتيمون إليهم وبعضهم يقول أهل طورسينا فالذين قالوا أن الطب من اللَّه تعالى قال بعضهم هو إلهام بالرؤيا واحتجوا بأن جماعة رأوا في الأحلام أدوية استعملوها في اليقظة فشفتهم من أمراض صعبة وشفت كل من استعملها وقال قوم ألهمها اللَّه تعالى بالتجربة ثم زاد الأمر في ذلك وقوي واحتجوا أن إمرأة كانت بمصر وكانت شديدة الحزن والهم مبتلاة بالغنظ والدرد ومع ذلك فكانت ضعيفة المعدة وصدرها مملوء إخلاطاً رديئة وكان حيضها محتبساً فاتفق لها أن أكلت الراسن مراراً كثيرة بشهوة منها له فذهب عنها جميع ما كان بها ورجعت إلى صحتها وجميع من كان به شيء مما كان بها لما والذين قالوا أن اللَّه تعالى خلق صناعة الطب احتجوا في ذلك بأنه لا يمكن في هذا العلم الجليل أن يستخرجه عقل إنسان وهذا الرأي هو رأي جالينوس وهذا نص ما ذكره في تفسيره لكتاب الإيمان لأبقراط قال وأما نحن فالأصوب عندنا والأولى أن نقول أن اللّه تبارك وتعالى خلق صناعة الطب وألهمها الناس وذلك أنه لايمكن في مثل هذا العلم الجليل أن يدركه عقل الإنسان لكن اللّه تبارك وتعالى هو الخالق الذي هو بالحقيقة فقط يمكنه خلقه وذلك أنا لا نجد الطب أحسن من الفلسفة التي يرون أن استخراجها كان من عند اللّه تبارك وتعالى ووجدت في كتاب الشيخ موفق الدين أسعد بن إلياس بن المطران الذي وسمه ببستان الأطباء وروضة الألباء كلاماً نقله عن أبي جابر المغربي وهو هذا قال سبب وجود هذه الصناعة وحي وإلهام والدليل على ذلك أن هذه الصناعة موضوعة للعناية بأشخاص الناس إما لأن تفيدهم الصحة عند المرض وأما لأن تحفظ الصحة عليهم وممتنع أن تعني الصناعة بالأشخاص بذاتها دون أن تكون مقرونة بعلم أمر هذه الأشخاص التي خصت العناية بها ومن البيّن أن الأشخاص ذوات مبدأ لوقوعها تحت العدد وكل معدود فأوله واحد تكثّر ولا يجوز أن تكون أشخاصُ الناس إلى ما لا نهاية له لأن خروج ما لا نهاية له إلى الفعل محال قال ابن المطران ليس كل ما لا يقدر على حصره فلا نهاية له بل قد تكون له نهاية يضعف عن حصرها قال أبو جابر وإذا كانت الأشخاص التي لا تقوم هذه الصناعة إلا بها ذوات مبدأ ضرورةً فالصناعة ذات مبدأ ضرورة ومن البين أن الشخص الذي هو أول الكثرة مفتقر إليها كافتقار سائرهم ومن البين أيضاً أنه لا يأتي من أول شخص وجد علم هذه الصناعة استنباطاً لقصر عمره وطول الصناعة ولا يجوز أن يجتمعوا في مبدأ الكثرة على استنباطها من أجل أن الصناعة متقنة محكمة وكل أمر متقن لا يستنبط بالاختلاف بل بالاتفاق والأشخاص التي هي أول في الكثرة لا يجوز أن تجتمع على أمر متقن من أجل أن كل شخص لا يساوي كل شخص من جميع الجهات وإذا لم تتساو من جهة آرائها لم يجز أن تجتمع على أمر محكم قال ابن المطران هذا يؤدي أيضاً في باقي العلوم والصناعات إلى أنها إلهام لأنها ذوات إتقان أيضاً وقوله أيضاً أن الأشخاص لا يجوز أن تجتمع على أمر متقن ليس بشيء بل اجتماعها لا يكون إلا على أمر متقن وإنما الاختلاف يقع مع عدم الإتقان قال أبو جابر فقد بان أن الأشخاص في مبدأ الكثرة لا يتأتى منها استنباط هذه الصناعة وكذلك عند نهاية الكثرة لتباينهم وافتراقهم ووقوع الخلف بينهم ونقول أيضاً يجوز أن يشك شاك فيقول هل يتأتى عندك أن يعرف إنسان من الناس أو كثير منهم منابت الحشائش والعقاقير ومواضع المعادن وخواصها وقوى أعضاء سائر الحيوان وخواصها ومضارها ومنافعها ويعرف سائر الأمراض والبلدان واختلاف امزجة أهلها مع تفريق ديارهم ويعرف القوة التي ينتجها تركيب الأدوية وما يضاد قوة قوةٍ من قوى الأدوية وما يلائم مزاجاً مزاجاً وما يضاده مع ما يتبع ذلك من سائر صناعة الطب فإن سهل ذلك وهونه كذب وإن صعب أمره في علمه من جهة المعرفة قلنا استنباطه ممتنع وإذا لم يكن للصناعة الطبية لابتدائها إلا الاستنباط أو الوحي أو الإلهام وكان لا سبيل إلى استنباط هذه الصناعة بقي أن تكون موجودة بطريق الوحي والإلهام قال ابن المطران هذا كلام مشوش كله مضطرب وإن كان جالينوس قال في تفسير العهد أن هذه الصناعة وحيية إلهامية وقال فلاطن في كتاب السياسة أن اسقليبيوس كان رجلاً مؤيداً ملهما لكن تبعيد حصول هذه الصناعة باستنباط العقول خطأ وتضعيف العقول التي استنبطت أجل من صناعة الطب ولننزل أن أول العالم كان واحداً محتاجاً إلى صناعة الطب كحاجة هذا العالم الجم الغفير اليوم وأنه ثقل عليه جسمه واحمرت عيناه وأصابه علامات الامتلاء الدموي ولا يدري ما يفعل فأصابه من قوته الرعاف فزال عنه ما كان يجده فعرف ذلك فعاوده في وقت آخر ذلك بعينه فبادر إلى أنفه فخدشه فجرى منه الدم فسكن عنه ما كان يجده فصار ذلك عنده محفوظاً يعلمه كل من وجده من ولده ونسله ولطفت حواشي الصناعة حتى فتح العرق بلطافة ذهن ورقة حس ولو نزلنا لفتح العرق أن آخر ممن هذه صفته انجرح أو انخدش فجرى منه الدم فكان له ما ذكرنا من النفع ولطفت الأذهان في استخراج الفصد جاز فصار هذا باباً من الطب وآخر امتلأ من الطعام امتلاء مفرطاً فأصابه من طبيعته أحد الاستفراغين إما القيء وإما الاسهال بعد غثيان وكرب وقلق وتهوع ومغص وقراقر وريح جوالة في البطن فعند ذلك الاستفراغ سكن جميع ما كان يجده وقد كان آخر من الناس عبث ببعض اليتوعات فمغصه فأسهله وقيأه اسهالاً وقيئاً كثيراً وصارت عنده معرفة أن هذه الحشيشة تفعل هذا الفعل وأن هذا الحادث مخفف لتلك الأعراض مزيل لها فذكره لذلك الشخص وحثه على استعمال القليل منه لمّا تعوق عليه القيء والإسهال وصعبت عليه الأعراض فأداه إلى غرضه منهما وخفف عنه ما لقي من شر تلك الأعراض ولطفت الصناعة ورقت حواشيها ونظرت في باقي الحشائش الشبيهة بتلك ما منها يفعل ذلك وما منها لا يفعله وما منها يفعله بعنف وما منها يفعله بضعف وجاء صفاء العقول فنظر في الدواء الذي يفعل ذلك أيُّ الطعوم طعمه وأيُّ الكيفيات يسبق إلى اللسان منه وأيها يتبعها فجعل ذلك سباره ويستخرج منه وأعانته التجربة وأخرجت ما وقع له من القول إلى الفعل وكذبت ما غلط فيه وصححت ما حدس عليه حدساً صحيحاً حتى اكتفى من ذلك وإذا نزلت أن مسهولاً لا يعلم أي الأدوية وأي الأغذية ينفعه أو يضره استعمل بالاتفاق سماقاً في غذائه فانتفع به ودام عليه فأبرأه فأحب أن يعلم بماذا أبرأه فتطعمه فوجده حامضاً قابضاً فعلم أنه لا يخلو من أن يكون حمضه نفعه أو قبضه فذاق غيره مما فيه حموضة محضة فقط واستعمله في غيره ممن به مثل ما كان به فوجده لا يفيده ما أفاده هو فعمد إلى شيء آخر طعمه قابض فقط فاستعمله في ذلك الشخص بعينه فوجد فائدته فيه أكثر من فائدة الحامض المطلق فعلم أن ذلك الطعم مفيد في تلك الحالة وسماه قابضاً وسمى ذلك استفراغاً وقال إن القابض ينفع من الاستفراغ ولطفت الصناعة ورقت حواشيها في ذلك حتى استخرجت العجائب واستنبطت البدائع وأتى الثاني فوجد الأول وقد استخرج شيئاً جرّبه فوجده حقاً فاحتفظ به وقاس عليه وتمم حتى استكملت الصناعة ولو نزلنا مجيء مخالف وجدنا كثيرين موافقين وإذا غلط متقدم سدد متأخر وإذا قصَّر قديم تمَّم محدث هكذا في جميع الصناعات كذا الغالب على ظني قال قال حبيش الأعسم أن رجلاً اشترى كبداً طرية من جزار ومضى إلى بيته فاحتاج أن ينصرف في حاجة أخرى فوضع تلك الكبد التي كانت معه على أوراق نبات مبسوطة كانت على وجه الأرض ثم قضى حاجته وعاد ليأخذ الكبد فوجدها قد ذابت وسالت دماً فأخذ تلك الأوراق وعرف ذلك النبات وصار يبيعه دواء للتلف حتى فطن به وأمر بقتله أقول هذه الحكاية كانت في وقت جالينوس وقال إنه كان السبب في مسك ذلك الرجل وفي توديته إلى الحاكم حتى أمر بقتله قال جالينوس وأمرت أيضاً في وقت مروره إلى القتل أن تشد عيناه حتى لا ينظر إلى ذلك النبات أو أن يشير إلى أحد سواه فيتعلمه منه ذكر ذلك في كتابه في الأدوية المسهلة وحدثني جمال الدين النقاش السعودي أن في لحف الجبل الذي بأسعرد على الجانب الآخر منه قريباً من الميدان عشباً كثيراً وأن بعض الفقراء من مشايخ أهل المدينة أتى إلى ذلك الموضع ونام على نبات هناك ولم يزل نائماً إلى أن عبر عليه جماعة فوجدوه كذلك وتحته دماً سائحاً من أنفه ومن ناحية المخرج فأنبهوه وبقوا متعجبين من ذلك إلى أن ظهر لهم أنه من النبات الذي نام عليه وأخبرني أنه خرج إلى ذلك الموضع ورأى ذلك النبات وذكر من صفته أنه على شكل الهندبا غير أنه مشرف الجوانب وهو مر المذاق قال وقد شاهدت كثيراً ممن يدنيه إلى أنفه ويستنشقه مرات فإنه يحدث له رعافاً في الوقت هذا ما ذكره ولم يتحقق عندي في أمر هذا النبات هل هو الذي أشار إليه جالينوس أو غيره قال ابن المطران فأقول حينئذ أن النفس الفاضلة المفيدة للخير نَظَرت حينئذ فعلمت وكما أن الدواء فعل ذلك الفعل فلا بد وأن يكون خَلْق دواء آخر ينفع هذا العضو ويقاوم هذا الدواء ففتش عليه بالتجربة ولم يزل يطلب في كل يوم أو في كل وقت حيواناً فيعطيه الدواء الأول ثم الثاني فإن دفع ضرره فقد حصل مراده وإن لم ينفع فيه طلب غيره حتى وقع على ذلك الدواء وفي استخراج الترياق أعظم دليل على ما قلت إذ لم يكن الترياق سوى حب الغار وعسل ثم صار إلى ما صار إليه من الكثرة والنفع لا بوحي ولا إلهام ولكن بقياس وصفاء عقول وفي مدد طويلة فإن قلت من أين علم أن الدواء لا بد له من ضد قلنا إنهم لما نظروا إلى قاتل البيش وهو نبات يطلع فإذا وقع على البيش جففه وأتلفه علموا أن مثله في غيره فطلبوه والعالم الفطن يقدر على علم كيفية استخراج شيء من المعلومات إذا نظر فيه على قياسنا الذي وضعناه له وقد عمل جالينوس كتاباً في كيف كان استخراج جميع الصناعات فما زاد فيه من النحو الذي ذكرنا أقول وإنما نقلنا هذه الآراء التي تقدم ذكرها على اختلافها وتنوعها لكون مقصدنا حينئذ أن نذكر جل ما ذهب إليه كل فريق ولما كان الخُلف والتباين في هذا على ما ترى صار طلب أوله عسراً جداً إلا أن الإنسان العاقل إذا فكر في ذلك بحسب معقوله فإنه يجد صناعة الطب لا يبعد أن تكون أوائلها قد تحصلت من هذه الأشياء التي قد تقدمت أو من أكثرها وذلك أنا نقول أن صناعة الطب أمر ضروري للناس منوطة بهم حيث وجدوا ومتى وجدوا إلا أنها قد تختلف عندهم بحسب المواضع وكثرة التغذي وقوة التمييز فتكون الحاجة إليها أمسَّ عند قوم دون قوم وذلك أنه لما كانت بعض النواحي قد يعرض فيها كثيراً أمراض ما لأهل تلك الناحية وخصوصاً كلما كانوا أكثر تنوعاً في الأغذية وهم أدوم أكلاً للفواكه فإن أبدانهم تبقى متهيئة للأمراض وربما لم يفلت منهم أحد في سائر أوقاته من مرض يعتريه فيكون أمثال هؤلاء مضطرين إلى الصناعة الطبية أكثر من غيرهم ممن هم في نواحي أصح هواء وأغذيتهم أقل تنوعاً وهم مع ذلك قليلو الاغتذاء بما عندهم ثم أن الناس أيضاً لما كانوا متفاضلين في قوة التمييز النطقي كان أتمهم تمييزاً وأقواهم حنكة وأفضلهم رأياً أدرك وأحفظ لما يمر بهم من الأمور التجريبية وغيرها لمقابلة الأمراض بما يعالجها به من الأدوية دون غيره فإذا اتفق في بعض النواحي أن يكون أهلها تعرض لهم الأمراضُ كثيراً وكان فيهم جماعة عدة بمثابة من أشرنا إليه أولاً فإنهم يتسلطون بقوة إدراكهم وجودة قرائحهم وبما عندهم من الأمور التجريبية وغيرها على سبيل المداواة فيجتمع عندهم على الطول أشياء كثيرة من صناعة الطب ولنذكر حينئذ أقساماً في مبدئية هذه الصناعة بقدر الممكن فنقول القسم الأول أن أحد الأقسام في ذلك أنه قد يكون حصل لهم شيء منها عن الأنبياء والأصفياء عليهم السلام بما خصهم اللَّه تعالى به من التأييد الإلهي روى ابن عباس رضي اللَّه عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال كان سليمان بن داودَ عليهما السلام إذا صلى رأى شجرة نابتة بين يديه فيسألها ما اسمك فإن كانت لغرس غرست وإن كانت لدواء كتبت وقال قوم من اليهود أن اللَّه عز وجل أنزل على موسى عليه السلام سفر الأشفية والصابئة تقول أن الشفاء كان يؤخذ من هياكلهم على يد كهانهم وصلحائهم بعض بالرؤيا وبعض بالإلهام ومنهم من قال أنه كان يوجد مكتوباً في الهياكل لا يعلم من كتبه ومنهم من قال أنها كانت تخرج يد بيضاء مكتوب عليها الطب ونقل عنهم إن شيت أظهر الطب وأنه ورثه عن آدم عليهما الصلاة والسلام فأما المجوس فإنها تقول أن زرادشت الذي تدعي أنه نبيهم جاء بكتب علوم أربعة زعموا أنها جلدت باثني عشر ألف جلد جاموس ألف منها طب وأما نبط العراق والسورانيون والكلدانيون والكسدانيون وغيرهم من أصناف النبط القدم فيدّعي لهم أنهم اكتشفوا مبادئ صناعة الطب وأن هرمس الهرامسة المثلث بالحكمة كان بينهم ويعرف علومهم فخرج حينئذ إلى مصر وبث في أهلها العلوم والصنائع وبنى الأهرام والبرابي ثم انتقل العلم منهم إلى اليونانيين وقال الأمير أبو الوفاء المبشر بن فانك في كتاب مختار الحكم ومحاسن الكلم أن الاسكندر لما تملك مملكة داراً واحتوى على فارس أحرق كتب دين المجوسية وعمد إلى كتب النجوم والطب والفلسفة فنقلها إلى اللسان اليوناني وأنفذها إلى بلاده وأحرق أصولها وقال الشيخ أبو سليمان المنطقي قال لي ابن عدي إن الهند لهم علوم جليلة من علوم الفلسفة وأنه وقع إليها أن العلم من ثمَّ وصل إلى اليونانيين وقال الشيخ أبو سليمان ولست أدري من أين وقال بعض علماء الإسرائيليين أن الذي استخرج صناعة الطب يوقال بن لامخ بن متوشالخ القسم الثاني أن يكون قد حصل لهم شيء منها بالرؤيا الصادقة مثل ما حكى جالينوس في كتابه في الفصد من فصده للعرق الضارب الذي أُمر به وذلك أنه قال إني أمرت في منامي مرتين بفصد العرق الضارب الذي بين السبابة والإبهام من اليد اليمنى فلما أصبحت فصدت هذا العرق وتركت الدم يجري إلى أن انقطع من تلقاء نفسه لأني كذلك أمرت في منامي فكان ما جرى أقل من رطل فسكن عني بذلك على المكان وجع كنت أجده قديماً في الموضع الذي يتصل به الكبد بالحجاب وكنت في وقت ما عرض لي هذا غلاماً قال وأعرف إنساناً بمدينة فرغامس شفاه اللَّه تعالى من وجع مزمن كان به في جنبه بفصد العرق الضارب من كفه والذي دعا ذلك الرجل إلى أن يفعل ذلك رؤيا رآها وقال في المقالة الرابعة عشرة من كتابه في حيلة البرء قد رأيت لساناً عظم وانتفخ حتى لم يسعه الفم وكان الذي أصابه ذلك رجلاً لم يعتد إخراج الدم قط وكان من أبناء ستين سنة وكان الوقت الذي رأيته فيه أول مرة الساعة العاشرة من النهار فرأيت أنه ينبغي لي أن أسهله بهذا الحب الذي قد جرت العادة باستعماله وهو الحب المتخذ بالصبر والسقمونيا وشحم الحنظل فسقيته الدواء نحو العشاء وأشرت عليه أن يضع على العضو العليل بعض الأشياء التي تبرِّد وقلت له افعل هذا حتى أنظر ما يحدث فأقدر المداواة على حسبه ولم يساعدني على ذلك رجل حضره من الأطباء فبهذا السبب أخذ الرجل ذلك الحب وتأخر النظر في أمر ما يداوي به العضو نفسه إلى الغد وكنا نطمع جميعاً أن يكون قد تبين فيه حسن أثر الشيء الذي يداوي به ونجربه عليه إذ كان فيه يكون البدن قد استفرغ كله والشيء المنصب إلى العضو قد انحدر إلى أسفل ففي ليلته رأى في حلمه رؤيا ظاهرة بينة فحمد مشورتي واتخذ مشورتي مادة في ذلك الدواء وذلك أنه رأى النائم آمراً يأمره بأن يمسك فيه عصارة الخس فاستعمل هذه العصارة كما أمره وبرأ برءاً تاماً ولم يحتج معها إلى شيء آخر يتداوى به وقال في شرحه لكتاب الإيمان لأبقراط وعامة الناس يشهدون على أن اللَّه تبارك وتعالى هو الملهم لهم صناعة الطب من الأحلام والرؤيا التي تنقذهم من الأمراض الصعبة من ذلك أنا نجد خلقاً كثيراً ممن لا يحصى عددهم أتاهم الشفاء من عند اللَّه تبارك وتعالى بعضهم على يد سارافس وبعضهم على يد اسقليبيوس بمدينة أفيداروس ومدينة قو ومدينة فرغامس وهي مدينتي وبالجملة فقد يوجد في جميع الهياكل التي لليونانيين وغيرهم من سائر الناس الشفاء من الأمراض الصعبة التي تأتي بالأحلام وبالرؤيا وأريباسيوس يحكي في كناشه الكبير أن رجلاً عرض له في المثانة حجر عظيم قال وداويته بكل دواء مستصلح لتفتيت الحجر فلم ينتفع البتة وأشرف على الهلاك فرأى في النوم كأن إنساناً أقبل عليه وفي يده طائر صغير الجثة وقال له أن هذا الطائر اسمه صفراغون ويكون بمواضع السباحات والآجام فخذه واحرقه وتناول من رماده حتى تسلم من هذه العلة فلما انتبه فعل ذلك فأخرج الحجر من مثانته متفتتاً كالرماد وبَرَأَ برءاً تاماً ومما حصل أيضاً من ذلك بالرؤيا الصادقة أن بعض خلفاء المغرب مرض مرضاً طويلاً وتداوى بمداواة كثيرة فلم ينتفع بها فلما كان في بعض الليالي رأى النبي صلى الله عليه وسلم في نومه وشكى إليه ما يجده فقال له صلى الله عليه وسلم ادهن بلا وكل لا تبرأ فلما انتبه من نومه بقي متعجباً من ذلك ولم يفهم ما معناه فسأل المعبرين عنه فكل منهم عجز عن تأويله ما خلا علي بن أبي طالب القيراوني فإنه قال يا أمير المؤمنين إن النبي صلى الله عليه وسلم أمرك أن تدهن بالزيت وتأكل منه فتبرأ فلما سأله من أين له معرفة ذلك قال من قول اللَّه عزّ وجلّ من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار فلما استعمل ونقلت من خط علي بن رضوان في شرحه لكتاب جالينوس في فرق الطب ما هذا نصه قال وقد كان عرض لي منذ سنين صداع مبرح عن امتلاء في عروق الرأس ففصدت فلم يسكن وأعدت الفصد مراراً وهو باق على حاله فرأيت جالينوس في النوم وقد أمرني أن أقرأ عليه حيلة البرء فقرأت عليه منها سبع مقالات فلما بلغت إلى آخر السابعة قال نسيت ما بك من الصداع وأمرني أن أحجم القمَحْدُوة من الرأس ثم استيقظت فحجمتها فبرأت من الصداع على المكان
    د. محمد الهاشم
    د. محمد الهاشم
    إداري
    إداري


    الجنس : ذكر
    الابراج : القوس
    عدد المساهمات : 106
    نقاط : 6491
    السٌّمعَة : 70
    تاريخ التسجيل : 24/02/2012
    العمر : 56

    كيفيَّة وجُود صنَاعَة الطِّب وَأول حدوثها Empty رد: كيفيَّة وجُود صنَاعَة الطِّب وَأول حدوثها

    مُساهمة من طرف د. محمد الهاشم الخميس 12 أبريل 2012 - 9:03

    وقال عبد اللّه بن زهر في كتاب التيسير إنني كنت قد اعتل بصري من قيئ بحراني افرط علي فعرض لي انتشار في الحدقتين دفعة فشغل بذلك بالي فرأيت فيما يرى النائم من كان في حياته يعني بأعمال الطب فأمرني في النوم بالاكتحال بشراب الورد وكنت في ذلك الزمان طالباً قد حذقت ولم تكن لي حنكة في الصناعة فأخبرت أبي فنظر في الأمر ملياً ثم قال لي استعمل ما أمرت به في نومك فانتفعت به ثم لم أزل استعمله إلى وقت وضعي هذا الكتاب في تقوية الأبصار أقول ومثل هذا أيضاً كثير مما يحصل بالرؤيا الصادقة فإنه قد يعرض أحياناً لبعض الناس أن يروا في منامهم صفات أدوية ممن يوجدهم أياها فيكون بها برؤهم ثم تشتهر المداواة بتلك القسم الثالث أن يكون قد حصل لهم شيء منها أيضاً بالاتفاق والمصادفة مثل المعرفة التي حصلت لاندروماخس الثاني في إلقائه لحوم الأفاعي في الترياق والذي نشطه لذلك وأفرد ذهنه لتأليفه ثلاثة أسباب جرت على غير قصد وهذا كلامه قال أما التجربة الأولى فإنه كان يعمل عندي في بعض ضياعي في الموضع المعروف ببورنوس حراثون يحرثون الأرض للزرع وكان بيني وبين الموضع نحو فرسخين وكنت أبكر إليهم لأنظر ما يعملون وأرجع إذا فرغوا وكنت أحمل لهم معي على الدابة التي تحت الغلام زاداً وشراباً لتطيب أنفسهم ويتجلدوا على العمل فما زلت كذلك إلى أن حملت الغداء في بعض الأيام وكنت قد أخرجت إليهم بستوقة خضراء وفيها خمر مطينة الرأس لم تفتح مع زاد فلما أكلوا الزاد قدموا البستوقة وفتحوها فلما أدخل أحدهم يده مع كوز ليغرف منها الشراب وجد فيها أفعى قد تهرأ فأمسكوا عن الشراب وقالوا إن هاهنا في هذه القرية رجلاً مجذوماً يتمنى الموت من شدة ما به فنسقيه من ذلك الشراب ليموت ويكون لنا في ذلك أجر إذ نريحه من وصبه فمضوا إليه بزاد وسقوه من ذلك الشراب متيقنين أنه لا يعيش يومه ذلك فلما كان قريب الليل انتفخ جسمه نفخاً عظيماً وبقي إلى الغداة ثم سقط عنه الجلد الخارج وظهر الجلد الداخل الأحمر ولم يزل حتى صلب جلده وبرأ وعاش دهراً طويلاً من غير أن يشكو علة حتى مات الموت الطبيعي الذي هو فناء الحرارة الغريزية فهذا دليل على أن لحوم الأفاعي تنفع من الأوصاب الشديدة والأمراض العتيقة في الأبدان وأما التجربة الثانية فإن أخي أبولونيوس كان ماسحاً من قبل الملك على الضياع وكان كثيراً ما يخرج إليها في الأوقات الوعرة الرديئة في الصيف والشتاء فخرج ذات يوم إلى بعض القرى على سبعة فراسخ فنزل يستريح عند أصل شجرة وكان الزمان شديد الحر وأنه نام فاجتازته أفعى فنهشته في يده وكان قد ألقى يده على الأرض من شدة تعبه فانتبه بفزع وعلم أن الآفة قد لحقته ولم يكن به على القيام طاقة ليقتل الأفعى وأخذه الكرب والغشي فكتب وصية وضمنها اسمه ونسبه وموضع منزله وصفته وعلق ذلك على الشجرة كي إذا مات واجتاز به إنسان ورأى الرقعة يأخذها ويقرأها ويعلم أهله ثم استسلم للموت وكان بالقرب منه ماء قد حصل منه فضلة يسيرة في جوبة في أصل تلك الشجرة التي علق عليها الرقعة وكان قد غلبه العطش فشرب من ذلك الماء شرباً كثيراً فلم يلبث الماء في جوفه حتى سكن ألمه وما كان يجده من ضربة الأفعى ثم برأ فبقي متعجباً ولم يعلم ما كان في الماء فقطع عوداً من الشجرة وأقبل يفتش به الماء لأنه كره أن يفتشه بيده لئلا يكون فيه أيضاً شيء يؤذيه فوجد فيه أفعيين قد اقتتلا ووقعا جميعاً في الماء وتهرءا فأقبل أخي إلى منزلنا صحيحاً سالماً أيام حياته وترك ذلك العمل الذي كان فيه واقتصر بملازمتي وكان هذا أيضاً دليلاً على أن لحوم الأفاعي تنفع من نهش الأفاعي والحيات والسباع الضارية وأما التجربة الثالثة فإنه كان للملك يبولوس غلام وكان شريراً غمازاً خماناً فيه كل بلاء وكان كبيراً عند الملك يحبه لذلك وكان قد آذى أكثر الناس فاجتمع الوزراء والقواد والرؤساء على قتله فلم يتهيأ لهم ذلك لمكانته عند الملك فاحتال بعضهم وقال اذهبوا فاسحقوا وزن درهمين أفيوناً وأطعموه أياه في طعامه أو اسقوه في شرابه فإن الموت السريع يلحق الناس كثيراً فإذا مات حملتموه إلى الملك وليس به جراحة ولا قلبه فدعوه إلى بعض البساتين فلم يتهيأ لهم أن يفعلوا ذلك في الطعام فسقوه في الشراب فلم يلبث إلا قليلاً أن مات فقالوا نتركه في بعض البيوت ونختم عليه ونوكل الفعلة بباب البيت حتى نمضي إلى الملك نعلمه أنه قد مات فجأة ليبعث ثقاته ينظرونه فلما صاروا بأجمعهم إلى الملك نظر الفعلة إلى أفعى قد خرج من بين الحجر ودخل إلى البيت الذي فيه الغلام فلم يتهيأ لهم أن يدخلوا خلفه ويقتلوه لأن الباب كان مختوماً فلم يلبثوا إلا ساعة والغلام يصيح بهم لم قفلتم علي الباب أعينوني قد لسعتني أفعى ومد الباب من داخل وأعانه قوَّام البستان من خارج فكسروه فخرج وليس به قُلْبه وكان هذا أيضاً دليلاً على أن لحوم الأفاعي تنفع من شرب الأدوية القتالة المهلكة هذا جملة ما ذكره أندروماخس ومثل هذا أيضاً أعني ما حصل بالاتفاق والمصادفة أنه كان بعض المرضى بالبصرة وكان قد استسقى ويئس أهله من حياته وداووه بوصفات كثيرة من أدوية الأطباء فيئسوا منه وقالوا لا حيلة في برئه فسمع ذلك من أهله فقال لهم دعوني الآن اتزود من الدنيا وآكل كل ما عن لي ولا تقتلوني بالحمية فقالوا له كل ما تريد فكان يجلس بباب الدار فمهما جاز اشترى منه وأكل فمر به رجل يبيع جراداً مطبوخاً فاشترى منه كثيراً فلما أكله انسهل بطنه من الماء الأصفر في ثلاثة أيام ما كاد به أن يتلف لإفراطه ثم أنه عندما انقطع القيام زال كل ما كان في جوفه من المرض وثابت قوته فبرأ وخرج يتصرف في حوائجه فرآه بعض الأطباء فعجب من أمره وسأله عن الخبر فعرفه فقال أن الجراد ليس من طبعه أن يفعل هذا فدلني على بائع الجراد فدله عليه فقال له من أين تصطاد هذا الجراد فخرج به إلى المكان فوجد الجراد في أرض أكثر نباتها المازريون وهو من دواء الاستسقاء وإذا دفع إلى مريض منه وزن درهم أسهل إسهالاًذريعاً لا يكاد أن يضبط والعلاج به خطر ولذلك ما تكاد تصفه الأطباء فلما وقع الجراد عى هذه الحشيشة ونضجت في جوفه ثم طبخ الجراد ضعف فعلها وأكل الجراد فعوفي بسببها ومثل هذا أيضاً أي مما حصل من طريق المصادفة والاتفاق أنه كان بافلوللن من سليلة اسقليبيوس ورم حار في ذراعه مؤلم ألماً شديداً فلما أشفى منه ارتاحت نفسه إلى الخروج إلى شاطئ نهر كان عليه النبات المسمي حي العالم وأنه وضعها عليه تبرداً به فخف بذلك ألمه فاستطال وضع يده عليه وأصبح من غد فعمل مثل ذلك فبرأ برءاً تاماً فلما رأى الناس سرعة برئه علموا أنه إنما كان بهذا الدواء وهو على ما قيل أول ما عرف من الأدوية وأشباه هذه الأمثلة التي قد ذكرنا كثيرة القسم الرابع أن يكون قد حصل شيء منها أيضاً بما شاهده الناس من الحيوانات واقتدى بأفعالها وتشبه بها وذلك مثل ما ذكره الرازي في كتاب ‏)‏الخواص‏(‏ أن الخطاف إذا وقع بفراخه اليرقان مضى فجاء بحجر اليرقان وهو حجر أبيض صغير يعرفه فجعله في عشه فيبرأوا وأن الإنسان إذا أراد ذلك الحجر طلى فراخه بالزعفران فيظن أنه قد أصابهم اليرقان فيمضي فيجيء به فيؤخذ ذلك الحجر ويعلق على من به اليرقان فينتفع به وكذلك أيضاً شأن العقاب الأنثى أنه إذا تعسر عليها بيضها وخروجه وصعب حتى تبلغ الموت ورأى ذكرها ذلك طار وأحضر حجراً يعرف بالقلقل لأنه إذا حرك تقلقل في داخله فإذا كسر لم يوجد فيه شيء وكل قطعة منه إذا حركت تقلقلت مثل صحيحه وأكثر الناس تعرفه بحجر العقاب ويضعه فيسهل على الأنثى بيضها والناس يستعملونه في عسر الولادة على ما استنبطوه من العقاب ومثل ذلك أيضاً أن الحيات إذا أظلمت أعينهن لكمونهن في الشتاء في ظلمة بطن الأرض وخرجن من مكامنهن في وقت ما يدفأ الوقت طلبن نبات الرازيانج وأمررن عيونهن عليه فيصلح ما بها فلما رأى الناس ذلك وجربوه وجدوا من خاصيته إذهاب ظلمة البصر إذا اكتحل بمائه وذكر جالينوس في كتابه في الحقن عن أرودوطس إن طائراً يدعي أيبس هو الذي دل على علم الحقن وزعم أن هذا الطير كثير الاغتذاء لا يترك شيئاً من اللحوم إلا أكله فيحتبس بطنه لاجتماع الأخلاط الرديئة وكثرتها فيه فإذا اشتد ذلك عليه توجه إلى البحر فأخذ بمنقاره من ماء البحر ثم أدخله في دبره فيخرج بذلك الماء الأخلاط المحتقنة في بطنه ثم يعود إلى طعامه الذي عادته الاغتذاء به أن يكون حصل شيء منها أيضاً بطريق الإلهام كما هو لكثير من الحيوانات فإنه يقال أن البازي إذا اشتكى جوفه عمد إلى طائر معروف يسميه اليونانيون ذريفوس فيصيده ويأكل من كبده فيسكن وجعه على الحال وكما تشاهد عليه أيضاً السنانير فإنها في أوقات الربيع تأكل الحشيش فإن عدمت الحشيش عدلت إلى خوص المكانس فتأكله ومعلوم أن ذلك ليس مما كانت تغتذي به أولاً وإنما دعاها إلى ذلك الإلهام لفعل ما جعله اللَّه تعالى سبباً لصحة أبدانها ولا تزال كذلك إلى أن تحس بالصحة المأنوس إليها بالطبع فتكف عن أكله وكذلك أيضاً متى نالها أذى من بعض الحيوانات المؤذية ذات السموم وأكلت شيئاً منها فإنها تقصد إلى السيرج وإلى مواضع الزيت فتنال منه ذلك يسكن عنها سورة ما تجده ويحكى أن الدواب إذا أكلت الدفلي في ربيعها أضر ذلك بها فتسارع إلى حشيشة هي بادزهرللدفلى فترتعيها ويكون بها برؤها ومما يحقق ذلك حالة جرت من قريب وهي أن بهاء الدين بن نفادة الكاتب حكى أنه لما كان متوجهاً إلى الكرك كان في طريقه بالطليل وهي منزلة كثيرة نبات الدفلى فنزل هو وآخر في مكان منها وإلى جانبهم هذا النبات فربط الغلمان دوابهم هنالك وجعلت الدواب ترعى ما يقرب منها وأكلت من الدفلى فأمّا دوابّه فإن غلمانه غفلوا عنها فسابت ورعت من مواضع متفرقة وأما دواب الآخر فإنها بقيت في موضعها لم تقدر على التنقل منه ولما أصبحوا وجدت دوابه في عافية ودواب الآخرين قد ماتت بأسرها في ذلك الموضع وحكى ديسقوريدس في كتابه أن المعزى البرية بإقريطش إذا رميت بالنبل وبقيت في أبدانها فإنها ترعى النبات الذي يقال له المشكطرامشير وهو نوع من الفوتنج فيتساقط عنها ما رميت به ولم يضرها شيء منه وحدثني القاضي نجم الدين عمر بن محمد بن الكرندي أن اللقلق يعشش في أعلى القباب والمواضع المرتفعة وأن له عدواً من الطيور يتقصده أبداً ويأتي إلى عشه ويكسر البيض الذي فيه قال وإن ثم حشيشة من خاصيتها أن عدو اللقلق إذا شم رائحتها يغمى فيأتي بها اللقلق إلى عشه ويجعلها تحت بيضه فلا يقدر العدو عليها وذكر أوحد الزمان في المعتبر أن القنفذ لبيته أبواب يسدها ويفتحها عند هبوب الرياح التي تؤذيه وتوافقه وحكى أن إنساناً رأى الحباري تقاتل الأفعى وتنهزم عنها إلى بقلة تتناول منها ثم تعود لقتالها وإن هذا الإنسان عاينها فنهض إلى البقلة فقطعها عند اشتغال الحباري بالقتال فعادت الحباري إلى منبتها ففقدتها وطافت عليها فلم تجدها فخرت ميتة فقد كانت تتعالج بها قال وابن عرس يستظهر في قتال الحية بأكل السَّذاب والكلاب إذا دودت بطونها أكلت لسنبل وتقيأت واستطلقت وإذا جرح اللقلق داوى جراحه بالصعتر الجبلي والثور يفرق بين الحشائش المتشابهة في صورها ويعرف ما يوافقه منها فيرعاه وما لا يوافقه فيتركه مع نهمه وكثرة أكله وبلادة ذهنه ومثل هذا كثير فإذا كانت الحيوانات التي لا عقول لها ألهمت مصالحها ومنافعها كان الإنسان العاقل المميز المكلف الذي هو أفضل الحيوان أولى بذلك وهذا أكبر حجة لمن يعتقد أن الطب إنما هو إلهام وهداية من اللَّه سبحانه لخلقه وبالجملة فإنه قد يكون من هذا ومما وقع بالتجربة والاتفاق والمصادفة أكثر ما حصلوه من هذه الصناعة ثم تكاثر ذلك بينهم وعضده القياس بحسب ما شاهدوه وأدتهم إليه فطرتهم فاجتمع لهم من جميع تلك الأجزاء التي حصلت لهم بهذه الطرق المتفننة المختلفة أشياء كثيرة ثم إنهم تأملوا تلك الأشياء واستخرجوا عللها والمناسبات التي بينها فتحصّل لهم من ذلك قوانين كلية ومبادئ منها يبتدأ بالتعلم والتعليم وإلى ما أدركوه منها أولاً ينتهي فعند الكمال يتدرج في التعليم من الكليات إلى الجزئيات وعند استنباطها يتدرج من الجزئيات إلى الكليات وأقول أيضاً وقد أشرنا إلى ذلك من قبل أنه ليس يلزم أن يكون أول هذا مختصاً بموضع دون موضع ولا يفرد به قوم دون آخرين إلا بحسب الأكثر والأقل وبحسب تنوع المداواة ولهذا فإن كل قوم هم مصطلحون على أدوية يألفونها ويتداوون بها وأرى أنهم إنما اختلفوا في نسبة صناعة الطب إلى قوم بحسب ما قد كان يتجدد عند قوم فينسب إليهم فإنه قد يمكن أن تكون صناعة الطب في أمة أو في بقعة من الأرض فتدثر وتبيد بأسباب سماوية أو أرضية كالطواعين المفنية والقحوط المجلية والحروب المبيدة والملوك المتغلبة والسير المخالفة فإذا انقرضت في أمة ونشأت في أمة أخرى وتطاول الزمان عليها نسي ما تقدم وصارت الصناعة تنسب إلى الأمة الثانية دون الأولى ويعتبر أولها بالقياس إليهم فقط فيقال لها مذ ظهرت كذا وكذا وإنما يعني في الحقيقة مذ ظهرت في هذه الأمة خاصة وهذا مما لا يبعد فإنه على ما تواترت به الآثار وخصو صاً ما حكاه جالينوس وغيره أن أبقراط لما رأى صناعة الطب قد كادت أن تبيد وأنه قد درست معالمها عن آل اسقليبيوس الذين ابقراط منهم تداركها بأن أظهرها وبثها في الغرباء وقواها ونشرها وشهرها بأن أثبتها بالكتب فلهذا يقال أيضاً على ما ذهب إليه كثير من الناس أن أبقراط أول من وضع صناعة الطب وأول من دونها وليس الحق على ما تواترت به الآثار إلا أنه أول من دونها من آل اسقليبيوس لتعليم كل من يصلح لتعلمها من الناس كافة ومثله سلك الأطباء من بعده واستمر إلى الآن واسقليبيوس الأول هو أول من تكلم في شيء من الطب على ما سيأتي ذكره الباب الثاني طبقات الأطبَّاء الذين ظهرت لهم أجزاء من صناعة الطِّب وكانوا المبتدئين بها اسقليبيوس قد اتفق كثير من قدماء الفلاسفة والمتطببين على أن اسقليبيوس كما أشرنا إليه أولاً هو أولمن ذكر من الأطباء وأول من تكلم في شيء من الطب على طريق التجربة وكان يونانياً واليونان منسوبون إلى يونان وهي جزيرة كانت الحكماء من الروم ينزلونها وقال أبو معشر في المقالة الثانية من كتاب الألوف أن بلدة من المغرب كانت تسمى في قديم الدهر أرغس وكان أهلها يسمون أرغيوا وسميت المدينة بعد ذلك أيونيا وسموا أهلها يونانيين باسم بلدهم وكان ملكها أحد ملوك الطوائف ويقال أن أول من اجتمع له ملك مدينة أيونيا من ملوك اليونانيين كان اسمه أيليوس وكان لقبه دقطاطر ملكهم ثماني عشر سنة ووضع لليونانيين سنناً كثيرة مستعلمة عندهم وقال الشيخ الجليل أبو سليمان محمد بن طاهر بن بهرام السجستاني المنطقي في تعاليقه أن اسقليبيوس بن زيوس قالوا مولده روحاني وهو إمام الطب وأبو أكثر الفلاسفة قال وأقليدس ينسب إليه وأفلاطون وأرسطوطاليس وبقراط وأكثر اليونانية قال وبقراط كان السادس عشر من أولاده يعني البطن السادس عشر من أولاده وقال سولون أخو أسقليبيوس وهو أبو واضع النواميس أقول وترجمة اسقليبيوس بالعربي منع اليبس وقيل أن أصل هذا الاسم في لسان اليونانيين مشتق من البهاء والنور وكان اسقليبيوس على ما وجد في أخبار الجبابرة بالسريانية ذكي الطبع قوي الفهم حريصاً مجتهداً في علم صناعة الطب واتفقت له اتفاقات حميدة معينة على التمهر في هذه الصناعة وانكشفت له أمور عجيبة من أحوال العلاج بإلهام من اللَّه عز وجل وحكي أنه وجد علم الطب في هيكل كان لهم برومية يعرف بهيكل ابلن وهو للشمس ويقال أن اسقليبيوس هو الذي أوضع هذا الهيكل ويعرف بهيكل اسقليبيوس ومما يحقق ذلك أن جالينوس قال في كتابه في فينكس أن اللَّه عز اسمه لما خلصني من دبيلة قتالة كانت عرضت لي حججت إلى بيته المسمى بهيكل اسقليبيوس وقال جالينوس في كتابه حيلة البرء في صدر الكتاب مما يجب أن يحقق الطب عند العامة ما يرونه من الطب الإلهي في هيكل اسقليبيوس على ما حكاه هروسيس صاحب القصص بيت كان بمدينة رومية كانت فيه صورة تكلمهم عندما يسألونها وكان المستنبط لها في القديم اسقليبيوس وزعم مجوس رومية أن تلك الصورة كانت منصوبة على حركات نجومية وأنه كان فيها روحانية كوكب من الكواكب السبعة وكان دين النصرانية في رومية قبل عبادة النجوم كذا حكى هروسيس وذكر جالينوس أيضاً في مواضع كثيرة أن طب أسقليبيوس كان طباً إلهياً وقال أن قياس الطب الإلهي إلى طبنا قياس طبنا إلى طب الطرقات وذكر أيضاً في حق اسقليبيوس في كتابه الذي ألفه في الحث على تعلم صناعة الطب أن اللَّه تعالى أوحى إلى أسقليبيوس أني إلى أن أسميك ملكاً أقرب منك إلى أن أسميك إنساناً وقال أبقراط إن اللَّه تعالى رفعه إليه في الهواء في عمود من نور وقال غيره إن اسقليبيوس كان معظماً عند اليونانيين وكانوا يستشفون بقبره ويقال أنه كان يسرج على قبره كل ليلة ألف قنديل وكان الملوك من نسله تدّعي له النبوة وذكر أفلاطون في كتابه المعروف بالنواميس عن اسقليبيوس أشياء عدة من أخباره بمغيبات وحكايات عجيبة ظهرت عنه بتأييد ألهي وشاهدها الناس كما قاله وأخبر به وقال في المقالة الثالثة من كتاب السياسة أن أسقليبيوس كان هو وأولاده عالمين بالسياسة وكان أولاده جنداً فرهة وكانوا عالمين بالطب وقال إن أسقليبيوس كان يرى أن من كان به مرض يبرأ منه عالجه ومن كان مرضه قاتلاً لم يطل وقال الأمير أبو الوفاء المبشر بن فاتك في كتاب مختار الحكم ومحاسن الكلم إن أسقليبيوس هذا كان تلميذ هرمس وكان يسافر معه فلما خرجا من بلاد الهند وجاءا إلى فارس خلفه ببابل ليضبط الشرع فيهم قال وأما هرمس هذا فهو هرمس الأول ولفظه أرمس وهو اسم عطارد ويسمى عند اليونانيين أطرسمين وعند العرب أدريس وعند العبرانيين أخنوخ وهو ابن يارد بن مهلائيل بن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم عليهم السلام ومولده بمصر في مدينة منف منها قال وكانت مدته على الأرض اثنتين وثمانين سنة وقال غيره ثلاثمائة وخمساً وستين سنة قال المبشر ابن فاتك وكان عليه السلام رجلاً آدم اللون تام القامة اجلح حسن الوجه كث اللحية مليح التخاطيط تام الباع عريض المنكبين ضخم العظام قليل اللحم براق العين أكحل متأنياً في كلامه كثير الصمت ساكن الأعضاء إذا مشى أكثر نظره إلى الأرض كثير الفكرة به حدة وعبسة يحرك إذا تكلم سبابته‏.‏

    وقال غيره إن اسقليبيوس كان قبل الطوفان الكبير وهو تلميذ أغاثوذيمون المصري وكان أغاثوذيمون أحد أنبياء اليونانيين والمصريين وتفسير أغاثوذيمون السعيد الجد وكان اسقليبيوس هذا هو البادئ بصناعة الطب في اليونانيين علمها بنيه وحذر عليهم أن يعلموها الغرباء‏.‏

    وأما أبو معشر البلخي المنجم فإنه ذكر في كتاب الألوف أن اسقليبيوس هذا لم يكن بالمتأله الأول في صناعة الطب ولا بالمبتدئ بها بل أنه عن غيره أخذ وعلى نهج من سبقه سلك وذكر أنه كان تلميذ هرمس المصري وقال إن الهرامسة كانوا ثلاثة أما هرمس الأول وهو المثلث بالنعم فإنه كان قبل الطوفان ومعنى هرمس لقب كما يقال قيصر وكسرى وتسميه الفرس في سيرها اللهجد وتفسيره ذو عدل وهو الذي تذكر الحرّانية نبوته وتذكر الفرس أن جده كيومرث وهو آدم ويذكر العبرانيون أنه اخنوخ وهو بالعربية أدريس‏.‏

    قال أبو معشر هو أول من تكلم في الأشياء العلوية من الحركات النجومية وإن جده كيومرث وهو آدم علمه ساعات الليل والنهار وهو أول من بنى الهياكل ومجد اللَّه فيها وأول من نظر في الطب وتكلم فيه وأنه ألف لأهل زمانه كتباً كثيرة بأشعار موزونة وقواف معلومة بلغة أهل زمانه في معرفة الأشياء الأرضية والعلوية وهو أول من أنذر بالطوفان ورأى أن آفة سماوية تلحق الأرض من الماء والنار وكان مسكنه صعيد مصر تخير ذلك فبنى هناك الأهرام ومدائن التراب وخاف ذهاب العلم بالطوفان فبنى البرابي وهو الجبل المعروف بالبرابر بأخميم وصور فيها جميع الصناعات وصنّاعها نقشاً وصور جميع آلات الصنّاع وأشار إلى صفات العلوم لمن بعده برسوم حرصاً منه على تخليد العلوم لمن بعده وخيفة أن يذهب رسم ذلك من العالم وثبت في الأثر المروي عن السلف أن أدريس أول من درس الكتب ونظر في العلوم وأنزل اللَّه وأما هرمس الثاني فإنه من أهل بابل سكن مدينة الكلدانيين وهي بابل وكان بعد الطوفان في زمن نزيربال الذي هو أول من بنى مدينة بابل بعد نمرود بن كوش وكان بارعاً في علم الطب والفلسفة وعارفاً بطبائع الأعداد وكان تلميذه فيثاغورس الأرتماطيقي وهرمس هذا جدد من علم الطب والفلسفة وعلم العدد ما كان قد دُرس بالطوفان ببابل ومدينة الكلدانيين هذه مدينة الفلاسفة من أهل المشرق وفلاسفتهم أول من حدد الحدود ورتب القوانين‏.‏

    وأما هرمس الثالث فإنه سكن مدينة مصر وكان بعد الطوفان وهو صاحب كتاب الحيوانات ذوات السموم وكان طبيباً فيلسوفاً وعالماً بطبائع الأدوية القتالة والحيوانات المؤذية وكان جوالاً في البلاد طوافاً بها عالماً بنُصبة المدائن وطبائعها وطبائع أهلها وله كلام حسن في صناعة الكيمياء نفيس يتعلق منه إلى صناعات كثيرة كالزجاج والخرز والغضار وما أشبه ذلك وكان له تلميذ يعرف باسقليبيوس وكان مسكنه بأرض الشام‏.‏

    رجع الكلام إلى ذكر اسقليبيوس وبلغ من أمر أسقليبيوس أن أبرأ المرضى الذين يئس الناس من برئهم ولما شاهده الناس من أفعاله ظن العامة أنه يحيي الموتى وأنشد فيه شعراء اليونانيين الأشعار العجيبة وضمنوها أنه يحيي الموتى ويرد كل من مات إلى الدنيا وزعموا أن اللَّه تعالى رفعه إليه تكرمة له وإجلالاً وصيره في عديد الملائكة ويقال أنه إدريس عليه السلام‏.‏

    وقال يحيى النحوي أن أسقليبيوس عاش تسعين سنة منها صبي وقبل أن تفتتح له القوة الإلهية خمسين سنة وعالم معلم أربعين سنة وخلف ابنين ماهرين في صناعة الطب وعهد إليهما أن لا يعلما الطب إلا لأولادهما وأهل بيته وأن لا يدخلا في صناعة الطب غريباً وعهد إلى من يأتي بعده كذلك وأمرهم بأمرين أحدهما أن يسكنوا وسط المعمور من أرض اليونانيين وذلك في ثلاث جزائر منها قو جزيرة ابقراط والثاني أن لا تخرج صناعة الطب إلى الغرباء بل يعلمها الآباء الأبناء‏.‏

    قال جالينوس وأما صورته فصورة رجل ملتح متزين بجمة ذات ذوائب ومما يبحث من أمر السبب في تصويره ملتحياً وتصوير أبيه أمرد فبعض الناس يقول إنه صور وصيغ بهذه الحال لأنه في وقت ما أصعده اللَّه إليه كان كذلك والبعض قال إن السبب في ذلك أن صناعته تحتاج إلى العفة والشيخوخة وبعض الناس قال إن السبب في تجاوزه في الحذق بصناعة الطب أباه وإذا تأملته وجدته قائماً متشمراً مجموع الثياب فيدل بهذا الشكل على أنه ينبغي للأطباء أن يتفلسفوا في جميع الأوقات وترى الأعضاء منه التي يُستحى من تكشفها مستورة والأعضاء التي يحتاج إلى استعمال الصناعة بها معراة مكشوفة ويصور آخذاً بيده عصاً معوجة ذات شعب من شجرة الخطمي فيدل بذلك على أنه يمكن في صناعة الطب أن يبلغ بمن استعملها من السن أن يحتاج إلى عصا يتكئ عليها أو لأن من أعطاه اللَّه تبارك وتعالى بعض العطايا يؤهل لإعطاء عصا بمنزلة ما وهب لإيفاسطس وزوس وهرمس وبهذه العصا نجد زوس يقر أعين من يحب من الناس فينبه بها أيضًا النيام وأما تصويرهم تلك العصا من شجر الخطمي فلأنه يطرد وينفي كل مرض وقال جالينوس وأما أعوجاجها وكثرة شعبها فتدل على كثرة الأصناف والتفنن الموجود في صناعة الطب ولن نجدهم أيضاً تركوا تلك العصا بغير زينة ولا تهيئة لكنهم صوروا عليها صورة حيوان طويل العمر ملتف عليها وهو التنين ويقرب هذا الحيوان من اسقليبيوس لأسباب كثيرة أحدها أنه حيوان حاد النظر كثير السهر لا ينام في وقت من الأوقات وقد ينبغي لمن قصد تعلم صناعة الطب أن لا يتشاغل عنها بالنوم ويكون في غاية الذكاء ليمكنه أن يتقدم فينذر بما هو حاضر وبما من شأنه أن يحدث وذلك أنك تجد أبقراط يشير بهذا الفعل في قوله إني أرى أنه من أفضل الأمور أن يستعمل الطبيب سابق النظر وذلك أنه إذا سبق فعلم وتقدم فانذر المرضى بالشيء الحاضر مما بهم وما مضى وما يستأنف وقد يقال أيضاً في تصوير التنين على العصا الماسك لها اسقليبيوس قول آخر وهو هذا قالوا هذا الحيوان أعني التنين طويل العمر جداً حتى أن حياته يقال أنها الدهر كله وقد يمكن في المستعملين لصناعة الطب أن تطول أعمارهم من ذلك أنا نجد ديموقريطس وأيرودوطس عندما استعملوا الوصايا التي تأمر بها صناعة الطب طالت حياتهم جداً فكما أن هذا الحيوان أعني التنين يسلخ عنه لباسه الذي يسميه اليونانيون الشيخوخة كذلك أيضاً قد يمكن الناس باستعمال صناعة الطب إذا سلخوا عنهم الشيخوخة التي تفيدهم إياها الأمراض أن يستفيدوا الصحة وإذا صوروا أسقليبيوس جُعل على رأسه إكليل متخذ من شجر الغار لأن هذه الشجرة تذهب بالحزن ولهذا نجد هرمس إذ سمي المهيب كلل بمثل هذا الإكليل فإن الأطباء ينبغي لهم أن يصرفوا عنهم الأحزان كذلك كلل اسقليبوس بأكليل يذهب بالحزن أو لأن الأكليل كان يعم صناعة الطب والكهانة رأوا أنه ينبغي أن يكون الإكليل الذي يتكلل به الأطباء والمتكهنون إكليلاً واحداً بعينه أو لأن هذه الشجرة أيضاً فيها قوة تشفي الأمراض من ذلك أنك تجدها إذا ألقيت في بعض المواضع هربت من ذلك الموضع الهوام ذوات السموم وكذلك أيضاً النبت المسمى قونورا وثمرة هذه الشجرة أيضاً وهي التي تسمى حب الغار إذا مرخ بها البدن فعلت فيه شبيهاً بفعل الجند بيدستر وإذا صوروا ذلك التنين جعلوا بيده بيضه يومون بذلك وقد ينبغي لنا أن نتكلم أيضاً في الذبائح التي تذبح باسم أسقليبيوس تقرباً إلى اللَّه تبارك وتعالى فنقول أنه لم يوجد أحد قرب اللَّه قرباناً باسم أسقليبيوس في وقت من الأوقات شيئاً من الماعز وذلك لأن شعر هذا الحيوان لا يسهل غزله بمنزلة الصوف ومن أكثر من لحمه سهل وقوعه في أمراض الصرع لأن الغذاء المتولد عنه رديء الكيموس مجفف غليظ حريف يميل إلى الدم السوداوي‏.‏

    قال جالينوس بل إنما نجد الناس يقربون إلى اللَّه تبارك وتعالى باسم أسقليبيوس ديكة ويرون أيضاً أن سقراط قرب له هذه الذبيحة فبهذه الحال علم هذا الرجل الإلهي الناس صناعة الطب قنية ثابتة أفضل كثيراً من الأشياء التي استخرجها ديونوسس وديميطر قال حنين يعني باستخراج ديونوسس الخمر وذلك أن اليونانيين يرون أن أول من استخرج الخمر ديونوسس ويومي الشعراء بهذا الاسم إلى القوة التي إذا غيرت الماء في الكرمة أعدته ليكون الخمرة والسرور المتولد عنها في شرابها‏.‏

    وأما استخراج ديميطر فالخبز وسائر الحبوب التي يتخذ منها ولهذا نجدهم يسمون هذه الحبوب بهذا الاسم وقد تسمي الشعراء بهذا الاسم أيضاً الأرض المخرجة للحبوب‏.‏

    وأما استخراج اسقليبيوس فيعني به الصحة وهي التي لا يمكن دونها أن يقتني شيء من قال جالينوس وذلك أن ما استخرجه هذان لا ينتفع به ما لم يكن استخراج اسقليبيوس موجوداً‏.‏

    وأما صورة الكرسي الذي يقعد عليه اسقليبوس فصورة القوة التي تستفاد بها الصحة وهي أشرف القوى‏.‏

    وإذا تأملت صورة أسقليبيوس وجدته قاعداً متكئاً على رجال مصورين حوله وذلك واجب لأنه ينبغي أن يكون ثابتاً لا يزول من بين الناس ويصور عليه تنين ملتف حوله وقد خبرت سبب ذلك فيما تقدم‏.‏

    ومن الآداب والحكم التي لأسقليبيوس مما ذكره الأمير أبو الوفاء المبشر بن فاتك في كتاب مختار الحكم ومحاسن الكلم قال أسقليبيوس من عرف الأيام لم يغفل الاستعداد‏.‏

    وقال المتعبد بغير معرفة كحمار الطاحون يدور ولا يبرح ولا يدري ما هو فاعل‏.‏

    وقال فوت الحاجة خير من طلبها إلى غير أهلها‏.‏

    وقال إعطاء الفاجر تقوية له على فجوره والصنيعة عند الكفور أضاعة للنعمة وتعليم الجاهل ازدياد في الجهل ومسألة اللئيم أهانة للعرض‏.‏

    وقال إني لأعجب ممن يحتمي من المآكل الرديئة مخافة الضرر ولا يدع الذنوب مخافة الآخرة‏.‏

    وقيل له صف لنا الدنيا فقال أمس أجل واليوم عمل وغداً أمل وقال المشفق عليكم يسيء الظن بكم والزاري عليكم كثير العتب لكم وذو البغضاء لكم قليل النصيحة لكم وقال سبيل من له دين ومروءة أن يبذل لصديقه نفسه وماله ولمن يعرفه طلاقة وجهه وحسن محضره ولعدوه العدل وأن يتصاون عن كل حال يعيب‏.‏

    أيلق ويقال له أيلة قال سليمان بن حسان المعروف بابن جلجل أن هذا أول حكيم تكلم في الطب ببلد الروم والفرس وهو أول من استنبط كتاب الأغريقي لهيامس الملك وتكلم في الطب وقاسه وعمل به وكان بعد موسى عليه الصلاة والسلام في زمان بذاق الحاكم وله آثار عظيمة وأخبار شنيعة وهو يعد في كثرة العجائب كاسقليبيوس .

    -----------------------

    المصدر:
    طبقات الأطباء – إبن أبي أصيبعة


    _________________

    *******************************************


    كيفيَّة وجُود صنَاعَة الطِّب وَأول حدوثها 13850807941268563665
    فارس الفرسان
    فارس الفرسان
    فارس مبتدئ
    فارس مبتدئ


    الجنس : ذكر
    عدد المساهمات : 139
    نقاط : 7608
    السٌّمعَة : 190
    تاريخ التسجيل : 24/02/2012

    كيفيَّة وجُود صنَاعَة الطِّب وَأول حدوثها Empty رد: كيفيَّة وجُود صنَاعَة الطِّب وَأول حدوثها

    مُساهمة من طرف فارس الفرسان الإثنين 15 أكتوبر 2012 - 10:41

    موضوع رائع
    مشكورررر


    _________________

    *******************************************
    كيفيَّة وجُود صنَاعَة الطِّب وَأول حدوثها 164440077484592284

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس 21 نوفمبر 2024 - 4:29