حكم السعي فوق سقف المسعى
هيئة كبار العلماء
بالمملكة العربية السعودية
(الجزء رقم : 1، الصفحة رقم: 16)
(الجزء رقم : 1، الصفحة رقم: 17)
بسم الله الرحمن الرحيم
حكم السعي فوق سقف المسعى
إعداد
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الحمد لله وحده ، وبعد نشر هذا البحث في ( مجلة البحوث الإسلامية ) العدد الأول ، ص 179 - 196 ، عام 1395 هـ . :
فبناء على خطاب سمو نائب وزير الداخلية للمملكة العربية السعودية رقم ( 26 / 10612 ) وتاريخ 21 / 3 / 1393 هـ المتضمن رغبة وزارة الداخلية في دراسة موضوع السعي فوق سقف المسعى من قبل هيئة كبار العلماء بالمملكة .
وبناء على ما تقتضيه لائحة سير عمل الهيئة من قيام اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بإعداد بحث علمي فيما يحتاج إلى بحث من المواضيع التي تتجه الرغبة إلى دراستها في الهيئة - قامت اللجنة بإعداد بحث في حكم السعي فوق سقف المسعى .
(الجزء رقم : 1، الصفحة رقم: 18)
وفيما يلي ما تيسر إعداده من النصوص والنقول التي يمكن أن يستعان بها في هذا الموضوع :
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده .
وبعد : فإنه قد عرض على هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية في دورتها الرابعة المنعقدة ما بين 29 / 10 / 1393 هـ و 12 / 11 / 1393 هـ موضوع ( حكم السعي فوق سقف المسعى ) ؛ ليكون وسيلة لعلاج ازدحام الناس في المسعى أيام موسم الحج .
واطلعت الهيئة على البحث المقدم عنه من الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء المعد من قبل اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء هذا نصه .
(الجزء رقم : 1، الصفحة رقم: 19)هيئة كبار العلماء
بالمملكة العربية السعودية
(الجزء رقم : 1، الصفحة رقم: 16)
(الجزء رقم : 1، الصفحة رقم: 17)
بسم الله الرحمن الرحيم
حكم السعي فوق سقف المسعى
إعداد
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الحمد لله وحده ، وبعد نشر هذا البحث في ( مجلة البحوث الإسلامية ) العدد الأول ، ص 179 - 196 ، عام 1395 هـ . :
فبناء على خطاب سمو نائب وزير الداخلية للمملكة العربية السعودية رقم ( 26 / 10612 ) وتاريخ 21 / 3 / 1393 هـ المتضمن رغبة وزارة الداخلية في دراسة موضوع السعي فوق سقف المسعى من قبل هيئة كبار العلماء بالمملكة .
وبناء على ما تقتضيه لائحة سير عمل الهيئة من قيام اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بإعداد بحث علمي فيما يحتاج إلى بحث من المواضيع التي تتجه الرغبة إلى دراستها في الهيئة - قامت اللجنة بإعداد بحث في حكم السعي فوق سقف المسعى .
(الجزء رقم : 1، الصفحة رقم: 18)
وفيما يلي ما تيسر إعداده من النصوص والنقول التي يمكن أن يستعان بها في هذا الموضوع :
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده .
وبعد : فإنه قد عرض على هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية في دورتها الرابعة المنعقدة ما بين 29 / 10 / 1393 هـ و 12 / 11 / 1393 هـ موضوع ( حكم السعي فوق سقف المسعى ) ؛ ليكون وسيلة لعلاج ازدحام الناس في المسعى أيام موسم الحج .
واطلعت الهيئة على البحث المقدم عنه من الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء المعد من قبل اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء هذا نصه .
حكم السعي فوق سقف المسعى
الأمر الأول : قال البخاري في [ صحيحه ] : حدثنا أبو اليمان ، أخبرنا شعيب عن الزهري قال : حدثني طلحة بن عبد الله : أن عبد الرحمن بن عمرو بن سهل أخبره : أن سعيد بن زيد رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : صحيح البخاري المظالم والغصب (2320),صحيح مسلم المساقاة (1610),سنن الترمذي الديات (1418),مسند أحمد بن حنبل (1/190),سنن الدارمي البيوع (2606). من ظلم من الأرض شيئا طوقه من سبع أرضين .
قال ابن حجر : وفي الحديث تحريم الظلم والغصب ، وتغليظ عقوبته ، وإمكان غصب الأرض ، وأنه من الكبائر ، قاله القرطبي ، وكأنه فرعه على أن الكبيرة ما ورد فيه وعيد شديد ، وأن من ملك أرضا ملك أسفلها إلى منتهى الأرض ، وله أن يمنع من حفر تحتها سربا أو بئرا بغير رضاه ، وفيه أن من ملك ظاهر الأرض ملك باطنها بما فيه من حجارة ثابتة وأبنية ومعادن وغير ذلك ، وأن له أن ينزل بالحفر ما شاء ، ما لم يضر بمن يجاوره . اهـ . [ صحيح ] البخاري ، مع شرحه [ فتح الباري ] ، ( 5 / 38 ) . .
وقال العيني : بعد أن ساق حديث سعيد بن زيد رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : صحيح البخاري المظالم والغصب (2320),صحيح مسلم المساقاة (1610),سنن الترمذي الديات (1418),مسند أحمد بن حنبل (1/190),سنن الدارمي البيوع (2606). من ظلم من الأرض شيئا طوقه من سبع
(الجزء رقم : 1، الصفحة رقم: 20)
أرضين [ صحيح ] البخاري ، مع شرحه [ عمدة القاري ] ( 12 / 298 ) . :
ذكر ما يستفاد منه : فيه دليل على أن من ملك أرضا ملك أسفلها إلى منتهاها ، وله أن يمنع من حفر تحتها سربا أو بئرا ، سواء أضر ذلك بأرضه أو لا ، قاله الخطابي ، وقال ابن الجوزي : لأن حكم أسفلها تبع لأعلاها ، وقال القرطبي : وقد اختلف فيما إذا حفر أرضه فوجد فيها معدنا أو شبهه فقيل : هو له ، وقيل : بل للمسلمين ، وعلى ذلك فله أن ينزل بالحفر ما شاء ما لم يضر بجاره ، وكذلك له أن يرفع في الهواء المقابل لذلك القدر من الأرض من البناء ما شاء ما لم يضر بأحد . اهـ .
وقال الأبي [ صحيح مسلم ] ، مع شرحه [ إكمال المعلم ] ( 4 / 313 ، 314 ) . : قوله : صحيح البخاري بدء الخلق (3026),صحيح مسلم المساقاة (1610),سنن الترمذي الديات (1418),مسند أحمد بن حنبل (1/187),سنن الدارمي البيوع (2606). من ظلم شبرا من الأرض . . . واستدل بعضهم على أن من ملك ظاهر الأرض يملك ما تحته مما يقابله ، فله منع من يتصرف فيه أو يحفر ، وقد اختلف العلماء في هذا الأصل فيمن اشترى دارا فوجد فيها كنزا أو وجد في أرضه معدنا ، فقيل : له ، وقيل : للمسلمين .
ووجه الدليل من الحديث : أنه غصب شبرا فعوقب بحمله من سبع أرضين . . . إلى أن قال : وكذلك يملك ما قبل ذلك من الهواء يرفع فيه من البناء ما شاء ما لم يضر بأحد . اهـ .
فدل ما تقدم على أن حكم أعلى الأرض وأسفلها تابع لحكمها في التملك والاختصاص ونحوهما ، وعلى ذلك يمكن أن يقال : إن السعي فوق الطابق الذي جعل سقفا لأرض المسعى له حكم السعي على أرض
(الجزء رقم : 1، الصفحة رقم: 21)
المسعى .
الأمر الثاني : وقد جاءت أحاديث في هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم من رواية ابن عباس : صحيح البخاري الحج (1534),صحيح مسلم الحج (1272),سنن النسائي المساجد (713),سنن أبو داود المناسك (1877),سنن ابن ماجه المناسك (2948),مسند أحمد بن حنبل (1/215). أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف بالبيت وهو على بعير ، ومن رواية أم سلمة : صحيح البخاري الصلاة (452),صحيح مسلم الحج (1276),سنن النسائي مناسك الحج (2925),سنن أبو داود المناسك (1882),سنن ابن ماجه المناسك (2961),مسند أحمد بن حنبل (6/319),موطأ مالك الحج (832). شكوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أني أشتكي ، فقال : طوفي وأنت راكبة ، وقد بوب البخاري في [ صحيحه ] فقال : ( باب المريض يطوف راكبا ) ثم ساق الحديثين السابقين : حديث ابن عباس ، وحديث أم سلمة ، قال ابن حجر [ صحيح ] البخاري ، مع شرحه [ الفتح ] ، ( 3 / 460 ) . : أن المصنف حمل سبب طوافه صلى الله عليه وسلم راكبا على أنه كان عن شكوى ، وأشار بذلك إلى ما أخرجه أبو داود من حديث ابن عباس بلفظ : سنن الترمذي الحج (865),سنن النسائي المساجد (713),سنن أبو داود المناسك (1881),سنن ابن ماجه المناسك (2948),مسند أحمد بن حنبل (1/248),سنن الدارمي المناسك (1845). قدم النبي صلى الله عليه وسلم مكة وهو يشتكي فطاف على راحلته ، ووقع في حديث جابر عند مسلم : أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف راكبا ليراه الناس وليسألوه . وطاف النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع على راحلته يستلم الحجر بمحجنه ؛ ليراه الناس ، ويشرف ليسألوه .
فيحتمل أن يكون فعل ذلك لأمرين ، وحينئذ لا دلالة فيه على جواز الطواف راكبا لغير عذر ، وكلام الفقهاء يقتضي الجواز ، إلا أن المشي أولى والركوب مكروه تنزيها ، والذي يترجح المنع ، لأن طوافه صلى الله عليه وسلم وكذا أم سلمة كان قبل أن يحوط المسجد ، ووقع في حديث أم سلمة : صحيح البخاري الصلاة (452),صحيح مسلم الحج (1276),سنن النسائي مناسك الحج (2925),سنن أبو داود المناسك (1882),سنن ابن ماجه المناسك (2961),مسند أحمد بن حنبل (6/319),موطأ مالك الحج (832). طوفي من
(الجزء رقم : 1، الصفحة رقم: 22)
وراء الناس ، وهذا يقتضي منع الطواف في المطاف ، وإذا حوط المسجد امتنع داخله ، إذ لا يؤمن التلويث ، فلا يجوز بعد التحويط ، بخلاف ما قبله ، فإنه كان لا يحرم التلويث كما في المسعى ، وعلى هذا فلا فرق في الركوب إذا ساغ بين البعير والفرس والحمار ، وأما طواف النبي صلى الله عليه وسلم راكبا فللحاجة إلى أخذ المناسك عنه ولذلك عده بعض من جمع خصائصه فيها . اهـ .
وفي [ صحيح البخاري ] بإسناده إلى ابن عباس رضي الله عنهما . قال : صحيح البخاري الحج (1530),صحيح مسلم الحج (1272),سنن النسائي المساجد (713),سنن أبو داود المناسك (1877),سنن ابن ماجه المناسك (2948),مسند أحمد بن حنبل (1/248). طاف النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع على بعير يستلم الركن بمحجن .
قال العيني : وأخرج مسلم عن أبي الطفيل : صحيح مسلم الحج (1275),سنن أبو داود المناسك (1879),سنن ابن ماجه المناسك (2949),مسند أحمد بن حنبل (5/454). رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالبيت ويستلم الركن بمحجن ، وروى مسلم عن جابر : طاف النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع على راحلته يستلم الحجر بمحجنه ، ليراه الناس ، وليشرف ليسألوه . . . قال : ذكر معناه قوله : صحيح البخاري الحج (1530),صحيح مسلم الحج (1272),سنن النسائي المساجد (713),سنن أبو داود المناسك (1877),سنن ابن ماجه المناسك (2948),مسند أحمد بن حنبل (1/248). طاف النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع على بعير . قال ابن بطال : استلامه بالمحجن راكبا يحتمل أن يكون لشكوى به . . . إلى أن قال : وقال النووي : قال أصحابنا : الأفضل أن يطوف ماشيا ، ولا يركب إلا لعذر من مرض ونحوه ، أو كان يحتاج إلى ظهوره ليستفتى ويقتدى به ، فإن كان لغير عذر جاز بلا كراهة ، لكنه خلاف الأولى . . . إلى أن قال : وقال مالك وأبو حنيفة : إن طاف راكبا لعذر أجزأ ولا شيء عليه ، وإن كان لغير عذر فعليه دم ، قال أبو حنيفة : وإن كان بمكة أعاد الطواف . اهـ [ صحيح البخاري ] مع شرحه [ عمدة القاري ] ( 6 / 523 ) . .
(الجزء رقم : 1، الصفحة رقم: 23)
وقال السرخسي : وإن طاف راكبا أو محمولا ؛ فإن كان لعذر من مرض أو كبر لم يلزمه شيء ، وإن كان لغير عذر أعاده ما دام بمكة ، فإن رجع إلى أهله فعليه الدم عندنا ، وعلى قول الشافعي لا شيء عليه ؛ لأنه صح في الحديث : مسند أحمد بن حنبل (1/237). أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف للزيارة يوم النحر على ناقته واستلم الأركان بمحجنه .
ولكن نقول : المتوارث من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا الطواف ماشيا ، وهذا على قول من يجعله كالصلاة ؛ لأن أداء المكتوبة راكبا من غير عذر لا يجوز ، فكان ينبغي أن لا يعتد بطواف الراكب من غير عذر ، ولكنا نقول : المشي شرط الكمال فيه ، فتركه من غير عذر يوجب الدم ؛ لما بينا ، فأما تأويل الحديث فقد ذكر أبو الطفيل رحمه الله أنه طاف راكبا لوجع أصابه ، وهو أنه وثبت رجله ؛ فلهذا طاف راكبا ، وذكر أبو الزبير عن جابر : أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف راكبا لكبر سنه ، وعندنا إذا كان لعذر فلا بأس به ، وكذلك إذا طاف بين الصفا والمروة محمولا أو راكبا ، وكذلك لو طاف الأكثر راكبا أو محمولا فالأكثر يقوم مقام الكل على ما بينا . ا هـ [ المبسوط ] ( 4 / 45 ) . .
وقال ابن الهمام : على قول صاحب [ الهداية ] : ( وإن أمكنه أن يمس الحجر شيئا في يده ) كالعرجون وغيره ، ثم قبل ذلك فعل ؛ لما روي : سنن الترمذي الحج (858),سنن ابن ماجه المناسك (2953),مسند أحمد بن حنبل (1/237). أنه عليه السلام طاف على راحلته واستلم الأركان بمحجنه ، وقوله : وإن أمكنه أن يمس الحجر شيئا في يده أو يمسه بيده ، ويقبل ما مس به - فعل ،
(الجزء رقم : 1، الصفحة رقم: 24)
أما الأول فلما أخرج الستة إلا الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما : صحيح مسلم الحج (1273),سنن النسائي مناسك الحج (2975),سنن أبو داود المناسك (1880). أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف في حجة الوداع على راحلته يستلم الحجر بمحجنه ؛ لأن يراه الناس ويشرف ، وليسألوه ، فإن الناس غشوه .
وأخرجه البخاري عن جابر إلى قوله : لأن يراه الناس ، ورواه مسلم عن أبي الطفيل : صحيح مسلم الحج (1275),سنن أبو داود المناسك (1879),سنن ابن ماجه المناسك (2949),مسند أحمد بن حنبل (5/454). رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يطوف بالبيت على راحلته ويستلم الركن بمحجن معه ويقبل المحجن ثم أورد إشكالا حديثيا وهو : أن الثابت بلا شبهة : أنه عليه السلام رمل في حجة الوداع ، وطوافه راكبا على البعير ينافي ذلك . . . إلى أن قال : والجواب : أن في الحج للآفاقي أطوفة ، فيمكن كون المروي من ركوبه كان في طواف الفرض يوم النحر ليعلمهم ، ومشيه كان في طواف القدوم ، وهو الذي يفيده حديث جابر الطويل ؛ لأنه حكى ذلك الطواف الذي بدأ به أول دخوله مكة المكرمة ، كما يفيده سوقه للناظر فيه .
فإن قلت : فهل يجمع بين ما عن ابن عباس وعائشة رضي الله عنهما : إنما طاف راكبا ليشرف ويراه الناس فيسألوه وبين ما عن سعيد بن جبير : أنه إنما طاف كذلك ؛ لأنه كان يشتكي كما قال محمد : أخبرنا أبو حنيفة عن حماد بن أبي سليمان : أنه سعى بين الصفا والمروة مع عكرمة ، فجعل حماد يصعد الصفا وعكرمة لا يصعد ، ويصعد حماد المروة وعكرمة لا يصعد ، فقال حماد : يا أبا عبد الله ، ألا تصعد الصفا والمروة ، فقال : هكذا كان طواف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قال حماد : فلقيت سعيد بن جبير فذكرت له ذلك ، فقال : إنما طاف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على راحلته وهو شاك يستلم الأركان بمحجن ، فطاف بين الصفا والمروة على
(الجزء رقم : 1، الصفحة رقم: 25)
راحلته ، فمن أجل ذلك لم يصعد . اهـ [ شرح فتح القدير ] ( 2 / 147 ) . .
وقال الدسوقي : ( قوله : إذ هو واجب . . . إلخ ) .
حاصله : أن المشي في كل من الطواف والسعي واجب على القادر عليه ، فلا دم على عاجز طاف أو سعى راكبا أو محمولا ، وأما القادر إذا طاف أو سعى محمولا أو راكبا فإنه يؤمر بإعادته ماشيا ما دام بمكة المكرمة ، لا يجبر بالدم حينئذ ، كما يؤمر العاجز بإعادته إن قدر ما دام بمكة المكرمة ، وإن رجع لبلده فلا يؤمر بالعودة لإعادته ، ويلزمه دم ، فإن رجع وأعاده ماشيا سقط الدم عنه ، ثم قال : وهذا في الطواف الواجب ، وأما الطواف غير الواجب فالمشي فيه سنة ، وحينئذ فلا دم على تارك المشي فيه ، قاله عج . اهـ [ حاشية الدسوقي على الشرح الكبير ] ( 2 / 40 ) . .
قال النووي : والأفضل : أن يطوف راجلا ؛ لأنه إذا طاف راكبا زاحم الناس وآذاهم ، وإن كان به مرض يشق معه الطواف راجلا لم يكره الطواف راكبا ؛ لما صحيح البخاري الصلاة (452),صحيح مسلم الحج (1276),سنن النسائي مناسك الحج (2925),سنن أبو داود المناسك (1882),سنن ابن ماجه المناسك (2961),مسند أحمد بن حنبل (6/319),موطأ مالك الحج (832). روت أم سلمة أنها قدمت مريضة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : طوفي وراء الناس وأنت راكبة ، وإن كان راكبا من غير عذر جاز ؛ لما روى جابر : سنن النسائي مناسك الحج (2975). أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف راكبا ليراه الناس وسألوه .
حديث أم سلمة رواه البخاري ، وحديث جابر رواه مسلم ، وثبت طواف النبي صلى الله عليه وسلم في [ الصحيحين ] من رواية غير هؤلاء ، ولفظ حديث ابن عباس : صحيح البخاري الحج (1530),صحيح مسلم الحج (1272),سنن النسائي المساجد (713),سنن أبو داود المناسك (1877),سنن ابن ماجه المناسك (2948),مسند أحمد بن حنبل (1/248). أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف في حجة
(الجزء رقم : 1، الصفحة رقم: 26)
الوداع على بعير يستلم الركن بمحجن رواه البخاري ومسلم ، وفي حديث : صحيح مسلم الحج (1273),سنن النسائي مناسك الحج (2975),سنن أبو داود المناسك (1880). طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع على راحلته يستلم الركن بمحجنه؛ لأن يراه الناس ، وليشرف ليسألوه ، فإن الناس غشوه رواه مسلم . وعن عائشة قالت : صحيح مسلم الحج (1274),سنن النسائي مناسك الحج (2928). طاف النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع حول الكعبة على بعير يستلم الركن كراهة أن يضرب عنه الناس رواه مسلم .
وأما ا لأحكام :
فقال أصحابنا : الأفضل أن يطوف ماشيا ، ولا يركب إلا لعذر مرض أو نحوه ، أو كان ممن يحتاج الناس إلى ظهوره ليستفتى ويقتدى بفعله ، فإن طاف راكبا بلا عذر جاز بلا كراهية ، لكنه خالف الأولى ، كذا قاله جمهور أصحابنا . . . إلى أن قال : ( فرع ) قد ذكرنا مذهبنا في طواف الراكب ، ونقل الماوردي إجماع العلماء على أن طواف الماشي أولى من طواف الراكب . اهـ [ المهذب مع شرحه المجموع ] للنووي ( 8 / 29 ، 30 ) . .
وقال أيضا : أما سنن الطواف وآدابه فثمان : أحدها : أن يطوف ماشيا ، فإن طاف راكبا لعذر يشق معه الطواف ماشيا أو طاف راكبا ليظهر ويستفتى ويقتدى بفعله - جاز ولا كراهة ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم طاف راكبا في بعض أطوافه ، وهو طواف الزيارة ، ولو طاف راكبا بلا عذر جاز . اهـ .
وقال ابن حجر الهيتمي في حاشيته على الشرح قوله : وهو طواف الزيارة ، أما ما أشار إليه من ركوبه صلى الله عليه وسلم فيه إنما كان ليظهر فيستفتى ، هذا ما
(الجزء رقم : 1، الصفحة رقم: 27)
رواه مسلم ، قال السبكي : وهذا أصح من رواية من روى أنه طاف راكبا لمرض ، أشار بذلك إلى ما رواه أبو داود على أن في إسناده من لا يحتج به ، وقال البيهقي : في حديثه : لفظه لم يوافق عليها ، وهي قوله : ( وهو يشتكي ) ، ومن ثمة قال الشافعي : لا أعلم أنه صلى الله عليه وسلم فعله ماشيا ، وخبر مسلم أنه طاف في حجة الوداع راكبا على راحلته بالبيت وبالصفا والمروة - لا ينافي ذلك ، وإن كان سعيه في تلك الحجة إنما كان مرة واحدة وعقب طواف القدوم ؛ لأن الواو لا تقتضي ترتيبا . اهـ [ متن الإيضاح في مناسك الحج للنووي مع شرحه ] لابن حجر الهيتمي ( 11 / 255 ) . .
وقال في [ الإيضاح ] أيضا : ويجوز الطواف في أخريات المسجد ، وفي أروقته وعند بابه من داخله وعلى أسطحته ، ولا خلاف في شيء من هذا ، لكن قال بعض أصحابنا : يشترط في صحة الطواف أن يكون البيت أرفع بناء من السطح ، كما هو اليوم حتى لو رفع سقف المسجد فصار سطحه أعلى من البيت لم يصح الطواف على هذا السطح ، وأنكره عليه الإمام أبو القاسم الرافعي . اهـ [ الإيضاح ] للنووي ( 1 / 239 ) مع شرحه للهيتمي . .
وقال ابن قدامة : لا نعلم خلافا في صحة طواف الراكب إذا كان له عذر . . . إلى أن قال : فصل : فأما الطواف راكبا أو محمولا لغير عذر فمفهوم كلام الخرقي أنه لا يجزئ ، وهذا هو إحدى الروايات عن أحمد ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : سنن النسائي مناسك الحج (2922),مسند أحمد بن حنبل (4/64). الطواف بالبيت صلاة .
ولأنها عبادة تتعلق بالبيت
(الجزء رقم : 1، الصفحة رقم: 28)
فلم يجز فعلها راكبا لغير عذر كالصلاة ، والثانية : يجزئه ويجبره بدم ، وهو قول مالك ، وبه قال أبو حنيفة إلا أنه قال : يعيد ما كان بمكة المكرمة ، فإن رجح جبره بدم ؛ لأنه ترك صفة واجبة من واجبات الحج فأشبه ما لو وقف بعرفة نهارا ودفع قبل غروب الشمس ، والثالثة : يجزئه ولا شيء عليه . اختارها أبو بكر وهي مذهب الشافعي وابن المنذر ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بالطواف مطلقا فكيفما أتى به أجزأه ولا يجوز تقييد المطلق إلا بدليل ثم قال : فصل فأما السعي راكبا فيجزئه لعذر ولغير عذر ؛ لأن المعنى الذي منع الطواف راكبا غير موجود فيه . اهـ [ المغني والشرح الكبير ] ( 3 / 415 ) . .
وقال البهوتي [ كشاف القناع ] ( 2 / 433 ) . : ومن طاف أو سعى راكبا أو محمولا لغير عذر لم يجزئه الطواف ولا السعي ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : سنن النسائي مناسك الحج (2922),مسند أحمد بن حنبل (4/64). الطواف بالبيت صلاة ، ولأنه عبادة تتعلق بالبيت فلم يجز فعلها راكبا كالصلاة ، والسعي كالطواف ، والطواف أو السعي راكبا أو محمولا لعذر يجزئ ؛ لحديث ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - طاف في حجة الوداع على بعير يستلم الركن بمحجن ، وعن أم سلمة قالت : صحيح البخاري الصلاة (452),صحيح مسلم الحج (1276),سنن النسائي مناسك الحج (2925),سنن أبو داود المناسك (1882),سنن ابن ماجه المناسك (2961),مسند أحمد بن حنبل (6/319),موطأ مالك الحج (832). شكوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أني أشتكي فقال : طوفي من وراء
(الجزء رقم : 1، الصفحة رقم: 29)
الناس راكبة متفق عليه ، ولأن طوافه صلى الله عليه وسلم راكبا لعذر - كما يشير إليه قول ابن عباس - كثر عليه الناس ، يقولون : هذا محمد هذا محمد حتى خرج العواتق من البيوت ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا تضرب الناس بين يديه فلما كثروا عليه ركب . رواه مسلم ، واختار الموفق والشارح : يجزئ السعي راكبا ولو لغير عذر . اهـ .
مما تقدم يتبين : أنه يجوز للحاج والمعتمر أن يطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة راكبا لعذر باتفاق ، ولا شيء عليه ، أما غير المعذور فله أن يسعى راكبا لكن المشي له أفضل ، وفي طوافه راكبا خلاف ، فقيل : يجزئه ولا شيء عليه ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم طاف طواف الزيارة راكبا ، وقيل يجزئه وعليه دم جبرا ؛ لأن الطواف له حكم الصلاة في الجملة ، والمفترض لا يصلي محمولا ، ولأن ركوبه صلى الله عليه وسلم في الطواف كان لوجع في رجله أو ليراه الناس فيسألوه ، وقيل : لا يجزئه لحديث : سنن النسائي مناسك الحج (2922),مسند أحمد بن حنبل (4/64). الطواف بالبيت صلاة إلا أن الله أباح فيه الكلام والمفترض لا تصح صلاته راكبا لغير عذر ، وطواف النبي صلى الله عليه وسلم راكبا كان لعذر كما تقدم .
وعلى هذا يمكن أن يقال بإجزاء السعي على سقف المسعى ؛ بل بجوازه ، وإن كان المشي أفضل لشبهه بالسعي راكبا بعيرا ونحوه ، إذ الكل غير مباشر للأرض في سعيه ، وخاصة أنه لم يرد في السعي ما يلحقه بالصلاة في حكمها ؛ بل أنه أولى من الطواف راكبا بالإجزاء ، فإذا صح الطواف راكبا لعذر صح السعي فوق سقف المسعى لعذر ، وفي سعيه فوقه لغير عذر يكون فيه الخلاف في جوازه وإجزائه ، وأخيرا إن اعتبر في إجزاء
(الجزء رقم : 1، الصفحة رقم: 30)
السعي فوق سقف المسعى أو جوازه وجود العذر نظر في زحام السعاة في الحج والعمرة ، هل يقوم عذرا أو لا . والله الموفق .
الأمر الثالث : وقد يسترشد فيه بالقرآن وأقوال الفقهاء ، قال الله تعالى : سورة البقرة الآية 150 وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ في هذه الآية خطاب من الله للناس في كل مكان أن يولوا وجوههم قبل المسجد الحرام سواء منهم من كان بأرض منخفضة عن المسجد الحرام فيكون مستقبلا في صلاته لتخوم أرضه ومن كان منهم بمكان مرتفع عن سطح الكعبة ، فيكون مستقبلا لما فوق الكعبة من الهواء ، فدل ذلك على أن حكم ما تحت البيت الحرام من تخوم الأرض وما فوقه من الهواء في استقبال القبلة في الصلاة حكم استقبال البيت نفسه .
وفيما يلي نقول عن بعض أهل العلم في الموضوع :
قال السرخسي : ومن صلى على سطح الكعبة جازت صلاته عندنا ، وإن لم يكن بين يديه سترة ، وقال الشافعي : لا يجوز إلا أن يكون بين يديه سترة ، بناء على أصله : أن البناء معتبر في جواز التوجه إليه للصلاة ، ثم قال : وعندنا القبلة هي الكعبة ، فسواء كان بين يديه سترة أو لم يكن فهو مستقبل القبلة ، وبالاتفاق : من صلى على أبي قبيس جازت صلاته وليس بين يديه شيء من بناء الكعبة ، فدل على أنه لا معتبر للبناء . اهـ . [ المبسوط ] ( 2 / 79 ) . .
(الجزء رقم : 1، الصفحة رقم: 31)
وقال المرغيناني [ الهداية وعليها فتح القدير ] ( 1 / 189 ) . : ( ومن كان غائبا ففرضه إصابة جهتها هو الصحيح ؛ لأن التكليف بحسب الوسع ) .
وقال ابن الهمام تعليقا على قول المرغيناني : ( إصابة جهتها ) قال : قوله : ( إصابة جهتها ) في [ الدراية ] عن شيخه ما حاصله : أن استقبال الجهة أن يبقى شيء من سطح الوجه مسامتا للكعبة أو لهوائها ؛ لأن المقابلة إذا وقعت في مسافة بعيدة لا تزول بما يزول به من الانحراف لو كانت مسافة قريبة ، ويتفاوت ذلك بحسب تفاوت البعد وتبقى المسامة مع انتقال مناسب لذلك البعد ، فلو فرض خط من تلقاء وجه المستقبل للكعبة على التحقيق في بعض البلاد وخط آخر يقطعه على زاويتين قائمتين من جانب يمين المستقبل وشماله لا تزول تلك المقابلة والتوجه بالانتقال إلى اليمين والشمال على ذلك الخط بفراسخ كثيرة . . . اهـ .
وقال الدسوقي [ حاشية الدسوقي على الشرح الكبير ] ( 1 / 299 ) . : قوله : ( وبطل فرض على ظهرها ) أي : على ظهر الكعبة قوله : ( فيعاد أبدا ، أي : على المشهور ، ولو كان بين يديه قطعة من حائط سطحها بناء على أن المأمور به استقبال جملة البناء لا بعضه ولا الهواء ، وهو المعتمد ، وقيل : إنما يعاد بناء على كفاية استقبال هواء البيت أو استقبال قطعة من البناء ولو من حائط سطحه . اهـ .
وقد ذكر نحوا من ذلك الحطاب [ مواهب الجليل على مختصر خليل ] ( 1 / 511 - 513 ) . .
(الجزء رقم : 1، الصفحة رقم: 32)
وقال الشيخ محمد عرفة الدسوقي : ملخصا حكم الصلاة على ظهر الكعبة : ( فتحصل من كلام الشارح أن الفرض على ظهرها ممنوع اتفاقا ، وأما النفل ففيه أقوال ثلاثة ، الجواز مطلقا ، والجواز إن كان غير مؤكد ، والمنع وعدم الصحة مطلقا ، قال شيخنا : وهذا الأخير هو أظهر الأقوال .
( تنبيه ) : سكت المصنف عن حكم الصلاة تحت الكعبة في حفرة ، وقد قدم أن الحكم بطلانها مطلقا ، فرضا أو نفلا ؛ لأن ما تحت المسجد لا يعطى حكمه بحال ، ألا ترى أن الجنب يجوز له الدخول تحته ، ولا يجوز له الطيران فوقه ، كذا قرره شيخنا .
وكتب الشيخ محمد عليش في تقريره على [ حاشية الدسوقي والشرح الكبير ] ، للشيخ أحمد الدردير ما نصه : وإنما جاز على جبل أبي قبيس مع أنه أعلى من بنائها ؛ لأن المصلى عليه مصل إليها وأما المصلي على ظهرها فهو فيها ، انتهى ( ضوء الشموع ) .
وقال النووي [ المهذب مع شرحه المجموع ] للنووي ( 3 / 198 ) . : أما حكم المسألة : فقال أصحابنا : ولو وقف على أبي قبيس أو غيره من المواضع العالية على الكعبة وبقربها صحت صلاته بلا خلاف ؛ لأنه يعد مستقبلا وإن وقف على سطح الكعبة نظر إن وقف على طرفها واستدبر باقيها لم تصح صلاته بالاتفاق ؛ لعدم استقبال شيء منها ،
(الجزء رقم : 1، الصفحة رقم: 33)
وهكذا لو انهدمت - والعياذ بالله - فوقف على طرف العرصة واستدبر باقيها لم تصح صلاته ، ولو وقف خارج العرصة واستقبلها صح بلا خلاف ، أما إذا وقف في وسط السطح أو العرصة فإن لم يكن بين يديه شيء شاخص - لم تصح صلاته على الصحيح المنصوص ، وبه قال أكثر الأصحاب ، وقال ابن سريج : تصح ، وبه قال أبو حنيفة وداود ومالك في رواية عنه ، كما لو وقف على أبي قبيس ، وكما لو وقف خارج العرصة واستقبلها ، والمذهب الأول ، والفرق أنه لا يعد هنا مستقبلا بخلاف ما قاس عليه ، وهذا الوجه الذي لابن سريج جاز في العرصة والسطح كما ذكرنا ، كذا نقله عنه إمام الحرمين وصاحب التهذيب وآخرون ، وكلام المصنف يوهم أنه لا يقول به في السطح وليس الأمر كذلك . اهـ
وقال ابن قدامة : ولو صلى على جبل عال يخرج من مسامتة الكعبة صحت صلاته ، وكذلك لو صلى في مكان ينزل عن مسامتتها ؛ لأن الواجب استقبالها وما يسامتها من فوقها وتحتها بدليل ما لو زالت الكعبة - والعياذ بالله - صحت الصلاة إلى موضع جدارها . اهـ [ المغني مع الشرح الكبير ] ( 1 / 463 ) . .
وقال البهوتي : ولا يضر علو على الكعبة كما لو صلى على أبي قبيس ، ولا نزوله عنها كما لو صلى في حفيرة تنزل عن مسامتتها ؛ لأن العبرة بالبقعة لا بالجدران . اهـ [ متن الإقناع مع شرح كشاف القناع ] ( 2 / 79 ) . .
مما تقدم يتبين أن من صلى على مكان مرتفع عن سطح الكعبة مستقبلا
(الجزء رقم : 1، الصفحة رقم: 34)
ما فوق سطحها من هواء صحت إجماعا ، كمن صلى فوق جبل أبي قبيس ، أو في بلاد سطح أرضها أعلى من سطح الكعبة ، ومن صلى الفريضة فوق الكعبة مستقبلا ما أمامه من هوائها أو مستقبلا سترة بين يديه ففي صحة صلاته خلاف ، بناء على الاكتفاء باستقبال جزء من بناء الكعبة أو جزء من هوائها في صحة الصلاة ، وعدم الاكتفاء بذلك ؛ بل لا بد من شاخص أو استقبال جملة البناء أو جملة الهواء أما من على سطحها أو في جوفها فيقال فيه إنه مستدبر الكعبة أو هواءها باعتبار كما يقال أنه مستقبل باعتبار آخر ، فلم يتحقق فيه شرط الاستقبال بإطلاق ، فلا تصح صلاته ، ومن صلى على طرفها وجعل هواءها وراءه بطلت صلاته ؛ لأنه لم يستقبل شيئا من بنائها ولا من هوائها .
وعلى هذا يمكن أن يقال : إذا كان استقبال ما فوق الكعبة من هواء في الصلاة كاستقبال بنائها ، فالسعي فوق سقف المسعى في حكم السعي على أرض المسعى .
الأمر الرابع : روى جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : صحيح مسلم الحج (1297),سنن النسائي مناسك الحج (3062),سنن أبو داود المناسك (1970),مسند أحمد بن حنبل (3/337). رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمي الجمرة على راحلته يوم النحر ويقول : لتأخذوا عني مناسككم فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه رواه أحمد ومسلم والنسائي [ المنتقى مع شرحه ] للشوكاني ( 5 / 70 ) . .
وما روى أبو داود وابن ماجه في [ سننهما ] ، عن يزيد بن أبي زياد عن سليمان بن عمرو بن الأحوص عن أمه قالت : سنن أبو داود المناسك (1966),سنن ابن ماجه المناسك (3028). رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمي
(الجزء رقم : 1، الصفحة رقم: 35)
الجمرة من بطن الوادي وهو راكب يكبر مع كل حصاة ورجل خلفه يستره فسألت عن الرجل فقالوا : الفضل بن عباس ، وازدحم الناس ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : يا أيها الناس ، لا يقتل بعضكم بعضا ، وإذا رأيتم الجمرة فارموا بمثل حصى الخذف سكت أبو داود عن الحديث ، وقال المنذري : في إسناده يزيد بن أبي زياد [ مختصر سنن أبى داود ] للمنذري ( 2 / 415 ) . .
وقال الشوكاني : قوله : ( على راحلته ) استدل به على أن رمي الراكب لجمرة العقبة أفضل من رمي الراجل ، وبه قالت الشافعية ، والحنفية ، والناصر ، والإمام يحيى ، وقال الهادي والقاسم : إن رمي الراجل أفضل . اهـ [ نيل الأوطار ] ( 5 / 71 ) . .
وقال ابن عابدين : وقوله : ( وجاز الرمي راكبا . . . إلخ ) عبارة المتلقي أخص وهي : وجاز الرمي راكبا ، وغير راكب أفضل في جمرة العقبة . انتهى ، وفي اللباب : والأفضل أن يرمي جمرة العقبة راكبا وغيرها ماشيا في جميع أيام الرمي - إلى أن قال : والضابط : أن كل رمي يقف بعده فإنه يرميه ماشيا ، وهو كل رمي بعده رمي ، كما مر وما لا فلا ، ثم هذا التفصيل قول أبي يوسف ، وله حكاية مشهورة ذكرها ( ط ) وغيره وهو مختار كثير من المشايخ ، كصاحب [ الهداية ] و [ الكافي ] و [ البدائع ] ، وغيرهم ، وأما قولهما : فذكر في [ البحر ] : أن الأفضل الركوب في الكل على ما في الحاشية ، والمشي في الكل على ما في الظهيرية ، وقال : فتحصل أن في
(الجزء رقم : 1، الصفحة رقم: 36)
المسألة ثلاثة أقوال . . . ثم قال : ( قوله : ورجحه الكمال ) أي : بأن أداءها ماشيا أقرب إلى التواضع والخشوع ، وخصوصا في هذا الزمان ، فإن عامة المسلمين مشاة في جميع الرمي فلا يؤمن من الأذى بالركوب بينهم بالزحمة ، ورميه عليه السلام راكبا إنما هو ليظهر فعله ليقتدى به كطوافه راكبا . اهـ .
قال في [ البحر ] : ولو قيل بأنه ماشيا أفضل إلا في رمي جمرة العقبة وفي اليوم الأخير لكان له وجه ؛ لأنه ذاهب إلى مكة المكرمة في هذه الساعة كما هو العادة ، وغالب الناس راكب فلا إيذاء في ركوبه مع تحصيل فضيلة الاتباع له عليه الصلاة والسلام . اهـ [ رد المحتار على الدر المختار ] ( 1 / 254 ) . .
وقال السرخسي : وإن رماها راكبا أجزأه ؛ لحديث جابر رضي الله عنه :
أن النبي صلى الله عليه وسلم رمى الجمار راكبا . اهـ . [ المبسوط ] ( 4 / 69 ) . . وفي [ المدونة الكبرى ] : قلت : فهل يرمي الرجل الجمار راكبا أو ماشيا ، قال : قال مالك : أما الشأن يوم النحر فيرمي جمرة العقبة راكبا كما يأتي على دابته يمضي كما هو يرمي ، وأما في غير يوم النحر فكان يقول : يرمي ماشيا ، قلت : فإن ركب في رمي الجمار في الأيام الثلاثة أو مشى يوم النحر إلى جمرة العقبة فرماها ماشيا هل عليه لذلك شيء ؟ قال : ليس عليه لذلك شيء . اهـ . [ المدونة الكبرى ] ( 1 / 325 ) . .