بسم الله الرحمن الرحيم
أساليب التقصير في تربية الأولاد
الكثير من الأباء والأمهات في مجتمعاتنا الإسلامية,لا يحسنوا تربية أولادهم,لانهم لا يعلموا ما هي أساليب التربية الصحيحة للأولاد؟ ولا يعرفون كيفية التعامل مع الأولاد بحسب أعمارهم؟
بل يعتقدون أن تربية الأولاد تتمثل في توفير الأطعمة المتنوعة والملابس الثمينة, والعيش في منزل حديث البنيان محوط بالحديقة الواسعة ومؤثث بألاثاث والمفروشات الفاخرة, ومعالجتهم في أكبر المستشفيات الخاصة, وتوفير الكماليات المختلفة منذ الطفولة كالالعاب الالكترونية وألعاب السوني والدرجات الهوائية والهواتف النقالة وجهاز الحاسوب والسيارات وغير ذلك, وإملاء جيوب الأولاد بالمبالغ النقدية الزائدة عن حاجتهم الطبيعية, ويظنون أن التقصير في التربية يتمثل بالتقتير والبخل في إحدى هذه الأمور فقط وهذا هو الخطأ بعينه.....
فتربية الأولاد مسئولية كبيرة وأمانة عظيمة أودعها المولى عزوجل في رقاب الأباء والأمهات, ووظيفة هامة في حياة الأفراد والأسر والمجتمعات والشعوب ,لها أساليبها وطرقها ووسائلها الصحيحة,لا يستطيع القيام بها وأدائها على الوجه الأكمل, إلا من وفقه الله تعالى ورضى له بذلك...
أساليب التقصير في التربية عديدة يمكن معرفتها من خلال ما نراه من أحوال الكثير من أبناء الأسر المقصرة في التربية, وما ترتب عليه من أثار سلبية في حياة ذلك الولد أوأسرته والمجتمع الذي يعيش فيه ..
منها ما يلي:-
1-عدم تنشئة الأولاد التنشئة الإسلامية الصحيحة المتمثلة بالتحلي بالفضيلة والصلاح والأستقامة والعفة, وأداء الشعائر الدينية من صلاة وصوم وتلاوة القرآن الكريم وإجتناب المعاصي والأثام والكبائر.
2- عدم حمايتهم من وسائل الضياع والإنحلال الأخلاقي التى أصبحت منتشرة في مجتمعاتنا الإسلامية بشكل كبير بمختلف أشكالها وأنواعها, كالمجلات الماجنة والموبايل ومقاهي الأنترنت والأفلام وأشرطة الأغاني الهابطة, وعدم إيجاد البديل لتلك الوسائل بوسائل إسلامية كالكتب والمجلات والأشرطة الإسلامية.
3-التدليل الزائد للأولاد منذ طفولتهم, والسكوت لهم أثناء المشاغبة وقلة الأدب والتلفظ بالعبارات السئية والبذئية, والتطاول على الآخرين بالكلام الجارح, وعدم إحترام الكبار وتوقيرهم.
4-تربيتهم على الميوعة والإنحلال الأخلاقي في الملبس وقصات الشعر وتسريحه,وذلك من خلال توفير وشراء تلك الملابس أو أعطائهم النقود والسماح لهم بشراء وإرتداء تلك الملابس وتقليد الفنانين والفنانات والممثلين والممثلات من العرب أوالعجم سواء في لبس تلك الملابس أو في قصات الشعروتسريحه, على أعتقاد أن ذلك لن يؤثر على شخصيتهم في المستقبل بشئ مع أن المثل العربي يقول (من شب على شئ شاب عليه)..
5- عدم اتقان الأبوين لأساليب التعامل الصحيح مع الأولاد وعدم فهم نفسيتهم وطبائعهم والتغيرات التي تحدث لهم في كل مرحلة من مراحل اعمارهم منذ الطفولة وحتى يصبحون أباء وأمهات, فالكثير من الأباء والأمهات لا يعرفوا كيف يتعاملون مع أولادهم كل منهم بحسب نفسيته وعمره, حيث نجد الكثير من الأباء والأمهات لا يتعاملون مع الأولاد معاملة الوسطية المتمثلة بالشدة حيناً واللين حيناً أخر وبين الترغيب والترهيب, فقد نجد الكثير من الأباء والأمهات يعاملون أبنائهم بصورة دائمة معاملة قاسية وشديدة فيمارسون معهم الضرب والتعذيب الجسدي أو تقييدهم بالقيود والحبال أو إحراق أجسادهم بسيخ من الحديد مكوي بالنارعلى أتفه الأموروالأسباب, ويتحكمون في جميع أمور حياتهم وقرارتهم الشخصية, فيزرعون فيهم الخوف من الأبوين وكراهيتهم بل وكراهية العيش معهم تحت سقف واحد فيهربون من المنازل في سن التمييز ليصبحوا مشردين بالشوارع يلجأون إلى السرقة او الشحاتة والسؤال للحصول على الطعام والسكن والشراب أو ينظمون إلى عصابات السرقات والتقطع فيرتكبون كل الكبائر والجرائم والمعاصي فينتهي بهم الحال إما بالسجن أو الموت, وبالعكس قد نرى الكثير من الأباء والأمهات ذات شخصيات ضعيفة, يقومون بمعاملة أبنائهم باللين المطلق وبالتساهل والتهاون سواء على أصغرالأخطاء أوعلى أكبرها, ويتركون لأولادهم الحبل على الغارب, فينفردون في قراراتهم وتصرفاتهم دون خوف من الأباء والأمهات أو الرجوع إليهم فيسلكون طرق .
6- عدم التوسط في الإنفاق على الأولاد فبعض الأباء يبخلون على أولادهم فلا يقومون بتوفير ما يحتاجون إليه من أشياء ضرورية تشبع حاجاتهم, مما يجعلهم يبحثون عن طرق أخرى للحصول على المال من أجل تغطية النقص الذي يجدونه من أبائهم وأمهاتهم وبعض الأباء والأمهات يبذرون ويبذخون ويترفون في الإنفاق على أولادهم سواء في المأكل أوالمشرب أوالملبس,أووسائل الترف كالسيارة والموبايل والحاسوب وغيرها, دون مراقبتهم أثناء أستخدامها لها,وأعطائه المال دون حاجاتهم الضرورية, وفي أي وقت يطلبونه دون مسألتهم لماذا يريدونه؟ أو محاسبتهم فيما ينفقونه؟ مما يجعلهم يقومون بصرف تلك الأموال واستخدام تلك الوسائل في إرتكاب العديد من المعاصي والذنوب وتناول العديد من المحرمات, كتدخين الشيشة والسجائر والحشيشة, والسهر في المراقص والملاهي الليلية, وتناول الكحول والمسكرات وغيرها.
7-المبالغة في إحسان الظن بالأولاد مما يترتب عنه الغفلة أوالتغافل عن الأولاد وعن أفعالهم وتصرفاتهم ,وعدم مراقبتهم سواء أثناء توجدهم في المنازل, أو عند خروجهم منها ,وذلك لمعرفة ما يتعلق بحياتهم من أمور هامة, مثل معرفة من يصادقوا ومع من يجلسوا ويمشوا,وإلى أين يذهبوا أثناء خروجهم من المنازل؟؟ وأين يقضون أوقات فراغهم؟ من أجل حمايتهم من جلساء السوء وأماكن اللهو والترف والإنخراط في المعاصي والذنوب والخروج عن الطريق القويم قبل وقوعهم فيه.وهذا مايجعلهم يرتكبون الأخطاء والخروج عن الطريق القويم دون خوف من الأبوين.
8-المبالغة في الشك وإساءة الظن بالأولاد وتصرفاتهم , فالكثير من الأباء والأمهات يشكون في أولادهم بصورة مستمرة ودون أدنى سبب, فيظلون يرقبونهم ويتابعون تصرفاتهم باستمرار ودون ما يستوجب ذلك مما يجعلهم يفقدون الثقة بأنفسهم ويشعرون أن جميع ما يقومون به في حياتهم أخطاء, وبعضهم قد يقعون في إرتكاب المحذورات والمعاصي بسبب أنهم متهمون بإرتكابها من أبائهم قبل أن يفكروا بإرتكابها.
9-عدم معاملة الأولاد بالعدل والمساواة في كل شئ, وايجاد التفرقة بينهم سواء في المأكل أو المشرب أو الملبس أو الإبتسامة والتخاطب,وإظهار المحبة لبعضهم دون البعض الأخر, وحرمان البعض من الشفقة والعطف والحنان الذي يمنحه الأبوين لبعض أولادهم.
10- عدم إيجاد رابطة الأبوة والأمومة الوثيقة بين الأبوين والأولاد بسبب إنشغالهما عن أولادهما خارج المنزل بالوظيفة والعمل وترك شئونهم للمربيات والخادمات, فلا يراهما أولادهما إلا بعض السويعات في اليوم أو في الإسبوع أو في الشهر ولا يعرف الأبوين عن حياة أولادهم وتصرفاتهم ومشاكلهم وهمومهم أي شئ.
11-إرتكاب الأخطاء القولية والفعلية وإقتراف الذنوب والمعاصي, جهاراً أمام الأولاد, مما يجعلهم يسلكون مسلك الأباء والأمهات, لأنهم ينظرون إليهم على أنهم قدوة لهم في كل شئ, أو وجود التناقض بين أقوال الأب والأم وبين أفعالهما, حيث يرى الأولاد أفعال والديهما تخالف أقوالهما كأن يأمرونهم بأداء الفرائض والسنن والتخلق بالأخلاق الكريمة وهما لا يقوما بذلك, ويأمرونهم بترك المعاصي والذنوب وعدم التلفظ بالألفاظ السئية وهما يرتكبان ذلك جهارا دون خوف من الله عزوجل ودون خجل أو حياء من خلقه ..
12-السكوت أوالتساكت عن الأخطاء الصغيرة والكبيرة التي يرتكبها الأولاد أمام الأبوين منذ طفولتهم سواء أخطاء لفظية أو فعلية,وإظهارالبهجة والسرور والضحك حينما يقوم أطفالهم الصغار بإرتكاب تلك الأخطاء مثل المشاغبة وقلة الأدب وتكسير أثاث المنزل والتطاول على الكبار بالفاظ سئية وغيرها.
13- إثارة الخلافات الأسرية أمام الأولاد بصورة مستمرة وعلى أتفه الأسباب, فبعض الأباء والأمهات يتشاجرون أمام أولادهم بصوت عالي, ويسب أحدهما الأخر بالفاظ سيئة,بل وقد يعتدي أحدهما على الأخر بالضرب أما بالأيدي أو بأي ألة أخرى, فيحدث فيه الجروح وتسفك الدماء,وأولادهم يصرخون ويبكون في ذعر وخوف مما يرونه, دون أن يعلم الأباء والأمهات ما لذلك من تأثير سلبي كبيرعلى نفسية وحياة أولادهم وعلى شخصيتهم في المستقبل.
14- عدم تعويدهم على تحمل المسئولية والإعتماد على النفس في تسييرأمورحياتهم وحل مشكلاتهم واتخاذ القرارات الصحيحة في جميع شئون حياتهم المستقبلية تحت أشراف الأبوين,وإعطائهم النصائح والتوجيهات اللازمة فقط,وعدم منحهم الفرصة لمعالجة الأخطاء التي قد يقعون فيها وتصحيح مسار حياتهم وتغييره نحو الأفضل, وعدم تشجيعهم على المشاركة في مناقشة المشاكل الأسرية ووضع الحلول المناسبة لها, وتعويدهم على الفوضى والسياب واللامبالاة وعلى التهاون والتكاسل في أداء واجباتهم والتزاماتهم بدلاً عن الإنضباط والنشاط في جميع شئون حياتهم .
15- عدم الأهتمام بنظافة الأولاد وهندامهم سوا في البيت أو أثناء خروجهم منه,وعدم الاهتمام بتعليمهم ومراجعة دروسهم في المنزل, وزيارتهم إلى المدرسة لمتابعة حضورهم ومعرفة مستوى تحصيلهم الدراسي ومشاكلهم وهموهم الدراسية.
بقلم : المحامي / محمد قايد محمد الصايدي