تقسيم الطير
والطيرُ كلٌّ سَبُعٍ وبَهيمة وهَمَج، والسباعُ من الطير على ضَربَيْن: فمنها العِتاقُ والأحرارُ والجوارحَ، ومنها البغاث وهو كلُّ ما عظمَ من الطير: سبعاً كان أو بهيمة، إذا لم يكنْ من ذواتِ السلاحِ والمخالبِ المعقَّفة، كالنُّسورِ والرَّخَم والغِربان، وما أشبهها مِنْ لئامِ السباع، ثم الخَشَاش، وهو ما لطُف جِرمُه وصَغُر شخصه، وكان عديمَ السلاح ولا يكون كالزُّرَّقِ واليُؤيُؤ والباذنجان.
فأما الهَمَج فليس من الطير، ولكنَّه ممَّا يطير، والهمَجَ فيما يطيرُ، كالحشراتِ فيما يمشي، والحيّاتُ من الحشرات، وأيُّ سبع أَدخَلُ في معنى السَّبُعيَّة مِنَ الأفاعي والثعابِين? ولكن ليس ذلك من أسمائها، وإن كانتْ من ذوات الأنيابِ وأكَّالة اللُّحوم وأعداِء الإنسِ وجَميعِ البهائم، ولذلك تأكلُها الأوعَال والخَنازيرُ والقَنافِذُ والعِقبان والشاهْمُرك والسنانير، وغير ذلك من البهائم، والسباع، فَمنْ جَعَلَ الحيَّاتِ سِباعاً، وسمَّاها بذلك عندَ بعضِ القولِ والسببِ فقدْ أصابَ، ومن جَعلَ ذلك لها كالاسمِ الذي هو العلامةُ كالكَلْبِ والذئب والأسَد فقد أخطأ.
ومن سِباعِ الطيرِ شكلٌ يكون سِلاحُه المخالبَ كالعُقابِ وما أشبهها، وشيءٌ يكونُ سِلاحُه المناقيرَ كالنُّسُورِ والرَّخَمِ والغِرْبان، وإنَّما جعلْناها سباعاً لأنّها أكَّالةُ لحوم.
ومِنْ بهائم الطير ما يكون سلاحُه المناقيرَ كالكَرَاكِيِّ وما أشبهها، ومنه ما يكونُ سلاحُه الأسنانَ كالبُومِ والوَطْوَاطِ وما أشبهها، ومنه ما يكون سلاحُه الصياصي كالدِّيَكَة، ومنه ما يكون سلاحه السَّلْح كالحُباري والثعلب أيضاً كذلك.
والسَّبع من الطير: ما أكل اللحمَ خالصاً، والبهيمةُ: ما أكلت الحبَّ خالصاً، وفي الفنِّ الذي يجمعها من الخلْقِ المركَّبِ والطبع المشتَرَك، كلامٌ سنأتي عليه في موضعه إن شاء اللّه تعالى، والمشتَرَك عندهم كالعصفور؛ فإنَّه ليس بذي مِخْلَبٍ معقَّف ولا مِنْسَر وهو يلقط الحبَّ، وهو مع هذا يصيد النَّمْل إذا طار، ويَصِيد الجرادَ، ويأْكُلُ اللحم، ولا يَزُقُّ فِرَاخَه كما تزقُّ الحمامُ، بل يُلْقِمها كما تُلْقِمُ السباعُ من الطير فراخَها، وأشباهُ العصافيرِ من المشترَك كثيرٌ، وسنذكُر ذلكَ في موضِعه إن شاء اللّه تعالى.
وليس كلُّ ما طار بجَناحينِ فهو من الطير؛ قد يطير الجِعْلاَن والجَحْلُِ واليَعاسِيبُ والذّبابُ والزَّنابِيرُ والجَرادُ والنمْل والفَراشُ والبَعوضُ والأرضَة والنحلُ وغيرُ ذلك، ولا يسمَّى بالطير، وقد يقال ذلك لها عند بعض الذكرِ والسبب، وقد يسمُّون الدجاجَ طيراً ولا يسمُّون بذلك الجراد، والجرادُ أَطْيَر، والمثلُ المضروبُ به أشهر، والملائكةُ تطِيرُ، ولها أجنحةٌ وليستْ من الطير، وجَعفر بن أبي طالب ذو جناحين يَطير بهما في الجنَّة حيثُ شاء، وليس جعفرٌ من الطير.
واسم طائرٍ يقَع على ثلاثة أشياء: صورة، وطبيعة، وجَناح، وليس بالريشِ والقَوادِمِ والأباهِرِ والخوافي، يسمَّى طائراً، ولا بعدمه يسْقط ذلك عنه، ألا ترى أنَّ الخفَّاشَ والوَطواطَ من الطير، وإن كانا أمْرَطَينِ ليس لهما رِيشٌ ولا زَغَبٌ ولا شَكِيرُ ولا قَصَب وهما مشهورانِ بالحمل والولادة، وبالرَّضاع، وبظهور حَجْم الآذان، وبكثرة الأسنان، والنعامة ذاتُ ريشٍ ومِنقارِ وبَيضٍ وجَناحين، وليست من الطير.
وليس أيضاً كلُّ عائمٍ سمكة، وإن كان مناسباً للسمك في كثير من معانيه، ألا تَرَى أنّ في الماء كَلْبَ الماء، وعنْزَ الماء، وخِنزيرَ الماء؛ وفيه الرِّقُّ والسُّلَحْفاة، وفيه الضِّفْدَع وفيه السرطان، والبَيْنيبُ، والتِّمساح والدُّخس والدُّلْفين واللَّخْمُ والبُنْبُك، وغيرُ ذلك من الأصناف، والكَوسَج والد اللُّخْم، وليس للكوسج أبٌ يُعرَف، وعامَّةُ ذا يَعيش في الماء، ويبيت خارجاً من الماء، ويبيض في الشطِّ ويَبِيضُ بيضاً له صُفْرَةٌ، وقَيْضٌ وغِرْقِئٌ، وهو مع ذلك ممّا يكون في الماء مع السمك.
المصدر : كتاب الحيوان
والطيرُ كلٌّ سَبُعٍ وبَهيمة وهَمَج، والسباعُ من الطير على ضَربَيْن: فمنها العِتاقُ والأحرارُ والجوارحَ، ومنها البغاث وهو كلُّ ما عظمَ من الطير: سبعاً كان أو بهيمة، إذا لم يكنْ من ذواتِ السلاحِ والمخالبِ المعقَّفة، كالنُّسورِ والرَّخَم والغِربان، وما أشبهها مِنْ لئامِ السباع، ثم الخَشَاش، وهو ما لطُف جِرمُه وصَغُر شخصه، وكان عديمَ السلاح ولا يكون كالزُّرَّقِ واليُؤيُؤ والباذنجان.
فأما الهَمَج فليس من الطير، ولكنَّه ممَّا يطير، والهمَجَ فيما يطيرُ، كالحشراتِ فيما يمشي، والحيّاتُ من الحشرات، وأيُّ سبع أَدخَلُ في معنى السَّبُعيَّة مِنَ الأفاعي والثعابِين? ولكن ليس ذلك من أسمائها، وإن كانتْ من ذوات الأنيابِ وأكَّالة اللُّحوم وأعداِء الإنسِ وجَميعِ البهائم، ولذلك تأكلُها الأوعَال والخَنازيرُ والقَنافِذُ والعِقبان والشاهْمُرك والسنانير، وغير ذلك من البهائم، والسباع، فَمنْ جَعَلَ الحيَّاتِ سِباعاً، وسمَّاها بذلك عندَ بعضِ القولِ والسببِ فقدْ أصابَ، ومن جَعلَ ذلك لها كالاسمِ الذي هو العلامةُ كالكَلْبِ والذئب والأسَد فقد أخطأ.
ومن سِباعِ الطيرِ شكلٌ يكون سِلاحُه المخالبَ كالعُقابِ وما أشبهها، وشيءٌ يكونُ سِلاحُه المناقيرَ كالنُّسُورِ والرَّخَمِ والغِرْبان، وإنَّما جعلْناها سباعاً لأنّها أكَّالةُ لحوم.
ومِنْ بهائم الطير ما يكون سلاحُه المناقيرَ كالكَرَاكِيِّ وما أشبهها، ومنه ما يكونُ سلاحُه الأسنانَ كالبُومِ والوَطْوَاطِ وما أشبهها، ومنه ما يكون سلاحُه الصياصي كالدِّيَكَة، ومنه ما يكون سلاحه السَّلْح كالحُباري والثعلب أيضاً كذلك.
والسَّبع من الطير: ما أكل اللحمَ خالصاً، والبهيمةُ: ما أكلت الحبَّ خالصاً، وفي الفنِّ الذي يجمعها من الخلْقِ المركَّبِ والطبع المشتَرَك، كلامٌ سنأتي عليه في موضعه إن شاء اللّه تعالى، والمشتَرَك عندهم كالعصفور؛ فإنَّه ليس بذي مِخْلَبٍ معقَّف ولا مِنْسَر وهو يلقط الحبَّ، وهو مع هذا يصيد النَّمْل إذا طار، ويَصِيد الجرادَ، ويأْكُلُ اللحم، ولا يَزُقُّ فِرَاخَه كما تزقُّ الحمامُ، بل يُلْقِمها كما تُلْقِمُ السباعُ من الطير فراخَها، وأشباهُ العصافيرِ من المشترَك كثيرٌ، وسنذكُر ذلكَ في موضِعه إن شاء اللّه تعالى.
وليس كلُّ ما طار بجَناحينِ فهو من الطير؛ قد يطير الجِعْلاَن والجَحْلُِ واليَعاسِيبُ والذّبابُ والزَّنابِيرُ والجَرادُ والنمْل والفَراشُ والبَعوضُ والأرضَة والنحلُ وغيرُ ذلك، ولا يسمَّى بالطير، وقد يقال ذلك لها عند بعض الذكرِ والسبب، وقد يسمُّون الدجاجَ طيراً ولا يسمُّون بذلك الجراد، والجرادُ أَطْيَر، والمثلُ المضروبُ به أشهر، والملائكةُ تطِيرُ، ولها أجنحةٌ وليستْ من الطير، وجَعفر بن أبي طالب ذو جناحين يَطير بهما في الجنَّة حيثُ شاء، وليس جعفرٌ من الطير.
واسم طائرٍ يقَع على ثلاثة أشياء: صورة، وطبيعة، وجَناح، وليس بالريشِ والقَوادِمِ والأباهِرِ والخوافي، يسمَّى طائراً، ولا بعدمه يسْقط ذلك عنه، ألا ترى أنَّ الخفَّاشَ والوَطواطَ من الطير، وإن كانا أمْرَطَينِ ليس لهما رِيشٌ ولا زَغَبٌ ولا شَكِيرُ ولا قَصَب وهما مشهورانِ بالحمل والولادة، وبالرَّضاع، وبظهور حَجْم الآذان، وبكثرة الأسنان، والنعامة ذاتُ ريشٍ ومِنقارِ وبَيضٍ وجَناحين، وليست من الطير.
وليس أيضاً كلُّ عائمٍ سمكة، وإن كان مناسباً للسمك في كثير من معانيه، ألا تَرَى أنّ في الماء كَلْبَ الماء، وعنْزَ الماء، وخِنزيرَ الماء؛ وفيه الرِّقُّ والسُّلَحْفاة، وفيه الضِّفْدَع وفيه السرطان، والبَيْنيبُ، والتِّمساح والدُّخس والدُّلْفين واللَّخْمُ والبُنْبُك، وغيرُ ذلك من الأصناف، والكَوسَج والد اللُّخْم، وليس للكوسج أبٌ يُعرَف، وعامَّةُ ذا يَعيش في الماء، ويبيت خارجاً من الماء، ويبيض في الشطِّ ويَبِيضُ بيضاً له صُفْرَةٌ، وقَيْضٌ وغِرْقِئٌ، وهو مع ذلك ممّا يكون في الماء مع السمك.
المصدر : كتاب الحيوان