تتجه انظار العالم إلى السويد في شهر تشرين الأول/أكتوبر من كل عام، حين يتم إعلان أسماء الفائزين بجوائز نوبل في مجالات الفيزياء والكيمياء والطب والأدب والإقتصاد، بالإضافة لجائزة نوبل للسلام والتي يعلن عنها بالنرويج في نفس الوقت. ويستقطب الإعلان عن جوائز نوبل من كل عام اهتماماً واسعاً نظراً لأهمية الجائزة عالمياً بإعتبارها أرقى جائزة يمكن الحصول عليها في هذه المجالات.
مُنحت أول جوائز نوبل عام 1901 للفيزيائي فيلهلم كونراد رونتجن، الذي اكتشف الأشعة السينية التي تستخدم كل يوم في مراكز الرعاية الصحية حول العالم. وخلال 110 سنة حتى العام 2011, تم منح 840 جائزة نوبل لعلماء وكتاب وسياسيين وإقتصاديٍين وباحثين وغيرهم ممن حققوا انجازات أو اكتشافات ذات أهمية عظيمة في مجلاتهم. ويذكر أن قيمة جائزة نوبل تبلغ 10 مليون كرونة سويدية أو ما يعادل 1.5 مليون دولار، أو 1.1 مليون يورو، بالإضافة إلى ميداليات فخر وشهادات يتسلمها الفائزون من يد ملك السويد في مأدبة ضخمة تقام في ستكهولم يوم نوبل، 10 كانون الأول من كل عام. أما جائزة نوبل للسلام فتُقدم في أوسلو، عاصمة النرويج، في اليوم نفسه.منذ سنة 1902، يقوم ملك السويد بنفسه بتسليم جوائز نوبل للأشخاص الحائزين عليها. تصوير: Claudio Bresciani/ AP POOL Scanpix
كل عام وفي الأسابيع القليلة قبيل الإعلان عن الفائزين بالجائزة ، تتسابق وسائل الإعلام العالمية ولا سيما العربية في التكهن بأسماء الفائزين بهذه الجوائز، ولكن اسماءهم تبقى سراً الى لحظة الإعلان الرسمي. ففي عام 2010 تم طرح إسم الكاتب العربي الكبير ادونيس لنيل جائزة نوبل للأدب، وخلال عام 2011 تم التركيز في وسائل الإعلام ولاسيما شبكات التواصل الاجتماعي مثل الفيسبوك على “الشعب المصري” كمؤهل لجائزة نوبل للسلام.
هذه التكهنات تعكس إهتمام العرب وغيرهم بجائزة نوبل، ولكن من غير الممكن أن تصدر عن مصادر موثوقة، حيث تبقى جميع وثائق فترة التأهل سراً لا ينشر إلا بعد مرور 50 عاماً من إعلان الفائز لكل عام، بحسب مؤسسة نوبل.
ومن المعروف أن حصة العرب من هذه الجوائز شملت ستة جوائز : جائزة نوبل للسلام للرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات، جائزة نوبل للأدب للكاتب المصري الكبير نجيب محفوظ عام 1988، وجائزة نوبل للكيمياء للعالم المصري أحمد زويل عام 1999، وجائزة نوبل للسلام لرئيس السلطة الفلسطينية السابق ياسر عرفات عام 1994، ولرئيس منظمة الطاقة الذرية الدولية، المصري محمد البرادعي 2005، وموخراً مُنحت جائزة نوبل للسلام للناشطة اليمنية توكل كرمان 2011.
أدب العرب
ويعلق طالب عبد الأمير، الكاتب والصحفي في القسم العربي في الاذاعة السويدية والذي الف كتاباً قيد النشر عن جائزة نوبل، حول حصة العرب من الجائزة، قائلاً أنها ربما تكون متواضعة، ولكنها في ازدياد.
“طبعا يمكن النظر الى ان حصة العرب من جائزة نوبل قليلة قياسا الى سعة المنطقة لغوياً وجغرافياً، رغم ان سعة اللغة وعدد الناطقين بها لا يمت بصلة لطبيعة منح جائزة الادب تحديداً، والا فالصين يجب ان تكون لها الغلبة. قد تكون احد اسباب حصول عربي واحد لجائزة الادب يكمن في ضعف الترجمات الى السويدية، اذ أن اكثر الكتاب العرب المعروفين مترجمة اعمالهم الى الفرنسية و، او الانجليزية. ولكن في الفترة الاخيرة، حصل تغيير بسيط في هذا المجال حيث شهدنا ترجمات لعدد من الكتاب العرب. والسبب الآخر قد يكون في قلة الترشيحات التي تصل الى الاكاديمية السويدية من قبل اتحادات الكتاب العربية. او ربما هناك اسباب اخرى اجهلها”.
وعن حجم حصة العرب من جوائز نوبل، يقول ستوره ألين (Sture Allén) من الأكاديمية السويدية، الجهة المعنية بإدراة جائزة نوبل للاداب، أن هذه الجوائز تمنح للجدارة الأدبية، دون إنحياز لأي دول، أو قارات، أو ثقافات أو مجموعات لغوية. ”استغرقت الأكاديمية السويدية عقوداً عديدة لبناء نظرةٍ شاملة لعالم الأدب. وتعمل الأكاديمية حالياً على تحسين قدراتها اللغوية. ولكن من المهم في هذا المنطلق أن يكن هناك ترشيحات من شتى مناطق العالم، وأن المرشحين صدرت لهم مؤلفات ترجمت إلى السويدية، أو النرويجية، أو الدنماركية، أو الإنجليزية، أو الفرنسية، أو الألمانية.”
إن الملابس الرسمية ضرورية لحضور حفل توزيع جوائز نوبل. تصوير: Claudio Bresciani/AP POOL Scanpix
حصول نجيب محفوظ على جائزة نوبل في الادب له اهمية كبيرة بالنسبة للعرب والادب العربي عموما, فقد كان محفوظ اكبر اديب عربي، بحسب الصحافي طالب عبد الأمير، حيث تتسم رواياته وقصصه بالواقعية التي جسد فيها هموم المواطن البسيط، طموحاته وتطلعاته، وكان شاهد عصره على تقلبات السياسة.
“منذ عدة سنوات وانا اتابع واغطي منح جوائز نوبل، وبشكل خاص جائزة الادب باعتبارها تتمتع بمكانة خاصة، لأن ألفريد نوبل أضاف في وصيته لمنح هذه الجائزة شرطاً خاصا، اضافة الى الشروط التي تشترك فيها كل جوائزه والتي تنص على ان تمنح جوائز نوبل لمبدعين قدموا للبشرية أفضل ما يمكنها الاستفادة منه خلال السنوات السابقة، وأن لا يتم التوقف عند جنسية المبدع وإنتمائه القومي. حمّل نوبل جائزة الأدب شرطين إضافيين وهما أن يكون الكاتب قد أنتج أدباً هو ‘الأكثر تميزاً’ وذا ‘إتجاه مثالي’. وهذا الشرط الثاني هو الذي ظل ومنذ البداية عرضة لتفسيرات وتأويلات مختلفة. ولم يجد القائمون على توزيع جائزة نوبل في الأدب الى يومنا الحالي تفسيراً دقيقا لما قصده ألفريد نوبل بمفهوم ‘الأدب المثالي’! لهذا السبب تواجه الاكاديمية السويدية في أحيان مختلقة انتقادات بسبب منح الجائزة لبعض الكتاب او الشعراء، او لعدم منحها لبعض يستحقها. وهذا يجري منذ اول جائزة منحت العام 1901 لشاعر فرنسي، قيل انه كان شاعراً غير معروف.”
كيمياء وسياسة
وبعيداً عن الأدب، فتشمل حصة العرب من جوائز نوبل جائزة نوبل للكيمياء، والتي حصل عليها العالم المصري أحمد زويل عام 1999 عن توصله الى ابتكار”الفمتوثانية”. الفمتوثانية هي وحدة جديدة لقياس الزمن، وهي الأكثر تناهيا في الصغر، حيث تشكل نسبتها إلى الثانية ما يعادل نسبة الثانية الى 32 مليون سنة، أو واحد من مليون على بليون الثانية. وهو الابتكار الذي قال عنه زويل انه سيطبع تأثيراته على مجمل مجالات الحياة اليومية، فضلا عن العلوم والابحاث.
العالم المصرى الدكتور احمد زويل يتسلم جائزة نوبل فى الكيمياء من ملك السويد. تصوير: Anders Wiklund/Scanpix
نوبل للسلام
وفي عام 1978 حصل الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات على جائزة نوبل للسلام مناصفة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيجن وذلك على جهودهما الحثيثة في تحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط.
وفي 1994، وبعد توقيعه على معاهدة أوسلو للسلام ما بين السلطة الفلسطينية وحكومة إسرائيل، منح الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات جائزة نوبل للسلام، إلى جانب رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق اسحاق رابين ووزير خارجيته آنذاك شمعون بيريز. وحاز عربي أخر على جائزة نوبل للسلام عام 2005، حيث تم منح الجائزة إلى المصري محمد البرادعي، ممثلاً للمنظمة الدولية للطاقة الذرية والتي ترأسها عند إذن.
ومؤخرا عام 2011 مُنحت جائزة نوبل للسلام للناشطة اليمنية توكل كرمان لنشاطها في الشارع اليمني ودورها في إيصال صوت الشارع اليمني إلى وسائل الإعلام، ونضالها السلمي من أجل ضمان الأمن للنساء.
و قد فازت كرمان بالجائزة إلى جانب كلا من رئيسة ليبيريا الين جونسون سيرليف والمناضلة من أجل السلام الليبيرية ليما غبويي.
توكل كرمان كاتبة صحافية ورئيسة منظمة صحفيات بلا قيود. تصوير: Yahya Arhab/Scanpix
أب الديناميت
من المعتاد إن يأخذ السياح أحد القوارب السياحية التي تجول قنوات ستكهولم، وعادةً ما تمر هذه القوارب ببيت ألفريد نوبل حيث قام ببعض اختباراته قبل نزوحه إلى الريف السويدي. ألفريد نوبل يأتي من مدينة كارلسكوجا الصغيرة في غرب السويد حيث ولد عام 1833. وكرس ألفريد نوبل علمه في دراسة المتفجرات، حيث إخترع الكبسولات المتفجرة، الديناميت، والبارود بلا دخان.
و اشتهر نوبل عالمياً عند بناء نفق جوتهارد سنة 1882 واستُعمل الديناميت لأول مرة على صعيد كبير. عند موته كان نوبل قد حصل على 355 براءة اختراع في بلدان مختلفة. وكان هنالك شركات أم تابعة لنوبل في نحو 20 بلداً، وكانت كل أنواع المتفجرات تُصنّع بموجب براءة اختراعه في نحو مائة مصنع حول العالم. عاش نوبل وعمل في بلدان عديدة بما فيها السويد، روسيا، فرنسا، المملكة المتحدة، ألمانيا، وإيطاليا. تحدث خمس لغات، وكان لديه شغف بالأدب، كما انه كتب الشعر والقصة على الأرجح انه لم يكن يتخيل مطلقاً حجم الأهمية التي ستحوزها جائزته، أو كم سيستقطب الحائزين على جوائزه من اهتمام الاعلام بعد موته.
ألفرد نوبل هو مهندس وكيميائي سويدي. وكان قد اخترع الديناميت في عام 1867م، ومن ثم أوصى بكل ثروته التي جناها من الاختراع إلى جائزة نوبل التي سُميت باسمه. تصوير: Gösta Florman/National Library of Sweden
ان جائزة نوبل هي الارث الذي تركه السويدي ألفريد نوبل بعد وفاته عام 1896، وهي تُمنح للذين قدموا أعمالاً عظيمة مفيدة للبشرية خلال السنة السابقة. وقد أعلن نوبل، حين وقّع وصيته الاخيرة سنة 1895، ان الجزء الأكبر من ممتلكاته يجب تحويله الى صندوق واستثمار الأموال في الأوراق المالية الآمنة. وأن تكون المؤسسات الاربع في السويد والنرويج التي تمنح الجوائز هي: اكاديمية العلوم السويدية، معهد كارولينسكا في ستوكهولم، الاكاديمية السويدية في ستوكهولم، ولجنة من خمسة اشخاص تُنتخب من قبل البرلمان النرويجي.
وقامت هذه المؤسسات في عام 1900 بانشاء مؤسسة نوبل، وهي مؤسسة خاصة ترتكز على وصية ألفريد نوبل. وظيفة هذه المؤسسة ادارة ممتلكات ألفريد نوبل الواردة في وصيته، ويبلغ مجموعها 31 مليون كرونة سويدية أو ما يعادل 4.7 مليون دولار، 3.3 مليون يورو.
منقول
المصدر
المصدر
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].