منتديات فرسان المعرفة

أهلا وسهلا زائرنا الكريم ومرحبا بك في منتديات فرسان المعرفة منتديات التميز والابداع ونتمنى أن تكون زيارتك الأولى مفتاحا للعودة إليه مرة أخرى والانضمام إلى أسرة المنتدى وأن تستفيد إن كنت باحثا وتفيد غيرك إن كنت محترفا

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات فرسان المعرفة

أهلا وسهلا زائرنا الكريم ومرحبا بك في منتديات فرسان المعرفة منتديات التميز والابداع ونتمنى أن تكون زيارتك الأولى مفتاحا للعودة إليه مرة أخرى والانضمام إلى أسرة المنتدى وأن تستفيد إن كنت باحثا وتفيد غيرك إن كنت محترفا

منتديات فرسان المعرفة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات الشمول والتنوع والتميز والإبداع

قال تعالى ( يا أيها الذين أمنوا اذكروا الله كثيراً وسبحوه بكرة وأصيلا)أ
عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال(من قال صبيحة يوم الجمعة قبل صلاة الغداة , أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه ثلاث مرات غفرالله ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر)
عن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه كان يدعو بهذا الدعاء "اللهم! اغفر لي خطيئتي وجهلي. وإسرافي في أمري. وما أنت أعلم به مني. اللهم! اغفر لي جدي وهزلي. وخطئي وعمدي. وكل ذلك عندي. اللهم! اغفر لي ما قدمت وما أخرت. وما أسررت وما أعلنت. وما أنت أعلم به مني. أنت المقدم وأنت المؤخر. وأنت على كل شيء قدير". رواه مسلم في صحيحه برقم (2719)
عن عقبة بن عامر رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما أحد يتوضأ فيحسن الوضوء ويصلي ركعتين يقبل بقلبه ووجهه عليهما إلا وجبت له الجنة)رواه مسلم وأبو داود وابن ماجة وابن خزيمة في صحيحة
عن أبي هريرة رضى الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "اللهم! أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري. وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي. وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي. واجعل الحياة زيادة لي في كل خير. واجعل الموت راحة لي من كل شر". رواه مسلم في صحيحه برقم (2720)
عن أبي الأحوص، عن عبدالله رضى الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه كان يقول "اللهم! إني أسألك الهدى والتقى، والعفاف والغنى". رواه مسلم في صحيحه برقم(2721)
عن زيد بن أرقم رضى الله عنه. قال: لا أقول لكم إلا كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كان يقول "اللهم! إني أعوذ بك من العجز والكسل، والجبن والبخل، والهرم وعذاب القبر. اللهم! آت نفسي تقواها. وزكها أنت خير من زكاها. أنت وليها ومولاها. اللهم! إني أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعوة لا يستجاب لها". رواه مسلم في صحيحه برقم(2722)
عن عبدالله رضى الله عنه قال: كان نبي الله صلى الله عليه وسلم إذا أمسى قال "أمسينا وأمسى الملك لله. والحمد لله. لا إله إلا الله وحده لا شريك له". قال: أراه قال فيهن "له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. رب! أسألك خير ما في هذه الليلة وخير ما بعدها. وأعوذ بك من شر ما في هذه الليلة وشر ما بعدها. رب! أعوذ بك من الكسل وسوء الكبر. رب! أعوذ بك من عذاب في النار وعذاب في القبر". وإذا أصبح قال ذلك أيضا "أصبحنا وأصبح الملك لله". رواه مسلم في صحيحه برقم(2723)
عن عبدالرحمن بن يزيد، عن عبدالله رضى الله عنه . قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمسى قال "أمسينا وأمسى الملك لله. والحمد لله. لا إله إلا الله وحده. لا شريك له. اللهم! إني أسألك من خير هذه الليلة وخير ما فيها. وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها. اللهم! إني أعوذ بك من الكسل والهرم وسوء الكبر. وفتنة الدنيا وعذاب القبر". رواه مسلم في صحيحه برقم(2723)
عن أبي موسى رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكره مثل الحي والميت) رواه البخاري.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل وشاب نشأ في عبادة الله, ورجل قلبه معلق بالمساجد إذا خرج منه حتى يعود إليه, ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه, ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه, ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله , ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه) متفق عليه
عن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم ) روه الشيخان والترمذي.
عن أبي مالك الحارث بن عاصم الأشعري رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(الطهور شطر الإيمان والحمدلله تملأ الميزان وسبحان الله والحمدلله تملأ أو تملآن ما بين السماء والأرض والصلاة نور والصدقة برهان والصبر ضياء والقرآن حجة لك أو عليك كل الناس يغدو فبائع نفسه أو موبقها) رواه مسلم. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم(من قال سبحان الله وبحمده في يومه مائة مرة حُطت خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر)رواه البخاري ومسلم.
عن أبي سعيد رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( استكثروا من الباقيات الصالحات ) قيل وما هن يارسول الله؟ قال ( التكبير والتهليل والتسبيح والحمدلله ولا حول ولاقوة إلابالله ) رواه النسائي والحاكم وقال صحيح الاسناد.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أحب الكلام إلى الله أربع- لا يضرك بأيهن بدأت: سبحان الله والحمدلله ولا إله إلا الله والله أكبر ). رواه مسلم

    الصلح الجنائي في القانون الجنائي المصري والشريعة الإسلامية

    أبو عقيل الصايدي
    أبو عقيل الصايدي
    مشرف
    مشرف


    الجنس : ذكر
    الابراج : الثور
    عدد المساهمات : 216
    نقاط : 9054
    السٌّمعَة : 130
    تاريخ التسجيل : 04/08/2012
    العمر : 49

    الصلح الجنائي في القانون الجنائي المصري والشريعة الإسلامية Empty الصلح الجنائي في القانون الجنائي المصري والشريعة الإسلامية

    مُساهمة من طرف أبو عقيل الصايدي الثلاثاء 9 أبريل 2013 - 11:53


    الصلح الجنائي في القانون الجنائي المصري والشريعة الإسلامية

    مقدمة:


    يقتضى التدخل فى الدعوى الجنائية تمحيص الأدلة وفحص شخصية المتهم وتهيئة جميع العناصر اللازمة لإصدار الحكم.
    ونظراً لما يستغرقه هذا البحث من إجراءات قد يطول مداها اتجه التفكير إلى معالجة الدعوى الجنائية بغير طريق القضاء الجنائي أو بغير طريق القضاء كله .
    أما عن استبعاد الدعوى من ساحة القضاء الجنائي , فهو يعكس اتجاهاً حديثاً يسمي "بعدم العقاب" ويقصد بهذا الاتجاه الحد من عيوب العقوبات المقيدة للحرية وخاصة القصيرة المدة لما لها من آثار سلبية خطيرة سواء على المحكوم عليه أو على أسرته أو على المجتمع كله , فقد واكب هذا الاتجاه الدعوى إلى تطوير نظام العدالة الجنائية من خلال توفير بدائل إجرائية تؤدي بدورها إلى الحد من العقاب وتسهم فى تحقيق العدالة الناجزة.( ).
    وقد بدأ الخروج عن السير الطبيعي للإجراءات الجنائية فى نهاية القرن التاسع عشر وفى أوائل القرن العشرين , حين بدأت بعض التشريعات فى تنظيم محاكمة خاصة للأحداث تكفل إبعادهم عن جو المحاكمة الجنائية, ومعاملتهم على نحو أقل شدة , وامتد نطاق هذه المعاملة الخاصة إلى البالغين فى ضوء شخصيتهم الإجرامية تحت تأثير تعاليم السياسة الجنائية الحديثة التى بدأت منذ المدرسة الوضعية.
    وتتمثل معظم تجارب الدول فى الخروج على الإجراءات الجنائية التقليدية التى يباشرها القاضي فى إحدى وسيلتين هما:
    1- التدخل الاجتماعي , وذلك عن طريق الأسرة أو الجماعة لحل المشكلة المترتبة على الجريمة فى مجالها الخاص بعيداً عن تدخل الشرطة أو القضاء وقد تتدخل الشرطة فتحيل المشكلة المترتبة على الجريمة إلى الأسرة أو الجماعة لحلها بدلاً من رفع الأمر إلى النيابة العامة.
    2- تحقيق العدالة الجنائية بغير مرور بمرحلة المحاكمة أو بمرحلة التنفيذ العقابي , ويتم ذلك من خلال بدائل للدعوى الجنائية أو بدائل للتنفيذ العقابي.
    وقد تصاعدت هذه الدعوى مع الاتجاه إلى إعطاء المجني عليه دوراً مهما ً فى السياسة الجنائية حتى يصبح طرفاً حقيقيا ً فى العدالة الجنائية , فى ضوء ذلك بدأ الاعتراف بالدور المهم الذي يمكن أن تلعبه إرادة الفرد لتحقيق العدالة الجنائية مما أدى إلى تطوير هذه العدالة لكي يتحقق بطريق التراضي أو من خلال التفاوض بين ممثل الاتهام والمتهم. وفى ظل هذا التطوير لم يعد هدف العدالة الجنائية الوحيد هو العقاب, بل أصبح تحقيق الحماية للحقوق الخاصة
    للأفراد ,وأصبح إصلاح العلاقة بين المجني عليه والمتهم هدفاً مهماً في هذا التطوير , مما جعل تحقيق العدالة الجنائية من خلال التعويض أقرب منه من خلال العقاب , ورغم هذا الهدف فقد استمر البحث عن الحقيقة هدفاً ثابتاً للعدالة الجنائية ,وانحصر التغيير فى مجرد الوسائل لتحقيق مبدأ أن الاتفاق العادل أفضل من خصومة عادلة , بما يصل إلى القول بأن" العدالة المتفق عليها " أفضل من "العدالة الملزمة"
    § وقد عرف القانون الأمريكي الاتفاق فى مرحلة المحاكمة بين ممثل الاتهام والمتهم لتسهيل إدارة العدالة الجنائية على أن يعترف المتهم بتهم معينة مسندة إليه بالاتفاق مع ممثل الاتهام مقابل إسقاط هذا الأخير تهماً أخرى ضده أو التخفيف من وصف التهمة المسندة إليه ,هو ما يسمي باعتراف المتهم بالتهم الموجهة إليه بعد الاتفاق مع ممثل الاتهام .
    § وقد شهد القانون الفرنسي هذا التطوير الذي يقوم على الاتفاق بين إرادة النيابة العامة وإرادة المتهم لتحقيق العدالة الجنائية حتى أطلق البعض على هذا الاتفاق بأنه ينطوي على خصخصة للإجراءات الجنائية وتأسس هذا التطوير على سلطة الملائمة التي تتمتع بها النيابة العامة في مباشرة الدعوى الجنائية وفى هذا الإطار عرف القانون الفرنسي ثلاثة نظم:
    أولاً : التوفيق للإصلاح : الذي يجيز للنيابة العامة قبل اتخاذها قراراتها بشأن الدعوى الجنائية أن تقوم مباشرة أو من خلال ندب أحد مأموري الضبط القضائي اتخاذ عدة إجراءات للصلح بين مرتكب الجريمة والمجني عليه ويترتب على هذا التوفيق للإصلاح وقف تقادم الدعوى الجنائية .
    ثانياً : نظام التصالح العقابي : ووفقاً لهذا النظام يجوز للنيابة العامة طالما لم تقم بتحريك الدعوى الجنائية أن تقترح التصالح العقابي مع متهم بالغ يقر بارتكاب أحد أو بعض الجنح المنصوص عليها فى قائمة معينة فى بعض مواد قانون العقوبات مما يعاقب عليه القانون بالغرامة أو بالحبس مدة لا تزيد على 5 سنوات وكذلك الحال بالنسبة لأحد أو بعض المخالفات المرتبطة بها التى يقرر لها القانون أو بعض التدابير المنصوص عليها فى المادة 41-2 إجراءات فرنسي .
    ثالثاً: نظام الإقرار بالتهمة قبل المثول أمام القضاء :
    وقد أخذ بهذا النظام القانون الفرنسي المسمي بقانون
    perbenII بتعديل قانون الإجراءات الجنائية فى المواد 495/7 إلى 495/16 ومقتضي هذا النظام أنه فى الجنح المعاقب عليها بصفة أصلية بعقوبة الغرامة أو بعقوبة الحبس لمدة لا تزيد على خمس سنوات يجوز للنيابة العامة من تلقاء نفسها أو بناء على طلب صاحب الشأن أو محاميه طلب إجراء الحضور أمام المحكمة بناء على الإقرار السابق بالمسئولية عن الجريمة وإقراره بالوقائع المنسوبة إليه.
    ويمكن لممثل النيابة العامة أن يقترح على الشخص المعترف تنفيذ أحد أو بعض العقوبات الأصلية أو التكميلية فى حدود ما نصت عليه المادة 132/24 من قانون العقوبات الفرنسي , فإذا قبل الشخص فى حضور محاميه العقوبة المقترحة يحال إلى رئيس المحكمة الابتدائية أو إلى القاضي المفوض منه لكي يتخذ قراره بشأن ما اقترحه ممثل النيابة العامة بقرار مسبب يتلى فى جلسة علنية.
    § وقد شهد قانون الإجراءات الجنائية المصري تطوير العدالة بعيداً عن المحاكمة الجنائية فى عدة صور تتمثل فيما يلي :
    أولاً : ترك الدعوى الجنائية : ( ).
    نصت المادة 260/ 2 إجراءات المعدلة بالقانون رقم 174/لسنة 1998 على أنه يترتب على ترك الدعوى المدنية أو اعتبار المدعى بالحق المدني تاركاً لها- بعد أن أقامها بالإدعاء المباشر , الحكم بترك الدعوى الجنائية ما لم تطلب النيابة العامة نظرها, وهو نظام عرفه قانون الإجراءات الجنائية الفرنسي فى المادة 425 منه , ولا يعد ترك الدعوى الجنائية انقضاء لها, فما زال حق النيابة العامة فى إقامتها ومتوافراً حتى تنقضى المدة بالتقادم حتى ولو لم تطلب النيابة العامة نظرها من ترك المدعى المدني دعواه فى الدعوى المباشرة لأن ترك الدعوى لا يفيد انقضائها طالما بقى الحق فى إقامتها.
    ثانياً :التصالح :
    أجاز قانون الإجراءات الجنائية فى المادة 18 مكرراً التصالح فى مواد المخالفات , وكذلك فى مواد الجنح التى يعاقب القانون عليها بالغرامة فقط وفى هذه الحالة يكون عرض التصالح بواسطة مأمور الضبط القضائي المختص على المتهم أو وكيله , ويكون عرض التصالح فى الجنح من النيابة العامة, وقد حددت هذه المادة قيمة التصالح بربع الحد الأقصى للغرامة المقررة للجريمة أو قيمة الحد الأدنى المقرر لها أيهما أكثر وأوجب أن يتم التنفيذ خلال خمسة عشر يوماً من اليوم التالي لعرض التصالح.
    فإذا انقضت هذه المدة دون تنفيذ التصالح لا يسقط حقه فى التصالح إذا دفع مبلغاً يعادل الحد الأقصى للغرامة المقررة للجريمة أو قيمة الحد الأدنى المقرر لهما أيهما أكثر كما يسرى ذات الحكم القانوني عند تراضي التصالح إلى ما بعد إحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة , ويترتب على دفع مبلغ التصالح انقضاء الدعوى الجنائية ولو كانت مرفوعة بطريق الإدعاء المباشر, ولا يكون له تأثير على الدعوى المدنية .
    ثالثاً :الصلح:
    أجازت المادة 18 مكرر (أ) من قانون الإجراءات الجنائية للمجني عليه أو وكيله الخاص , فى الجنح المنصوص عليها فى المواد 241 (فقرتان أولى وثانية) , 242 (فقرات أولى وثانية وثالثة ) , 244 (فقرة أولي) , 265 , 321 مكرر , 323 و 323 مكرر ,323 مكرر أولاً ,324مكرر , 341 , 342 , 354 , 358 , 360 , 361 (فقرتان أولي وثانية ), 396 من قانون العقوبات , وفى الأحوال الأخرى التى ينص عليها القانون , أن يطلب إلى النيابة العامة أو المحكمة بحسب الأحوال "إثبات صلحها مع المتهم ويترتب علي الصلح انقضاء الدعوى الجنائية ولو كانت مرفوعة بطريق الإدعاء المباشر ولا أثر للصلح على حقوق المضرور من الجريمة( ).
    وتندرج تحت الأحوال الأخرى التي ينص عليها القانون بشأن أثر الصلح فى انقضاء الدعوى الجنائية حالة المادة 534 من القانون رقم 17 لسنة 1999 بإصدار قانون التجارة , فقد نصت على أنه يترتب على الصلح فى جرائم المنصوص عليها فى هذه المادة والمتعلقة بإصدار شيك ليس له مقابل وفاء قابل للصرف وغيرها من الجرائم , انقضاء الدعوى الجنائية ولو كانت مرفوعة بطريق الإدعاء المباشر.
    ولم يقتصر الأمر عند هذا الأثر بل نصت على وقف تنفيذ العقوبة إذا تم الصلح فى أثناء تنفيذها ولو بعد صيرورة الحكم باتاً ,هنا نلاحظ أن الصلح الذي يتم بعد أن يصبح الحكم باتاً يصيب الحق فى تنفيذ العقوبة .
    دون أن يصيب الحق فى الدعوى الجنائية التى تمت مباشرته حتى انغلق باب الدعوى بلا رجعة بصدور الحكم الباقي.
    رابعاً : الأمر الجنائي :
    شرع قانون الإجراءات الجنائية نظام الأوامر الجنائية كبديل من بدائل الدعوى الجنائية وبمقتضاه يصدر القاضي أو النيابة العامة أمراًُ فى نوع معين من الجرائم بغرامة معينة , فضلاً عن العقوبات التكميلية والتضمينات وما يجب رده من المصاريف (المواد 323- 326 إجراءات) .
    ويترتب على هذا الأمر انقضاء الدعوى الجنائية بشرط ألا يفترض عليه الخصوم إذا كان الأمر صادراً من القاضي , فإذا لم يحصل اعتراض على الأمر على هذا النحو المتقدم يصبح نهائياً واجب التنفيذ وتنقضي به الدعوى الجنائية.
    ويعتبر الأمر الجنائي الصادر من النيابة العامة أو من القاضي هو بمثابة عرض للصلح فإن قبله المتهم ونفذه انقضت الدعوى الجنائية أما إذا لم يقبله رفعت الدعوى الجنائية قبله وفقاً للإجراءات التى نص عليها القانون .
    ومما تقدم يتضح أن السياسة الجنائية الجديدة لا تهدف إلى العقاب فقط ولكن تهدف إلى إنهاء النزاع بالطرق الودية والتى سبق الإشارة إليها وسوف نقصر البحث على طريقة واحدة من هذه الطرق لإنهاء الدعوى الجنائية وهو طريق الصلح الجنائي.

    تمهيد
    سوف نتناول دراسة الصلح الجنائي فى القانون المصري وأيضاً فى الشريعة الإسلامية وسوف نقسم بحثنا إلى فصلين :
    الفصل الأول : وهو ماهية الصلح الجنائي فى القانون المصري والشريعة الإسلامية وسوف نتناول فى هذا الفصل مفهوم الصلح ونطاق تطبيقه وطبيعته القانونية سواء فى القانون المصري أو الشريعة الإسلامية .
    الفصل الثاني : وهو قواعد الصلح الجنائي والذي يتفرع إلى ثلاث مباحث وهى _( شروط الصلح , إجراءات الصلح , آثار الصلح ).




    الفصل الأول
    ماهية الصلح الجنائي


    المبحث الأول

    مفهوم الصلح الجنائي وتطوره التاريخي


    تتجه السياسة الجنائية المعاصرة بعد تطور طويل وعميق بدأت ملامحه منذ نهاية القرن الثامن عشر وحتى اليوم , إلى عدم العويل على العقوبة كصورة تقليدية وحيدة الجزاء , مضيفة إليها فكرة التدبير الإحترازي منذ عهد المدرسة الوضعية فى منصف القرن التاسع عشر , بل أنها فى إطار تجريه أغراض العقوبة , قد تجاوزت الغرض العقابي التقليدي المتمثل فى الردع العام , وما أعلنته من غرض تكميلي تمثل فى إقرار العدالة إلى الغرض الإصلاحي , المتمثل فى الردع الخاص , ومن بعده كفالة الدفاع الاجتماعي , وذلك فى إطار ما أسمته بمبدأ إنسانية قانون العقوبات , وقد انعكس ذلك على الجانب الإجرائي بصفة عامة , وحظيت فكرة الصلح الجنائي منه بنذر يسير ويرجع ذلك إلى اعتبارين :
    أولهما:أنه يعالج سلوكاً معادياً للقيم الاجتماعية .
    ثانيهما:إنه يحل محل العقوبة الجنائية.أى أنه ذو طبيعة إجرامية وعقابية معاً .
    نقسم هذا المبحث إلى مطلبين يعالجان ذاتية الصلح الجنائي فى كل من القانون المصري والشريعة الإسلامية


    المطلب الأول
    مفهوم الصلح الجنائي فى القانون المصري

    التعريف اللغوي للصلح :
    الصلح بضم الصاد وسكون اللام إسم من المصالحة , خلاف المخاصمة ومعناه السلم , وأصلح الشئ بعد فساده , أقامه , وأصلح الدابة أحسن إليها فصلحت, ويقال تصالح القوم بينهم , وقوم صلوح , أى متصالحون .
    التعريف الفقهي والقضائي للصلح الجنائي:
    تكمن الصعوبة فى وضع تعريف مجمع عليه ومسلم به للصلح الجنائي , حيث ترك المشرع هذا الأمر لاجتهاد الفقه والقضاء , بيد أن المشرع المدني قد تناول تعريف عقد الصلح المدني , وتباينت التعريفات الفقهية , والقضائية باختلاف طبيعة الجريمة .
    ويميز المشرع المصري بين نوعين من الصلح , التصالح والصلح , وقد ورد مصطلح الصلح فى المادة 18 مكرر (أ) من قانون الإجراءات الجنائية المضافة بالقانون رقم 174 لسنة 1998, مما دعا الفقهاء إلى محاولة وضع تعريف له.
    لذلك ذهب البعض إلى تعريف الصلح أنه" تلاقي إرادة المتهم وإرادة المجني عليه( )" وهو الصلح بالمعني الدقيق ويعتبره البعض بأنه " أسلوب لإنهاء المنازعات بطريقة ودية " بيد أن الآخرين يعرفونه بأنه " إجراء يتم عن طريقة التراضي على الجريمة بين المجني عليه ومرتكبها خارج المحكمة , والذي يمكن اتخاذه أساساً لسحب الاتهام فى الجريمة بمعنى أن المجني عليه قد قدمت له ترضية حفزته لأن يرغب فى الامتناع عن الاتهام : وذهب البعض الآخر للقول بأن الصلح الجنائي هو : أسلوب لإدارة الدعوى العمومية" .
    ومن ناحية أخرى لم تميز أحكام محكمة النقض بين الصلح والتصالح ففى مجال جرائم الضرب المعاقب عليها بالمادة 242/ 1, 3 من قانون العقوبات , قضت بإنقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح.
    وكذلك فى جرائم تبديد الأشياء المحجوز عليها إدارياً , قضت بإنقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح, بيد أن هناك أحكاماً قليلة العدد التزمت فيها المحكمة بالتفرقة التى أقامها المشرع , فقد قضت المحكمة بإنقضاء الدعوى الجنائية بالصلح في جريمة ائتلاف , زراعة المجني عليه( ) , وقضت كذلك بانقضاء الدعوى الجنائية بالصلح في جريمة الضرب, وجريمة تبديد .
    وعندنا أن الصلح الجنائي هو ما عنيت المادة 18 مكرراً (أ) بالنص عليه ويمكن تعريفه بكونه" الإجراء الذي بمقتضاه تتلاقى إرادة المجني عليه مع إرادة المتهم فى وضع حد الدعوى الجنائية و يخضع هذا الإجراء لتقييم الجهة القانونية القائمة على الأخذ به , فإن قبلته ترتب عليه انقضاء الدعوى الجنائية دون تأثير على حقوق المضرور من الجريمة ( ) .
    المطلب الثاني
    مفهوم الصلح الجنائي فى الشريعة الإسلامية

    الصلح فى اللغة السلم وفى الشرع عقد يرفع النزاع وينهي الخصومة وباعتباره أسلوباً متميزاً ينهي المنازعات بطريقة ودية , إبقاء لذات البين وتدعيماً للصلات والروابط الاجتماعية بين الأفراد والجماعات فقد اعتدت به الشريعة الإسلامية وغيرها من الشرائع السماوية.
    يقول الله تعالي فى كتابه الكريم " والصلح خير "
    ويقول الله تعالي أيضاً "فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين"
    كما يقول الله تعالى فى سورة الحجرات" وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما"
    وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحاً أحل حراماً أو حرم حلالاً " .
    وكذلك قوله :ردوا الخصوم حتى يصطلحوا فإن فصل القضاء يورث الضغائن , فالشريعة الإسلامية منذ فجر ظهورها قد أجازت الصلح فى بعض الجرائم وحرمته فى بعضها وتركت لولي الأمر التصرف فى الجرائم الأخرى ( )


    أبو عقيل الصايدي
    أبو عقيل الصايدي
    مشرف
    مشرف


    الجنس : ذكر
    الابراج : الثور
    عدد المساهمات : 216
    نقاط : 9054
    السٌّمعَة : 130
    تاريخ التسجيل : 04/08/2012
    العمر : 49

    الصلح الجنائي في القانون الجنائي المصري والشريعة الإسلامية Empty رد: الصلح الجنائي في القانون الجنائي المصري والشريعة الإسلامية

    مُساهمة من طرف أبو عقيل الصايدي الثلاثاء 9 أبريل 2013 - 11:55




    المبحث الثاني
    نطاق تطبيق الصلح الجنائي

    استحدث المشرع المصري القانون رقم 174, لسنة 1998 صورة جديدة للصلح بين المجني عليه والمتهم , بغية تدعيم حق الأطراف فى الخصومة الجنائية بحيث
    تنتهي تلك الأخيرة صلحاً , بدلاً من صدور حكم قضائي فيها.
    وتستند علة الصلح بين المجني عليه والمتهم إلى الرغبة فى قطع سير إجراءات المحاكمة دون مساس بتوازن العلاقات الاجتماعية و الاقتصادية بين الأفراد وهو مالا يتم إلا بعد تنقية النفوس مما أحدثته الجريمة من ألم مادي ونفسي, وإذا كانت علة تحريم الأفعال موضوع الصلح, تتمثل فى انتهاكها بصفة أساسية لإرادة المجني عليه فإن هذه العلة تنتفي إن عفا هذا الأخير عن الجاني عفواً مشروطاً أو غير مشروط .
    وقد ذهب البعض إلى عدم ملائمة الأخذ بنظام الصلح بين المجني عليه والمتهم فى القانون المصري , استناداً إلى انطوائه على خلط بين حق الدولة فى العقاب وحق المضرور فى التعويض , كما أنه يذهب بسلطة النيابة العامة فى تقرير ملائمة تحريك الدعوى الجنائية من عدمه , فضلاً عن اقترانه أحياناً بالترهيب أو الترغيب , وهو ما يقيد إرادة المجني عليه , ولسنا من هذا الرأي , ذلك أن هذا النوع من الصلح , إنما هو محض " عقوبة خاصة تفاوضية " تسمو فيها اعتبارات التعويض على مقتضيات العقاب , أما عن تقييد سلطة النيابة العامة فى ملائمة الإجراءات فهو أمر ليس بجديد , إذ يعلق المشرع الجنائي تحريك الدعوى الجنائية فى عدد غير قليل من الجرائم , على بعض من القيود الإجرائية , كالشكوي والإذن والطلب .
    وأخيراً فإن الخشية من التأثير على إرادة المجني عليه , ترهيباً أو ترغيباً فمن الممكن تلافيه بإخضاع هذا الصلح لقدر من الرقابة من جانب النيابة العامة والقاضي وقد أخذت الشريعة الإسلامية بنظام الصلح بين الأفراد , منذ ما يزيد على أربعة عشر قرناً ويتضح ذلك فى العديد من آيات القرآن الكريم ومنها قوله تعالى :"وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التى تبغى حتى تفئ إلى أمر الله فإن فائت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين "( )." وإنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله إن الله لعلكم ترحمون"( ).وقوله تعالى " وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضاً فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحاً والصلح خير وأحضرت الأنفس الشح وإن تحسنوا وتتقوا فإن الله كان بما تعملون خبيراً " .
    كما ذكرت أحاديث الرسول (ص) على جواز الصلح فى الإسلام , حيث روى عن أبي هريرة رضي الله عنه _أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحاً حرم حلالاً أو أحل حراماً" وهو ما يحملنا على إلقاء نظرة عليه فى الشريعة الإسلامية إضافة إلى ما عليه العمل فى القانون المصري , وعليه ينقسم هذا المبحث إلى مطلبين : المطلب الأول هو نطاق تطبيق الصلح فى القانون المصري , والمطلب الثاني : هو نطاق تطبيق الصلح فى الشريعة الإسلامية .
    المطلب الأول
    نطاق تطبيق القانون المصري

    ينصرف الصلح الجنائي بين المجني عليه والمتهم إلى طائف معينة من الجرائم حددتها المادة 18 مكرراً (أ) من قانون الإجراءات الجنائية المصري , هي فى جملتها من الجنح التى يعاقب عليها القانون بالحبس والغرامة التى يزيد حدها الأقصى على مائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين .
    وتتأصل هذه الجرائم إلى طائفتين تتعلق أولاهما بجرائم الأشخاص وتتصل ثانيهما بجرائم الأموال.
    1- أما عن الأول فهي تشمل:
    أ‌- جرائم الضرب أو الجرح الذي ينشأ عنه المرض أو العجز عن الأشغال الشخصية لمدة تزيد على عشرين يوماً ( م241/ 1عقوبات) .
    ب‌- جرائم الضرب والجرح المشار إليها أن ارتكبت مع سبق الإصرار أو الترصد (242/3) أو استعمال أية أسلحة أو عصى أو آلات أو أدوات أخرى (242/3).
    جـ -جرائم الجرح والاعتداء غير العمدي (م244/1 ).
    د-جريمة إعطاء المواد الضارة غير القاتلة التى ينشأ عنها مرض أو عجز وقتي عن العمل(م265).
    2- أما عن الثانية فهي تشمل :
    أ‌- عدم رد الشئ أو الحيوان الفاقد لصاحبه (م321مكرر) .
    ب- اختلاس الأشياء المحجوز عليها قضائياً أو إدارياً (م323).
    ج-اختلاس الأشياء المنقولة الواقع ممن رهنها ضمان لدين عليه أو على آخر
    (323مكرر) .
    د- الاستيلاء بغير حق وبدون نية التملك على سيارة مملوكة للغير
    (م323مكرر/ أولاً ) .
    هـ- تناول أطعمة أو شراب فى محل معد لذلك ولو كان مقيم منه أو شغل غرفة أو أكثر في فندق أو نحوه , أو استئجار سيارة معدة للإيجار مع علم الجاني بأنه يستحيل عليه دفع الثمن أو الأجرة أو الامتناع بغير مبرر عن دفع ما استحق من ذلك أو الفرار دون الوفاة (م324مكرر).
    و- خيانة الأمانة ( م341) .
    ر- اختلاس الحارس للأشياء المحجوز عليها قضائياً أو إدارياً (م342)
    ح- كسر أو تخريب الآلات الزراعية أو زرائب المواشي و عشش الخفراء (م354) .
    ط- إتلاف كل أو بعض محيط متخذ من أشجار أو يابسة أو غير ذلك أو نقل أو إزالة حد , أو علامات مجهولة حداً لأملاك أو جهات مستغلة (358/ 1) وإذا ارتكب شئ من ذلك بقصد اغتصاب أرض(358/2).
    ى – الحريق الناشئ عن عدم تنظيف أو ترميم الأفران أو المداخن أو المحلات الأخرى التى توقد فيها النار أو من النار الموقدة فى بيوت أو مبان أو غابات أو كروم أو غيطان أو بساتين بالقرب من كيمان تبن أو حشيش يابس , وكذا الحريق الناشئ عن إشعال صورايخ فى جهة من جهات البلدة أو بسبب إهمال آخر (360/1) والحريق الناشئ من تدخين أو نار موقدة , فى محطات لخدمة وتموين السيارات أو محطات الغاز الطبيعي أو مركز لبيع أسطوانات البوتاجاز أو مستودعات للمنتجات البترولية أو مخازن مشتعلة على مواد الوقود أو أى مواد قابلة للاشتعال (م360/2).
    ك- تخريب أو إتلاف مواد ثابتة أو منقولة عمداً لا يمتلكها الجاني غير صالحة للاستعمال أو تعطيلها بأية طريقة (م361/1) وكذلك إذا ترتب علي الفعل ضرر مالي قيمته خمسون جنيهاً أو أكثر (م361/2).
    ل- انتهاك حرمة ملك الغير بقصد منع حيازته أو بقصد ارتكاب جريمة فيه أو كان قد دخله بوجه قانوني وبقي فيه بقصد ارتكاب شئ مما ذكر (م369).
    م – فى الأحوال الأخرى التى ينص عليها القانون.
    ويلاحظ على هذه الجرائم بصفة عامة أنها تنطوي على مساس بمصالح مختلفة شخصية أو مالية , ومع ذلك يجمع بينهما قاسم مشترك هو انتهاكها بصفة أساسية لإرادة المجني عليه .
    و تختلف خطة المشرع المصري فى تحديد الجرائم محل الصلح بين المجني عليه والمتهم عن تلك التى ينتهجها المشرع الفرنسي فى تحديد الجرائم محل الوساطة الجنائية.
    فبينما يذهب الأول إلى وضع قائمة بالجرائم التى يطبق بشأنها الصلح مع إمكانية إضافة غيرها , إذا بالثاني يرغب عن سلوك هذا المنهج تاركاً لرئيس النيابة أمر تحديد هذه الجرائم فى حدود ما تتمتع به من سلطة تقديرية"( ).
    § فالمشرع المصري يسمح للمجني عليه بمقتضي المادة 18 مكرر (أ) إجراءات بالتصالح مع المتهم , وقد ذهب رأي إلى القول بأن الجرائم الواردة فى النص المذكور , قد وردت على سبيل الحصر ومع ذلك , فإنه يجوز وفقاً لهذا الرأي التوسع فى التفسير ,باستخدام القياس استناداً إلى حظر الأخير فى مواد التجريم والعقاب وجوازه فيما عدا ذلك , ولسنا من هذا الرأي ذلك أن الصلح فى ذاته محض استثناء على القاعدة العامة فى اختصاص النيابة العامة بتحريك ومباشرة الدعوى الجنائية , ولما كان ذلك كذلك فقد وجب الحذر فى تطبيق النص المشار إليه بحيث لا يجوز التوسع فى تفسيره أو القياس عليه , لأنه " لا صلح بغير نص"
    § فضلاً عن هذا فإن المشرع قد أردف الجرائم محل الصلح بعبارة " وفى الأحوال الأخرى التى ينص عليها القانون ومن هنا يكون جائزاً إضافة جرائم جديدة بقوانين خاصة تالية فى صدورها لتاريخ العمل بالقانون رقم 174 لسنة 1998, وقد تأكد ذلك بصدور قانون التجارة الجديد رقم 17 لسنة 1999 الذي ينص (م534/4) على انقضاء الدعوى الجنائية بالصلح بين المجني عليه والمتهم فى الجرائم الوارد فى المادة 534 من ذات القانون.
    المطلب الثاني
    نطاق تطبيق الصلح فى الشريعة الإسلامية

    تعرف الجريمة فى الشريعة الإسلامية بأنها فعل ما حرم الله أو امتناع أمر به معاقب عليه بعقوبة عينها الشارع الإلهي أو ترك تحديدها لتقدير ولى الأمر.
    وتتعدد الجرائم والعقوبات التى يمكن أن تكون محلاً للصلح بين المجني عليه والمتهم .
    ويحيل فقهاء الشريعة الإسلامية , عند دراسة نطاق تطبيق الصلح , إلى القواعد المقررة للعفو عن العقوبة من المجني عليه أو وليه. ومع ذلك فثمة اختلاف جوهري بين العفو والصلح يتمثل فى كون الأول محض عمل صادر عن الإرادة المنفردة بغير مقابل , بينما تكون للثاني صفته التعاقدية التبادلية ويكون فيها المقابل ركناً أصيلاً.
    ونفضل الحديث عن نطاق تطبيق الصلح فى الشريعة الإسلامية فى إطار التقسيم الشرعي للجرائم , فنبحث أولاً الصلح فى جرائم الحدود .
    ونتناول ثانياً الصلح فى القصاص والدية ونبين ثالثاً الصلح فى جرائم التعزيز. "( ).
    أولاً : فى جرائم الحدود:
    أجمع الفقه الإسلامي على حظر الصلح فى جرائم الحدود كأصل عام , وقد ثار خلاف فيما يتعلق بجريمتين هما :
    القذف الكاذب بالزنا والسرقة يحث لا تتم ملاحقة الجاني إلا بعد شكوى المجني عليه .
    1- القذف الكاذب بالزنا:
    تسائل الفقهاء حول مدى جواز الصلح بين القاذف والمقذوف فى حقه وهو تساؤل يرتد بدوره إلى الطائفة التى تنتهي إليها هذه الجريمة فذهبت الحنفية إلى إدراجها ضمن الجرائم المختلطة التى يكون حق الله فيها غالباً , لأن مصلحة المجتمع فى دفع هذا الفساد عن طريق الحد , يقود على الكافة , وكل أمر كان النفع فيه عاماً الحد فيه حقاً لله تعالي , ومن ثم فإن هذا الحد لا يكون إلا عن طريق ولى الأمر أو القاضي ولا يجوز فيه الصلح , أضف إلى ذلك أن الشارع قد عين لهذه الجريمة عقوبة محددة فى القرآن الكريم , حيث
    يقول تعالي فى سورة النور"والذين يرمون المحصنات , ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً وأولئك هم الفاسقون".
    وعلى العكس من ذلك يرى الشافعية والحنابلة أن حد القذف من الحقوق المختلطة التى يغلب فيها حق العبد , ومن ثم لا تجوز ملاحقة مرتكبيها إلا بناء على شكوى المقذوف أو وليه , بطريق الدعوى الجنائية الخاصة , أما عن اختصاص ولى الأمر أو القاضي بتنفيذ العقوبة فلا يجب أن يفهم أن هذه الجريمة تندرج ضمن الجرائم التى يطلب فيها حق الله (جلت عظمته) وما اسناد التنفيذ إلى ولي الأمر أو من يفوضه إلا بغية تجنب إسراف المجني عليه إذا أوكل إليه هذا الحق بمفرده وضماناً للترفق بالمجرم أثناء تنفيذ العقوبة فيه . وعليه تكون الصلح والعفو جائزين سواء كان ذلك قبل رفع الدعوى إلى القضاء أو بعد رفعها.
    ويتوسط المالكية بين هذين الرأيين : فيفرقون بين مرحلة ما قبل رفع الدعوى وما بعدنا .
    ففى الأولى : لا تمس الجريمة سوى حق المقذوف ومن ثم وجب الرجوع إليه فى شأن تقدير ملائمة عقاب القاذف أو العضو عنه أو التصالح معه من عدمه .أما الثانية : فقد أوضحت العقوبة حقاً لله يوقعها ولي الأمر, فلا يجوز فيها الصلح ولا العفو وال الإبراء.
    ويميل إلى تأييد رأى المالكية , وذلك استناداً إلى حجج ثلاث :
    أ‌- أنه لا يمكن تجاهل الضرر الذي أحدثه القاذف فى مجتمع ينهض على ركائز دينية عظمي , لأن الغاية من تجريم مثل هذا السلوك إنما تتحصل فى حماية المجتمع من شيوع الفاحشة بين أرجاءه وهو ما حد بالشارع إلى الانفراد بتقدير العقوبة الواجبة التطبيق .
    ب‌- أنه لا يمكن تجاهل الطبيعة الخاصة لتلك الجريمة لاستطالتها إلى أحد الحقوق اللصيقة بشخص المجني عليه ,وهو ما يستوجب الاعتداد بمشيئته قبل رفع الأمر إلى القاضي بحيث لا يوقع هذا الأخير جزاءاً على القاذف إلا بعد شكوى المجني عليه .
    جـ- أن هذا الرأي يحقق التوازن بين حق المجتمع فى توقيع العقاب وحق المجني عليه فى العفو عن القاذف أو التصالح معه إن رأى ملائمة ذلك.
    2- السرقة :
    § تعتبر هذه الجريمة من بين الجرائم التى يتوقف تحريك الدعوى الجنائية الناشئة عنها على شكوى المجني عليه .
    § ولتحديد موعد جواز الصلح فى شأنها من عدمه , يتعين التمييز بين فرضين : يقع الصلح فى أولهما قبل رفع الأمر إلى القضاء ., ويتم فى الثاني بعده.
    ا- أما عن الفرض الأول : فقد ذهب جمهور الفقهاء إلى القول استناداً إلى ما رواه الزهري عن ابن صفوان عن أبيه , أنه نام فى المسجد وتوسد رداءه , فأخذ من تحت رأسه, فجئ بسارق إلى النبي (ص) فأمر به أن يقطع ,فقال صفوان : يا رسول الله إني أرده بهذا , هو عليه صدقه , فقال عليه الصلاة والسلام : فهلا قبل أن تأتيني به وتفصح هذه الرواية , بمفهوم المخالفة عن إجازة الصلح والعفو قبل إقامة البينة كما روي عن هشام بن سعد عن أبي حازم , أن علياً رضي الله عنه شفع فى سارق , فقيل أتشفع فى سارق . فقال نعم .. ما لم يبلغ به الإمام , فإذا بلغ به الإمام .فلا أعفاه الله إن عفا.
    § وتكشف هاتان الروايتان عن جواز العفو والصلح , طالما كان ذلك قبل أن يتصل علم ولى الأمر أو القاضي بالجريمة .
    ب- وبالنسبة للفرض الثاني: فإن القطع يكون واجباً , فلا عفو ولا صلح استناداً إلى ذات الروايتين المتقدمتين إضافة إلى ما روي عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن , من أن الزبير بن العوام لقي رجلاً قد أخذ سارقاً إلى الإمام , فتشفع له الزبير ليتركه فقال: لا حتى أبلغ به إلى السلطان , فقال له الزبير :إذا بلغت به السلطان , فلعن الله الشافع والمشفع , كما روت عائشة رضي الله عنها أن قريشاً أهمها بشأن المرأة المخزومية التى سرقت , فقالوا من يكلم فيها رسول الله (ص)؟ فقالوا من يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكلمة أسامة، فقال رسول الله (ص) أتشفع في حد من حدود الله يا أسامة؟ ثم قام فاختطب ثم قال :" إنما أهلك الذين قبلكم: كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت، لقطع محمد يدها".
    هذا فضلاً عن أن حق العبد يقف عند مجرد إقامة الخصومة، وقد استنفذه برفع الدعوى إلى ولى الأمر أو القاضي، الذي لا يملك سوى إنزال العقوبة المقدرة شرعاً بالجاني، دون أن يكون للمجني عليه – حينئذ – ثمة حق في العفو أو الصفح.
    ثانياً : في جرائم القصاص والديه:
    يطلق البعض على هذه الطائفة من الجرائم تعبير جرائم الدم، وهي تعتبر مجالاً رئيسياً للصلح، سواء بالنسبة للعقوبة البدنية (القصاص) أو المالية (الدية).
    1- أما عن القصاص:
    فإن إجازة الصلح في شأنه تستند إلى العديد من الآيات القرآنية الشريفة، مثال ذلك :" يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر، والعبد بالعبد، والأنثى بالأنثى، فمن عفى له من أخيه شئ فاتباع بالمعروف، وأداء إليه بإحسان، ذلك تخفيف من ربكم ورحمة، فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم"( ).
    "وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص، فمن تصدق به فهو كفارة له، ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون"( ).
    "وجزاء سيئة سيئة مثلها، فمن عفا وأصلح فأجره على الله، إنه لا يحب الظالمين"( ). والأصل في القصاص أنه عقوبة تستهدف شفاء غليل المجني عليه أو ولي الدم ومن ثم فلا تثريب من إنهاء هذا النزاع صلحاً بين طرفيه، بدلاً من القصاص من الجاني، وهو يحقق بأن يدفع الأخير مبلغاً من المال إلى الأول تعويضاً له عما أصابه من ضرر مادي، وألم نفسي من جراء الجريمة.
    2- وبالنسبة للدية:
    فإن إجازة الصلح في شأنها إنما تستند إلى الآية القرآنية "ومن قتل مؤمناً خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلى أن يصدقوا"( ). وبصفة عامة – تنتمي هاتان الطائفتان إلى طائفة الجرائم المختلطة، أي تلك التي تنطوي على عدوان على حق الله وحق العبد في آن واحد، وإن كانت الغلبة لهذا الأخير، ومن ثم كانت من الجرائم الخاصة التي ترفع إلى القضاء بطريق الدعوى الجنائية الخاصة أو الفردية من المجني عليه أو وليه، وذلك إعمالاً للآية الكريمة، ومن قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطانا"( ). وقد قسمها الفقهاء إلى عمدية موجبة للقصاص، وشبه عمدية، وغير مدية موجبة للدية.
    ويترتب على الصلح في أي منها، إيقاف سير الدعوى الجنائية دون توقيع العقوبة المقررة سواء كانت قصاصاً أو دية، بيد أن التنازل عن الحق في القصاص، لا يعني إعفاء الجاني من العقاب تماما، وإنما يظل عرضه لعقوبة تعزيرية يقدرها القاضي تبعا لمقتضيات المصلحة العامة والخاصة على السواء.
    ثالثاً: في جرائم التعزير:
    لم يحدد الشارع جرائم التعزير على سبيل الحصر، كما فصل بالنسبة للطائفتين السابقتين، اكتفاء بما أورده من النص على بعضها، تاركاً لولي الأمر سلطة تقرير سواها، مراعاة منه لتطور الحياة، وما يستجد في المجتمع من ظروف تؤثر على أمنه وسلامته.
    وبصفة عامة، فإن هذه الجرائم تتفرع إلى ذات التقسيمات التي سبق بيانها: فمنها ما هو حق خالص لله تعالى ومنها ما هو حق خالص للعبد ومنها ما يشترك في الحقان، مع إمكانية غلبة أحدهما على الآخر، في بعض الفروض ومن أمثلة الطائفة الأولى: ترويج البدع، والتشكيك في المسلمات الإسلامية وتحريض النسوة والغلمان على الفسق والفجور، وحيازة الخمور والاتجار فيها، وغش البضائع، والإفطار في نهار رمضان بغير عذر.
    ومن أمثلة الطائفة الثانية : شتم الصبي رجلاً، لأن الأول غير مكلف بحقوق الله، فيبقى حق تعزيره للخير، وهو المشتوم.
    أما الطائفة الأخيرة، فمن أمثلتها تقبيل زوجة الأجنبي والخلوة بها، وكذلك الحال بالنسبة لجرائم السب والإيذاء البدني التي لا يجوز القصاص فيها.

    أبو عقيل الصايدي
    أبو عقيل الصايدي
    مشرف
    مشرف


    الجنس : ذكر
    الابراج : الثور
    عدد المساهمات : 216
    نقاط : 9054
    السٌّمعَة : 130
    تاريخ التسجيل : 04/08/2012
    العمر : 49

    الصلح الجنائي في القانون الجنائي المصري والشريعة الإسلامية Empty رد: الصلح الجنائي في القانون الجنائي المصري والشريعة الإسلامية

    مُساهمة من طرف أبو عقيل الصايدي الثلاثاء 9 أبريل 2013 - 11:57


    المبحث الثالث
    الطبيعة القانونية للصلح الجنائي

    تجيز التشريعات الجنائية المعاصرة الصلح في بعض جرائم الأشخاص والأموال، وتهدف تلك التشريعات من تلك الإجازة، محاولة لتخطي أزمة العدالة الجنائية والتي نجمت عن ظاهرة التضخم العقابي نتاج الثورة المعلوماتية والتكنولوجية التي عمت القرية الكونية وقد بدا مصطلح الصلح بمثابة المنقذ في سماء التشريعات الجنائية المعاصرة.
    وقد أدخل المشرع المصري تعديلاً تشريعياً عام 1998، حيث أصدر القانون رقم 174 لسنة 1998 وأضاف المادة 18 مكرراً (أ) والتي أجازت الصلح بين الجاني والمجني عليه أو وكيله الخاص في طائفة من الجرائم التي تقع على الأشخاص، وأخرى تقع على الأموال.
    ويجمع بين هذه الجرائم طابع عدم الإخلال الجسيم بالمصلحة العامة، والضرر الأكبر ينصب على المجني عليه، كما ورد بالمذكرة الإيضاحية للقانون رقم 174 لسنة 1998 أنه "من شأن هذا الحكم المستحدث أن يقطع سير كثير من إجراءات المحاكمة دون مساس بتوازن العلاقات الاجتماعية والاقتصادية بين الأفراد، ما دام أن انقضاء الدعوى الجنائية معلق على إقرار المجني عليه بالصلح، الذي لا يتم غالبا إلا نتيجة إزالة أثر الجريمة أو الصفح بين ذوي الصلات الحميمة.
    هذا وقد ثار الخلاف حول الطبيعة القانونية لهذا الصلح فهل هو يعتبر عقد أم تصرف قانوني أم عمل قانوني، بالنظر إلى الآثار التي يرتبها وهذا ما سوف نعرض له في البند التالي:
    الصلح الجنائي والصلح المدني:
    • يكاد ينعقد إجماع الفقه، على أن الصلح المنصوص عليه في المادة (18) مكرراً (أ)، من قانون الإجراءات الجنائية المصري، ذو طبيعة عقدية يتماثل مع عقد الصلح المنصوص عليه في التقنين المدني. فطبقاً لنص المادة 549 من القانون المدني، فإن الصلح عقد يحسم به الطرفان نزاعاً قائماً أو يتوقيان به نزاعا محتملا. وذلك بأن ينزل كل منهما على وجه التقابل عن جزء من ادعائه( ).
    • ويشترك الصلح الجنائي مع الصلح المدني في انعقاده بتلاقي إرادتين هما إرادة المجني عليه وإرادة المتهم وذلك بالنسبة لجرائم المادة 18 مكرراً (أ) من قانون الإجراءات الجنائية.
    وقد دفع هذا التشابه إلى اتجاه جانب من الفقه إلى القول بأن الصلح بين الجاني والمجني عليه، يعتبر تصرفاً قانونياً من جانبين، يماثل الصلح المدني، هذا وإن تدخل المشرع في تحديد بعض الآثار الجنائية كانقضاء الدعوى الجنائية، لا يفقد هذا الصلح طبيعته المدنية، الذي تجمعت كافة عناصره، ولم يكن من ضمن تلك العناصر انقضاء الدعوى الجنائية، ويستند هذا الاتجاه إلى أن الصلح قد يتم بصدد جريمة لا يجوز الصلح فيها، كما أن الصلح المدني يحوز حجية الشئ المقضي به ويؤيد جانب هام من الفقه هذا الاتجاه العقدي، فمن وجهه نظر هذا الجانب، أن الصلح عقد طرفاه المجني عليه أو وكيله الخاص من جهة والمتهم من جهة أخرى، وينعقد بتلاقي الإرادتين، وظاهر نص المادة 18 مكرراً (أ)، أن المجني عليه أو وكيله الخاص له أن يطلب من النيابة العامة أو المحكمة – بحسب الأحوال – إثبات صلحه مع المتهم، ولكن قد تكون من مصلحة المتهم رفض الصلح، كما لو كان الاتهام كيدياً، فالصلح بين الجاني والمجني عليه، أقرب للصلح في مجال القانون الخاص، وهذا الصلح ينتج أثره ولو جهل الطرفان هذا الأثر( ).
    وذهب البعض الآخر إلى القول بأن الصلح المنصوص عليه في المادة 18
    مكرراً (أ) من قانون الإجراءات الجنائية، يحوي طائفتين من الجرائم الأولى تعتبر من جرائم الأشخاص، وهي جرائم الإيذاء كالضرب والجرح وإعطاء المواد الضارة، وتلك الطائفة تتقارب مع جرائم القصاص المعروفة في الشريعة الإسلامية بل وتتماثل معها، فلا مرية أن الصلح يعد بمثابة عقوبة مالية بديلة. أما الطائفة الثانية من تلك الجرائم، فهي تنصب على الأموال، مثل جرائم خيانة الأمانة، أو الإتلاف واختلاس الأشياء المحجوز عليها قضائياً وإدارياً. والصلح في تلك الطائفة من الجرائم معاقب عليه بالحبس والغرامة، ويفترض كذلك قيام الجاني بإزالة أثر الجريمة، وهذا لا يتأتى إلا بدفع مقابل لهذا الصلح، والصلح الذي تعنيه المادة المذكورة، يتعلق بجريمة وقعت، ومن ثم فالمقابل الذي يدفعه الجاني للمجني عليه يحوي في طياته إيلاماً للجاني حيث يقتطع جزءاً من أمواله، وما يزيد من أثر هذا الإيلام هو دفعه للمجني عليه أو وكيله الخاص، وترتيباً على ذلك، فالصلح في جرائم الأموال بمثابة عقوبة بديلة مالية رضائية، أما إذا تم الصلح بلا مقابل بين ذوي الصلات الحميمة كما جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون رقم 174 لسنة 1998، فواقع الأمر لا يعتبر صلحاً بالمعنى الفني وإنما نكون بصدد صفح أو عفو، والفرق بينهما كبير، فالصلح لا يكون إلا بمقابل ويتوقف على رضا الجاني، أما الصفح فلا يتوقف على إرادة الجاني أو رضائه كما أن العفو يتم دوما بلا مقابل.
    ويذهب نفس الاتجاه السابق إلى القول بأن ما قيل على أن الصلح بين الجاني والمجني عليه عقد مدني رتب المشرع بعض آثاره
    ويذهب نفس الاتجاه السابق إلى القول بأن ما قيل على أن الصلح بين الجاني والمجني عليه عقد مدني رتب المشرع بعض آثاره الجنائية، وإن لم تتجه إرادة الطرفين إلى تلك الآثار ومن ضمنها انقضاء الدعوى الجنائية فيبدو أنه غير منطقي، فانقضاء الدعوى الجنائية بحسبه أهم آثار الصلح في المواد الجنائية، يعتبر الدافع أو الحافز على إجراء الصلح، لتجنب وصمه الإدانة، فضلا عن أن الصلح المدني يحوز حجية الشئ المقضي به. كما أنه يعوض كافة الأضرار المادية والأدبية فلو كان الصلح المنصوص عليه في المادة المذكورة صلحا مدنيا، لما أجاز المشرع للمضرور من الجريمة المطالبة بحقوقه المدنية، وقد يكون المضرور من الجريمة هو المجني عليه نفسه، وهذا الغرض قائم في جرائم كثيرة.
    ويخلص هذا الاتجاه إلى القول بأن الصلح المنصوص عليه في المادة 18
    مكرراً (أ) هو عقوبة مالية بديلة يتوقف تنفيذها على رضاء الجاني وتعتبر استثناء على مبدأ قضائية العقوبة، فالصلح وسيلة غير قضائية لإدارة الدعوى الجنائية، يتم تحت رقابة النيابة العامة، والتي تعتبر شعبة من شعب السلطة القضائية، أو تحت رقابة محكمة الموضوع، فضلا عن أن المشرع قد نص على الصلح والصفح، ورتب عليهما وحدة الأثر، وهو انقضاء الدعوى الجنائية( ).
    ويرى الدكتور/ مدحت محمد عبد العزيز إبراهيم أن الصلح المدني يختلف عن الصلح الجنائي حيث أن الصلح المدني يتعلق بالمصالح الخاصة لطرفي العقد، أما الصلح الجنائي فهو نظام إجرائي يترتب عليه انقضاء الدعوى الجنائية، على ذلك فإن إرادة الأطراف لا تتحكم في تحديد الأثر المترتب على الصلح، بل أن القانون هو الذي يحدد هذا الأثر، وهو انقضاء سلطة المجتمع في العقاب. وليس هذا من طبيعة العقد المدني الذي يحدد أطرافه بإرادتهم الآثار المترتبة عليه.
    كما أن العقد المدني يحوز حجية الشئ المقضي به، في حين أن الصلح الجنائي يتوقف أثره على قبول النيابة العامة أو المحكمة – بحسب الأحوال – له. فتمام الصلح الجنائي لا يرتب أثره في انقضاء الدعوى الجنائية مباشرة، بل لابد من إقرار إثبات هذا الصلح بمعرفة النيابة العامة أو المحكمة. فقد يتراءى لهما أنه يعد صلحاً فاسداً، لعدم توافر الأهلية مثلاً، أو وقوع إكراه على المجني عليه لإتمامه، إلى غير ذلك من أسباب فساد هذا الصلح.
    أما القول بأن الصلح الجنائي يعتبر عقوبة مالية بديلة فهو أيضا قول مردود حيث أنه لا يشترط أن يتم هذا الصلح بمقابل أما القول بالتفرقة بين الصلح والصفح أو العفو، وأن هذا الأخير يتم بدون مقابل، فلا يغير من طبيعة العمل في شئ. ذلك أن المشرع قد تنبه إلى إمكانية وقوع الصلح بين ذوي الصلات الحميمة من الأقارب مثلاً، درءا للخلافات فيما بينهم، فليس من مصلحة الدولة أن تقف عائقاً أمام رغبتهم في إتمام الصلح ووضع حد للدعوى الجنائية. وبطبيعة الحال قد يتم الصلح فيما بينهم بدون مقابل، وهو مع ذلك أيضا يعتبر صلحاً جنائيا.
    وعلى ذلك فإن الطبيعة القانونية للصلح الجنائي أبى أن نصفه بكون بكونه عقد مدني، أو بكونه عقوبة مالية بديلة، بل هو نظام إجرائي إرادي يقتضي اتفاق إرادتين، ويترتب عليه أثر قانوني هو انقضاء سلطة الدولة في العقاب( ).
    الفصل الثاني
    قواعد الصلح الجنائي

    المبحث الأول

    شروط الصلح الجنائي
    تنقسم شروط الصلح في القانون الجنائي إلى طائفتين: شروط نشوء وشروط صحة ونفاذ. أما شروط النشوء فهي العناصر المكونة لعقد الصلح والتي لا قيام له بدونها وتمثل أركان العقد فالصلح باعتباره عقداً لابد فيه من توافر الإيجاب والقبول والسبب .. وأما شروط الصحة والنفاذ فهي مجموعة من الضوابط التي ينص عليها المشرع ويرتب على توافرها صحة العقد وصلاحيته لتحقيق آثاره القانونية.
    وإذا كان تخلف أحد شروط النشوء يترتب عليه انعدام العقد في ذاته فإن تخلف أحد شروط الصحة لا يعدم العقد وإنما يجعله مشوبا بعيب قد يعرضه للبطلان يمنع آثاره القانونية.
    وسوف نقسم هذا المبحث إلى مطلبين الأول يتعرض إلى شروط الصلح الجنائي في القانون المصري والثاني شروط الصلح في الشريعة الإسلامية.
    المطلب الأول
    شروط الصلح الجنائي في القانون المصري

    أولاً: شروط نشوء الصلح:
    1- يجب توافر الرضاء في الصلح : إن توافر عنصر الرضاء أمر مسلم به في الصلح الجنائي. فلا يمكن أن يلزم المتهم أو الطرف المتصالح معه بقبول الصلح كرها، بل يجب أن يكون حر الاختيار في قبوله أو رفضه، وتقضي القواعد العامة بأن يكون الرضاء سليماً خالياً من العيوب حتى يمكن الاعتداد به ويترتب عليه آثاره القانونية.
    2- يجب أن يكون محل الصلح مشروعاً، ممكناً أو قابلا ً للتعيين وفيه مصلحة للمتعاقد( ). فإذا كان النزاع في صلح القانون المدني ينبغي أن ينصب على حقوق غير مستقرة بصفة نهائية. فإن الصلح في القانون الجنائي ينصب بدوره على حقوق غير مستقرة. ذلك أن الجريمة بمجرد وقوعها لا ترتب إلا حق الدولة في العقاب وحق المتضرر في التعويض إن كان له محل.
    3- السبب في عقد الصلح: يقوم الصلح على التنازل التبادلي من قبل المتهم والطرف المتصالح معه. فالمتهم من حقه أن يقدم إلى المحاكمة أمام محكمة مختصة تنظر في التهمة الموجه له وتصدر حكمها بعد سماع ما يقدم أمامها من بينات الاتهام الدفاع معاً كما أن القانون يقرر حقوقاً وضمانات للمتهم يجب على سلطات التحقيق والمحكمة مراعاتها تحقيقاً للعدالة تمكينا للمتهم من الدفاع عن نفسه ودفع التهمة المنسوبة إليه. ومن جهة أخرى فإن الطرف الآخر وهو ممثل الاتهام الذي ينوب عن المجتمع في المطالبة بمعاقبة المتهم، من حقه رفع الدعوى الجنائية أمام القضاء بل إن ذلك قد يكون واجباً عليه ويترتب على ذلك حقه في تقديم الأدلة والبينات التي من شأنها إثبات التهمة على المتهم وكذلك حقه في الطعن في أحكام القضاء.
    ولما كان الصلح بين المتهم وممثل الاتهام من شأنه أن ينهي الدعوى الجنائية بغير حكم أو يحول دون رفعها إذا ما تم قبل ذلك فمقتضى هذا أن يتنازل كل منهما عن جزء من حقوقه التي يقررها له القانون. فممثل الاتهام يتنازل عن حقه في رفع الدعوى الجنائية وتقديم المتهم للقضاء والمتهم يتنازل عن حقه في المحاكمة وما يترتب عليها من حقوق وضمانات.
    ثانياً: شروط الصحة والنفاذ الواجب توافرها في الصلح:
    1- شروط الصحة:
    الشرط الأول : أن تكون الجريمة قابلة للصلح قانوناً:
    مفاد هذا الشرط أن يقتصر تطبيق الصلح على الجرائم التي نص المشرع على إجازة الصلح فيها دون غيرها من الجرائم الأخرى.
    وقد نصت المادة 18 مكرراً (أ) من قانون الإجراءات الجنائية المصري على هذه الجرائم وهي في جملتها من الجنح التي يعاقب عليها القانون بالحبس والغرامة التي يزيد حدها الأقصى على مائة جنية أو بإحدى هاتين العقوبتين وتتأصل هذه الجرائم إلى طائفتين تتعلق أولاهما بجرائم الأشخاص وتتصل ثانيهما بجرائم الأموال. وقد سبق الإشارة إلى هذه الجرائم في بحثنا هذا في الجزء المحدد لنطاق تطبيق الصلح في القانون المصري فخيل إليه( ).
    الشرط الثاني : أن يتم الاتفاق مع من له الحق في الصلح.
    مقتضى هذا الشرط أنه لا يجوز الصلح في الجريمة إلا مع الشخص الذي خوله القانون الحق في الصلح فيها. وقد بين قانون الإجراءات المصري ذلك في المادة 18 مكرراً (أ). أن الصلح لا ينتج أثره في انقضاء الدعوى الجنائية إلا بتقديم طلب بإثباته من المجني عليه أو وكيله الخاص، فلا يصح تقديمه من غيرهما، كالمتهم أو المسئول عن الحقوق المدنية، كما لا يجوز للنيابة العامة أ للمحكمة المختصة التصدي من تلقاء نفسها لإثبات انقضاء الدعوى الجنائية بالصلح بين المجني عليه والمتهم.
    2-شروط النفاذ:
    الشرط الأول: موافقة الجهات القضائية المختصة على الصلح في بعض الجرائم.
    اشترط المشرع تقديم طلب الصلح إلى النيابة العامة أو المحكمة بحسب الأحوال، وهو بذلك يفصح عن التفرقة بين الحالة التي يتم فيها الصلح قبل تحريك الدعوى الجنائية وتلك الحالة التي يقع فيها بعد ذلك وقد تم التعرض لهذا الشرط تفصيلاً في هذا البحث في الجزء الخاص بإجراءات الصلح الجنائي فخيل إليه.
    الشرط الثاني : أن يتم الصلح في الميعاد المقرر:
    من المقرر في القانون الجنائي المصري أن الصلح يتم في أي مرحلة من مراحل المحاكمة سواء قبل رفع الدعوى أمام النيابة العامة أو بعد رفعها أمام المحكمة المختصة حتى أنه يجوز الصلح أثناء تنفيذ المتهم للعقوبة كما في جرائم الشيك.


    المطلب الثاني
    شروط الصلح الجنائي في الشريعة الإسلامية

    من المقرر في الشريعة الإسلامية أنه يشترط للصلح في الجرائم التي تقبل الإسقاط بإرادة الأفراد.. أن يكون الاتفاق مع من له الحق في الصلح وأن تتوافر في الطرفين أهلية الأداء وأن يكون الرضاء خال من العيب كما يشترط أن يكون المقابل مما يجوز التعامل فيه ولا يشترط أن يكون الصلح في موعد معين بعد وقوع الجريمة إلا في جريمة القذف على رأي بعض الفقهاء الذين لا يجيزون الإسقاط بعد رفع الأمر فيها للأمام وصدور الحكم.
    وفيما يلي تفصيل ذلك.
    أولاً: مباشرة الصلح مع من له الحق فيه:
    يقرر الفقهاء أن الصلح يجب أن يكون مع مستحق القصاص، وهو المجني عليه في ما دون القتل كالجرح والضرب، وأولياء الدم في جرائم القتل إن كان للقتيل اصل، وإن لم يكن له أهل فمستحق القصاص هو السلطان عملا بقول النبي (ص) :" السلطان ولي من لا ولي له" هذا من جهة المجني عليه.
    أما من جهة الجاني فيجب أن يعقد الصلح مع الجاني إذا كان في الجريمة عمد، ولأوليائه أن يدخلوا فيه إذا شاءوا باعتبار أن الدية في العمد تلزم الجاني في ما له ولا تلزم أولياءه إلا برضائهم لقول النبي (ص) " لا تعقل العاقلة عمدا" أما إذا كانت الجريمة غير عمدية فيجب أني عقد الصلح مع أولياء الجاني وله أن يدخل فيه إذا شاء ... باعتبار أن دية الخطأ تلزم أولياءه في ما لهم ولا تلزمه إلا برضائه( ).
    ومفاد ذلك أن الصلح الذي يعقده أولياء الجاني في الجرائم العمدية لا يلزمه، كما أن الصلح الذي يعقده الجاني في الجرائم غير العمدية لا يلزم أولياءه.

    ثانياً: الأهلية:
    يجب أن يكون المتصالح كامل الأهلية، عاقلاً بالغاً سن الرشد ولا يجوز أن يكون الصلح من الصبي أو المجنون وإن كان الحق في القصاص ثابتاً لهما ذلك لأنه من التصرفات التي تحتمل الضرر .
    ويقرر الفقهاء تبعاً لذلك أنه يجب أن يكون المصالح ممن يفهمون لغة العقود ويدركون ما يترقب عليها من حقوق والتزامات على المتعاقدين.
    وقد أجاز الفقهاء تبعاً لذلك أن ينوب عن الصغير أو المجنون وليه أو وصيه والذي يكون له أن ينظر ما فيه مصلحة الصغير أو المجنون فإذا كان الأصلح القصاص إقامة وإن كان الأصلح الدية يجب أن يأخذها كاملة ولا يجوز أن يصالح على أقل منها. إلا إذا كان الجاني معسرا والصغير بحاجة إلى المال.
    ثالثا ً : الرضاء:
    لا يشترط الشافعية والحنابلة رضاء الجاني إذا أراد ولي الدم أخذ الدية بدلاً من القصاص، باعتبار أن الواجب بالجناية هو أحد شيئين القصاص أو الدية وأن مستحق القصاص هو الذي يعين أحدهما. وبناء على ذلك فالأمر عندهم لا يكون صلحا وإنما هو تصرف من جانب واحد هو مستحق القصاص( ).
    أما الفريق الآخر وعلى رأسه أو حنيفة ومالك فيرى أن الدية لا تجب إلا صلحاً وبالتالي لا تلزم الجاني إلا برضائه وله أن يرفضها ويقدم نفسه للقصاص، وأساس ذلك عندهم أن الواجب أصلا هو القصاص. ومن المقرر أن الرضاء يجب أن يكون خاليا من العيوب التي تفسده وإلا بطل الصلح. فيجب أن يكون المتعاقد عالماً حقيقة ما يتعاقد عليه ملماً بكل ظروف التعاقد، فلا يجوز أن يكون هناك غش أو تدليس من قبل الطرف الآخر كما يجب أن يعبر عن رضائه بمحض إرادته دون تهديد أو إكراه.

    رابعاً: مقابل الصلح:
    يقرر الفقهاء أنه يجب أن يكون مقابل الصلح مما يجوز التعامل فيه شرعا. والمقابل الذي يلتزم به الجاني هو قدر من المال يتفق عليه الطرفان. ويرى الفقهاء أن كل ما يصلح أن يكون صداقاً في الزواج يصلح أن يكون مقابلا ً في الصلح لأنه مال يستحق بالعقد.
    وإذا تعذر الوفاء بالمال المتفق عليه عيناً يمكن الوفاء بقيمته ولم يعين الفقهاء نوعاً معيناً من المال أو مقداراً معلوما كما لم يشترطوا موعدا معينا للوفاء به لذلك يجوز أن يكون المقابل في الصلح من *** الدية أو من خلافها قليلا أو كثيرا حالا أو مؤجلاً معلوماً أو مجهولا جهالة متفاوتة كالحصاد والدباس ونح ذلك كما يجوز أن يكون المقابل نقودا أو ذهبا أو فضة أو غير ذلك من الأشياء التي يمكن أن تقوم بالمال.
    أما إذا كان الصلح عن جريمة غير عمدية في النفس أو ما دونها فإن المقابل منا لا يكون عن القصاص وإنما عن المال المستحق شرعاً وهو الدية لأن الخطأ لا يجب فيه إلا الدية.
    ويقرر الفقهاء أنه لا يجوز الصلح في هذه الحالة على أكثر من الدية المقررة شرعا لأنه يعتبر في هذه الحالة كبيع الدين والقدر الزائد يعتبر ربا وهي منهي عنه.
    ولا يجوز تعليق الصلح على شرط أو إضافته لأن أحد البدلين هو إسقاط القصاص لا يحتمل التعليق والإضافة بالشرط( ).
    خامساً: المواعيد التي يجب أن يتم فيها الصلح:
    لا يشترط الفقهاء أن يتم الصلح في جرائم القصاص في وقت معين بعد وقوع الجريمة، فيجوز الصلح سواء قبل أو بعد الترافع كما يجوز بعد صدور الحكم وفي أي وقت حتى موعد تنفيذ العقوبة.
    وذلك باعتبار أن العفو جائز حتى وقت التنفيذ والصلح ما هو إلا عفو على مال فيجري فيه ما يجري في العفو من حيث الميعاد.
    لذلك يقرر الفقهاء عدم استيفاء القصاص بعد ثبوته إلا بحضور جميع المستحقين لاحتمال أن يكون الغائب منهم قد عفا.
    أما بالنسبة للصلح في جريمة القذف فيرى بعض الفقهاء ومنهم الإمام الشافعي أنه يجوز أن يكون في أي وقت حتى عند تنفيذ العقوبة تماماً كالقصاص ويرى أبو حنيفة أنه لا يجوز الصلح بعد رفع الأمر للإمام وصدور الحكم فيه.
    أبو عقيل الصايدي
    أبو عقيل الصايدي
    مشرف
    مشرف


    الجنس : ذكر
    الابراج : الثور
    عدد المساهمات : 216
    نقاط : 9054
    السٌّمعَة : 130
    تاريخ التسجيل : 04/08/2012
    العمر : 49

    الصلح الجنائي في القانون الجنائي المصري والشريعة الإسلامية Empty رد: الصلح الجنائي في القانون الجنائي المصري والشريعة الإسلامية

    مُساهمة من طرف أبو عقيل الصايدي الثلاثاء 9 أبريل 2013 - 11:59


    المبحث الثاني
    إجراءات الصلح الجنائي

    ينقسم هذا المبحث إلى مطلبين يتناول الأول إجراءات الصلح في القانون المصري والثاني إجراءات الصلح في الشريعة الإسلامية.
    المطلب الأول
    إجراءات الصلح الجنائي في القانون المصري

    يتبين من مطالعة نص المادة 18 مكرراً (أ) إجراءات مصري، أن الصلح لا ينتج أثره في انقضاء الدعوى الجنائية إلا بتقديم طلب بإثباته، إلى إحدى الجهات التي حددها القانون.
    وعليه نتحدث في هذين الأمرين: تقديم الطلب والجهة المختصة بتلقيه وذلك في البندين التاليين:
    -تقديم طلب إثبات الصلح:
    على الرغم من أن طرف الصلح من الأشخاص الطبيعيين إلا أن المشرع لم يشأ التسوية بينهما، إذ أوكل المجني عليه القيام بدور حاسم في شأن تقرير مصير الدعوى الجنائية سواء كانت قد رفعت بالفعل إلى القضاء، أم لم ترفع بعد.
    وقد تجلى ذلك فيما اشترطه من تقديم طلب إثبات الصلح من المجني عليه أو وكيله الخاص، فلا يصح تقديمه من غيرهما، كالمتهم أو المسئول عن الحقوق المدنية، كما لا يجوز للنيابة العامة أو للمحكمة المختصة التصدي من تلقاء نفسها لإثبات انقضاء الدعوى الجنائية بالصلح بين المجني عليه والمتهم.
    ويلاحظ أن المشرع قد استعمل لفظاً قد يوحي بتحويل الحق الإجرائي في تقديم الطلب وكذا الحق الموضوعي في الصلح مع المتهم كل من المجني عليه ووكيله الخاص وبديهي أن إرادة المشرع لم تتجه إلى ذلك فالحق في الصلح حق شخصي يثبت للمجني عليه وحده، أما ما يتولد عنه من حقوق إجرائية ذات تأثير على الدعوى الجنائية، فيمكن أن يباشرها نيابة عنه وكيله الخاص( ).
    الجهة التي يقدم إليها طلب إثبات الصلح:
    اشترط المشرع أن يقدم هذا الطلب إلى النيابة العامة أو المحكمة بحسب الأحوال، وهو بذلك يفصح عن التفرقة بين الحالة التي يتم فيها الصلح قبل تحريك الدعوى الجنائية، وتلك التي يقع فيها بعد ذلك.
    أولاً : النيابة العامة:
    يقدم طلب إثبات الصلح إلى النيابة العامة إذا كانت الدعوى الجنائية لازالت في مرحلة جمع الاستدلالات أو التحقيق الابتدائي.
    وقد رأى الشارع في بعض الحالات تقييد سلطة النيابة في تحريك الدعوى، ما لا تتحرر من بعض القيود الإجرائية المتمثلة في تقديم شكوى أو إذن أو طلب من المجني عليه أو من الجهة المختصة، وهي أمور إيجابية يترتب عليها استردادها سلطتها في تقدير ملاءمة الخصومة. وعلى العكس من ذلك ينشئ الصلح وهو أيضا واقعة إيجابية، قيداً إجرائياً يغل يد النيابة العامة عن ملاحقة الجاني ومهما يكن الأمر، فثمة التزام يقع على عاتق النيابة، وهي تتصدى لاعتماد طلب إثبات الصلح بالتحقق من الشروط الآتية:
    1- أن يكون الطلب مقدما من شخص ذي صفة: أي المجني عليه ذاتي وهو الشخص الذي وقع عليه الاعتداء أو وكيله الخاص.
    2- أن تكون الجريمة موضوعا للصلح بمعنى أن تندرج تحت أي من النماذج القانونية الواردة حصراً في المادة 18 مكرراً (أ) إجراءات، فضلاً عن الجرائم الأخرى التي نصت عليها القوانين الخاصة التي يجوز الصلح فيها( ).
    3- أن يكون الصلح نهائياً : لم يرد النص على هذا الشرط صراحة في عبارات المادة 18 مكرراً (أ) إجراءات ومع ذلك فقد ورد ذكره في الكتاب الدوري للنيابة العامة. فألقى على عاتق الأخيرة التزاماً بالتحقق من الصفة النهائية للصلح، بحيث لا يكون مقترناً أو معلقا ً على شرط.
    ثانياً : المحكمة المختصة:
    قد يقع الصلح بعد تحريك الدعوى الجنائية، ويكون ذلك - في الغالب – راجعا إلى جهل المجني عليه بحقه فيه، أو إلى رغبته شفاء غليله من الجاني بمشاهدته إياه في موقف الاتهام أمام المحكمة.
    ومع ذلك فهو لا يحول بينه وبين حقه في إبرامه مع المتهم ولو بعد دخول الدعوى في حوزة المحكمة. وهنا يكون للمجني عليه أو لوكيله الخاص، أن يطلب من القاضي إثبات صلحه في أية حالة كانت عليها الدعوى طالما لم يصدر فيها حكم حائز قوة الأمر المقضي، بل إنه يجوز له طلبه لأول مرة أمام محكمة النقض، التي تلتزم في هذه الحالة بالحكم بانقضاء الدعوى الجنائية. ويتم إثباته على نحو مقتضب، فلا يلزم تقديم وثيقة كتابية تفيد تحققه، وإن كان العمل قد جرى على تقديم المتهم إقرارا موثقا بالشهر العقاري صادرا من المجني عليه بالتصالح معه.
    كل ما يلزم هو إثبات واقعة حصول الصلح بين المجني عليه والمتهم – ويتعين على القاضي – مثل النيابة العامة – أن يتأكد من توافر الشروط الثلاثة السالف ذكرها عند الحديث عن إثبات الصلح أمام النيابة وهي صفة مقدم الطلب وانتماء الجريمة إلى طائفة الجرائم التي يجوز فيها الصلح، ونهائية هذا الأخير.
    وليس هناك شرط شكل خاص يتعين توافره لإثبات الصلح أمام المحكمة. ومن ثم فهو يتحقق بأية صورة: صريحة أو ضمنية، شفاهة أو كتابة. وعادة ما يكون الصلح ثابتاً بالكتابة نظراً لما يترتب عليه من آثار على الدعوى.
    فقد يثبت بإقرار من المجني عليه أو وكيله الخاص أمام النيابة العامة أو المحكمة التي تنظر الدعوى، أو باتفاق موثق بالشهر العقاري أو حتى إقرار بمحضر إداري. وعلى أي حال، لا يشترط فيه إقرار المتهم بارتكابه الجريمة، ومن ثم فهو لا يعتبر دليل إثبات على مقارنتها من جانبه( ).
    المطلب الثاني
    إجراءات الصلح في الشريعة الإسلامية

    نشير فيما يلي – على سبيل الاسترشاد ببعض صور إجراءات الصلح في الشريعة الإسلامية – إلى ما يجري عليه العمل في بعض المجتمعات البدوية في المملكة الأردنية، بالنسبة لجريمة القتل. وفيها تدور طقوس الصلح حول أمور ثلاثة، تتعلق بإبرامه، ومقابله، وصعوباته. وذلك على النحو التالي:
    أولاً : اتفاق الصلح:
    يبدأ الصلح ببعض التدابير الوقائية التي تحول دون تجدد النزاع الذي أفضى إلى ارتكاب الجريمة. فينهض بعض الوسطاء وشيوخ قبيلة الجاني بالاتفاق مع شيوخ قبيلة المجني عليه على عقد هدنة لا تقل مدتها عن ثلاثة أيام وقد تصل إلى بضعة أشهر، بغية تلافى رد فعل ثأري من أهل المجني عليه. ويعقب هذا الاتفاق أول إجراء من إجراءات الصلح، متمثلاً في اجتماع شيوخ قبيلة المجني عليه مع بعض الوسطاء في مكان يسمى بدار الصلح، ابتغاء فض النزاع ودياً، استنادا إلى الحالات المماثلة التي حدثت من قبل، بحسبانها من قبيل السوابق القضائية العرفية.
    فإذا تحققت هذه الخطوة التفاوضية بنجاح، وجب تعيين كفيلين: يسمى أولهما: بكفيل الوفاء ، وهو من أسرة الجاني، يضمن تنفيذ ما يتم الاتفاق عليه من جانب تلك الأخيرة، ويطلق على الثاني : كفيل الدفاع وهو من أسرة المجني عليه، ويختص بحماية حقوقه. ويبدأ شيوخ / قبيلة المجني عليه في عرض طلباتهم، التي عادة ما يكون مبالغاً فيها ابتداء.
    ثم يحاول الوسطاء التخفيف من حدتها إلى أن يتم الاتفاق بين الفريقين، فإن تحقق هذا الأخير، انبرى أحد الوسطاء لوضع علم أبيض فوق دار الصلح إيذاناً بفتح صفحة جديدة من العلاقات الودية والسلمية بين القبيلتين ويلاحظ أن شيوخ قبيلة الجاني لا يحضرون الجلسة التي تتم بين الوسطاء وبين شيوخ قبيلة المجني عليه.
    وبمجرد تمام الاتفاق، يذهب كفيل الوفاء لاصطحاب الجاني شيوخ قبيلته لمقابلة نظرائهم في الفريق الآخر وعادة ما يعبر الجاني بطريقة رمزية عن ندمه وأسفه على ما جنته يداه فيقدم سيفه إلى شيوخ قبيلة المجني عليه طالباً منهم القصاص منه به، بينما بتفضل الآخرون بإعلان صفحهم عنه وغفرانهم لخطيئته.
    ثانياً : مقابل الصلح:
    يفترض عقد الصلح المشار إليه أن ينطوي على بعض التدابير التصالحية التي تتمثل في دفع مقابل الصلح من الجاني وعشيرته. فإن كانت الجريمة عمدية وجب أن يكون مساوياً لمبلغ الدية أو أقل أو أكثر( )، لأن الأصل فيه أنه بديل عن القصاص، الذي يتجرد من الطبيعة المالية مما يسوغ معه القول بعدم ارتباطه بمقدار الدية. أما إن وقعت الجريمة خطأ، فلا يصح أن يكون بدل الصلح مجاوزاً لمقدار الدية.
    وقد يتمثل هذا المقابل في عرض إحدى بنات قبيلة الجاني بزينتها وملابسها للزواج من أحد أعضاء قبيلة المجني عليه، دون أن يلتزم الزوج بدفع مهراً لها، ويسمى مقابل الصلح في هذه الحالة (الغرة).
    وقد يأخذ صورة التزام الجاني بمساندة قبيلة المجني عليه، ومبالغة في الصفح والكرم.
    ثالثاً : عقبات تنفيذه:
    قد يمتنع الجاني وقبيلته عن تنفيذ ما تم الاتفاق عليه من تدابير والتزامات وهنا لا تستطيع قبيلة المجني عليه أن تتحرر تلقائياً مما التزمت به في عقد الصلح، وإنما يتعين عليها – وفقاً لما سبق تفصيله – اللجوء إلى كفيل الوفاء، لكي يمارس ضغوطه على الجاني، وصولا إلى وضع شروط الصلح موضع التنفيذ.
    فإن أصر على موقفه الرافض، كان لقبيلة المجني عليه اللجوء إلى كفيل الدفاع. لكي يمارس كل صلاحياته في تنفيذ الصلح، سواء من جانبه هو شخصياً، أو من جانب الجاني وأسرته. فإن أخفق، أعلن ذلك صراحة، واستردت أسرة المجني عليه حقها في القصاص من الجاني .


    المبحث الثالث
    آثار الصلح الجنائي

    تحدد المادة 18 مكرراً (أ) من قانون الإجراءات الجنائية، آثار الصلح في انقضاء الدعوى الجنائية ولو كانت مرفوعة بطريق الإدعاء المباشر.
    وعليه تلتزم النيابة العامة بإصدار أمر بحفظ الأوراق، أو بالأوجه لإقامة الدعوى حسب الأحوال، فإن رفعت تلك الأخيرة على الرغم من سبق إثبات الصلح في مرحلة التحقيق الابتدائي، وجب على المحكمة أن تحكم بعدم قبولها فإن قدم طلب إثبات الصلح بعد دخول الدعوى في حوزتها فإنها تحكم بانقضائها.
    ويرى البعض أن المحكمة في جرائم الشيك تصدر حكمها ببراءة المتهم وليس بانقضاء الدعوى، بينما يرى آخرون عكس ذلك، إذ يتعين عليها الحكم بالانقضاء دون أية حديث عن البراءة أو الإدانة.
    ونؤيد هذا الرأي الأخير، ذلك أن الرأي العكس ينطوي على تناقض مع ما قد يتضمنه عقد الصلح من اعتراف المتهم بجريمته، فضلا عن مخالفته لصريح نص المادة 534/4 من قانون التجارة الجديد، وعلى أية حال، يرتب الصلح أثره في انقضاء الدعوى الجنائية بقوة القانون فهو ليس أمراً جوازياً يخضع للسلطة التقديرية للمحكمة أو لسلطة أية جهة أخرى يتم أمامها إثبات الصلح.
    أما في الشريعة الإسلامية، فإن الصلح يؤدي سقوط الحق في العقاب لما يتصف به من أثر مُنِه للخصومة.
    وسوف نفصل الحديث في كل من القانون المصري والشريعة الإسلامية بناءاً في مطلبين متواليين.
    المطلب الأول
    آثار الصلح في القانون المصري

    يؤدي الصلح الجنائي المنصوص عليه بالمادة 18 مكرراً (أ) إجراءات مصري إلى انقضاء الدعوى الجنائية بالصلح بدلاً من معاقبة المتهم.
    ويثور التساؤل عن مدى جواز تجزئة أثره وعن وضع الدعوى المدنية خاصة وأن الشرع قد قرر عدم مساس الصلح بحقوق المضرور من الجريمة.
    مدى جواز تجزئة آثار الصلح في انقضاء الدعوى الجنائية:
    قد يتخذ الركن المادي للجريمة صورة التعدد سواء في ذلك تعدد المجني عليهم – وهو ما يرتبط بالنتيجة الإجرامية – أو تعدد الجناة – وهو ما يرتبط بالسلوك الإجرامي. مثال ذلك: أن تقع الجريمة إضرار بأموال مملوكة لعدد من الأفراد أو كان هناك تزاحماً بين الدائنين الحاجزين أو المرتهنين أو أن تقع جريمة الدخول غير المشروع لعقار الغير من شخصين أو أكثر.
    فأما إذا كان المجني عليهم متعددين فالكتاب الدوري الصادر عن النيابة العامة سنة 1998 يفرق بين ما إذا كانت هناك واقعة إجرامية واحدة أو عدة وقائع. ففي الأولى لا يكون الصلح منتجاً لأثره في انقضاء الدعوى الجنائية، ما لم يكن قد صدر عنهم أجمعين، وهو أمر يراه البعض منطقياً، إذ لا يمكن القول في حالة عدم رضاء المجني عليهم جميعاً بالصلح بانقضاء الدعوى وعدم انقضائها في آن واحد بالنسبة للمتهم.
    أما إذا تعدد الجناة ونقصد بذلك حالة ما إذا رغب المجني عليه في التصالح مع بعض الجناة دون البعض وهي فرضية لم تظفر بمعالجة المشرع الإجرائي لها وبعدم تضمينها ضمن الكتاب الدوري المشار إليه.
    ولذلك نرى قياس الصلح على التنازل عن الشكوى، فنشير إلى حكم المادة 10/3 إجراءات الذي يقضي بأن التنازل بالنسبة لأحد المتهمين يعد تنازلاً بالنسبة للباقين.
    أثار الصلح على الحقوق المدنية:
    أولاً: ضمان حقوق المضرور من الجريمة:
    للمضرور من الجريمة هو ذلك الشخص الطبيعي أو الاعتباري الذي لحقه ضرر شخص مباشر من ارتكابها وهو ما أكدته النصوص التشريعية وأحكام القضاء في مصر فمن المقرر أن الصلح قد يحدث قبل دخول الدعوى في حوزة المحكمة، وقد يقع بعد ذلك: ففي الحالة الأولى تنقضي الدعوى الجنائية قبل رفعها إلى المحكمة، وهنا لا يجوز للمدعي المدني فمن المقرر أن الصلح قد يحدث قبل دخول الدعوى في حوزة المحكمة، وقد يقع بعد ذلك: ففي حالة الأولى تنقضي الدعوى الجنائية قبل رفعها إلى المحكمة، وهنا لا يجوز للمدعي المدني – المضرور من الجريمة – رفع دعواه المدنية أمام القضاء الجنائي قط، ولا سبيل له إن شاء المطالبة بالتعويض إلا ولوج الطريق المدني، فإن لجأ رغم ذلك إلى القضاء الجنائي وجب على ذلك الأخير الحكم بعدم قبولها، استناداً إلى عدم توافر شروط الدعوى المدنية التبعية.
    أما إن وقع الصلح بعد دخول الدعوى في حوزة المحكمة فإن الدعوى الجنائية تنقضي بالصلح دون أن يكون لذلك تأثير على استمرار نظر الدعوى المدنية التابعة أمام القضاء الجنائي، استنادا إلى نص المادة 259/2 إجراءات مصري التي تنص على أنه "إذا انقضت الدعوى الجنائية بعد رفعها لسبب من الأسباب الخاصة بها، فلا تأثير لذلك في سير الدعوى المدنية المرفوعة معها. وعليه ..
    يكون ما قرره المشرع في المادة 18 مكرراً (أ) إجراءات من أنه لا اثر للصلح على حقوق المضرور من الجريمة، مجرد تحصيل لحاصل وتقرير لأمر مفهوم صراحة من إعمال القواعد العامة في تبعية الدعوى المدنية للدعوى الجنائية أمام القضاء الجنائي. وبعبارة أخرى فإن المشرع لم يحط المضرور بضمانات استثنائية تتمثل في اختصاص المحكمة الجنائية بنظر الدعوى الجنائية بداءة واستقلالها عن الدعوى الجنائية( ).
    ثانياً : أثر الصلح على الدعوى المدنية الماثلة:
    قد تجتمع صفتا المجني عليه والمضرور من الجريمة في ذات الشخص، ويكون قد رفع دعواه المدنية أمام القضاء الجنائي، ثم تصالح من بعد مع المتهم. والأصل أن ينحصر أثر الصلح بين طرفيه في انقضاء الدعوى الجنائية ومع ذلك فقد يؤثر المجني عليه إنهاء النزاع صلحا فيثبت في عقد الصلح تنازله عن حقوقه المدنية، شريطة أن يؤدي له المتهم تعويضا معينا يرتضياه.
    ولكن ماذا لو تفاقم الضرر الذي أصاب المجني عليه، بحيث أضحى التعويض الذي حصل عليه الأخير في عقد الصلح غير متناسب البتة مع مقدار ما أحدثته الجريمة من ضرر بالغ، فهل تلتزم المحكمة الجنائية بالاستمرار في نظر الدعوى المدنية السابق رفعها، رغم تنازل المجني عليه عن حقوقه المدنية في عقد الصلح؟ يرى البعض أن المحكمة تستمر في نظر الدعوى المدنية غير عابئة بالصلح السابق بين المجني عليه والمتهم، فتقدر التعويض المستحق على أساس الضرر الفعلي الذي أصاب المدعي المدني ولا مانع من أن تستنزل المحكمة من مقداره ما سبق أن دفعه المتهم للمدعي المدني بموجب الصلح السابق.
    وقد أقرت محكمة النقض هذا النظر مؤكدة على "أن الصلح عقد ينحسم به النزاع بين الطرفين في أمر معين وبشروط معينة، ولهذا وجب ألا يتوسع في تأويله وأن يقصر تفسيره على موضوع النزاع، على أن ذلك لا يحول بين قاضي الموضوع وبين حقه في أن يستخلص من عبارات الصلح، ومن الظروف التي تم فيها، نية الطرفين والنتائج المبتغاة من الصلح، ويحدد نطاق الصلح الذي أراد الطرفان وضع حد له باتفاقهما عليه – وشأنه في ذلك شأن باقي العقود – إذ أن ذلك من سلطته ولا رقابة عليه ما دامت عبارات العقد والملابسات التي تم فيها تحتمل ما استخلصه منها"( ).
    والخلاصة أن الصلح بين المجني عليه والمتهم لا يحول دون الاستمرار في نظر الدعوى المدنية الماثلة، حتى وإن اشتمل الصلح على تنازل المجني عليه (المدعي المدني) عن حقوقه المدنية صحيح أن الصلح قد يثير بعض الشكوك حول مدى قبول الدعوى المدنية، إلا أنه لا يحول دون السير في هذه الأخيرة أمام القضاء الجنائي الذي يئول إليه أمر الفصل في تقدير صحة ونطاق هذا التنازل، ذلك أنه إذا كان المدعي المدني قد أخطأ في تقدير طبيعة ونطاق حققه،و كان هذا الخطأ هو السبب الأساسي لتنازله عن حقه في الدعوى المدنية فإن الصلح يكون قد ولد مشوبا بعيب من عيوب الرضاء ويجرده بالتالي من أثره القانوني في عدم قبل الدعوى المدنية وعلى الرغم من أن هذا الحكم الأخير يتعلق أساساً بفكرة الخطأ في تقدير الضرر، وبالتالي بالحق في التعويض – وليس بحالة فاقم الضرر بعد سبق الصلح – إلا أنه يقرر مبدأ عدم انقضاء الدعوى المدنية نهائياً بالصلح تاركاً أمر هذا الأخير لمطلق تقدير القاضي.

    أبو عقيل الصايدي
    أبو عقيل الصايدي
    مشرف
    مشرف


    الجنس : ذكر
    الابراج : الثور
    عدد المساهمات : 216
    نقاط : 9054
    السٌّمعَة : 130
    تاريخ التسجيل : 04/08/2012
    العمر : 49

    الصلح الجنائي في القانون الجنائي المصري والشريعة الإسلامية Empty رد: الصلح الجنائي في القانون الجنائي المصري والشريعة الإسلامية

    مُساهمة من طرف أبو عقيل الصايدي الثلاثاء 9 أبريل 2013 - 12:01



    المطلب الثاني
    آثار الصلح في الشريعة الإسلامية

    يترتب على الصلح في جرائم الدماء سقوط القصاص واستحقاق المقابل المتفق عليه وكما في القانون الوضعي فإن آثار هذا الصلح تنصرف إلى عاقديه دون الغير، على أن الأمر يختلف من بعض الوجوه . وفيما يلي تفصيل ذلك:
    أولاً: سقوط القصاص:
    كما سبق أن رأينا فإن الصلح المعقود بين الجاني والمجني عليه أو ولي الدم يؤدي لإسقاط القصاص. ومن شأن ذلك أن يفلت الجاني من العقوبة المقدرة شرعا، وفي ذلك عصمة لنفسه( ). على أن المقرر عند الفقهاء.. أن هذا الصلح لا يحول دون مباشرة الإمام حقه في التعزير.
    ومفاد ذلك أن يكون له أن يعاقب على سبيل الزجر والتأديب بالرغم من قيام الصلح ، إذا رأى أن الجاني يستحق ذلك اتقاء لشره في المستقبل ولحمله على الالتزام بنظم المجتمع وقواعده.
    وأساس ذلك عند الفقهاء أن الجريمة وإن تعلقت بحق المجني عل يه مباشرة إلا أن فيها اعتداء على أمن المجتمع وسلامته والذي قد تقتضي صيانته وإنزال العقاب اللازم بالجاني برغم سقط القصاص عنه ليرتدع هو ولا يقلده غيره( ).
    ويقرر الفقهاء ألا يكون العقاب الذي يوقعه الإمام في جسامة وشدة القصاص باعتباره الحد الأقصى الذي قدره المشرع.
    ومن المقرر أن هذا الصلح لا ينتفع به من الشركاء والفاعلين إلا من كان طرفا فيه، وعلى ذلك لا يستفيد من هذا الصلح باقي الجناة ما لم يكن من عقده وكيلا عنهم، لذلك لا يحول الصلح الذي يعقده مستحق القصاص مع أحد الجناة، دون استيفاء القصاص من شركائه. والثابت أن لصاحب الحق في القصاص أن يتخير من الجناة من يراه فيعفو عنه عفوا مجردا أو بمقابل وأساس ذلك أنه قد يكون بينه وبين هذا الذي يتخيره سابق مودة أراد أن يرعاها هو وإن لم يرعها الجاني.
    ويتحقق سقوط القصاص ولو لم يفي الجاني بما التزم به...
    إذ المقرر أن الصلح في جرائم الدماء لا يقبل الفسخ ولا يجوز الرجوع فيه خلافا للصلح في الأموال، ولا يكون لمستحق القصاص إلا الدية( )، ولا يشترط لسقوط القصاص أن يعقد الصلح مع مستحقي القصاص جميعهم إنما يمكن أن يعقد مع بعضهم فقط ويكون للبعض الآخر نصيبه من الدية.
    ثانياً: الحق في المقابل:
    يترتب على الصلح أن يكون لمستحق القصاص الحق في الحصول على المقابل المتفق عليه.. فإن بعض الفقهاء يرى أن استحقاق الدية لا يكون بالصلح وإنما هو حق ثابت بمقتضى الجريمة.
    ومن المقرر أن الحق في المقابل المتفق عليه لا يثبت إلا لمن كان طرفاً في الصلح أما غيره من مستحقي القصاص فلا يكون لهم إلا نصيبهم من الدية... وجاء في المبسوط أنه إذا قتل رجل وله ابنان تصالح أحدهما عن حصته في مائة درهم فهو جائز ولا يشاركه أخوه فيها لأنه اسقط نصيبه من القود بعوض فلا يكون لهذا الأخير إلا نصيبه في الدية.
    أما إذا كان القتل خط فصالحه أحدهما على مال كان هذا المال شركة بينهما لأن الواجب في الخطأ هو المال وقد وجب مشتركا وصلح أحد الشريكين في الدين المشترك جائز ولشريكه أن يشاركه فيه الشريكين في الدين المشترك جائز ولشريكه أن يشاركه فيه وعلى ذلك فإن هذا الصلح لا يلزم أولياء الدم إن كان أقل من الدية إلا إذا اشتركوا جميعا فيه.
    تلك هي آثار الصلح في القصاص، وتقاس عليها آثار لصلح في جرائم التعزيز وفقا لما يراه ولي الأمر. ويلاحظ أن الصلح في جرائم الدماء يحقق العصمة للجاني المتصالح فيحرم الاعتداء عليه والانتقام منه وإلا حق على من يعتدي عليه القصاص أو الدية أو التعزيز بحسب الحال فضلا عما ينتظره من عقاب أخروي، لقوله تعالى :" فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم".

    خاتمة
    وبعد ينتهي بنا المطاف في شأن بحثنا لموضوع الصلح الجنائي، ذلك الموضوع الهام الذي شغل بال المشتغلين بالعدالة الجنائية لما يثيره من تعارض بين المبادئ التقليدية في الإجراءات الجنائية من ناحية وبين ما يكفله من مزايا التبسيط والإنسانية من ناحية أخرى وقد جاء نتاج تطور السياسة الجنائية المعاصرة وعرضنا لدراسته في فصلين:
    الفصل الأول : تكلمنا فيه عن ماهيته من حيث مفهومه ونطاق تطبيقه والطبيعة القانونية للصلح الجنائي.
    وفي الفصل الثاني: تكلمنا عن شروط الصلح الجنائي وإجراءاته وآثاره وذلك في القانون المصري والشريعة الإسلامية.
    ووجدنا أهمية الصلح الجنائي من توفير الوقت والجهد وضغط القضايا على المحاكم الجنائية وإمكانية اللجوء إليه في أية حالة كانت عليها الدعوى الجنائية حتى ولو كان المتهم يقوم بتنفيذ عقوبته. وقد رأيت ذلك بحكم وظيفتي في أحد البنوك أن عملاء البنك رغم صدور أحكام ضدهم وتنفيذه حكم الحبس إلا أننا بالتصالح معهم بعد الاتفاق على جدولة ديونهم وطريقة السداد يتم إخراجهم من محبسهم .
    أتمنى من ا لله أن أكون قد قدمت جهداً محموداً واستطعت تقديم الصلح بشكل طيب.





    قائمة المراجع
    1- أ.د/ أحمد فتحي سرور، القانون الجنائي الدستوري ، دار الشروق، الطبعة الرابعة، 2006.
    2- أ.د/ مدحت محمد عبد العزيز إبراهيم (الصلح والتصالح في قانون الإجراءات الجنائية دار النهضة العربي الطبعة الأولى 2004.
    3- أ.د/ عوض محمد عوض ، المبادئ العامة لقانون الإجراءات الجنائية دار المطبوعات الجامعية 1999.
    4- أ.د/ عبد القادر عودة – التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي – الجزء الثاني – القسم الخاص – الطبعة الأولى 1960.
    5- أ.د/ أسامة حسنين عبيد – رسالة دكتوراه – الصلح في قانون الإجراءات الجنائية (دراسة مقارنة) 2004.
    6- أ.د/ سر الختم عثمان إدريس – رسالة دكتوراه – النظرية العامة للصلح في القانون الجنائي 1979.





    الفهرس
    الموضوع الصفحة
    مقدمة
    تمهيد
    الفصل الأول : ماهية الصلح الجنائي
    المبحث الأول : مفهوم الصلح الجنائي وتطوره التاريخي
    المطلب الأول : مفهوم الصلح الجنائي في القانون المصري
    المطلب الثاني : مفهوم الصلح الجنائي في الشريعة الإسلامية
    المبحث الثاني: نطاق تطبيق الصلح الجنائي
    المطلب الأول: نطاق تطبيق الصلح الجنائي فى القانون المصري
    المطلب الثاني: نطاق تطبيق الصلح الجنائي فى الشريعة الإسلامية
    المبحث الثالث : الطبيعة القانونية للصلح الجنائي
    الفصل الثاني: قواعد الصلح الجنائي
    المبحث الأول : شروط الصلح الجنائي
    المطلب الأول : شروط الصلح الجنائي فى القانون المصري
    المطلب الثاني: شروط الصلح الجنائي فى الشريعة الإسلامية
    المبحث الثاني : إجراءات الصلح الجنائي
    المطلب الأول : إجراءات الصلح الجنائي فى القانون المصري
    المطلب الثاني : إجراءات الصلح الجنائي فى الشريعة الإسلامية
    المبحث الثالث : آثار الصلح الجنائي
    المطلب الأول : آثار الصلح الجنائي فى القانون المصري
    المطلب الثاني: آثار الصلح الجنائي فى الشريعة الإسلامية
    الخاتمة
    قائمة المراجع

    ------
    منقول


    _________________

    *******************************************
    الصلح الجنائي في القانون الجنائي المصري والشريعة الإسلامية 0093053Jy4y


    الصلح الجنائي في القانون الجنائي المصري والشريعة الإسلامية 008U053Jy4y

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة 26 أبريل 2024 - 12:08