منتديات فرسان المعرفة

أهلا وسهلا زائرنا الكريم ومرحبا بك في منتديات فرسان المعرفة منتديات التميز والابداع ونتمنى أن تكون زيارتك الأولى مفتاحا للعودة إليه مرة أخرى والانضمام إلى أسرة المنتدى وأن تستفيد إن كنت باحثا وتفيد غيرك إن كنت محترفا

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات فرسان المعرفة

أهلا وسهلا زائرنا الكريم ومرحبا بك في منتديات فرسان المعرفة منتديات التميز والابداع ونتمنى أن تكون زيارتك الأولى مفتاحا للعودة إليه مرة أخرى والانضمام إلى أسرة المنتدى وأن تستفيد إن كنت باحثا وتفيد غيرك إن كنت محترفا

منتديات فرسان المعرفة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات الشمول والتنوع والتميز والإبداع

قال تعالى ( يا أيها الذين أمنوا اذكروا الله كثيراً وسبحوه بكرة وأصيلا)أ
عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال(من قال صبيحة يوم الجمعة قبل صلاة الغداة , أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه ثلاث مرات غفرالله ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر)
عن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه كان يدعو بهذا الدعاء "اللهم! اغفر لي خطيئتي وجهلي. وإسرافي في أمري. وما أنت أعلم به مني. اللهم! اغفر لي جدي وهزلي. وخطئي وعمدي. وكل ذلك عندي. اللهم! اغفر لي ما قدمت وما أخرت. وما أسررت وما أعلنت. وما أنت أعلم به مني. أنت المقدم وأنت المؤخر. وأنت على كل شيء قدير". رواه مسلم في صحيحه برقم (2719)
عن عقبة بن عامر رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما أحد يتوضأ فيحسن الوضوء ويصلي ركعتين يقبل بقلبه ووجهه عليهما إلا وجبت له الجنة)رواه مسلم وأبو داود وابن ماجة وابن خزيمة في صحيحة
عن أبي هريرة رضى الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "اللهم! أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري. وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي. وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي. واجعل الحياة زيادة لي في كل خير. واجعل الموت راحة لي من كل شر". رواه مسلم في صحيحه برقم (2720)
عن أبي الأحوص، عن عبدالله رضى الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه كان يقول "اللهم! إني أسألك الهدى والتقى، والعفاف والغنى". رواه مسلم في صحيحه برقم(2721)
عن زيد بن أرقم رضى الله عنه. قال: لا أقول لكم إلا كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كان يقول "اللهم! إني أعوذ بك من العجز والكسل، والجبن والبخل، والهرم وعذاب القبر. اللهم! آت نفسي تقواها. وزكها أنت خير من زكاها. أنت وليها ومولاها. اللهم! إني أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعوة لا يستجاب لها". رواه مسلم في صحيحه برقم(2722)
عن عبدالله رضى الله عنه قال: كان نبي الله صلى الله عليه وسلم إذا أمسى قال "أمسينا وأمسى الملك لله. والحمد لله. لا إله إلا الله وحده لا شريك له". قال: أراه قال فيهن "له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. رب! أسألك خير ما في هذه الليلة وخير ما بعدها. وأعوذ بك من شر ما في هذه الليلة وشر ما بعدها. رب! أعوذ بك من الكسل وسوء الكبر. رب! أعوذ بك من عذاب في النار وعذاب في القبر". وإذا أصبح قال ذلك أيضا "أصبحنا وأصبح الملك لله". رواه مسلم في صحيحه برقم(2723)
عن عبدالرحمن بن يزيد، عن عبدالله رضى الله عنه . قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمسى قال "أمسينا وأمسى الملك لله. والحمد لله. لا إله إلا الله وحده. لا شريك له. اللهم! إني أسألك من خير هذه الليلة وخير ما فيها. وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها. اللهم! إني أعوذ بك من الكسل والهرم وسوء الكبر. وفتنة الدنيا وعذاب القبر". رواه مسلم في صحيحه برقم(2723)
عن أبي موسى رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكره مثل الحي والميت) رواه البخاري.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل وشاب نشأ في عبادة الله, ورجل قلبه معلق بالمساجد إذا خرج منه حتى يعود إليه, ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه, ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه, ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله , ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه) متفق عليه
عن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم ) روه الشيخان والترمذي.
عن أبي مالك الحارث بن عاصم الأشعري رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(الطهور شطر الإيمان والحمدلله تملأ الميزان وسبحان الله والحمدلله تملأ أو تملآن ما بين السماء والأرض والصلاة نور والصدقة برهان والصبر ضياء والقرآن حجة لك أو عليك كل الناس يغدو فبائع نفسه أو موبقها) رواه مسلم. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم(من قال سبحان الله وبحمده في يومه مائة مرة حُطت خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر)رواه البخاري ومسلم.
عن أبي سعيد رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( استكثروا من الباقيات الصالحات ) قيل وما هن يارسول الله؟ قال ( التكبير والتهليل والتسبيح والحمدلله ولا حول ولاقوة إلابالله ) رواه النسائي والحاكم وقال صحيح الاسناد.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أحب الكلام إلى الله أربع- لا يضرك بأيهن بدأت: سبحان الله والحمدلله ولا إله إلا الله والله أكبر ). رواه مسلم

3 مشترك

    مناظرة بين الليل والنهار لمحمد أفندي المبارك الجزائري

    alsaidilawyer
    alsaidilawyer
    مدير المنتدى
    مدير المنتدى


    الجنس : ذكر
    الابراج : الدلو
    عدد المساهمات : 4032
    نقاط : 80937
    السٌّمعَة : 2684
    تاريخ التسجيل : 01/03/2010
    العمر : 53
    الموقع : الجمهورية اليمنية - محافظة إب

    مناظرة بين الليل والنهار لمحمد أفندي المبارك الجزائري Empty مناظرة بين الليل والنهار لمحمد أفندي المبارك الجزائري

    مُساهمة من طرف alsaidilawyer الخميس 19 يناير 2012 - 11:39

    "مناظرة بين الليل والنهار لمحمد أفندي المبارك الجزائري"


    لما أسفر النهار عن بياض الغرة قابله الليل بسواد الطرة ثم صار الهزل جداً واشتد النزاع بينهما جداً فاستنجد كل منهما أميره وأفشى له سره وضميره وإذا بالليل حمل على النهار فصبغ حمرة وردته بصفرة البهار وخطر يجر ذيول تيهه وعجبه مرصعاً تيجان مفاخره بدرر شهبه. ثم قال: (وَالْلّيْلِ إِذَا يَغْشَىَ) [الليل: 1] (إِنّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لّمَن يَخْشَىَ) [النازعات: 26] ففتح باب المناقشة في هذا الفصل وعقد أسباب المنافسة بقول الفصل (فإن الحرب أولها كلام) ثم تنجلي عن قتيل أو أسير بكلام ولما بلغ الليل غايته بزغ الفجر ورفع رايته وقال إذ جال في معترك المنايا (أنا ابن جلا وطلاع الثنايا) فتقدم في ذلك الميدان وجلي تالياً قوله تعالى: (وَالنّهَارِ إِذَا تَجَلّىَ) [الليل: 2] ثم استوى على عرش السنا والسناء وأطلع شموس طلعته في الأرض والسماء فأعرب عن غوامض الرقائق والحقائق وأغرب في نشر ما انطوى من الأسرار والدقائق وما انحدر من منبره حتى أيد دعوى خبره بشاهد مخبره فانتدب إليه "الليل" ومال عليه كل الميل وقال أحمد من جعلني خلوة للأحباب وجلوة لعرائس العرفان ونفائس الأدباء وخلقني مثوى لراحة العباد ومأوى لخاصة النساك والعباد: ولله در من قال فأجاد:
    أيها الليل طل بغير جناح ****ليس للعين راحة في الصباح

    كيف لا أبغض الصباح وفيه ****بان عني نور الوجوه الصباح

    أتردد على أرباب المجاهدة بفنون الغرائب وأتودد إلى أصحاب المشاهدة بعيون الرغائب تدور في ساحتهم بدور الحسن والبهاء وتدار من راحتهم كؤوس الأنس والهناء فتحييهم نغمات السمر وتحييهم نسمات السحر فأحيان وصلي بالتهاني مقمرة وأفنان فضلي بالأماني مثمرة وحسبي كرامة أني للناس خير لباس أقيهم بلطف الإيناس من كل باس ومن واصل الإدلاج وهجر طيب الكرى قيل له "عند الصباح يحمد القوم السرى".
    وما الليل إلا للمجد مطيته, وميدان سبق فاستبق تبلغ المنى ففتن بمعاني بيانه البديع وتفنن في أفانين التصريع والترصيع ثم أتم خطبته بالتماس المغفرة والعفو واستعاذ بالله من دواهي الغفلة ودواعي اللهو فوثب إليه (النهار) وصال عليه صولة ملك قهار وصعد على منبره ثانياً وقد أضحى التيه لعطفه ثانياً فأثنى على من جلى ظلمة الحجاب وتحلى له باسمه النور وتوجه بسورة من الكتاب وزانه بأبهى سراج وهاج فأوضح بسناه السبيل والمنهاج ثم صاح أيها الليل هلا قصرت من إعجابك الذيل ولئن دارت رحى الحرب واستعرت نار الطعن والضرب فلا سبين مخدراتك وهي عن الوجوه حاسرة وأنت تتلو يومئذ (تِلْكَ إِذاً كَرّةٌ خَاسِرَةٌ) [النازعات: 12] فما دعاك إلى حلبة المفاضلة وما دهاك حتى عرضت بنفسك للمناضلة وهل دأبك إلا الخداع والمكر وترقب الفرصة وأنت داخل الوكر أما حض القرآن على التعوذ (بِرَبّ الْفَلَقِ) [الفلق:1] وندب (مِن شَرّ مَا خَلَقَ {2} وَمِن شَرّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ) [الفلق: 2 3] فبربي يستعاذ من شرك ويستعان على صنوف صروف غدرك وهب أنك تجمع المحب بالحبيب إذا جار عليه الهوى وحار الطبيب فكم يقاسي منك في هاجرة الهجر ويئن أنين الثكلى حتى مطلع الفجر.
    يبيت كما بات السليم مسهداً *****وفي قلبه نار يشب وقد

    فيا ساهر النجوم ويساور الوجوم وقد هاجت لواعج غرامه وتحركت سواكن وجده وهيامه: فأنشد وزفيره يتصعد:
    أقضي نهاري بالحديث وبالمنى ****ويجمعني والهم بالليل جامع

    نهاري نهار الناس حتى إذا بدا **** لي الليل هزتني إليك المضاجع

    على أن العاشق الواله يشكو منك في جميع أحواله فكم قطع آناءك بمواصلة أنينه متململاً من فرط شوقه وحنينه فلما أن حظي بالوصال تمثل بقول من قال:
    الليل إن واصلت كالليل إن هجرت ****أشكو من الطول ما أشكو من القصر

    ولئن افتخرت ببدرك الباهي فإما تباري ببعض أنواري وتباهي وهل للبدر عند إشراق الشمس من نور أو لطلعة حسنه من خدور البطون ظهور ومن أدعى أنك تساويني في الفضل والقدر أو زعم أن الشمس تقتبس من مشكاة البدر ومتى استمدت الأصول من الفروع "وما أغنى الشموس عن الشموع" فبي تنجلي محاسن المظاهر الكونية وتتحلى بجواهر الأعراض اللونية وأنى يخفى حسني وجمالي على مشاهد أو يفتقر فضلي وكمالي إلى شاهد وعرضي عارٍ عن العار وجميع الحسن من ضيائي مستعار.
    وليس يصح في الأذهان شيء **** إذا احتاج النهار إلى دليل

    أما كفاك بينةً وزادك ذكرى وتبصرة قوله تعالى: (فَمَحَوْنَآ آيَةَ الْلّيْلِ وَجَعَلْنَآ آيَةَ النّهَارِ مُبْصِرَةً) [الإسراء: 12] و (هَلْ يَسْتَوِي الأعْمَىَ وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظّلُمَاتُ وَالنّورُ) [الرعد: 16] وأين منزل أهل الغفلة من منزل أهل اليقظة والحضور وإن كنت مغنى الأنس والأفراح تفعل بعقول الناس فعل الراح فهل حسبت أن السكون خير من الحركة وقد أجمع العالم على أن "الحركة بركة" فإن لي بكل خطوة حظوة وليس لجوادي كبوة ولا لصارمي نبوة وإن صرحت بالذين يبيتون لربهم سجداً وقياماً معرضاً بكل غافل لاه في كل مجال (رِجَالٌ لاّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللّهِ) [النور: 37] وأين من احتجب بظلمات بعضها فوق بعض ممن أضحى ينظر بعين الاعتبار في ملكوت السموات والأرض وقد أتحفني الله بالصلاة الوسطى فأوتر بها صلواتي وشرع فيها الإسرار لأسرار اختصت بها أهل جلوتي وكفاني شرفاً (شَهْرُ رَمَضَانَ الّذِيَ أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) [البقرة: 185] فمآثري مأثورة في القديم والحديث ومفاخري منثورة في الكتاب والحديث ومحاسني واضحة لأولي الأبصار وهل تخفى الشمس في رائعة النهار فاكفف عن الجدال وأمسك ولا تجعل يومك مثل أمسك وسالم من ليس لك عليه قدرة فقد قيل: (ما هلك امرؤ عرف قدره) أقول قولي هذا واستغفر الله من آفة العجب والكبرياء ولما انهار ركن النهار ابهارّ (الليل) وتبرقع بالاكفهرار فسد ما بين الخافقين بسواده وطفق يرمي بسهام جداله في جلاده وقدم بين نجواه سورة القدر آية على ما حازه من كمال الرفعة والقدر وثني بقوله تعالى: (سُبْحَانَ الّذِي أَسْرَىَ بِعَبْدِهِ لَيْلاً) [الإسراء: 1] فأشار إلى الحبيب حين تجلت له قرة عينه ليلاً ثم قال سحقاً لك أيها النهار فقد أسست بنيانك على شفا جرف هارٍ تناضلني ومني كان انسلاخك وظهورك وتفاضلني وبي أرحت أعوامك وشهورك ألم يأن لك أن تخشع للذكر فتعترف لي برتبة التقديم في الذكر وكيف تعيرني بلون السواد وهل يقبح السواد إلا في الفؤاد أم كيف تعيبني بالخداع "والحرب خدعة" وليس الشيء في موطنه بغريب ولا بدعة أما تشهد العوالم من هيبتي حيارى (وَتَرَى النّاسَ سُكَارَىَ وَمَا هُم بِسُكَارَىَ) [الحج: 2] فكم أرقت ملوكاً أكاسرة وأرقت دماء أسودٍ كاسرة وكم أرويت نار الوغى تحت العجاج وقد ازورت اللحاظ واغبرت الفجاج فأنا البطل الذي لا يصطلى بناره ولا يأخذ منه الموتور بثأره وافتخارك علي بالصلاة الوسطى ليس إنصافاً منك ولا قسطاً وهب أنك انفردت بتلك الصلاة الجليلة فأين أنت مما أوتيته من الصلات الجزيلة أما كان افتراض الصلاة في ليلة العروج فما بالك تدعي الارتقاء إلى هذه البروج.

    وما أعجبتني قط دعوى عريضة ****ولو قام في تصديقها ألف شاهد


    وأما افتخارك علي بشهر رمضان وما نزل فيه من السبع المثاني والقرآن فهل صح لك صيامه إلا بي بدأ وختاماً وقد تميزت عليك بفضيلة إحيائه تهجداً وقياماً على أني محل النية "ونية المرء خير من عمله" لأنها بمثابة الروح له وبها يحظى الراجي ببلوغ أمله هذا وإني أتكفل للصائم بمد يد الراحة ووافر الأجر حتى يتبين له الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر وكيف تفتخر بالكتاب المنزه في مزاياه عن المشاركة والله تعالى يقول فيه: (إِنّآ أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مّبَارَكَةٍ) [الدخان: 3] وهل في مطالع سعودك أشرقت بدور العيدين أم على جناح جنحك أسرى بنور طلعة الكونين ثم عرج به عليه الصلاة والسلام إلى منزلة قاب قوسين وهل في تجليات أسحارك يقول الرب هل من سائل فيناجيه العبد متضرعاً إليه بقلب خاشع ودمع سائل ومما اختصصت به من الفضائل أنه في دولتي سيد الأوائل والأواخر وناهيك بليالي شهر الله رجب وكيف لا وفي طالعها السعيد حملت آمنة سيد العجم والعرب "فطلع النهار" طلوع الأسد من غابه وكسر جيوش الدجى حين كشر عن نابع وشمر للحرب العوان غيرنا كل ولا وان ناشراً في الأفق رايته البيضاء وأسنته لامعة بين الخضراء والغبراء وقال والذي كساني حلل الملاحة وأطلق لساني بالبلاغة والفصاحة لأمحون سطور الدجى من طروس الوجود ولأثبتن حسن أحوالي في مقامات أهل الشهود فإني معروف بالوفاء وصدق الخبر موصوف بالصفاء الذي لا يشوب صفوه كدر كيف يباهيني الليل بمكارم الأخلاق ومحاسن الشيم وأنا أتحدث بنعم الله وهو موسوم بكفران النعم ألست مظهر الهداية والدلالة وهو مظهر الغواية والضلالة فكم أرشدت من أضله وأعززت من أهانه وأذله وكم أظهرت منه عيباً كان غبياً فابيضت عينه حزناً (وَاشْتَعَلَ الرّأْسُ شَيْباً) [مريم: 4].

    ومن جهلت نفسه قدره ***رأى غيره منه ما لا يرى

    وكيف يزعم هذا العبد الأبق أنه لسيده في حلبة الشرف سابق وقد قال الواحد القهار (وَلاَ الْلّيْلُ سَابِقُ النّهَارِ) [يس: 40] إن هو وايم الله إلا كافر وبشموس أنوار الشهادة غير ظافر لو كان من السعداء لفاز بدار النعيم ولولا شقاؤه لما شابه سواد طبقات الجحيم وماذا يؤمله من الجزاء ويرجوه (يَوْمَ تَبْيَضّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدّ وُجُوهٌ) [آل عمران: 106] أما دري أن صحيفته سوداء مظلمة وصحيفتي تفصح عن نفس مؤمنة بالله مسلمة وأنى يرقى كتابه إلى عليين وهي من ظلمات الحجاب في سجين ثم أقبل عيه وأنشد مشيراً إليه:


    يا مشبا في فعله لونه ***** لم تعد ما أوجبت القسمة
    خلقك من خلقك مستخرج ***** والظلم مشتق من الظلمة


    وقال كيف تدعي فوق حالك وأي فضل لمن منظره أسود حالك أما علمت أن الظاهر للباطن عنوان كما أن اللسان عن الجنان ترجمان: قال أفضل الخلق "ابتغوا الخير عند حسان الوجوه" وقال الشاعر:
    لا تسأل المرء عن خلائقه ***في وجهه شاهد من الخبر
    فأنا مفتاح خزائن الأرزاق وبي يستفتح باب الكريم الرزاق وكفاني دليلاً على الفضل والكمال "إن الله تعالى جميل يحب الجمال" لقد سمعت أقاويلك التي قدمها بين يديك وزعمت أنها حجة عليك ولا جرم أن "لسان الجاهل مفتاح حتفه وكم من باغ قتل بصارم بغيه وحيفه أما انسلاخي منك فمن أملح الملح لي والغرر وهل تحق لأصناف الأصداف أن تنافس الدرر أليست (تلد الأمة ربتها حرة نجيبة) وقد قالوا (إن الليالي حبالى يلدن كل عجيبة) وما تقدمك علي فمن العادة تقدم الخدم بين يدي السادة:


    أو ما ترى أن النبيّ محمداً ****فاقَ البريّةَ وهو آخرُ مرسل


    على أنه (أو ما خلق الله النور) كما ورد عن جابر في خبره المأثور.


    وأما تحلي صفوتك بتجلي الحق تعالى في السحر فليس إلا لمن أحيا أحيانك بالمجاهدة والسهر وأما زهوك بقصة ظهور سيد ولد آدم الذي هو نتيجة مقدمات الكون وزبدة العالم فهل وقع اتفاق الرواة على ذلك وأنى لك هذا وصبح طلعته يمحو سوادك الحالك وأما خبر الإسراء فعني روته الأمة ثم بلغه الشاهد للغائب بعد أمة فما لاحت أسراره إلا بمطالعي ولا زاحت أستاره إلا بطوالعي وما أشرت إليه من بقية معانيك التي أضاءت بها في الخافقين نجوم معاليك فأنت أين من يوم عرفه الذي عرفه بأبهى الخصائص من عرفه وأين أنت من يوم عاشوراء الذي يعظم فيه الشكر والصبر على السراء والضراء وناهيك بسمو شأن العيدين فما أجلها من موسمين سعيدين وكيف تفاخرني بساعة تبدو منك مرة في كل عام ولي في كل أسبوع أمد تمتد فيه موائد الجود والإنعام فأخبار أخياري سارت بها الركبان وماست بنسيم رقتها معاطف البان وقدري فوق ما تصفه الألسن وعندي (مَا تَشْتَهِيهِ الأنْفُسُ وَتَلَذّ الأعْيُنُ) [الزخرف: 71] فدع عنك قول الزور والمين (فقد بين الصبح لذي عينين) ولما أفاض النهار في حديث يفضح الأزهار أبدع في كنايته وتلويحه وأعرب في تعريضه وتصريحه (ابتدر له الليل) وأجلب عليه بالرجل والخيل وامتطى جواده الأدهم واعتم بعمامة سوداء وتلثم فأنسى بفتكاته عنترة بني عبس حين أمسى يتعود عمارة بالقتل والرمس ثم نشر في الأفق ذوائبه السود وعبس وبسر فأسر بسطوته الأسود وقال: (فَلاَ أُقْسِمُ بِالشّفَقِ {16} وَاللّيْلِ وَمَا وَسَقَ {17} وَالْقَمَرِ إِذَا اتّسَقَ) [الانشقاق: 16 18] لأسبينّ رومي النهار ولأجعلنّه عبرة لذوي الاعتبار لقد تزيا المملوك بزي الملوك وادعى مقام الوصول إلى صاحب السير والسلوك أما كفاه ازدرائي وتحقيري حتى حكم بتضليلي وتكفيري كم أسبلت على عوراته ذيل ستري وهو لا يبالي بهتك أستاري وكم أودعت مكنون سره في خزانة سري وهو يبوح بمصون أسراري أفّ له من فاضح أما يكفيه ما فيه من المفاضح.


    أنمُّ بما استودعتهُ من زجاجةٍ **** يرى الشيءُ فيها ظاهراً وهو باطنُ


    كيف احتجَّ لتقدمه بحديث جابر مع أن ما رواه لكسرى أعظم جابر فإنه برهن على تقدمي عليه لو أدرك سر ما أومأ إليه وعلام جعل السواد على النقص علامة وهو مشتق من السؤدد لدى كل علامة أما درى أني حزت من الكمال الحظ الأوفر حتى تحلى ببديع وصفي العنبر والمسك الأذفر.


    إن كنتُ عبداً فنفسي حرةٌ كرماً ****أو أسود الخلق إني أبيض الخلق


    وهل يزري بالخال سواده البارع أو يغري بالبرص بياضه الناصع وفي بياض المشيب عبرة وأي عبرة فكم أجرى من الآماق أعظم عبرة.


    له منظرٌ في العين أبيض ناصع **** ولكنه في القلب أسود أسفعُ

    ومن عاب نعت الشباب وفضل وصف الشيب فقد غاب عن شهود العيب وعالم الغيب (فما كل بيضاء شحمة ولا كل حمراء لحمة) ولما أنهى مقاله ومل مقامه شمر للرحلة أذياله وقوض خيامه فتهلل وجه الصباح وهلل بذكره (فَالِقُ الإِصْبَاحِ) [الأنعام: 96] وازدهاه السرور والابتهاج كأنه رب السرير والتاج.
    فكأنّ الصبح لمّا **** لاحَ من تحت الثريا
    ملكٌ أقبل في التا ****ج يفدّى ويحيّا

    وبرز إلى المبارزة من بابها إذ كان من فرسانها وأربابها فسلب الليل لباسه وأذاقه شدته وبأسه وقال له أيها المعجب بنفسه المغرب في نقشه صحيفة زوره بنقسه (ما كل سوداء تمرة ولا كل صهباء خمرة) ألم تعلم أينا أبهى محيا وشتان ما بين الثرى والثريا أين سوادك من بياضي وما زهر نجمك إن تلألأ زهر رياضي وكم أطلعت بدوراً في مواكب السيارة فأضحت تزهو بجمالها على الكواكب السيارة وهل لك مثل الغزالة التي انفردت في الملاحة لا محالة فأنا الذي ضاء صباح الصباحة من محياه وضاع عبير العنبر من نشر أنفاسه وطيب رياه ولولاي ما عرف الحسن والجمال على وجه الأرض بدر الكمال: فوجم (الليل) لبراعة تلك العبارة وبلاغة ما لاح له من الرمز والإشارة ثم وثب للمقال كأنما أنشط من عقال وقال (رب ملوم لا ذنب له) ومظلوم خبيث الدهر أمله فإلى متى يسوءني النهار وحتى ما يسومني عذاب النار طالما أعرته أذناً صماء وعيناً عمياء وهو لا ينثني عن المقابلة ولا يرعوي عن المحاربة والمقاتلة أما تعلم أيها المغتر ببياضك أن السواد حلية أهل الزهد والصلاح وهل يسترق الأسود إلا سود أحداق الملاح بيد أن الحر لا يبالي بالجمال الظاهر وإنما يباهي بالفعل الجميل القلب الطاهر فإن تفاؤت المراتب بحسن تفاؤت المناقب.


    وما الحسن في وجه الفتى شرفٌ له ****إذا لم يكن في فعله والخلائق

    وكم أعددت للأنس مقاعد وفي الأمثال (ربّ ساعٍ لقاعد) فإن ظلي ظليل ونسيمي عليلٌ بليل تهدأ بي الأنفاس وتسكن الأعضاء والحواس.
    (فقام النهار) يعثر في ذيله وقد كفكف واكف سيله فما لبث أن تنفس الصباح وأظهر من سناه ما أخفى ضوء المصباح ورفرف بجناحه الأبيض على الدجى فاقتنصه من وكره بعدما سكن وسجا.
    فكأنّ الصباح في الأفق بازٌ ****والدجى بين مخلبيه غرابُ
    وقال تبا لك أيها (الليل) فلقد أوتيت من المين أوفر نيل أي حديث لك صحيح وضعته وأي حق لك صريح أضعته.
    عليك بالصدق ولو أنه ****أحرقك الصدقُ بنار الوعيد

    وأبغ رضا الله فأبغى الورى ***** من أسخط المولى وأرضى العبد

    نعم لك في السمر خبرٌ مرفوع بيد أنه مكروه في السنة موضوع قد اشتهرت لكن بأقبح الأوصاف وعدلت لكن عن سبيل العدل والإنصاف تكتم عن المرء ما يرديه (وَتُخْفِي فِي نِفْسِكَ مَا اللّهُ مُبْدِيهِ) [الأحزاب: 37] وفي المثل (الليل أخفى للويل) فما أصعب مراسك قبل افترار سهيل وهل يترنم بذكرك إلا غافل وأنى يغتر بك عاقل ونجمك آفل وكيف تفتخر علي وأنت تفتقر إلي ولما سلب النهار بأساليب بيانه العقول "سكت الليل" ملياً ثم أنشأ يقول:
    فعين الرضا عن كلّ عيب كليلةً *****كما أن عين السخط تبدي المساويا


    كيف أتصدى للكذب وأتردى باللهو واللعب وأنا المنعوت باللطف والظرف والموسوم بالصمت وغض الطرف كيف أورث الغرور وأوثر الغفلة على الحضور وأنا الداعي إلى ذكر الله وحده والساعي في رد الكثرة الوهمية إلى عين الوحدة وأنا الموصوف بالستر الجميل والمعروف بشكر المعروف والجميل وهل أحجب البصر عن شهود عالم الكثافة إلا لأكشف لعين البصيرة عن عالم اللطافة وبذلك يتحقق العبد بفنائه عن وجوده فيمده الرب تعالى بسر بقائه من خزائن جوده ثم قال: (النهار لليل) وقد هجم عليه هجوم السيل أيها المدعي مقام الدعوة إلى الله وهو في خال الغفلة عن مولاه لاه كيف تسنمت ذروة هذا المنبر كأنك تكتب بالمسك وتختم بالعنبر لقد أطلت فيما (لا طائل تحته) ولا معنى فكم ذا (أسمع جعجعة ولا أرى طحناً) فلو كنت ممن انتخب غرر الشيم وانتقى لاتعظت بقوله تعالى: (فَلاَ تُزَكّوَاْ أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتّقَىَ) [النجم: 32] فتنبه من غفلتك أيها "الليل" قبل أن تدعو بالثبور والويل وإلا فرقت طلائع سوادك أي تفريق ومزقت سوابغ ظلمك أي تمزيق (فما كل مرة تسلم الجرة) فاسود وجه الليل وانقلب (بحشف وسوء كيل) وندم على مناضلة النهار ندامة الفرزدق حين فارق النوار (ولما سقط في يده) ورزئ في عدة وعدده ترى بالسواد ولبس ثياب الحداد ثم لاح هلاله للعين كمنجل صنع من لجين.
    انظرْ إلى حسنِ هلالٍ بدا **** يجلو سنا طلعتهِ الحندسا

    كمنجل قد صيغ من فضةٍ *****يحصد من زهر الدجى نرجسا
    وقال من ينصفني من هذا الجائر وينصت لي فأبثه شكوى الواله الحائر فحتام أعاني حد الظبا (وقد بلغ السيل الزبى).
    وكنتُ كالمتمني أن يرى فلقاً *****من الصّباح فلمّا أن رآه عمي
    فانتبه طرف (النهار) وازدهر سراجه أي ازدهار وشرع يتلو سورة النور بكامل الابتهاج والشمس ترقم آية جماله بالذهب الوهاج.
    وقابل الصبحُ جنح الليل أن يرى فلقاً ****سطورهُ البيضُ في ألواحه السود

    ثم قال أيها "الليل" البهيم (تَاللّهِ إِنّكَ لَفِي ضَلاَلِكَ الْقَدِيمِ) [يوسف: 95] كيف تدعي أنك مظلوم وتشتكي من جوري وأنت الظلوم وهب أني قاتلتك ظلماً فأنت البادي وهل قابلتك إلا بما عدول فاستقل من دعوى المجد والفخر فقد (حَصْحَصَ الْحَقّ) [يوسف: 51] ووضح الفجر وإن أبيت سلوك محجتي ولم تتضح لك أدلة حجتي فهلم إلى حضرة الأمير (وَلاَ يُنَبّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ) [فاطر: 14] فأنكر الليل زعمه التفرد بالفضل وادعاءه وأجاب في عرض أمرهما على الأمير دعاءه وقال "على الخبير سقطت وعند ابن بجدتها حططت".
    "وكتب أيضاً مناظرة بين الأرض والسماء"
    جالت السماء في ذلك المضمار وصالت ونوهت برفيع قدرها وقالت: (تَبَارَكَ الّذِي جَعَلَ فِي السّمَآءِ بُرُوجاً) [الفرقان: 61] ومنح أشرف الخلق إلي مروجاً وقدمني في الذكر في محكم الذكر وشرفني بحسن القسم وأتحفني بأوفر القسم وقدسني من النقائض والعيوب وأطلعني على الغوامض والغيوب وقد ورد أن الرب ينزل إلي كل ليلة فيولي من تعرض لنفحاته بره ونيله فيا له من تحفة جليلة ومنحة جزيلة يحق لي أن أجر بها ذيول العزة والافتخار وكيف لا والوجود بأسره باسط إلي أيدي الذلة والافتقار فلي العزة الباذخ والمجد الأثيل الشامخ لتفردي بالرفعة والسمو وعلو المنزلة دون غلو فقالت لها (الأرض) ويك لقد أكثرت نزراً وارتكبت بما فهمت به وزراً أما أنه لا يعجب بنفسه عاقل ولا يأمن مكر ربه إلا غافل ومن ادعى ما ليس له بقوله أو فعله فهلاكه أقرب إليه من شراك نعله وقد قيل من سعادة جدك وقوفك عند حدك ومن فعل ما شاء لقي ما ساء وما كفاك أن خطرت في ميادين التيه والإعجاب حتى عرضت لشتمي إن هذا لشيء عجاب وهل اختصك الله بالذكر أو أقسم بك دوني في الذكر أو آثرك بالتقديم في جميع كلامه القديم حتى ترديت بالكبرياء وتعديت طور الحياء.
    إذا لم تخش عاقبة الليالي ****ولم تستحِ فاصنع ما تشاءُ

    فلا وأبيك ما في العيش خيرٌ ****ولا الدنيا إذا ذهب الحياءُ


    وكيف تزدرين أهلي بالذنوب والمعاصي وأنت تعلمين أن الله هو الآخذ بالنواصي فقابلتها (السماء) بوجهٍ قد قطبته ومجنّ قد قلبته وقالت لها في الحال أيتها القانعة بالمحال ما كنت أحسب أنك تجترئين على مبارزة مثلي وتنكرين علي ما ترنمت به من شواهد مجدي وفضلي وهل خلت أن التحدث بالنعم مما يلام عليه مع أنه أمر مندوب إليه ومن أمثال ذوي الفطنة والعقل ليس من العدل سرعة العذل ولم جحدت ظهور شمس كمالي وهل لك من الفضائل والفواضل كما لي ولكن لك عندي عذراً جلياً وإن كنت (لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيّاً) [مريم: 27].
    قد تنكرُ العينُ ضوء الشمس من رمدٍ *****وينكرُ الفمُ طعمَ الماء من سقم

    ولو رأيت ما فيك من المساوي عياناً لما ثنيت إلى حلبة المفاخرة عناناً فأنّى تفوزين بأشرف الأقدار وأنت موضع الفضلات والأقذار وما هذا التطاول والإقدام ووجهك موطئ النعال والأقدام إن هذا إلا فعل مكابر دعوى عريضة وعجزٌ ظاهر وهل يحق للكثيف أن يتغالى على اللطيف أم ينبغي للوضيع أن يتعالى على الرفيع فقالت لها (الأرض) أيتها المعتزة بطوالع أقمارها والمغترة بلوامع أنوارها (ما كل بيضاء شحمة ولا كل حمراء لحمة) فبم تزعمين أنك أتقى مني وأنقى (وَمَا عِندَ اللّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَىَ) [الشورى: 36] وأنت واقفة لي على أقدام الخدمة جارية في قضاء مأربي بحسب الحكمة قد كفلك الحق بحمل مؤونتي وكلفك بمساعدتي ومعونتي ووكلك بإيقاد سراجي ومصباحي ووكلك إلى القيام بشؤوني في ليلي وصباحي وليس علوك شاهداً لك بالرتبة العلية فضلاً عن أن يوجب لك مقام الأفضلية (فما كل مرتفع نجد ولا كل متعاظم ذو شرف ومجد).
    وإن علانيَ من دوني فلا عجبٌ *****لي أسوةٌ بانحطاط الشمس عن زحلِ

    فمن أعظم ما فقت به حسناً وجمالاً وكدت بأخمصيّ أطأ الثريا فضلاً وكمالاً تكوين الله مني وجود سيد الوجود فأفرغ علي به خلع المكارم والجود فهو بدر الكمال وشمس الجمال.
    وأجمل منك لم ترَ قطُّ عينٌ ****وأكملُ منك لم تلدِ النساء

    خلقتَ مبرءاً من كلّ عيبِ ****كأنّك قد خلقت كما تشاء


    فأكرم به من نبي أسرني به وأرضى كيف لا ولولاه ما خلق سماء ولا أرضاً وجعلني له مسجداً وطهوراً وأقر به عيني بطوناً وظهوراً فأبرقت (السماء) وأرعدت وأرغت وأزبدت وقالت إن لم تتخط خطة المكابرة وتتخلى عن هذه المثابرة لأغرقنك في بحار طوفاني أو أحرقنك بصواعق نيراني وهل امتطيت السماكين أو انتعلت الفرقدين حتى تفتخري علي وتشيري بالذم إلي وتلك شهادة لي بالكمال وقد صدق من قال:
    وإذا أتتكَ مذمتي من ناقصٍ ****فهي الشّهادة لي بأني كاملُ
    أم حسبت أن لك في ذلك حجة فخاطرت بنفسك في ركوب هذه اللجة وكنت كالباحث عن حتفه بظلفه والجادع مارن أنفه بكفه.
    لكلّ داءِ دواءُ يستطبّ به ****إلا الحماقة أعيت من يداويها

    أما دعواك أني واقفة لك على أقدام الخدمة فهي مما يوجب لي عليك شكر الفضل والنعمة فلو تكفرت أن خادم القوم هو السيد والمولى وعرفت الفاضل من المفضول أو تدبرت أن اليد العليا خير من اليد السفلى لاستقلت من هذا الفضول فإن في قيامي بشؤونك أوضح أمارة وأما قولك مني سيد الوجود ومن اصطفاهم لحضرته الملك الودود فإن كنت تفتخرين بأشباحهم الظاهرة فأنا أفتخر بأرواحهم الطاهرة أما علمت أنها في ملكوتي تغد وتروح وبواردي بسطي وقبضي تشدو وتنوح فأنا أولى بهم وأحرى بالافتخار بحزبهم فلما سمعت (الأرض من السماء) مقالة تقطر من خلالها الدماء أطرقت لحمة بارق خاطف أو نغبة طائر خائف ثم قنّعت رأسها وصعدت أنفاسها وقال لقد أكثرت يا هذه من اللغط وما آثرت الصواب على الغلط فعلام تهزئين بي وتستخفين بحسبي ونسبي وإلام تنقضين عرى أدلتي ولا تعامليني بالتي وحتام تقابلينني بأنواع التأنيب ولم لا تقفي على حقيقتي بالتنقير والتنقيب أحسبت أن الجسم ما خلق إلا عبثاً ولا كان للنفس النفيسة إلا جدثا وفي ميدانه تتسابق الفهوم وتدرك عوارف المعارف والعلوم وبه تترقى الأرواح في مراقي الفلاح وكيف لا يكون مقدساً من كل غي ومين وهو لا يفتر عن تسبيح بارئه طرفة عين وإلى متى أنت علي متحاملة وعن آية العدل والإحسان متماحلة وأنا لك أسمع من خادم وأطوع من خاتم على أن لي من الفضائل ما ثبت بأصح البراهين والدلائل أم في بقعة من أشراف البقاع على الإطلاق لضمها أعضاء من تمم الله به مكارم الأخلاق وفي روضة من رياض الجنة كما أفصحت عن ذلك ألسنة السنة ومني الكعبة والمشعر الحرام والحجر وزمزم والركن والمقام وعلي بيوت الله تشد إليها الرحال (يُسَبّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوّ وَالاَصَالِ {36} رِجَالٌ) [النور: 36] وأخرج مني طيبات الرزق فأكرم بها عبادة وأتم نعمته عليهم فجعل الشكر عليها عبادة وناهيك بما اشتملت عليه من الرياض والغياض ذات الأنهار والحياض التي تشفي بنسيمها العليل وتنفي ببرد زلالها حر الغليل.
    لمَ لا أهيم على الرياض وطيبها *****وأظلُّ منها تحت ظلٍّ صافي

    والزّهرُ يضحكُ لي بثغرِ باسم *****والنهر يلقاني بقلب صافي

    فأسفرت عن بدر طلعتها (السماء) وهي تزهو في برد السنا والسناء وقالت تناجي نفسها عندما رق السمر حتام أريها السهر وتريني القمر ثم عطفت عليها تقول وهي تسطو وتصول أيتها المعتدية لمفاضلتي والمتصدية لمناضلتي متى قيس التراب بالعسجد أو شبه الحصى بالزبرجد إن افتخرت بشرف هاتيك البقاع التي زها بها منك اليفاع والقاع فأين أنت من عرش الرحمن الذي تعكف عليه أرواح أهل الإيمان وأين أنت من البيت المعمور والكرسي الكلل بالنور وكيف تفتخرين علي بروضة من رياض الجنة وهي علي بأسرها فضلاً من الله ومنّة أم كيف تزعمين أنه كتب لك بأوفر الحظوظ وعندي القلم الأعلى واللوح المحفوظ، وأم ازدهاؤك بالحياض والأنهار والرياض المبتهجة بورود الورد والأزهار فليت شعري هل حويت تلك المعاني إلا بنفحات غيوثي وأمطاري أم أشرقت منك هاتيك المغاني إلا بلمحات شموسي وأقماري فكيف تباهيني بما منحتك إياه وعطرت أرجاءك بأريج نشره ورياه ويا عجباً منك كلما لاح علي شعار الحزن خطرت في أبهى حلة من حلل الملاحة والحسن وإن افترت ثغور بدور أنسي وقرّت ببديع جمالي عين شمسي زفرت زفرة القيظ وكدت أن تتميزي من الغيظ ما هذا الجفاء يا قليلة الوفاء وهل صفت أوقاتك إلا بوجودي أو طابت أوقاتك إلا بوابل كرمي وجودي ولو قطعت عنك لطائف الأمداد لخلعت ملابس الأنس ولبست ثياب الحداد أو حجبت عنك الشموس والأقمار لما ميزت بين الليل والنهار فهلا كنت بفضلي معترفة حيث إنك من بحر فيضي مغترفة فنزعت (الأرض) عن مقاتلتها وعلمت أنها لا قبل لها بمقاتلتها وحين عجزت عن العوم في بحرها واستسلمت تمائمها لسحرها بسطت لها بساط العتاب متمثلة بقول ذي اللطف والآداب.
    إذا ذهبَ العتابُ فليس ودّ *****ويبقى الودّ ما بقي العتابُ


    ثم قالت اعلمي أيتها الموسومة بسلامة الصدر الموصوفة بسمو المنزلة وعلو القدر أن الله ما قارن اسمي باسمك ولا قابل صورة جسمي بجسمك إلا لمناسبة عظيمة وألفة بيننا قديمة فلا تشتمي بنا الأعداء وتسيئي الأحباء والأودّأء فإن لك من أعظم الرزايا وأشد المحن والبلايا.
    كل المصائبِ قد تمر على الفتى ****فتهون غير شماتة الأعداءِ

    ألا وإن العبد محل النّقص والخلل وهل يسوغ لأحدٍ أن يبرئ نفسه من الزلل ومن يسلم من القدح ولو كان أقوم من القدح.
    ومن الذي ترضى سجاياه كلّها ****كفى المرء فضلاً أن تعد معايبه
    هذا وإن لي مفاخر لا تنكر ومآثر تجل عن أن تحصر كما أنك في الفضل أشهر من نار على علم وأجل من أن يحصى ثناء عليك لسان القلم فإلى متى ونحن في جدال وجلاد نتطاعن بأسئلة ألسنة حداد وهل ينبغي أن يجر بعضنا على بعض ذيل الكبر والصلف ولكن عفا الله عما سلف وهذه لعمري حقيقة أمري فانظري إلي بعين الرضا واصفحي بحقك عما مضى ولما سمعت (السماء) هذه المقالة التي تجنح إلى طلب السلم والإقالة قالت لها مآرب لا حفاوة ومشرب قد وجدت له حلاوة وما ندبت إليه من المودة والإلفة فلأمر ما جدع قصير أنفه ولو لم تلقي إلي القياد لعاينت مني ما دونه خرط القتاد ولكن لا حرج عليك ولا ضير فإنك اخترت الصلح والصلح خير وكيف جعلت العتاب شرطاً بين الأحباب أو ما سمعت قول بعض أولي الألباب.
    إذا كنت في كل الأمور معاتباً ****صديقك لم تلق الذي لا تعاتبهُ

    وإن أنت لم تشرب مراراً على القذى ***ظمئتَ وأيُّ الناس تصفو مشاربهُ


    وهأنا رادة إليك عوائد إحساني وموائد جودي وامتناني فقري عيني وطيبي نفساً وتيهي ابتهاجاً وأنساً وأبشري ببلوغ الوطر وزوال البؤس والخطر فسجدت الأرض شكراً وهامت نشوة وسكراً وتهلل وجهها سروراً وامتلأت طرباً وحبوراً.



    من كتاب جواهر الأدب - السيد أحمد الهاشمي




    مناظرة بين الليل والنهار لمحمد أفندي المبارك الجزائري Uuuoou12
    أطياف
    أطياف
    المشرفه المميزه
    المشرفه المميزه


    الجنس : انثى
    الابراج : السمك
    عدد المساهمات : 435
    نقاط : 14192
    السٌّمعَة : 251
    تاريخ التسجيل : 24/07/2011
    العمر : 34
    الموقع : الجزائر

    مناظرة بين الليل والنهار لمحمد أفندي المبارك الجزائري Empty رد: مناظرة بين الليل والنهار لمحمد أفندي المبارك الجزائري

    مُساهمة من طرف أطياف الأربعاء 25 يناير 2012 - 13:24

    شكرا أخي العزيز على هذه المساهمة الرائعة


    _________________

    *******************************************
    مناظرة بين الليل والنهار لمحمد أفندي المبارك الجزائري 164440077484592284
    د. فضل الحسيني
    د. فضل الحسيني
    مشرف
    مشرف


    الجنس : ذكر
    الابراج : الميزان
    عدد المساهمات : 133
    نقاط : 7415
    السٌّمعَة : 40
    تاريخ التسجيل : 24/02/2012
    العمر : 44

    مناظرة بين الليل والنهار لمحمد أفندي المبارك الجزائري Empty رد: مناظرة بين الليل والنهار لمحمد أفندي المبارك الجزائري

    مُساهمة من طرف د. فضل الحسيني الإثنين 13 أغسطس 2012 - 16:39

    موضوع ممتاز
    جزاك الله خير


    _________________

    *******************************************
    مناظرة بين الليل والنهار لمحمد أفندي المبارك الجزائري 1934342975728018594

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة 17 مايو 2024 - 3:17