متلازمة داون
المغولية أو متلازمة داون أو تناذر داون أو التثالث الصبغي 21 أو التثالث الصبغي G
هو مرض صبغوي ينتج عن خلل في الكروموسومات حيث توجد نسخة إضافية من كروموسوم 21 أو جزء منه مما يسبب تغيرا في الإِرثات. تتسم الحالة بوجود تغييرات كبيرة أو صغيرة في بنية الجسم. يصاحب المتلازمة غالباً ضعف في العقل والنمو البدني، وبمظاهر وجهية مميزة. يمكن الكشف عن المرض أثناء الحمل عن طريق بزل السلى. يمكن أن تجد الكثير من الصفات المميزة لمتلازمة داون في أشخاص طبيعيين كصغر الذقن وكبر حجم اللسان واستدارة الوجه وغير ذلك. تزيد احتمالية إصابة أطفال متلازمة داون بعدة أمراض كأمراض الغدة الدرقية، وارتجاع المريء، والتهاب الأذن. يوصى بالتدخل المبكر منذ الطفولة والكشف القبلي عن أكثر الأمراض شيوعا والعلاج الطبي وتوفير جو عائلي متعاون والتدريب المهني حتى تساهم في تطوير النمو الكلي للطفل المصاب بمتلازمة داون. وبالرغم من أن بعض المشاكل الجينية التي تحد من قدرات طفل متلازمة الداون لن تتغير إلا أن التعليم والرعاية المناسبين قد يحسنان من جودة الحياة.[1]تاريخ المرض
تسمية متلازمة داون تعود إلى الطبيب البريطاني جون لانغدون داون الذي كان أول من وصف هذه المتلازمة في عام 1862 والذي سماها في البداية باسم "المنغولية" أو "البلاهة المنغولية" ووصفها كحالة من الإعاقة العقلية بشكل موسع في تقرير نشر عام 1866 [2] وذلك بسبب رأيه بأن الأطفال المولودين بمتلازمة داون لهم ملامح وجهية (خاصة من ناحية زاوية العين) تشبه العرق المنغولي بحسب وصف جون فريدريك بلومينباخ، ولهذا سماه "منغولية" اعتمادا على النظرية العرقية التي كانت سائدة حينها، وبقيت المعتقدات حول ربط متلازمة داون بالعرق حتى أواخر سبعينات القرن العشرين.في عام 1959 اكتشف جيروم لوجين Jérôme Lejeune أنها بسبب النسخة الإضافية من الكروموسوم 21.
انواع متلازمة داون:
توجد ثلاث أنواع من متلازمة داون:
1. التثلث الحادي والعشرين: وفيه يتكرر الصبغي 21 ثلاث مرات بدلا من مرتين ليكون عدد الصبغيات 47 بدلا من 46 صبغي في كل خلية، ويشكل هذا النوع النسبة الأعلى من مجموع المصابين بهذه المتلازمة حيث تبلغ نسبة الإصابة به حوالي 95% من حالات متلازمة داون.
2. الانتقال الصبغي: وفيه ينفصل الصبغي رقم 21 ويلتصق بصبغي آخر وعادة ما يكون الصبغي الاخر من الاصباغ 13، 14، 15، 21، 22 ويشكل هذا النوع حوالي 4 بالمائة من حالات متلازمة داون.
3. النوع الفسيفسائي: وفي هذا النوع يوجد نوعين من الخلايا في جسم الطفل المصاب، بعضها يحتوى على العدد الطبيعي من الصبغيات أي 46 والبعض الآخر يحتوى على العدد الموجود في متلازمة داون أي 47 صبغي، ويمثل هذا النوع حوالي 1 بالمائة من المصابين بمتلازمة داون.
الصفات والمميزات
يتصف الأشخاص المصابون بمتلازمة داون بهذه الصفات الجسدية أو بعضها: صغر غير طبيعي في الذقن[3], وميلان عرضي في شق العين مع جلد زائد في الزاوية الداخلية لها يسمى طية علاية الموق وتعرف أيضا بالطية المنغولية[4], وضعف في تناغم العضلات, وتسطح في جسر الأنف, وطية واحدة فقط في راحة الكف, وبروز في اللسان وذلك بسب صغر تجويف الفم وتضخم اللسان مما يجعله قريب من اللوزتين في الحلق[4]، وقصر في الرقبة, ووجود بقع بيضاء في قزحية العين تعرف ببقع برشفيلد[5], وارتخاء وتهاون مفرط في المفاصل يتضمن ارتخاء وعدم استقرار في المفصل القهقي المحوري, وعيوب خلقية في تكوين القلب, وكبر في المسافة بين إصبع القدم الكبير والذي يليه, وشق وتقلص وحيد في الأصبع الخامس, وعدد أكبر من تعرجات البصمة في اليد. أغلبية الأشخاص المصابين بمتلازمة داون لديهم تأخر عقلي ويتراوح بين الخفيف بمعدل ذكاء(IQ 50–70) والمتوسط (IQ 35–50) [6]. عادة ما يزيد معدل ذكاء الأفراد الذين يعانون من المغولية الفسيفسائية بين 10–30 نقطة أعلى[7]. إضافة على ذلك فإن الأشخاص الذين يعانون من المغولية قد يحدث لهم تغيرات خطيرة وغير طبيعية تؤثر على أجهزة الجسم, كما قد يكون لديهم رأس واسعة ووجه مستدير جدا.أو يتميزون بالصعل.طبيا؛ فإن النتائج المترتبة للزيادة غير الطبيعية في الجينات (المادة الوراثية) في متلازمة داون كبيرة ومختلفة جدا وقد تؤثر على أي وظائف الجسم وأجهزته أو طريقة عمله. والتعامل الصحيح مع المرض يتضمن الإحاطة والاستعداد لمنع أي تأثير سلبي, كما يتضمن الإدراك لكل المشاكل والتعقيدات التي تنتج من الاضطراب الجيني, والتحكم والقدرة على إدارة الأعراض المصاحبة, ومساعدة الشخص المصاب وعائلته للتأقلم والنجاح في تخطي كل الصعوبات المتعلقة بالعجز المرافق للحالة الصحية.[6]
والاختلاف الكبير في أعراض هذا المرض التي تظهر على الأشخاص ما هو إلا نتيجة تفاعل معقد بين البيئة والجينات حيث تنتج متلازمة داون من عدة مشاكل مختلفة في الجينات. ولا يمكننا الكشف أو توقع الأعراض المصاحبة للأشخاص المصابون بالمغولية قبل ولادتهم. بعض الأعراض قد تظهر عند الولادة مثل التشوهات الخلقية في تكوين القلب, والبعض الآخر يظهر مع مرور الوقت مثل داء الصرع.
أكثر العلامات ظهورا في الأشخاص المصابين بالمغولية: الخصائص الوجهية المميزة, وضعف الإدراك, وأمراض القلب الخلقية وفي الغالب عيب في الحاجز البطيني للقلب, وضعف السمع (وقد يكون ذلك بسبب عوامل عصبية حسية, أو التهاب حاد ومزمن في الأذن الوسطى والمعروف أيضا بالأذن الصمغية), وقصر في القوام, واضطراب في الغدة الدرقية, ومرض الزهايمر (النسيان). والأمراض الأخرى الخطيرة والأقل حدوثا تتضمن اللوكيميا وضعف جهاز المناعة والصرع.
وبكل الأحوال؛ هنالك فوائد صحية لمتلازمة داون كانخفاض خطر الإصابة بالأمراض السرطانية الخبيثة باستثناء سرطان الدم (اللوكيميا) وسرطان الخصية[8]. برغم أنه إلى الآن, لم يتم معرفة إذا كان السبب من انخفاض معدل الوفيات بمرض السرطان لدى المغوليين نتيجة ضغط الورم الجيني على كروموسوم رقم 21(مثل Ets2)، [9] أو بسبب انخفاض التعرض للعوامل البيئية المساهمة في الإصابة بالأمراض السرطانية أو أسباب أخرى غير محددة حتى الآن. بالإضافة إلى ذلك فإن الأشخاص المصابين بمتلازمة داون يكونوا أقل عرضة للإصابة بأمراض تصلب الشرايين واعتلال شبكية العين الناتجة من داء السكري.
النمو المعرفي
يختلف النمو المعرفي بين المصابين بمتلازمة داون من شخص لآخر. لا يمكن التنبؤ بمستوى قدرات المصاب عند ولادته بشكل يعتمد عليه كما لا يمكن أن يتوقع نموه المعرفي بناء على سماته الجسدية الخاصة بالمرض. تتم تحديد طريقة التعليم المناسبة لكل فرد مصاب بعد ولادته بعد إجراء تجارب تدخلية.[10] نجاح الأطفال المصابين في المدرسة يختلف أيضا بشكل كبير ومن هنا تنبع أهمية تقويم كل حالة على حدة. بعض التأخر المعرفي الذي يصيب أطفال متلازمة داون قد يصيب أطفالا عاديين وقد يستخدم معها آباؤهم برامج عامة تقدم من خلال المدارس وما إلى ذلك.تنقسم القدرات اللغوية إلى قسمين: فهم اللغة والتعبير بواسطة اللغة. يعاني معظم أطفال متلازمة داون تأخرا في الكلام يستلزم علاج لغة ونطق خاص لتحسين القدرة على التعبير اللغوي.[11] المهارات الحركية الدقيقة تتأخر [12] خاصة عن الحركات العيانية الكبيرة وقد يعزى هذا إلى تأخر النمو المعرفي. تبعات هذه المشكلات الحركية تختلف من شخص لآخر فبعض المصابين يبدؤون بالمشي في سن الثانية بينما لا يبدأ بعضهم بذلك حتى السنة الرابعة. قد يساهم العلاج الطبيعي والمشاركة في برامج خاصة للتعليم الجسدي في تعزيز التقدم في النشاطات الحركية العيانية الواضحة.[13]
يختلف المصابون في قدرتهم على التواصل الاجتماعي. ويتم الكشف روتينيا على مشاكل الأذن الوسطى وفقدان السمع فقد تساعد الوسائل المساعدة على السمع أو مكبرات الصوت في تعلم اللغة. تقييم القدرات اللغوية يساعد على تحديد نقاط التفوق ونقاط الضعف. والعلاج اللغوي الفردي يستهدف مشاكل لغوية محددة قد تكون زيادة القدرة على الاستيعاب أو قد تصل إلى تطوير قدرات لغوية متقدمة. تستخدم طرق الاتصال المعززة والبديلة كالإشارة للأشياء ولغة الجسد واستخدام الصور لتساعد على التواصل. ما تزال البحوث حول فعالية وسائل التواصل المختلفة ضئيلة.[14] في التعليم، أصبح انتقال الأطفال المصابين بمتلازمة داون إلى التعليم العام أقل جدلا في عدد من الدول. فهناك محاولا للتعميم في المملكة المتحدة. ويعني التعميم دمج أطفال بقدرات مختلفة مع زملائهم من نفس العمر. ليس لأطفال المتلازمة العمر العاطفي والاجتماعي والذكائي ذاته لدى غيرهم من الأطفال الطبيعيين وقد تتسع الفجوة في الفرق بينهم مع الزمن. التفكير المركب الذي تحتاجه العلوم وربما التاريخ والفنون وغيرهم من المواد قد تكون بعيدة عن قدرات الأطفال المصابين أو بشكل آخر سيحقق فيها الأطفال الطبيعيون أفضل. ولهذه الأسباب فإن المصابين سيستفيدون من هذا الدمج في حال حصلت بعض التعديلات على المناهج.[15] بعض الدول في أوروبا كألمانيا والدنمارك تتبنى نظام وجود معلمين في الفصل بحيث يتولى المعلم إلى الاهتمام بالأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة. التعاون بين المدارس العامة والمدارس الخاصة هو أحد البدائل المطروحة ويعني أن تقدم الدروس الخاصة بالمناهج في فصول منفصلة بحيث لا تفوق المواد المقدمة قدرات أطفال متلازمة داون ولا يتأخر تعليم بقية الأطفال ويتم الدمج بين الأطفال المصابين مع غيرهم في النشاطات الأخرى كالرياضة والنشاطات الفنية والاجتماعية وتناول الوجبات.[16]
الخصوبة
تقل القدرة على الإنجاب لدى المصابين ذكورا وإناثا؛ فالذكور غير قادرين على الإنجاب عادة بينما يقل معدل الحمل لدى المصابات عن غيرهن. يصاب تقريبا نصف أبناء المصاب أو المصابة بمتلازمة داون بها أيضا.[17] توجد ثلاثة تقارير فقط لحالات ذكور مصابين بمتلازمة داون وأنجبوا أطفالا.[18][19]