العالم العامل
عبد الله بن عمرو رضى الله عنه
عبد الله بن عمرو رضى الله عنه
إنه عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنه-، أمه رائطة بنت
الحجاج بن منبه السهمية. كان اسمه قبل إسلامه العاص، فلما أسلم سماه النبي (صلى الله عليه وسلم) عبد الله. [ابن عساكر]. وكان النبي (صلى الله عليه وسلم) يقول: (نعم أهل البيت أبو عبد الله وأم عبد الله وعبد الله) [أحمد].
أسلم عبد الله قبل أبيه، وكان شديد الحب لله ورسوله (صلى الله عليه وسلم)، وكان يكثر من العبادة، وقراءة القرآن، وكتابة أحاديث الرسول (صلى الله عليه وسلم)، وكان يحافظ على حضور مجالس الرسول (صلى الله عليه وسلم) واستماع حديثه وتدوينه، حتى أنه سأل الرسول (صلى الله عليه وسلم) يومًا: يا رسول الله، أأكتب كل ما أسمع منك؟ فقال (صلى الله عليه وسلم): (نعم). فقال عبد الله: في الرضا والغضب؟ فقال (صلى الله عليه وسلم): (نعم، فإني لا أقول إلا حقًا)
[أبو داود].
وعلم النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه يصوم كل يوم ولا يفطر، فقال له: (كيف تصوم؟). قال: أصوم كل يوم. فقال (صلى الله عليه وسلم): (وكيف تختم؟) قال: كل ليلة، فقال (صلى الله عليه وسلم): (صم في كل شهر ثلاثة، واقرأ القرآن في كل شهر)، فقال عبد الله: أطيق أكثر من ذلك؟ فقال (صلى الله عليه وسلم): (صم ثلاثة أيام في الجمعة)، فقال عبد الله: أطيق أكثر من ذلك، قال: (أفطر يومين، وصم يومًا)، قال عبد الله: أطيق أكثر من ذلك، فقال (صلى الله عليه وسلم): (صم، أفضل الصوم صوم داود، صيام يوم وإفطار يوم، واقرأ في كل سبع ليالٍ مرة) [البخاري].
وفي رواية: (فاقرأه في كل سبع ولا تزد على ذلك، فإن لزوجك عليك حقًّا، ولزورك (ضيوفك) عليك حقًّا، ولجسدك عليك حقًّا)، ثم قال له النبي (صلى الله عليه وسلم): (فإنك لا تدري لعلك يطول بك عمرٌ) [أحمد]. ولما كبر سنه كان يقول: ليتني قبلت رخصة رسول الله (صلى الله عليه وسلم).
وقد روى عبد الله عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أحاديث كثيرة، وروى أنه قال: حفظت عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ألف مثل، وكان أبو هريرة -رضي الله عنه- يقول: ما كان أحد من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أكثر حديثًا مني إلا ما كان من عبد الله بن عمرو، فإنه كان يكتب ولا أكتب.
وكان عبد الله جوادًا كريمًا يحب الإنفاق في سبيل الله، فكان يملك ثلاثمائة راحلة بمكة، فجعل منها مائة للمسلمين يركبونها، ويحملون عليها أمتعتهم، ومائتين لأهل البلدان البعيدة يذبح لهم منها في موسم الحج، ويتصدق بها عليهم.
وكان محبًّا لأبيه عمرو وبارًا به، لقول الرسول ( له: (أطع أباك ما دام حيًّا) [أحمد]. وتوفي عبد الله سنة (65 هـ) في مصر، وعمره آنذاك (72) سنة.